أقفل بائعو الخمور محالهم اليوم احتجاجًا على مقتل 12 من أصحابها، وعلى عزوف الحكومة عن حمايتهم، وقال عراقيون إن هذه الحوادث لا تتصل بالسلام والتدين، بل بأجندات سياسية يتواطأ منفذوها مع أعضاء الحكومات المحلية، التي يسيطر عيلها إسلاميون.
عبدالجبار العتابي/ بغداد : فيما اغلقت محال بيع الخمور في العراق خوفًا واحتجاجًا على مقتل 12 شخصًا من اصحابها، وتأكيدًا لعجز الحكومة عن حمايتهم، ترتفع الخشية من أن تكون الحكومات المحلية في المحافظات متعاطفة مع المعتدين، إذ اغلب اعضائها من الاسلاميين.
فقد قال شمعون زيا، العامل في محل بيع خمور، لـ "ايلاف" انه خائف جدًا من الاعتداءات المتكررة التي راح ضحيتها عمال ابرياء يعملون لكسب عيشهم، "فنحن مهددون دائمًا بالقتل، وتعرضنا للكثير من الخوف والاذى، ولا نشعر بالراحة، وننظر إلى كل من ينزل من سيارته امام محلنا بخوف، وصرنا لا نأمن على انفسنا".
أضاف: "اغلقنا محالنا خوفًا واحتجاجا على الحكومة التي لا تحمينا، فنحن لا نعرف الكثير من المناسبات الدينية للمسلمين خاصة التي تتعلق بولادة أئمة الشيعة ووفاتهم، وسمعت انهم لا يريدون أن تباع الخمور في مثل هذه المناسبات، ثم اننا لم نجبر الناس ولسنا نبيع في العلن ومحالنا ليست فخمة، بل اغلبها منزو ومهمل وبلا اسماء احيانًا"
وتابع: "نحن نخشى أن تكون الحكومات المحلية متعاطفة مع المعتدين على محال بيع المشروبات، لأن اغلب اعضائها من المتدينين والاسلاميين".
كفرة يفجرون محالنا!
قال جاسم حجي، العامل في محل اخر، إنه مرعوب من الاستهدافات المنظمة التي تضربهم بين مدة وأخرى من قبل عصابات كافرة، كما اسماها. وقال: "هؤلاء هم الكفرة الذين يفجروننا نحن المسالمين الذين لا نؤذي احدًا، ثم أن الحكومة هي التي اعطتنا رخصة لبيع المشروبات فلماذا تأتي جهات خارجة عن القانون لتمنعنا؟ انا خائف على نفسي من هؤلاء الكفرة الذي يقتلون الناس".
وكانت مجموعة ارهابية ترجلت مساء الثلاثاء الماضي من اربع سيارات في منطقة زيونة، ودخل أفرادها محلات بيع المشروبات الكحولية في احد شوارع المنطقة، وقاموا باطلاق النار من اسلحة مزودة بكواتم للصوت على من كانوا داخلها. قتل نتيجة ذلك 12 شخصًا، بينهم تسعة من الأكراد الإيزيديين.
ودخلت المجموعة المسلحة المنطقة بعد أن هاجمت نقطة تفتيش قريبة للشرطة، وقيدت أيادي عناصر الامن المتواجدين عندها من دون أن تلحق بهم اذى.
الحكومة مسؤولة
حملت ڤيان دخيل شيخ سعيد، النائب عن التحالف الكردستاني في مجلس النواب العراقي، الحكومة الاتحادية المسؤولية الكاملة عن حماية أرواح المدنيين عامة وأبناء الأقليات خاصة لأنهم مهددون أكثر. وقالت في بيان صحفي: أحمل الحكومة العراقية المسؤولية الكاملة عن حماية أرواح المدنيين عامة وأبناء الأقليات على وجه الخصوص كونهم أكثر عرضة للتهديدات والأعمال الارهابية من قبل المجموعات الارهابية".
إلى ذلك، استنكر الدكتور عبد الهادي مشتاق، مدير مركز حقوق الانسان، حوادث قتل باعة الخمور، مؤكدًا إنه انتهاك لحقوق الانسان. وقال لـ "ايلاف": "نحن كدعاة حقوق انسان ندعو للديمقراطية وللحكومة المدنية التي تعتمد على العدالة الاجتماعية، وندعو إلى الحرية بعيدًا عن العنف الطائفي والقومي، ونعتبر هذه الاعتداء على محال بيع الخمور ضد حقوق الانسان، فليس من حق احد أن يجعل نفسه محاميًا عن الناس، ونحن نستنكر الاعتداءات التي تطال أي مواطن عراقي مهما كان عمله او طائفته او قوميته".
اضاف: "هذه التفجيرات ينفذها متطرفون مدعومون من الخارج او من جهات متطرفة متعصبة لا تخدم الديمقراطية في البلد، ولا تخدم النظام المدني، وأرى الحكومة مقصرة في كثير من المجالات، وهذه واحدة منها".
حرية الاعمال
اما المواطن وليد البياتي، موظف في وزارة الثقافة، فطالب الحكومة بحماية ارواح الناس والعاملين في مختلف المهن، وقال: "هذه ظاهرة لا تنم عن وعي وذوق، كما أن الدستور العراقي يكفل لكل انسان عمله، ولا يجوز اطلاقًا الاعتداء على باعة الخمور مهما اختلفت الاسباب والاراء فيهم، وعلى السلطات الامنية حماية محال بيع المشروبات، واعتقد أن اسلوب القتل والاعتداء جريمة يحاسب عليها اللقانون".
وأشار الاستاذ في الجامعة المستنصرية مظهر حسن إلى أن من يقف وراء هذه الاعتداءات يريد اشاعة الفوضى في البلد. قال: "قمة الهمجية أن يتم التعامل مع باعة المشروبات الروحية بهذه الطريقة، ومن المستحيل أن نكون بلدًا متحضرًا من دون أن تكون هناك ثقافات متعددة، ومسألة قبول الآخر من المسائل المهمة التي نعاني منها في العراق".
اضاف: "الحكومة الآن شبه معطلة بصراحة، فلا برلمان ولا حكومة ولا وزراء، هناك مقاطعون وغائبون من قوائم مختلفة، وهذا يؤدي بالنتيجة إلى تعطيل دور الحكومة الرقابي والامني، كما أن الجيش والشرطة لا يمتلكون الكثير من المهنية، فالتعييات لا تعتمد على المهنية بقدر ما تعتمد على مسائل طائفية ومذهبية وقومية، وهذا بصراحة ما يؤدي إلى خراب المؤسسات العسكرية والمدنية والتشريعية والقضائية.
أجندات دينية وسياسية
قال الكاتب كريم حسن إن القائمين على تنفيذ هذه الاعتداءات يريدون أن يبينوا انفسهم للناس على أن مصلحة الشعب تهمهم، "وفي الحقيقة أن لكل انسان حريته الخاصة التي منحها له الدستور، فمن يشرب الخمر لا يتعدى على حريات الاخر، فلماذا يتم الاعتداء عليه، ثم أن الدولة سمحت بمحال بيع الخمور فلماذا يقوم البعض بتفجيرها؟ السبب يكمن في وجود أجندات سياسية واسلامية، وهذه اساسًا تريد أن تخدم مصلحتها لا مصلحة البلد".
اما الصحافية حذام يوسف فقد اكدت أن من يقوم بهذه الافعال عصابات لا علاقة لها بالاسلام ولا برجال الدين، وقالت: "اعتقد أن هذه الحادئة ليست الاولى ولا اعتقد انها ستكون الاخيرة، وسبقتها حوادث كثيرة راح ضحيتها ناس ابرياء، وحتى أن حجة من فجروا هذه الاماكن واهية وغبية جدًا، وهي تحريم شرب الخمور والمتاجرة بها وحملها، ولكن هل تتم محاسبة الناس بهذه الطريقة؟ فهناك قانون ودستور، الا اذا كان الدستور هواء في شبك، ولا علاقة لهذه الحوادث بالحلال والحرام، ولا بالتدين او التقاليد او المجتمع المحافظ، فأنا اعرف أن المتدين يكون مسالمًا اكثر من غيره، لكن هذه عصابات ادمنت الدم والقتل".
1023 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع