ساعاتيّة بغداد يكافحون للحفاظ على المهنة من الاندثار

    

 تعديل عقارب الساعة على توقيت الزمن الجميل لم يعد سهلا

إغراق الأسواق بالساعات المقلدة رخيصة الثمن خطر يهدد مهنة تصليح الساعات في العراق.

يكافح مصلحو الساعات في بغداد للحفاظ على المهنة من الاندثار خصوصا في ظل الثورة الرقمية وانتشار استخدام الهواتف الذكية، مما قلّص من إقبال العراقيين على اقتناء الساعات اليدوية التي كانت في ما مضى تبرز مكانة صاحبها الاجتماعية ومدى أناقته.

العرب/بغداد - يسابق الساعاتي العراقي علي محمود الزمن للحفاظ على المهنة التي ورثها عن والده بعد أن أصبحت مهددة بالاندثار بفعل التطور التكنولوجي وندرة الأدوات الاحتياطية للساعات القديمة ورخص أسعار الساعات الحديثة المستوردة.

ووفقا لوكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، قال محمود الذي يدير محلا لتصليح الساعات القديمة في سوق هرج بمنطقة الميدان وسط بغداد، وهو يجلس وسط كم هائل من الساعات من مختلف الموديلات، “ورثت المهنة عن والدي الذي عمل في هذه المهنة في أربعينات القرن الماضي”.

وأشار إلى أن محلات تصليح الساعات كانت تنتشر بكثرة في منطقة الميدان ومناطق أخرى في بغداد، إذ كانت ثقافة ارتداء الساعة أو اقتناؤها للمنزل سائدة والعمل في محلات تصليح الساعات كان متواصلا، إلا أن المهنة بدأت تعاني من صعوبات كبيرة نتيجة قلة الأدوات الاحتياطية للساعات، والتطور الحاصل في الأجهزة الرقمية وتوفر الساعات في أجهزة الهواتف المحمولة وغيرها من الأجهزة الحديثة.

وتختلف أنواع الساعات التي يقوم محمود بتصليحها، إلا أنه لا يخفي وجود بعض المعاناة في توفير قطع غيار أصلية لساعات نادرة، وغالبا ما يضطر إلى انتزاع محركات ساعات قديمة للاستفادة منها كقطع غيار، مؤكدا “أضحي في بعض الأحيان بساعة أو ساعتين من أجل تصليح ساعة واحدة”.

وأضحى تصليح الساعات نتيجة التطور التكنولوجي المتسارع يعتمد بشكل أساسي على الساعات التي يجلبها تجار الأنتيكات وبعض الناس وخصوصا كبار السن.

ولفت محمود إلى أن هناك إقبالا من قبل المواطنين على الساعات القديمة لاستخدامها كأنتيكات في منازلهم وبمختلف أنواعها الجدارية والمنضدية وساعات الجيب والساعات اليدوية، لذلك أصبح عملنا يعتمد على تصليح الساعات القديمة، ولدي في المحل ساعات تعود صناعتها إلى أكثر من 100 عام.

وأكد أن مهنة تصليح الساعات تتجه إلى الاندثار ولكننا نحاول الإبقاء عليها، وأنا أقوم حاليا بتدريب ابني الذي لديه هواية وحب للعمل في مجال تصليح الساعات وهي مهنة الآباء والأجداد وفيها مسحة تراثية ما زالت تجذب المهتمين.

وبحسب الساعاتي العراقي فإن إغراق الأسواق بالساعات المقلدة رخيصة الثمن يعدّ خطرا آخر يهدد مهنة تصليح الساعات في بغداد ويعجّل باندثارها.

وقال محمد حسن شكارة، مصلح ساعات في منطقة الميدان، “يستورد التجار حاليا ساعات رديئة النوعية ورخيصة الثمن وهذا الأمر أثر بشكل كبير على عمل مصلحي الساعات، لأن تصليح الساعة أصبح أغلى ثمنا من شراء أخرى جديدة”.

وأضاف شكارة أن الساعات المقلدة منتشرة في الأسواق وبأثمان زهيدة في الكثير من الأحيان، وهو ما انعكس سلبيا على مهنة تصليح الساعات، إذ أن الساعة التي يشتريها الزبون بألفين أو ثلاثة آلاف دينار تؤدي الغرض، فيما تكون كلفة تصليحها أكثر من خمسة آلاف دينار، مما يجعله يعزف عن تصليحها ويفضل شراء ساعة جديدة وبثمن أقل.

وتابع أن منطقة الميدان كان فيها سوق خاص لتصليح الساعات وبيعها، إلا أن هذا السوق بدأ يتجه نحو الاندثار ومن مجموع أكثر من 20 محلا لم يتبق سوى محلين اثنين.

وأشار إلى أنه يعمل في مجال تصليح الساعات منذ أكثر من 40 عاما وهو متخصص في الساعات ذات الماركات العالمية، مبينا أن بعض زبائننا القدامى الذين يمتلكون الساعات السويسرية الأصلية يأتون إلينا بين الحين والحين، وكذلك تجار الأنتيكات، الأمر الذي يدفعنا للبقاء في هذه المهنة التي تتلاشى مع مرور الأيام.

أما فالح إبراهيم البالغ من العمر 45 عاما، فيعتبر أنه أصبح من الصعب اليوم العثور على محل لتصليح الساعات وخصوصا العالمية منها والقديمة لقلة المحلات، مؤكدا أنه جاء من منطقة العامرية غربي بغداد إلى منطقة الميدان لتصليح الساعة التي أهداها له والده قبل نحو 20 عاما وهي سويسرية الصنع ويعتز بها كثيرا.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1044 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع