وكالات الأنباء:في تشرين الأول أكتوبر من العام الفائت، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ما أسمته خريطة جديدة للعالم العربي تظهر تقسيم خمس دول عربية هي سوريا والعراق وليبيا واليمن إلى أربع عشرة دويلة. في العام 1982 نشرت مجلة "كيفونيم" الناطقة باسم المنظمة الصهيونية العالمية وثيقة بعنوان " استراتيجيه إسرائيل للثمانينات " تتحدث عن حتمية تقسيم هذه الدول العربية الخمس مضيفة إليها انفصال جنوب السودان عن شماله وإقامة دولة فلسطينية في الأردن بعد أن يتم تهجير الفلسطينيين من غربي الضفة إلى شرقها فضلا عن تحويل لبنان إلى كانتونات طائفية !
في أرشيف الصحف العربية والعالمية، وفي خزائن وزارات الخارجية في عواصم الدول الكبرى عشرات الوثائق التي تتحدث عن إعادة رسم خارطة العالم العربي لتشمل كيانات جديدة وفق أسس مذهبية وطائفية واتنية.
ومع نشر كل وثيقة كان الرأي العام العربي يكتفي بوصف مخططات التقسيم بالمؤامرة التي يحيكها أعداء العرب وفي طليعتهم إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
قلة من النخب السياسية الهامشية ، كانت تحمل الأنظمة الحاكمة مسؤولية دفع بلدانها نحو هاوية التقسيم والتفتيت بسبب طبيعتها المذهبية الصارخة وضيق صدرها بالمطالب الوطنية الجامعة وارتباطها بقوى إقليمية وخارجية.
حين تفجرت ثورات الربيع العربي بداية العام 2011 كانت ترفع مطالب ديمقراطية ومدنية عنوانها الحرية والعدالة والكرامة. مطالب مشروعة ومنبثقة من ليل الاستبداد والظلم المخيم على العالم العربي منذ ستة عقود أو أكثر.
غير أن هذا الحراك الوطني شكل رافعة لمجموعات واسعة ومنظمة اشتكت طويلا من القمع والتهميش بسبب انتمائها المذهبي او العرقي.. حين قبض الأخوان المسلمون والسلفيون على ناصية الحراك الشعبي في تونس ومصر وليبيا وحولوه إلى مطية لإقامة حكم إسلامي متشدد كانوا يستندون إلى شرعية اكتسبوها من معاناتهم في أقبية التعذيب والمنافي طوال عقود وعقود.
وحين نجح تنظيم الدولة الإسلامية بالسيطرة على أقاليم واسعة في العراق وسوريا وإعلانه قيام دولة الخلافة لاقى مساندة ودعما من العرب السنة ليس بدافع تعلقهم بنظام إسلامي متشدد بل انتقاما من نظامي حكم أمعنا في تهميشهم لا لشيء إلا لكونهم من خارج بيئتهما المذهبية. هذا الشعور بالغبن والتهميش ينسحب أيضا على شيعة الحرين وأبناء المنطقة الشرقية في السعودية والحوثيين في اليمن.
وماذا بعد هل هذه بداية مسيرة العرب نحو فقدان هويتهم القومية والثقافية ؟ أم أنها النتيجة الحتمية لنهج سياسي قصير النظر من قبل الخارج الذي أورث الشعوب العربية "سايكس بيكو "،ومن قبل الداخل الذي أنتج أنظمة حكم اعتمدت في التعامل مع شعوبها على ثلاثية القمع والفساد وللإقصاء ؟. إنها شيء من هذا وذاك لا بل هي الطبخة المسمومة التي يجبر العرب على التهامها في مطلع القرن الواحد والعشرين!
965 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع