البيت العربي في أسبانيا جسر حضاري بين العرب والغرب

    

يسعى البيت العربي بمقريه الرئيسين في مدريد وقرطبة منذ تأسيسه في يوليو 2006 إلى تعزيز مجموعة العلاقات الواسعة مع الدول العربية والإسلامية، وإجراء دراسات مرجعية حول واقع هذه البلدان وتاريخها، كما يحرص على إنجاز مهمة متبادلة من خلال نشر المعرفة عن الواقع العربي والإسلامي في السياق الأوروبي والغربي والعكس بالعكس.

العرب /العربي السائح مدريد - يبدو أن البيت العربي بأسبانيا لم يأخذ حظه الكافي من التغطية الإعلامية وما يقدمه من نشاطات ثقافية لتمتين العلاقات بين أسبانيا والعالم العربي وكجسر للتواصل العربي الأوروبي، فهو مؤسسة ثقافية ذات مقرين واحد بمدريد والآخر بقرطبة، ساهمت في بعثها وزارة الخارجية الأسبانية وحكومتا إقليم مدريد وأندلسيا، أما المبادرة الحقيقية فكانت من السفير الليبي آنذاك نوري بيت المال باعتباره عميد السفراء العرب، والذي استند في تقديم مبادرته إلى مشروع تحالف الحضارات لرئيس الوزراء الأسباني خوسيه لويس رودريغز ثاباتيرو.

تقدم نوري بيت المال باقتراح للحكومة الأسبانية لإنشاء مؤسسة تعنى بتوطيد العلاقات الثقافية بين العرب والأسبان، وقبل اقتراحه في ديسمبر 2005 حيث أعطى مجلس الوزراء الأسباني الإذن بتوقيع اتفاقية لبعث مؤسّسة البيت العربي ومعهد الدّراسات العربية والعالم الإسلامي التابع لها، وتمّ تأسيس المشروعين رسميا ونهائيا في شهر يوليو 2006، ودشن البيت العربي بحضور الملك خوان كارلوس ووزير الخارجية آنذاك ميغال أنخل موراتينوس.

وتعود أسباب بعث البيت العربي إلى أهمية المنطقة العربية والإسلامية للعلاقات الدولية والدور البارز الذي يؤديه هذا الجزء من العالم في السياسة الأسبانية الخارجية. هذا بالإضافة إلى القرب الجغرافي، والصلات التاريخية، ووجود عدد كبير من المهاجرين العرب في أسبانيا، ولأن أسبانيا الجسر الرابط بين العالم العربي وأوروبا فقد جاءت المؤسسة لتساهم في إثراء المعرفة وتطبيع التبادل المباشر بين الضفتين.

وجاء تأسيس البيت العربي لتحقيق غايات مختلفة منها تشجيع البحث العلمي والثقافي لتقديم صورة الإسلام الحقيقية للأسبان بصفة خاصة والغرب بصفة عامة، وتنقية الإسلام مما لحق به من تشويهات متعمدة أساءت للعرب والمسلمين، يأتي هذا في إطار التقارب والحوار الإيجابي بين الشرق والغرب، والحضارتين العربية -الإسلامية والأوروبية.

ودأب البيت العربي منذ تأسيسه على نشاطات دائمة مثل تعليم اللغة العربية ودروس الخط العربي وورشات الأعمال اليدوية، وأخرى في شكل حلقات ثقافية متتالية وعروض بمناسبات ومحاضرات قدمها أكاديميون عرب وغربيون مثل لقاء الفقيد الأديب جمال الغيطاني الذي قدّم روايته "مطربة الغروب" مترجمة إلى الأسبانية عدد من االمستعربين الأسبان كبدرو مارتيناث مونتابث ومدير عام البيت بوسكيتس، كان ذلك في شهرَ يونيو من السنة الماضية وكان آخر ظهور للأديب الكبير أمام الجمهور، إذ وافاه الأجل بعد بضعة أشهر.
هناك أيضا إقامة المعارض الفنية لمصورين ورسامين ونحاتين من مختلف البلدان العربية، ليساهم البيت العربي في التأكيد على أن الفنانين العرب هم مبتكرون ومبدعون يساهمون في التيارات الفنية العالمية، خاصة وأن الشائع عند الغرب النظر إلى الماضي عبر الاعتراف بجهود الثقافة العربية وإبداعاتها في العصر الأموي والعباسي والأندلسي، ورغم أهمية هذا الإرث التاريخي وقيمته، فإن المشكلة تكمن في تركيز الغرب الحصري على هذا الإرث الكلاسيكي، ما يعني بشكل غير مباشر أنه بعد هذه القرون الطويلة الماضية لم يشهد العالم العربي سوى تراجع ثقافي وافتقار إلى الإبداع، في حين أن الواقع مغاير تماما لهذا التصور الخاطئ.

ويقدم البيت العربي اللقاءات الأدبية والأمسيات الشعرية كالتي نظمت في شهر مايو الماضي، قدمت أثناءها قصائد الشاعر الليبي محمد الفقيه صالح باللغتين العربية والأسبانية من ترجمة شاعرتين قرأتا بنفسيهما تلك القصائد. ولا يغيب الفن السينمائي فهو مرآة لواقع مجتمع المنتج والمخرج، فقدّم البيت العربي خيرة ما أنتج في هذا المجال من مختلف الأقطار العربية، كما ينظم الرحلات الميدانية في ربوع أسبانيا للتعرف على الآثار العربية الإسلامية هناك.

ولا يقتصر نشاط البيت العربي على اللقاءات الثقافية، فقد قدم ندوات وموائد مستديرة تتعلق بالجوانب السياسية والاقتصادية الهامة مثل منتدى رجال الإعلام الليبيين الذي انتهت دورته الثالثة والأخيرة قبل حلول شهر رمضان بأيام معدودات.

وينظم البيت العربي برنامج "أرابيا أميركانا" لإثراء العلاقة بين العالم العربي والغرب بضمّ الأميركيتين وتجربتهما مع العرب وثقافتهم، خاصة وأن القارة الأميركية تضم جالية عربية منذ القدم، لذلك تحاول أسبانيا أن تكون الجسر الرابط بين مختلف الثقافات.

ولم تكتف بلديتا مدريد وقرطبة بإهداء المبنى الملائم بل أعدّتاه وجهزتاه فتوفرت فيه كل المرافق والضروريات؛ قاعات للمحاضرات والندوات والعروض السمعية البصرية، والمعارض الفنية، وفصول التعليم، والمكتبة التي تعرض خير ما نشر من الفكر العربي وعنه، وحتى المقهى والمطعم.

ويمتاز البيت العربي في مدريد بالطابع المعماري الموريسكي وهو مكون من خمس غرف تربط بينها الأروقة تفتح على أربع باحات داخلية، وتظهر الهندسة المعمارية العربية من خلال الأقواس ذات الزخارف النباتية، وتلك الأعمدة التي تحملها والخشب المزخرف في أرجاء الخمس بيوت.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1000 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع