اعترافات جلاد عراقي عذّب واغتصب السجناء

              

العربي الجديد/بغداد ــ آدم محمود:بدأت فضائح التعذيب في السجون العراقية بالظهور في شكل آخر، بعد أن كُشفت تلك الانتهاكات مؤخراً من قبل معتقلين سابقين وذويهم، بالإضافة إلى تقارير الأمم المتحدة وجهات تعنى بالشأن الإنساني، لتفتضح هذه المرة عن طريق الجلادين أنفسهم.

وما بين اضطرابات نفسية لحقت بأحد الجلادين واعترافات آخر في وقت ندم، تهتكت الأستار التي غلفت التعذيب هذه المرة من خلال رجل اختص في تعذيب السجناء، توصل إليه "العربي الجديد"، لكنه رفض الإدلاء باسمه الصريح. وطلب أن يُذكر بكنية "أبو حسن"، مكتفياً بالتطرق إلى بعض التفاصيل المهمة، غايته من نشرها تحذير زملاء له بالمهنة من مواصلة عملهم.

شقيق الجلاد "أبو حسن" شكا لـ"العربي الجديد" بأنه لم يعد قادراً على إيجاد علاج يشفي شقيقه الذي يعاني الأرق؛ من جراء الكوابيس التي تقض مضجعه وتمنعه من النوم، فلا العلاجات الطبية ولا الشعبية حملت الشفاء لـ"أبو حسن"، ولا حتى العاملون بالمجال الروحي تمكنوا من إيجاد حل لما قالوا عنه "سحر" و"جن تلبس جسده".

جسد "أبو حسن" وشكله اختلفا كلياً عما كان عليه قبل عامين، تاريخ بداية أزمته النفسية الحادة، كان طويلاً قوي البنية حاد الملامح، ويأكل بشراهة، بحسب ما يقول شقيقه، لكن وزنه الذي كان يتعدى المائة كيلو غرام لم يتبق منه الآن أكثر من النصف. صار لا يأكل مطلقاً إلا بالإكراه، كما أنه يعاني اليوم من ارتخاء في الأعصاب ورعشة في الجسد.

القصة يرويها أبو حسن، الجلاد السابق في السجون العراقية، لـ"العربي الجديد" تتلخص بحسب اعترافه في "تسلط غضب إلهي عليّ، لجرائم ارتكبتها بحق أبرياء".

أبو حسن، والذي طلب إخفاء أي معلومات عن شخصيته؛ وهي نتيجة حتمية بعد أن تحول الرعب الذي كان يسكن ضحاياه في السجون إلى داخله، فتحول من مُرعبٍ مخيفٍ إلى مرعوب خائف، فأسرار جرائم السجون ما عاد يحتمل حفظها في صدره، كما أنه لا يجرؤ على البوح عنها خوفاً من "التصفية" على يد زملاء المهنة، بحسب قوله.


يقول أبو حسن إنه كان جباراً على السجناء، ولا يدري كيف تحول إلى شخص عنيف يزداد جبروتاً كلما ترجاه سجين أن يكف عن تعذيبه.

ويتابع سرد حكايته حيناً ويتوقف حيناً، سارحاً في خياله إلى بعيد وكأنه يستذكر جام غضبه الذي كان يصبه على المساجين، لكنه لا يخوض في تفاصيل، ويكتفي بكشف خطوط عريضة.

ويعترف بأن عدداً من السجناء قتل من جراء التعذيب على يديه، مسترسلاً بالقول: "كنت شديداً وقاسياً أعذب بكل الوسائل، وأضرب بيدي وبالعصي وبأسلاك قوية، أعلق السجين من يديه في سقف الغرفة، كذلك كنت أعذب بالكهرباء، وكنت أستمتع بصرخاتهم وتوسلاتهم".

التعذيب اختياري
يؤكد "أبو حسن" أنه لم يكن وحده يعذب السجناء، بل كان هناك عدد من المختصين، هو واحد منهم، كانت أوامر عليا تطلب منهم القسوة على السجناء، كما أن بمقدور أي شخص الاعتذار عن الالتحاق بمجموعة التعذيب، لكن ما كان يشجعه وغيره على تعذيب الآخرين هو كسب ود بعض الضباط الذين يتمتعون بنفوذ قوي في الأجهزة الأمنية.


ويضيف: "كلما غفوت قليلاً أرى كوابيس، أراني وأنا أصرخ بقوة من جراء التعذيب، أرواح الذين قتلوا في التعذيب تراودني كذلك، صرت أتوسل الله أن يسامحني وينهي حياتي"، كاشفاً عن ندمه واكتشافه أنه كان "دمية بيد الكبار يحققون بي رغبتهم في تعذيب الناس" وفق قوله.

ويختم "أبو حسن" أن أفظع ما قام به أنه "في عدد من المرات اغتصبت سجناء؛ كنت أراهم أعداء، هكذا كان يقول لي ضباط التحقيق"، لكنه يعترف "كل ذلك كان لأسباب طائفية، كنت أعلم أنهم أبرياء، بعضهم شباب صغار اعتقلوا من قبل عناصر أمنية مرتبطة بالمليشيات".

ويمتنع أبو حسن عن كشف أسماء هؤلاء الضباط وتلك الجهات بالتحديد، على الرغم من إقراره أن أسباب التعذيب لها أبعاد طائفية، وأن أغلب الذين يعذبون أبرياء، سوى قلة من الضالعين في "الجرائم والإرهاب" بحسب تأكيده.

أشقاء "أبو حسن" قرروا إبعاده عن العراق، منذ نحو عام، بعد أن شاع وسط أقاربه أن مرضه عذاب إلهي؛ لأنه كان شديد الظلم على من يقع تحت رحمته في السجون، فيما وافقت دائرته على إحالته إلى التقاعد لأسباب صحية.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

958 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع