بغداد ــ ميمونة الباسل:أفادت الأخبار الواردة من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، بأن الأخير يمنع الأهالي من الخروج، لاستخدامهم كدروع بشرية في الحرب.
وأكد أهالي تلك المناطق، في بعض المدن منها الحويجة والشرقاط والموصل شمالاً، ومدينة الفلوجة والرمادي وهيت وعنه غرباً، بأن "داعش" منعهم من الخروج، وإنهم اليوم ليسوا إلا دروعاً يتلقون قنابل الموت اليومية من طائرات التحالف الدولي والجيش العراقي وصواريخ المليشيات.
شهود عيان من تلك المناطق قالوا لـ"العربي الجديد"، إنهم حاولوا الخروج أكثر من مرة لكنهم فشلوا بسبب منعهم من قبل داعش، الأمر الذي عرّض حياتهم للخطر. فمنهم من قتل في القصف بين الجانبين (داعش والمليشيات)، ومنهم من لقوا حتفهم في الطرق الوعرة التي قطعوها أثناء رحلة نزوحهم.
وقال رامي الفلوجي، أحد سكان مدينة الفلوجة والذي تمكن من الخروج، إن "داعش" فرض مبلغ 200 دولار على كل من يريد الخروج من المدينة، لكن السعر ارتفع مع اشتداد القصف، كما فرض الكفيل على سكان مدينة "عنه"، 212 كلم غرب الرمادي، لمن يروم الخروج، وفي حال عدم عودته خلال 10 أيام، مبلغاً قدره 5 آلاف دولار مع مصادرة جميع أملاكه.
وأضاف رامي لـ"العربي الجديد"، إن إحدى العوائل مكونة من 35 فرداً، لم تتمكن من جمع المبلغ المطلوب لقاء خروجهم، ما اضطرهم للبقاء تحت القصف ببراميل الموت، مشيراً إلى أن العوائل في مناطق سيطرة "داعش" ذاقت الأمرّين، الأول وجود التنظيم وقلّة الطعام والماء الصالح للشرب والكهرباء والرواتب، والثاني منعهم من الخروج نهائياً حتى بعد دفع المبلغ.
من جانبه، قال عضو مجلس شيوخ الفلوجة في محافظة الأنبار محمود العيساوي: "اليوم طالب عناصر التنظيم سكان الفلوجة بعدم مغادرة منازلهم، وهناك رفض شعبي للكثير من تصرفات هذا التنظيم، فالمليشيات تقتلنا والتنظيم يمنع حركة السكان ويطبّق قوانينه علينا".
من جهته، أوضح أحمد خلف، من سكان بلدة الحويجة 250 كلم جنوب غربي كركوك، لـ"العربي الجديد"، أن عوائل كاملة أبيدت خلال نزوحها من بلدة الحويجة إلى ناحية العلم في محافظة صلاح الدين، حيث تسير قوافل العوائل على الأقدام مسافة 40 كلم، سالكةً سلسلة جبال حمرين في ظل حرارة تجاوزت الـ50 درجة مئوية، وهذا ما لا تتحمله النساء والأطفال بعد نفاد الماء والطعام، ما جعل الكثير منهم يموتون عطشاً، أو يضلون الطريق ولا يُعرف عنهم شيئاً.
وأضاف أن أهالي الحويجة يعيشون اليوم وضعاً مأساوياً نتيجة تعرّض مناطقهم للقصف المدفعي والجوي العنيف من قبل طيران الجيش والتحالف الدولي. وأكد أن "داعش" ومنذ ساعات الصباح الأولى، طلب من السكان البقاء في منازلهم وعدم مغادرتها، مبرراً ذلك بأن هناك معلومات عن تعرض البلدة للقصف المكثف من قبل طيران التحالف الدولي، كما فرض إجراءات عقابية على كل من يخالفه. وأوضح أن شوارع البلدة خالية إلا من عناصر التنظيم.
أحد شيوخ عشائر محافظة نينوى، 402 كلم شمال بغداد، قال، اليوم الجمعة، إن "داعش" منع حركة التنقل والسير بسبب تعرّض عدد من مقاره لهجمات التحالف، ولمنع كشف مواقعه من قبل المدنيين، فيما أكد السكان أن التنظيم نشر عناصره في عموم المدن وطالبهم بعدم التنقل لإشعار آخر.
وأضاف الشيخ يونس الجبوري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الوضع أشبه بمنع التجوال، والتنظيم يتخوّف من كشف مواقعه التي تلقت ضربات دقيقة من قبل طيران التحالف. وبيّن أن داعش نشر عناصر "الشرطة الإسلامية" ومسلحيه في عموم أرجاء المحافظة، وهو إجراء لم يقم به التنظيم منذ فترة طويلة، لافتاً إلى أن الأهالي لا يعرفون ماذا يفعلون في ظل انعدام كافة الخدمات من ماء أو كهرباء.
وتابع أن سكان نينوى حاولوا الخروج للتسوّق، ولكنهم فوجئوا بعناصر ملثّمة تطالبهم بالدخول إلى منازلهم، وقد يكون وراء هذا الإجراء ظهورٌ ثانٍ للبغدادي زعيم التنظيم. وأضاف: "حتى صلاة الجمعة لم يستطع كثيرون الوصول إلى المساجد لأدائها".
وتؤكد مصادر محلية مقرّبة من التنظيم أن الأخير يوافق على خروجهم إلى مدن أخرى يسيطر عليها، لكنه يمنع خروجهم إلى مناطق سيطرة الحكومة. إلا أن السكان يقولون إن القصف بالبراميل والجوع لا يستثني منطقة وأخرى من تلك التي يسيطر عليها التنظيم.
946 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع