المدى/بغداد / وائل نعمة:قضت "سياسة التقشف" في العراق على مشاريع امنية كان يعول عليها للحد من العمليات الارهابية التي عادت بقوة خلال الاسبوعين الماضيين، بعد فترة هدوء نسبي اعقبت العمليات العسكرية في حزام العاصمة الجنوبي والغربي.
ومن ابرز تلك المشاريع هي نصب منظومة كاميرات مراقبة وشراء اجهزة جديدة لكشف المتفجرات. واغلب التفجيرات التي تشهدها بغداد تنفذ عبر سيارات ملغمة، وتمر معظمها من امام نقاط التفتيش الامنية المنتشرة في المدينة.
بالمقابل يؤكد اعضاء في لجنة الامن البرلمانية انه بات من السهل ان تخترق "الجماعات الارهابية" مؤسسات حكومية في العراق وتنفذ بغطاء حكومي تفجيرات في بغداد.
ويؤشر عضو اللجنة البرلمانية الى ان اجهزة جمع المعلومات (الاستخبارات) تعجز عن اختراق الخلايا المسلحة وتعتمد على "الصدفة" والارتجال في كشف العمليات الارهابية.
أسبوع دام في بغداد
وتسبب انفجار عبوة لاصقة، امس، كانت مثبتة أسفل سيارة مدنية يستقلها موظفان في وزارة العدل بمقتل شخص وإصابة الآخر بجروح متفاوتة.
وارتفعت حصيلة انفجار السيارة المفخخة قرب محال تجارية في منطقة بغداد الجديدة، شرقي بغداد، مساء الثلاثاء، من جديد إلى 22 قتيلاً و44 جريحاً.
ويوم الاثنين الماضي قتل شخص واصيب سبعة بانفجار عبوة ناسفة قرب سوق شعبية في منطقة سبع البور شمالي بغداد.
وانفجرت الاحد عبوة ناسفة قرب محال تجارية في منطقة الامين، شرقي بغداد، ما اسفر عن مقتل شخص واصابة ستة اخرين بجروح متفاوتة. وفي حادث آخر، قتل شخص واصيب خمسة آخرون بجروح بانفجار عبوة ناسفة، السبت، قرب سوق شعبية في حي العامل، جنوب غربي بغداد.
وكانت نهاية الاسبوع الماضي، الجمعة، شهدت انفجار عبوة ناسفة قرب سوق شعبية في منطقة الراشدية شمالي بغداد، أسفرت عن مقتل شخصين وإصابة ستة آخرين.
وشهدت بغداد خلال الاسبوع الاخير من شهر رمضان، في 12 من تموز الجاري، عدة تفجيرات كان اشدها في ساحة عدن في مدينة الكاظمية راح ضحيتها 26 بين قتيل وجريح.
الأزمة المالية تزحف
على الأمن
ويقول فاضل الشويلي، وهو عضو لجنة الامن في مجلس محافظة بغداد، ان "الارهاب في العراق يمتلك امكانيات كبيرة ومتجددة ويستطيع في كل وقت ان ينفذ هجمات في بغداد".
واضاف الشويلي لـ"المدى" قائلا "لم تصل القوات الامنية حتى الان الى مستوى يمكنها من احباط اكثر العمليات الارهابية لان المسلحين يستغلون اي فترة فتور او تراخي امني".
ولا تزال المفارز الامنية المنتشرة في شوارع بغداد منذ سنوات تستخدم جهاز كشف المتفجرات (إيه دي إي).
ويقول الشويلي، وهو عضو في كتلة الاحرار، ان "التقشف والازمة المالية عطلا تنفيذ مشاريع مثل نصب كاميرات المراقبة وشراء اجهزة وسيارات لكشف المتفجرات".
وشهدت نقاط التفتيش ادخال "الكلاب البوليسية"، وتعتزم حكومة بغداد تغيير خارطة انتشار السيطرات بصورة تدريجية ورفعها من داخل العاصمة الى المنافذ الرئيسية.
وكانت حكومة بغداد المحلية اعلنت، مطلع العام الجاري، عن وصول اكثر من 40 سيارة جديدة لكشف المتفجرات، لكن الشويلي يقول "لم نبلغ في لجنة الامن بوجود هذه العجلات ولم تعمل في بغداد"، مرجحا ان تكون "الازمة المالية حالت دون تنفيذ عقد الشراء".
وأعلن النائب الأول لمحافظ بغداد جاسم البخاتي في شباط الماضي وصول 47 جهاز سونار "عالية الجودة" من الولايات المتحدة الأميركية.
وقال البخاتي، وهو عضو كتلة المواطن، سيتم نصبها في 18 نقطة تفتيش حول حزام بغداد، مؤكدا عزم المحافظة نصب 2000 كاميرا في مناطق العاصمة.
وقال البخاتي آنذاك إن "محافظة بغداد لديها مشاريع كثيرة تهدف لدعم وزارة الداخلية وتسليم الملف الأمني إليها، من بينها دورات خاصة بتدريب رجال الأمن على طريقة التعامل مع الكلاب البوليسية (k9) الذي كلف المحافظة مليارين و460 مليون دينار".
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي أعلن، في تشرين الأول 2014، أنه سيتم التخلص من أجهزة السونار المستخدمة في نقاط التفتيش قريبا والتعويض عنها ببديل.
الأجهزة الاستخباراتية
في غضون ذلك يلقي النائب عمار طعمة، وهو عضو في لجنة الامن والدفاع البرلمانية، مسؤولية عودة العمليات الارهابية في بغداد على كاهل الجهاز الاستخباراتي الذي يقول بانه "مازال غير قادر على كشف الكثير من العمليات"، وانه "يعمل بطريقة ارتجالية".
ويضيف طعمة، في تصريح لـ"المدى"، انه "منذ سنوات لم تستطع الحكومات المتعاقبة الارتقاء بجهاز جمع المعلومات، ولم يحقق حتى الان اختراق للمجاميع الارهابية ويكتشف طرق تمويلها وقياداتها او وسائل تجنيد المتعاونيين معها".
ويشير رئيس كتلة الفضيلة البرلمانية الى ان "هذه الامكانيات متوفرة الان لدى الخلايا الارهابية"، ويبين "بحسب نتائج بعض التحقيقات اكتشفنا بان داعش استطاع التغلغل في المؤسسات الامنية والرسمية وحصل على معلومات مهمة عبر وسطاء له وتمكن من تنفيذ عدد من الهجمات".
ويلفت طعمة الى ان "الاجهزة الامنية التي تعمل على جمع المعلومات تتداخل بعضها في عمل بعض، واحيانا تعمل الواحدة وظيفة الاخرى".
وطالب عضو لجنة الامن البرلمانية بتوحيد "الجهات الاستخباراتية وان تجمع المعلومات في مكان واحد لتسهيل التعامل معها"، كما دعا الى "زيادة الانفتاح على المواطن والتعاون معه باعتباره مصدرا مهما للمعلومات".
وتمكنت مؤخرا خلية الصقور الاستخبارية، التابعة لوزارة الداخلية، من اعتقال المتورط بتفجير الكرادة الذي اودى بحياة الإعلامي والناشط عمار الشابندر و14 آخرين مطلع أيار الماضي.
وألقت الخلية القبض على المدعو "بكر رياض العيثاوي" والمكنى بأسم "أبو عمر" والمتورط بجرائم إرهابية في العاصمة بغداد وغيرها من المدن واعترف بتفجيره اربع سيارات مفخخة أودت بحياة العشرات من المدنيين في العاصمة.
وكشفت التحقيقات الأولية مع العيثاوي عن تنفيذه بصورة مباشرة تفجير ثلاث سيارات ملغمة في معارض سيارات الحبيبية وسوق الصدرية والكرادة داخل، كما اعترف بتنفيذ تفجير سيارة مفخخة قرب مرطبات مشمشمة في حي الكرادة وسط بغداد.
ووفقا لخلية الصقور الاستخبارية فان العيثاوي قدم من الموصل حيث كان يعمل مع "داعش" ثم انتقل لما يعرف بـ"ولاية الفلوجة" وعمل رغم صغر سنه آمرا لشبكة تابعة للتنظيم تجوب في بغداد.
وعشية عطلة عيد الفطر، اعلنت جهات امنية تفكيك سيارة مفخخة في حي العامل، في ثاني حالة بعد اعلان حكومة كربلاء، الشهر الماضي، ضبط 6 مفخخات في منطقة النخيب كانت في طريقها للعاصمة بغداد.
ويؤشر مراقبون تطور اداء الاجهزة الاستخبارية في ملاحقة شبكات تفخيخ السيارات واعتقال المتورطين في اعتداءات ارهابية، فيما تشتد الحاجة الى اجهاض الاعتداءات قبل وقوعها عبر تنفيذ سلسلة اجراءات استباقية واستثمار المعلومات بشكل اسرع.
1265 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع