الخلاف الرئاسي يضع الديمقراطية الكردية على المحك

  

تواجه الأحزاب الكردية العراقية أزمة حادة بشأن مصير الرئاسة في إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي بعد انتهاء الفترة الرئاسية الحالية يوم الأربعاء الماضي.

ويسعى الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي ينتمي إليه الرئيس المنتهية ولايته مسعود برزاني، إلى تمديد فترته وهو ما ترفضه أربعة أحزاب سياسية كبرى أخرى.

وتسعى الأحزاب الأربعة بقوة إلى حسم الأمور في البرلمان وسط تحذيرات من أن غياب الإجماع ربما يسبب اضطرابا سياسيا.

ويعرف عن إقليم كردستان استقراره السياسي، ونجح في جذب العشرات من شركات النفط العالمية التي تحرص على استغلال إمكانيات الطاقة التي يتمتع بها الإقليم.

وتصدرت المساهمة الحيوية للإقليم مؤخرا في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية عناوين الصحف الدولية.

يشترك الإقليم في بعض حدوده مع أراض يسيطر عليها تنظيم الدولة وذلك بإجمالي مساحة تصل إلى ألف كيلومتر وتمتد من الحدود الإيرانية وسط العراق حتى الحدود السورية.

وحظيت قوات البشمركة الكردية بإشادة كبيرة بعد التقدم الذي حققته مؤخرا ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العديد من الجبهات شمالي العراق بدعم جوي من قوات التحالف التي تقوده الولايات المتحدة.

كما أن أن هذه القوات ساعدت نظيرتها الكردية في سوريا في الدفاع عن مدينة عين العرب "كوباني" في سوريا.

وفي حال حدوث اضطرابات داخلية جراء الخلاف على الرئاسة، فإن ذلك سيكون له تداعيات على قوات البشمركة المنقسمة بشدة على أسس حزبية.

فقط الأسبوع الماضي، شهدت مدينة إربيل، عاصمة الإقليم استعراضا نادرا للقوة من جانب حزب الرئيس برزاني.

وجابت قوات موالية للحزب الديمقراطي الكردستاني أنحاء الشوارع في قافلة طويلة، وهو ما أجج التوترات.

ورغم أن برزاني حظر لاحقا مثل هذه العروض، فإن الرسالة كانت واضحة.

هذا الحادث يعد واحدا من أسباب عديدة تبرر لماذا ينظر إلى ملف الرئاسة على أنه أكثر إثارة للانقسام من أي قضية أخرى في الإقليم منذ الحرب الأهلية التي قسمته في التسعينيات من القرن الماضي.

مكمن الخطر

شغل برزاني منصب رئيس الإقليم فترتين متتاليتين، وهي أقصى مدة رئاسية مسموح بها حاليا لكن مددت رئاسته عامين إضافيين بعد انتهاء ولايته الأخيرة عام 2013.

ويصمم الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يقود حاليا حكومة ائتلافية تضم أربعة أحزاب أخرى، على بقاء برزاني في السلطة وسط معارضة شركائه في الحكومة.

لكن القوانين الحالية لا تنص على آلية واضحة بشأن انتخاب رئيس جديد أو مسار قانوني للإبقاء على الوضع الحالي.

ويقول الحزب الديمقراطي الكردستاني إنه بالنظر إلى الصراع الذي يخوضه إقليم كردستان ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وفي حال عدم التوصل لاتفاق، فإنه يجب أن يظل برزاني على رأس السلطة كرئيس مؤقت حتى إجراء الانتخابات القادمة عام 2017.

لكن القوانين الحالية تنص على أن رئيس البرلمان يجب أن يتولى سلطات الرئيس في حال وجود فراغ رئاسي.

ولذلك فإن التمديد لرئاسة برزاني في هذه المرحلة سيكون مثيرا للانقسام في أفضل الأحوال وغير قانوني على الأرجح في رأي كثيرين.

واختلفت الأحزاب الأربعة الكبرى مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، واقترحت تعديل القوانين الحالية لجعل نظام الحكم في إقليم كردستان نظاما برلمانيا كاملا.

وستؤدي هذه التعديلات إلى انتخاب الرئيس من جانب البرلمان وليس عبر تصويت شعبي، وهذا سيعني أن الرئيس سيخضع تلقائيا للمسائلة البرلمانية.

وستخفض أيضا صلاحيات الرئيس بشكل كبير لتكون على غرار النظام السياسي في الحكومة العراقية الاتحادية التي يعد فيها منصب الرئاسة شرفيا بدرجة كبيرة.

ويرفض الحزب الديمقراطي الكردستاني بقوة هذه التعديلات، وبدأ مساعي أخيرة لإحباط الجهود البرلمانية.

رئاسة مفصلة لبرزاني

التزم مسعود برزاني الصمت على مدى أشهر، لكنه مؤخرا ربط محاولة تعديل القانون بانقلاب على السلطة ودعا الأحزاب إلى التوصل "لإجماع" ، بينما رفض حزبه التراجع عن طلبه تمديد فترته وبصلاحيات كاملة.

ويقول معارضون إن هذا المنصب جرى تفصيله خصيصا لبرزاني، وأنه لن يسلمه لغيره لأطول فترة ممكنة.

يقع المقر الرئاسي في بلدة "ساري راش" الساحلية التي تطل على إربيل التي تضم بدورها مقر إقامة برزاني الشخصي ومقر حزبه.

ويشهد الإقليم فترة من عدم اليقين خاصة في ظل اقتصاده هش يعتمد بشدة على مبيعات النفط ومدفوعاته من حكومة بغداد.

ويواجه الاقتصاد الكردي معوقات أمام تحقيق الازدهار بسبب التراجع العالمي في أسعار النفط والعلاقات المتوترة مع الحكومة الاتحادية التي تعاني مصاعب مالية.

وفي ظل الاضطرابات الحالية يأمل الكثيرون عدم حدوث أي ضرر لسمعة ووضع الإقليم كمنطقة مستقرة سياسية غنية بالنفط.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1071 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع