الملياردير الروسي يوري ميلنر خلال ندوة صحفية في لندن حضرها الفيزيائي الشهير ستيفن هوكنغ
العرب/سان فرانسيسكو – ظل السؤال الأزلي الذي يستبد بعقول الناس على مر العصور هو هل إن البشر وحدهم الذين يعيشون في هذا الكون؟ وكان الملياردير الروسي يوري ميلنر من الذين تملكهم هذا السؤال، فأعلن أمس الاثنين أنه يعتزم رصد 100 مليون دولار لحل هذا اللغز.
وبالاستعانة ببعض من أضخم تلسكوبات العالم اللاسلكية سيشرف فريق من العلماء -انتقاهم ميلنر بنفسه- على مبادرة تستمر على مدى عشر سنوات لرصد أي إشارات لاسلكية قد توضح وجود عقول ذكية في مكان ما من الكون.
وقال ميلنر في مقابلة “إنه أكثر الأسئلة إثارة في ميدان التكنولوجيا في وقتنا هذا”، مشيرا إلى أنه أصبح مغرما بفكرة وجود حياة خارج كوكب الأرض بعد أن قرأ وهو في العاشرة من عمره في موسكو، كتاب عالم الفيزياء الفلكية الأميركي كارل ساجان “المخلوقات الذكية في الكون”.
وجاءت أموال ميلنر التي خصصها لتمويل المشروع من استثمارات ذكية مبكرة في مشروعات حديثة منها فيسبوك. والدافع وراء سعى ميلنر في هذا المجال هو اعتقاده بأن هناك حضارات أخرى قد تعلم البشر كيفية التعامل مع تحديات منها تخصيص الموارد الطبيعية. وقال ميلنر “لو أننا بمفردنا فعلينا أن نفخر بذلك. الرسالة هي أنه لا يوجد عالم مواز للكون”.
وقال علماء إن المشروع تتضاءل إلى جانبه أي برامج أخرى في مجال البحث عن مخلوقات ذكية خارج كوكب الأرض، وقال دان ويرثايمر أحد مستشاري مشروع ميلنر وهو أيضا عالم الفيزياء الفلكية المشرف على موقع إلكتروني مرتبط بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، إن العالم ينفق أقل من مليوني دولار سنويا في هذا الصدد.
وقال العلماء إنه نظرا للتطور التكنولوجي فإن المبلغ الذي خصصه ميلنر سيساعد في قطع شوط طويل أبعد مما حدث في مطلع تسعينات القرن الماضي وهو أحدث فترة يتوافر فيها للبرنامج تمويل كبير.
وسيساعد المبلغ العلماء في رصد عدة مليارات من الترددات اللاسلكية بدلا من عدة ملايين، فضلا عن كشف مساحات لرصد الفضاء تزيد عشر مرات عما كان عليه الحال في تسعينات القرن الماضي.
لكن أي إشارات قد يلتقطها العلماء ربما تكون قد انطلقت منذ سنوات وربما منذ قرون أو منذ آلاف السنين لأن الإشارة اللاسلكية الواحدة تستغرق أربع سنوات بين الأرض وأقرب النجوم للمجموعة الشمسية.
وفي خلال عشر سنوات وبمبلغ مئة مليون دولار يمكن للعلماء المشاركين في برنامج ميلنر أن يرصدوا إشارات لاسلكية في مجرة درب التبانة إلى جانب أقرب 100 مجرة لها.
ومن بين الصعوبات التي تواجه المشروع إمكان حجز مدد زمنية على التلسكوبات اللاسلكية فيما يعتزم ميلنر حجز شهرين كل عام في كل من مواقع الرصد اللاسلكية في العالم، وهي ميزة فريدة للعلماء الذين عادة ما يحجزون يومين فقط في العام على هذه التلسكوبات.
وبذلك ينضم ميلنر -وهو عالم فيزياء في الأساس- إلى كثيرين من المستثمرين ممن يهتمون بمجال الفضاء، منهم ايلون ماسك مؤسس شركة سبيس إكسبلوريشن تكنولوجيز (سبيس إكس) الذي قال إنه يود استعمار المريخ يوما ما.
يذكر أن عالم الفيزياء البريطاني ستيفن هوكنغ كان قد حذر منذ سنوات من محاولة الاتصال بأجناس غريبة ربما تسكن كواكب أخرى في هذا الكون الفسيح، وأعرب عن اقتناعه بوجود أشكال حياة أخرى في الفضاء الخارجي، غير أنه حذر البشر من مغبة محاولة الاتصال بها.
ورجح الفيزيائي احتمالات تنقل تلك المخلوقات حاليا في الكون، ليس لغرض الاستكشاف بل للاستيطان في كواكب أخرى ربما بعد استهلاك كافة موارد الكواكب التي أتت منها.
وقال هوكنغ، في سلسلة وثائقية لقناة “ديسكفري” العلمية، تحت عنوان “هوكنغ والكون”: إنه من المؤكد تقريبا أن توجد حياة في الفضاء الخارجي. مشيرا إلى أن “في الكون مئة مليار مجرة، وكل مجرة منها تحوي مئات الملايين من النجوم، وفي مثل هذا الفضاء الهائل من المستبعد أن تكون الكرة الأرضية هي الكوكب الوحيد الذي نشأت فيه حياة”.
وقال “بالنسبة إلى عقلي الرياضي فإن الأعداد وحدها تجعل التفكير في وجود مخلوقات فضائية تفكيرا عقلانيا تماما، والتحدي الحقيقي هو التوصل إلى ما قد تبدو عليه هذه المخلوقات في الواقع”.
1072 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع