بغداد ــ العربي الجديد، النجف ــ عبد العزيز الطائي:شددت السلطات العراقية، اليوم الجمعة، الإجراءات الأمنية في المنطقة الخضراء المحصنة في العاصمة بغداد، والتي توجد فيها مقرات رئاسة الوزراء وعدد من السفارات، تحسبا لتظاهرة احتجاجية كبيرة دعا إليها ناشطون وصحافيون عراقيون للتنديد بتردي الخدمات وتفشي الفساد وانقطاع الكهرباء.
وأكد ناشطون أن التظاهرة رسالة للحكومة، مفادها ضرورة محاربة الفساد ورعاية أسر الشهداء، والكشف عن ملفات الفساد داخل وزارة الكهرباء.
وقال مصدر أمني عراقي في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الأجهزة الأمنية اتخذت إجراءات احترازية تمثلت في نشر عدد من القوات الأمنية في العاصمة بغداد، بهدف منع وقوع أي مواجهات خلال التظاهرة المتوقع أن تنطلق اليوم من ساحة التحرير، وسط بغداد، عند الساعة السادسة مساء".
وأضاف المصدر أن "الأوضاع العامة للبلاد تقضي فرض إجراءات مشددة في عموم المحافظة، لمنع استغلال تنظيم "داعش" لهكذا تظاهرات التي تؤمن بشكل كامل من قبل وزارة الداخلية"، لافتاً إلى أن "التخوف يكمن في وجود أشخاص مسيئين بين المتظاهرين يستغلون الحدث لإثارة الفوضى والاعتداء على القوات الأمنية".
من جهته، قال الناشط المدني، ميمون التغلبي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "ناشطين في مجال حقوق الإنسان اتفقوا على تنظيم تظاهرة مساء اليوم، لمطالبة الحكومة العراقية بكشف ملفات الفساد الموجود في وزارة الكهرباء، لأن 12 عاما كفيلة ببناء دول كاملة، وليس حل مشكلة الكهرباء التي يعاني منها عموم الشعب العراقي من الجنوب إلى الشمال".
وأكد التغلبي أن "قوات أمنية كثيرة انتشرت في الشوارع وأطراف المنطقة الخضراء تحسباً لحدوث أعمال شغب".
من جهته، قال المحلل الأمني أحمد الحسن، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "القوات الأمنية استنفرت جميع فرقها، ونشرت عناصر استخبارية في بغداد مع قرب موعد انطلاق التظاهرة في وسط بغداد".
ورأى الحسن أن "تظاهرة اليوم ستكون كبيرة وذات صدى واسع، لأنها ترتبط بما يجري في الجنوب من حراك شعبي مماثل ضد الفساد وتردي الخدمات".
بدورها، أعلنت عضو لجنة المالية في البرلمان العراقي، ماجدة التميمي، عن توفرها على مستندات إدانة ضد وزير الكهرباء، مؤكدة أن الوزارة خصص لها 3 تريليونات دينار عراقي لم يصرف منها الوزير سوى 166 مليار دينار، مستغربة حديث الوزير عن معاناة وزارته من قلة الموارد المالية.
وأضافت التميمي، خلال مؤتمر صحافي، أن وزير الكهرباء، قاسم الفهداوي، تذرع بشح الموازنة المخصصة لوزارته، التي قال إن من المفترض أن تبلغ 9 تريليونات دينار، وليس 3 تريليونات.
وتحدثت عن وجود خروقات في موازنة وزارة الكهرباء من خلال نقل أموال من الموازنة الاستثمارية إلى التشغيلية لأغراض خاصة، مؤكدة أن هذا التجاوز يشمل كل الوزراء في العراق، وليس وزير الكهرباء وحده.
إلى ذلك، دعا المرجع الديني، علي السيستاني، العراقيين المتذمرين من تردي الخدمات ونقص الكهرباء إلى التظاهر بشكل سلمي وحضاري، رافضا حدوث عمليات فوضى وتخريب خلال التظاهرات.
وقال ممثل السيستاني في كربلاء، عبد المهدي الكربلائي، خلال خطبة الجمعة، إن الشعب العراقي يعاني من نقص كبير في الكهرباء التي يحتاجها المواطن في الصيف، كما تعاني بقية قطاعات الخدمات من الإهمال، منوها إلى أن فئة كبيرة من العراقيين تعاني من البطالة وعدم توفر فرص العمل.
ودعا الكربلائي الحكومة العراقية، التي يرأسها حيدر العبادي، إلى الاستجابة لمطالب المتظاهرين وتلبية احتياجاتهم، وفق ما يضمن لهم الحد الأدنى من العيش الكريم في الظروف الصعبة التي تمر فيها البلاد.
وحذر ممثل المرجعية الدينية من الاستخفاف بمطالب المتظاهرين أو إهمالها وعدم الاهتمام بها، منبها إلى أن هذا الأمر ستكون له تبعات خطيرة.
وتظاهر، أمس الخميس، محافظ ميسان، علي دواي، مع مجموعة من المقاولين وعمال الخدمات البلدية أمام مبنى وزارة المالية في العاصمة بغداد، للمطالبة بصرف مستحقات العمال والمقاولين.
كما سقط عدد من الأشخاص، بين قتيل وجريح، في محافظة البصرة للمطالبة خلال تظاهرة بإقالة المحافظ ووزير الكهرباء.
واشتبك المتظاهرون مع الشرطة المحلية وقوات الجيش عند محاولتهم اقتحام مقر ائتلاف المواطن، الذي ينتمي إليه المحافظ ومركز شرطة المدينة، كما أحرق المحتجون عددا من محطات الوقود والمنشآت النفطية في المحافظة.
وقطع عدد من سائقي القطارات طرق المرور في بغداد، ما أدى إلى شلل في حركة التنقل بين مناطق وأحياء العاصمة، احتجاجا على قرار وزارة النقل بقطع رواتبهم الحكومية وتحويلهم إلى نظام التمويل الذاتي.
وقال مدير إعلام السكك الحديدية العراقية، عبد الستار الغراوي، إن إضراب سائقي القطارات أدى إلى إرباك مروري وقطع عدد من الطرق الرئيسة في بغداد.
وأكد أن وزارة النقل لا يمكنها دفع رواتب المعتصمين لأنهم ينتمون إلى دائرة تحولت إلى التمويل الذاتي، مشيرا إل أن الوزارة خاطبت وزارة المالية والحكومة الاتحادية لحل هذه المشكلة.
وفي سياق متصل، قالت مصادر في شركة السكك الحديدية إن وزير النقل العراقي، باقر الزبيدي، وافق على دفع رواتب الموظفين، قبل أن يعود لينتقد التظاهرات الاعتصامات التي أدت إلى قطع الطرق، معتبرا إياها "أمرا دبر بليل".
وشهدت العاصمة العراقية وعدد من المحافظات الجنوبية تظاهرات منددة بنقص الخدمات، خصوصا في قطاعي الكهرباء والنقل، بينما اعتبر سياسيون أن هذه التظاهرات "مسيسة"، متهمين نائب رئيس الجمهورية السابق، نوري المالكي، بتحريكها للإطاحة بحكومة العبادي.
814 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع