في سلسلة رسائلنا من الصحفيين الأفارقة، تتساءل الكاتبة الغانية إليزابيث أوهين، وهي وزيرة سابقة في الحكومة وأحد أعضاء المعارضة، عن السبب الذي يجعل بعض القادة يرفضون ترك مناصبهم.
نجح الرئيس الأمريكي باراك أوباما، خلال خطاب له في الآونة الأخيرة أمام الاتحاد الإفريقي، في استخدام ما يقرب من 400 كلمة ليقول لنا إنه لأمر جيد أن يكون هناك قيود على الفترات الرئاسية.
والحقيقة هي أن كثيرا من الناس في هذه القارة يعرفون هذا، على الرغم من إعادة انتخاب الرئيس بيير نكورونزيزا في بوروندي.
وقد بدأت الدول الإفريقية حياة مستقلة ودستورية، ووضعت حدودا واضحة تحدد فترات الرئاسة فيها.
وما إن يصبح ذلك أمرا غير ملائم لها، تشرع البرلمانات، بكل ببساطة، في تعديل القواعد والدساتير للسماح بفترة رئاسية ثالثة أو رابعة أو تنصيب الرؤساء في الحكم مدى الحياة.
تبرير طول فترة البقاء في السلطة
وفي كثير من الأحيان، تأتي هذه التعديلات بدعم حماسي من الأكاديميين المحليين والأجانب، الذين يأتون بالنظريات التي تدعم أي تغييرات يريدها الزعيم.
وتراوحت النظريات بين الاشتراكية الإفريقية و"النكرومية" - وهي أيديولوجية تعتمد على فلسفة أول رئيس غاني، وهو كوامي نكروما.
وفي قلب من ذلك كله فكرة أن هناك قائدا معينا استثنائيا، وبدونه ستتعرض البلاد للتفكك.
أو كما نقل عن لويس الخامس عشر، الذي حكم فرنسا ما يقرب من 60 عاما، "أنا ومن بعدي الطوفان".
قيل هذا عن جميع الرؤساء الأوائل، وإن لم يبدأوا بهذا الاعتقاد فإنهم ينتهون به بأنفسهم.
وقال ذلك الجنود الذين نفذوا انقلابات، وحكموا معظم إفريقيا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي عن أنفسهم، وأقر بذلك الأتباع والأكاديميون المستفيدون.
وحتى المقاتلون من أجل الحرية، الذين تظاهروا في العواصم وأطاحوا بالقوى الاستعمارية أو المستبدين الأصليين، قالوا ذلك أيضا عن أنفسهم، وتحولوا إلى طغاة أسوأ أمام أعيننا.
بذخ فاحش
واعتاد رئيس زائير موبوتو سيسي سيكو على قول ذلك، وكذلك فعل معمر القذافي في ليبيا.
ويقابل أي انتقاد لطول فترة البقاء في السلطة بإجابة واحدة، وهي: لقد وحدوا بلدانهم.
وعلينا أن نتساءل: هل كان من الممكن أن تكون زائير أسوأ مما كانت عليه في ظل الحكم الفاسد لموبوتو؟
وبعد الإطاحة به من سدة الحكم، بدأنا ننظر إلى الخلف بحنين إلى الماضي.
قصر موبوتو سيسي سيكو الفاخر في مدينة غبادولايت بات مهدما الآن
لقد كان الثراء الفاحش لمدينة غبادولايت أفضل بكثير من رؤية الكارثة التي لحقت بجمهورية الكونغو الديمقراطية في أعقاب الإطاحة بالرئيس موبوتو.
وبالمثل في ليبيا، كان الكتاب الأخضر لمعمر القذافي بتصريحاته السياسية أفضل من الوضع الحالي.
وكان من الأفضل بكثير أن نراه متوجا بلقب ملك ملوك إفريقيا، من قبل الزعماء التقليديين، وأن يدعوه يمول الاتحاد الإفريقي.
وكان القذافي - بخيامه المكيفة وخطاباته الملتوية الطويلة في الأمم المتحدة - بكل تأكيد أفضل بكثير من الفوضى التي تشهدها ليبيا الآن بعد الإطاحة به.
الإشارة إلى موبوتو
لو كان أوباما قد نظر في الملفات قبل بضع سنوات لوجد أن رئيسا أمريكيا آخر، وهو بيل كلينتون، قال خلال فترة توليه السلطة إن هناك "إفريقيا جديدة".
ويرفض اثنان من القادة الذين كانوا جزءا من إفريقيا الجديدة خلال حكم كلينتون الآن أن يتركا منصبيهما، ونحن الآن في فترة حكم أوباما.
وكان الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني يعرب علانية عن ازدرائه للقادة الأفارقة الذين يتشبثون بالحكم.
وخلال العام المقبل، أي بعد نحو 30 عاما من نزوله لشوارع كمبالا لمطاردة ميلتون أوبوتي، سيسعى موسيفيني للترشح لفترة ولاية أخرى رئيسا للبلاد.
أشاد بيل كلينتون بكل من رواندا وأوغندا ووصفهما بأنهما مثالان لأفريقيا الجديدة - لكن قائديهما يحاولان البقاء في السلطة
وفي دولة مجاورة أخرى، فتح البرلمان المتحمس الطريق أمام بول كاغامي للترشح لفترة ولاية ثانية كرئيس لرواندا إذا تعرض النجاح الكبير الذي تحقق للخطر من قبل شخص آخر يأخذ مكانه.
وسعى قادة غرب إفريقيا تحت إشراف المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) أن يلزموا الدول الأعضاء في المجموعة ببند يقضي بألا تزيد مدة الرئاسة على فترتين.
لكنهم تراجعوا بهدوء بعد اعتراض توغو وغامبيا.
وقد بُلغت بالجواب غير المعلن في هذه الأيام بالنسبة للرؤساء الذين لا يريدون أن يتركوا مناصبهم في إفريقيا، وهو: "جمهورية الكونغو الديمقراطية وليبيا، أو موبوتو والقذافي".
1075 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع