قضايا شائكة في ندوات معرض القاهرة للكتاب

          

                     معرض بتاريخ عريق

أيام قليلة تفصلنا عن اختتام الدورة التاسعة والأربعين لأكبر معارض الكتاب عربيا وعالميا ألا وهو معرض القاهرة الدولي للكتاب، والذي قدم منذ افتتاحه يوم 27 يناير الماضي، العديد من الأنشطة الثقافية الهامة والمميزة، خاصة من حيث الندوات الفكرية والأدبية والنقاشات المفتوحة التي تطرحها.

العرب/القاهرة - ضمن فعاليات دورته الـ49 المستمرة هذه الأيام قدم معرض القاهرة الدولي للكتاب عددا من الندوات الخاصة بمناقشة الكتب ككتاب “ملكات مصر” والقضايا الأدبية المختلفة مثل ندوة ”الشرقاوي والرواية”، وندوات أخرى يحضر فيها أدباء أو مفكرون لنقاش أفكارهم مثل ندوة الفيلسوف المغربي علي بن مخلوف.


المرأة المصرية

شهدت قاعة سيد حجاب “كاتب .. وكتاب” في معرض القاهرة الدولي للكتاب، ندوة لمناقشة كتاب “ملكات مصر” لمؤلفه ممدوح الدماطي، شارك فيها المؤلف والباحثة علا العجيزي، والكاتب محمد سلماوي، وأدارها أحمد زكريا شلق.

بعد أن قدم زكريا المحاضرين، تحدث في البداية ممدوح الدماطي وزير الآثار السابق ومؤلف الكتاب “إن هذا الكتاب متخصص في موضوع واحد هو دور المرأة في التاريخ المصري القديم”، مشيرا إلى أن المرأة المصرية لعبت دورا كبيرا في تقدم وازدهار الدولة الفرعونية حتى عصر شجرة الدر في العصر المملوكي.

وأضاف ”أقبلت على هذا العمل من أجل القارئ المثقف المهتم بالمعرفة والاكتشاف، وليس للكاتب الأكاديمي، ولذلك لم أعتمد على الكتابة الأكاديمية الجافة، وحرصت على أن يخلو من التفاصيل المعقدة، ويعتمد على صورة مبسطة دون الحشو بالهوامش، فالكتاب يحكي عن حقبة مهمة من تاريخ المرأة، ومهم بالنسبة إلى كل باحث لأنه يتناول التاريخ المصري في العمق“.

وقال الكاتب محمد سلماوي “إن هذا الكتاب يقدم جزءا من تاريخ مصر، فهو لم يعبر فقط عن السيدات اللواتي حكمن مصر بل يعبر عن حبه واحترامه للسيدات اللائي حكمن مصر مدة من الزمن وكيف تركن أثرا نبيلا على مرحلة حكمهن. وقد تصادف أن فترات حكم السيدات لمصر كانت فترات ازدهار ونمو سواء كانت في فترة حتشبسوت أو شجرة الدر أو كيلوباترا، كل هذه الفترات، وفترات أخرى من حكم الـ22 ملكة التي حكمت مصر”.


وقالت علا العجيزي “بعد أن قرأت كتاب ‘ملكات مصر’ شعرت بأهمية ومكانة المرأة المصرية فنيا واجتماعيا وسياسيا، وكم شعرت بالفخر لما قدمته المرأة المصرية القديمة من تقدم وازدهار في العصر الفرعوني”. وأضافت “الكاتب أشار إلى القوانين التي كانت تحكم عقود الزواج والطلاق عند المرأة القديمة، وهو ما يدل على تكريم المرأة في العصر الفرعوني القديم في الحالتين، بل وإعطاها كافة الحقوق”.

وأكدت في ختام مداخلتها أن الكتاب أظهر كم احترم التاريخ المصري القديم الأم والسيدة واحترم حقها في التعليم والزواج، بل وشعرنا أن الكاتب تناول تاريخ مصر القديم من وجهة نظر سيدات مصر قديما.


شخصية المعرض

شهدت القاعة الرئيسية بمعرض القاهرة للكتاب ندوة حول شخصية المعرض هذا العام بعنوان”الشرقاوي والرواية” بمشاركة النقاد محمد بدوي وحسين حمودة وثريا العسيلي.

تحدث في بداية الندوة الناقد محمد بدوي، فقال “إن عبدالرحمن الشرقاوي شاعر ومؤلف ومفكر، وأحد أهم من أسسوا للكتابة الروائية، وخاصة الكتابة عن الريف، كما يعتبر أحد أهم من أسسوا الشعر الحر والمسمى بشعر التفعيلة، فلم يكن يكتب الفن الإبداعي فقط، بل كانت له مواقف سياسية، والشرقاوي كانت له صلة وثيقة بكل ما كان يمور به المجتمع المصري في فترة الأربعينات، فقد كان معبرا عن الاتجاه العلماني، ولكنه كان مثقفا علمانيا وثيق الصلة بالأدب العربي، بعكس المثقفين العلمانيين”.

ولفت إلى أن اختيار الشرقاوي كشخصية لمعرض القاهرة الدولي هذا العام، هو أمر محمود من هيئة الكتاب، خاصة وأنه تكريم لأحد أهم الأعلام في الثقافة المصرية وأحد أهم رموزها ممن لم يلقوا حظهم في التكريم.

ومن جانبها قالت الناقدة ثريا العسيلي إن عبدالرحمن الشرقاوى يعد أحد أهم من كتبوا للمسرح والشعر والنثر في تاريخ مصر الحديث، فقلمه لم يبعد أبدا عن التعبير عن الرغبة في الحرية ونصرة الفقراء والتعبير عن آلامهم في كل أعماله المسرحية والشعرية والروائية.

فيما قال الناقد د. حسين حمودة “إن تجربة عبدالرحمن الشرقاوي تحمل ملامح ما تزال مهمة، خاصة في هذا العصر وربما العصور القادمة، نظرا إلى أن رواياته تتميز بالمواكبة والمعاصرة للأزمان المختلفة، فقد تجاوز بأعماله الروائية الزمن الذي كتب فيه هذه الأعمال في الخمسينات من القرن الماضي”.


الفلاسفة العرب

استضاف معرض القاهرة الدولي للكتاب لقاء فكريا للفيلسوف المغربي علي بن مخلوف، أستاذ الفلسفة بجامعة باريس-إيست كريتاي، وبالجامعة الحرة ببروكسل، ومؤلف كتاب “لماذا نقرأ الفلاسفة العرب؟“، وأدار اللقاء أنور مغيث، مدير المركز القومي للترجمة، ومترجم الكتاب من اللغة الفرنسية إلى العربية.

في تقديمه قال مغيث “إن الفيلسوف علي بن مخلوف في كتابه ‘لماذا نقرأ الفلاسفة العرب؟’ يتناول الفلسفة من خلال القضايا وليس من خلال الأشخاص، وهو يعنى بالموضوع وآراء الفلاسفة فيه بشكل عام، وقد استفاد في كتابه بدراسات معاصرة عن الفلسفة العربية مختلفة عن دراسات القرن الـ19 الرائجة، والتي كانت تنظر إلى الفلسفة العربية على أنها مجرد شرح للفلسفة اليونانية، وهو ما لم يكن صحيحا، والدليل أن الفلاسفة العرب كانت لديهم قضاياهم المرتبطة بخصوصية مجتمعاتهم”. ويسعى مؤلف الكتاب علي بن مخلوف في كتابه إلى إعادة إدراج الفلسفة العربية في تراث الفلسفة العالمي. إذ قال “إننا بحاجة إلى إعادة النظر في رأينا في فلسفة ومعرفة العصور الوسطى باعتبار أنها جزء لا يتجزأ من تاريخ الحقيقة، إذ أننا نحكم على هذه الفترة على أنها فلسفة مليئة بالميتافيزيقا والتأمل، في حين أنها كانت تتضمن جوانب عملية في أساليب البرهنة والإثبات، كما جاء في علم المنطق، وأيضا جوانب عملية في مجال الطب”.

واعتبر مخلوف أن الفلاسفة العرب أرادوا أن يميزوا بين الأسلوب والحقيقة، وأثبتوا أن تنوع الأساليب لا يؤثر سلبا على وحدة الحقيقة، فالحقيقة بالفعل واضحة، ولكن توجد سبل متنوعة في الوصول إليها.

وحول مفهوم الشريعة، قال إنه “بالعودة إلى أصول الفقه وهو ما يعني عودتي إلى فكرة الشريعة والحكمة، فإننا نشهد اليوم تضخيما حول مفهوم الشريعة سواء هنا أو في الغرب”، وكشف أن النص الديني ليس له معنى مركّز أو مغلق، ولا يحبس في معنى كامن إلى الأبد لأن النص لغة والوصول إلى معناه يعتمد على الفهم، والفهم له الأولوية على الدلالة بمعنى في ما يتعلق بالمستوى اللغوي”.

وأكد أهمية دور الفلاسفة العرب، مشيرا إلى أنهم كانوا أطباء، ومارسوا الفلسفة في آن واحد، أي اهتموا بالمنطق والصحة، فبالنسبة للمنطق فهو يعني العلم الذي يسمح بدراسة توجهات العقل، ويحدد الفرق بين التصور والتعريف والبرهان باعتبارها عمليات معقدة لكنها مختلفة عن بعضها البعض، لذا فإن المنطق لدى الفلاسفة العرب متسع أكثر مما كان عند اليونان.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

749 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع