الأثرياء تسببوا في الإطاحة بالشاه، فماذا عن خامنئي

     

العرب/طهران - يخشى النظام الإيراني توسع نفوذ الطبقات الثرية التي باتت تصرفاتها تثير غضب الطبقات الوسطى والفقيرة، وهو ما أقلق المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي الذي تذكر على ما يبدو دور الاثرياء في اشتعال الثورة واسقاط الشاه محمد رضا بهلوي من قبل.

يشعر المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي بقلق بالغ إزاء توسع الطبقة الغنية في المجتمع الإيراني، وهي طبقة لا يستطيع نظام ولي الفقيه ترويضها.

ورغم تحالف نظام الثورة الخمينية مع الأغنياء منذ قيامها عام 1979 الا ان حذر النظام الإيراني كان هناك دائما بعد ان ساهمت هذه الطبقة من المجتمع الإيراني في اثارة الشعب على الشاه محمد رضا بهلوي.

والطبقة الوسطى في إيران لم تعد مؤثرة تقريبا كما يقول مراقبون، فقد تعرضت إلى محاولات التضييق المستمر حتى انقسم المجتمع الإيراني إلى طبقة أثرياء ويمثلون الاقلية، وفقراء يشكلون الأغلبية في البلاد التي تعاني من تأثير العقوبات الاقتصادية القاسية.

وتنتشر مظاهر الثراء في إيران، خاصة في طهران والمدن الكبرى. وتزدحم الفنادق الفاخرة في عطلات الأسبوع، كما تنتشر السيارات الفاخرة في أنحاء عدة من البلاد.

وقبل أيام، انتقد خامنئي القيادة السريعة للشبان الأغنياء والتي تؤدي إلى "شعور بعدم الأمان" على الطرقات، وذلك بعد مقتل خمسة أشخاص في حادثين بسبب السرعة. وخلال استقباله قادة الشرطة، اعتبر خامنئي أن على الشرطة وضع خطط للتعامل مع السائقين الذين يقودون بسرعة عالية، داعياً مختلف القطاعات للتعاون معها.
وقال خامنئي، حسب ما نقل عنه موقعه الإلكتروني "أسمع أن شباناً صغاراً من الأسر الغنية والمتكبرة بمالها، يقودون سياراتهم الفارهة ويستعرضون في الشوارع، ما يجعلها غير آمنة". وأضاف أن "هذا مثال على غياب الشعور بالأمان" على الطرقات، في إشارة إلى ازدياد حوادث السير في طهران خلال الأسبوع الماضي.

وقتل بطل الجمهورية الإسلامية في سباق السيارات حميد رضا كمالي ورفيقيه في حادث سرعة، بحسب وسائل الإعلام. ويعتقد أن السيارة كانت تمشي بسرعة 200 كلم في الساعة.


ونشر التلفزيون الرسمي تقريراً عن الحادث يبدو فيه كمالي وثلاثة ركاب آخرين، لم يكن أحدهم يضع حزام الأمان. وأظهر الفيديو أيضاً، شخصاً طار من السيارة المكشوفة خلال الحادث. كما جرح ثلاثة آخرون في سيارة أخرى.

وقتلت فتاة في حادث آخر في اليوم نفسه، بعدما فقدت السيطرة على سيارة بورش بوكستر الرياضية، واصطدمت بالأشجار على طريق في شمال طهران. وصاحب السيارة هو شاب كان يجلس في مقعد الركاب، توفي لاحقاً في المستشفى متأثراً بجروحه.

ورغم وجود شبكة طرقات جيدة، فإن نسبة القتلى في حوادث السير في إيران تصل إلى20 ألف شخص. وغالبية الحوادث تكون بسبب السرعة وعدم التقيد بقوانين القيادة.

وتعكس هذه السرعة عدم مبالاة من قبل طبقة الاثرياء التي تمتلك سيارات فارهة. ويقيس محللون هذه الحالة النفسية لدى هؤلاء باعتبارها تحررا لم يكن النظام الإيراني معتادا عليه في السابق. وزاد من هذا الشعور بين الأغنياء صعود السياسيين الإصلاحيين الى سدة الحكم عقب فوز الرئيس حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2013.

وقبل ذلك بعامين، بدأت إيران في استقبال أنواع شهيرة من السيارات الرياضية التي لم تكن معتادة رؤيتها في الشوارع حينها. وتنبأ كثيرون حينذاك بأن إيران قد تصبح من أكبر أسواق الشرق الأوسط في تجارة السيارات الفارهة.

وتقول تقارير إعلامية ان الحرس الثوري ورجال الدين عادة ما يغضون الطرف عن تعاطي أبناء الطبقات الثرية للمخدرات والمشروبات الكحولية خلف جدران منازلهم، في الوقت الذي لا يظهرون فيه أي نوع من التسامح مع الفقراء المرتكبين لهذه الممارسات. وحاول النظام الإيراني باستمرار احتواء الطبقة الوسطى، التي كانت تمثل قبل سقوط الشاه أكثر من 60 بالمئة من الشعب الإيراني.

ولعبت هذه الطبقة في إيران ما قبل الثورة الإسلامية دورا كبيرا في إنهاء حكم الشاه. فعلى الرغم من أن الفئة العظمى من الطبقة الوسطي التي دعمت الثورة، وتظاهرت لإسقاط الشاه كانت من الشباب الحاصل على التعليم العالي من الغرب، فإن أسبابا عدة قد دفعته لتبني موقف حاسم من إنهاء عهد الملكية في إيران.


ويلاحظ، من خلال الصور الفوتوغرافية التي رصدت الثورة الإيرانية في 1979، أن مظهر الشباب المتظاهر من الجنسين ينتمي لفئة متعلمة منفتحة على العالم، وهي صورة لا تعكس وضع الطبقة الوسطي الحالية في إيران، والتي اختلف مظهرها كثيرا نتيجة لاختلاف عادات المجتمع، وفرض قيود على مـلابس النسـاء، وتـأثر مظهر الرجـال بالحالـة الاقتصادية للبلاد، عقب سنوات طويلة من العقوبات الدولية على الاقتصاد الإيراني، والتي يجمع بشأنها الخبراء على أن الفئة الأكثر تأثرا منها هي أفراد الطبقة الوسطى.

ويدرك نظام ولي الفقيه ان السبب في ثورة الطبقة الوسطى على الشاه كانت تزاوج السلطة بالمال، وهيمنة رجال الاعمال على مقاليد الحكم في البلاد وقتها.

ويتكرر هذه الايام نفس السيناريو، وليس من المعروف على نطاق واسع خارج إيران ان رجال الأعمال فاحشي الثراء يتشاركون بعمق مع رجال الدين والحرس الثوري في الحكم، ويعتمد عليهم خامنئي بشكل كبير في الحفاظ على الاقتصاد من الإنهيار تحت وطأة العقوبات الدولية.

لكن لا يريد في نفس الوقت ان تثير تصرفات أبناء هذه الطبقة غضب الطبقات الاقل، التي تعاني تمييزا كبيرا في توزيع الثورة، ولا تشعر بالعدالة في مواجهة النظام.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

993 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع