المدى/إيناس طارق:الحلم ليس حكرا على احد لذا كانت احلام احمد كبيرة، لكنها ليست مستحيلة فهو يعمل طوال اليوم في وظيفة حكومية وبعد انتهاء الدوام الرسمي يعمل في محل احد أصدقائه والخاص ببيع الملابس الرجالية. بالطبع الامر لم يكن سهلا عليه خاصة التنقل في الوضع الأمني غير المستقر وغيره من أمور أخرى.
وهكذا ادخر احمد مبلغا من المال أراد من خلاله ايجاد وارد أخر يساعده في بناء حياته الزوجية التي تأخرت ، فهو الان في العقد الرابع. ذات نهار اصطحبه احد أصدقائه الى شركات تبيع السيارات الحديثة بالأقساط المريحة وبمقدمة مناسبة. بين الشك واغتنام الفرصة سلمهم مبلغ المقدمة وتسلم الوصل على امل تسلم السيارة التي سيحولها الى تاكسي. وها هو الشهر الأول مضى وأعقبه الثاني والثالث والمراجعات مستمرة والوعود بالاستلام قريبا قائمة. لكن بين هذا وذاك اخبره صاحب الكشك الذي اعتاد شرب الشاي عنده بقرب مقر الشركة ان صاحب الشركة ومن معه اختفوا. وقبل قليل غادرت مفرزة الشرطة التي جاءت للقبض عليهم. وهكذا ضاع حلم من احلام احمد وضاعت فلوسه.
إعلانات واحتيال
قبل أيام زارت المؤسسة مجموعة من الأشخاص الذين وقعوا في فخ البعض من هذه الشركات، وهم يحملون أوراقا للتسجيل على سيارات ذات موديلات مختلفة ولسنة 2015، من شركة بيع السيارات بالتقسيط تدعى (جوهرة .......). المواطن علي حسين واحد من هؤلاء، اذ تحمّل خسارة كبيرة بعد ان اخبر اولاد عمه واخوانه بان هناك شركة تقبل دفع اي قسط مالي مقابل الحصول على سيارة وبمدة قصيرة لا تتجاوز الشهرين. يقول علي ان لافتات كثيرة واعلانات معلقة في شارع السعدون وشوارع اخرى تشير الى وجود شركة تبيع السيارات بالتقسيط. وانها (اي الشركة) مسجلة في وزارة التجارة ولديها رقم اعتماد في مصرف الرافدين الخ. موضحا: دخلنا الى مقر الشركة التي كانت تزدحم بالمواطنين الراغبين بالتسجيل واستقبلتنا في الاستعلامات موظفات تدعى إحداهن ام عبد الله والاخرى ام مريم يبلغن العقد الرابع من العمر. ام عبد الله كانت حلقة الوصل بين المدير والمواطنين وثلاثة اشخاص يجلسون في الصالة المدورة واحد منهم كان يدعى قصي وهو ابن صاحب الشركة. وكان يتكلم بهدوء معنا وطرح علينا فكرة الحصول على سيارة موديل 2015 مقابل دفع مبلغ لايتجاوز 6 ملايين دينار عراقي او اربعة ملايين ونتسلم وصل امانة بالمبلغ.
واضاف حسين: هذا العرض كان مغريا لنا لاننا نريد شراء سيارات اجرة للعمل بها. وفعلا جئنا في اليوم التالي ومعي اولاد عمي واخوتي، قمنا بدفع مايقارب الـ 22 مليون دينار، مقابل الحصول على وصل قبض مختوم بختم شركة (جوهرة ...). مستطردا: ولكن بعد مرور ثلاثة اشهر لم تات السيارات وكلما نراجع الشركة تخبرنا السكرتيرة ان الاستلام بعد اسبوع لان الاوضاع الامنية هي سبب التأخير وكنا نقول لها ان السيارات عندما سجلنا كانت حسب كلامكم موجودة في المعارض ولكن فقط اجراءات التسليم هي التي لم تنفذ.
وزارة التجارة
المواطن علي حسين ذكر أيضا: وهكذا يستمر الحال . وفي احد الأيام من شهر شباط ذهبنا الى الشركة حسب اتصال من شخص يسكن قريبا من الشركة طلبنا منه ان يخبرنا اذا ما استجد شيء في الموضوع. مضيفا: وجدنا أعدادا كبيرة من الناس متجمهرين ويطالبون باسترجاع أموالهم بعد ان مرت شهور عدة ولم يتسلموا السيارات وكانوا قد سبقونا بالتسجيل وفعلا حدثت مشاجرة بين أصحاب الشركة والأشخاص المسجلين على السيارات . وفجأة دخلت قوة عسكرية الى مقر الشركة من اللواء الخامس واقتادونا الى مركز شرطة السعدون لان ابن صاحب الشركة الذي يقول انه يعمل في وزارة العدل اخبر القوات الأمنية باننا سنخطف والده وبعد ان علم ضابط المركز بالأمر أطلق سراحنا وقمنا بتقديم الشكاوى والتي قدمت من 40 شخصا. وفي اليوم التالي أُغلقت الشركة وجاءت السكرتيرة المدعوة ام عبدالله ونقلت الاغراض.
قاضي التحقيق في مركز شرطة السعدون دوَّن اقوالنا وفعلا تمت مخاطبة وزارة التجارة دائرة تسجيل الشركات قسم المحدودة والاشخاص من قبل مديرية شرطة الكرادة / مركز شرطة السعدون حيث جاء الرد بان شركة (جوهرة ......) لتجارة السيارات غير مسجلة كشركة عراقية وفق قانون الشركات رقم 21 لسنه 1997المعدل.
شركات وهمية
بينما علق حيدر كريم الضحية الاخرى قائلا : عندما رأيت الناس يتجمهرون في الشركة للتسجيل اسرعت للحصول على سيارة نوع سوناتا 2015، ودفعت ماجمعته خلال سنوات عملي 6 ملايين دينار. وسجلت على وصل برقم ايداع مصرف الرافدين وان تاريخ الاستلام شهران فقط. ولكن مرت الثلاثة شهور ولم احصل على شيء لا السيارة ولا اموالي. مشددا: اثناء تسجيلي اخبرت اخي وابن خالتي وعمي عن الشركة وكيف يمكن ان نحصل على سيارة بالتقسيط المريح وقاموا بدفع مبالغ تقدر بـ 25 مليون دينار والان انا الملام امامهم لانني ارشدتهم الى الشركة التي لا اعلم انها شركة نصب واحتيال على الناس وليست لبيع سيارات بالتقسيط.
من جهتها ، رصدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، عددا من شركات التوظيف الوهمية في العاصمة بغداد، والتي تقوم بالنصب والاحتيال على المواطنين الباحثين عن العمل بحجة توظيفهم وتشغيلهم ضمن القطاعات المختلفة. وذكر بيان لمفتش عام الوزارة مفيد عبد الأمير الشمري، ان المكتب وبالتعاون مع وزارة الداخلية استحصل اوامر قبض وتحرٍ من محكمة التحقيق المختصة بحق اصحاب الشركات الوهمية التي تقوم بالنصب والاحتيال على الباحثين عن العمل لتنفيذ الاجراءات القانونية بحقها.
واضاف ان الوزارة رصدت لحد الان ثلاث شركات وهمية في بغداد وهي [شركة التحدي العالمية، وشركة علا الرحمن، و مجموعة الشركات العالمية] وان تلك الشركات ستحال الى القضاء من قبل الجهات المختصة. مشيرا الى ان مكتب المفتش العام وعن طريق فرق التفتيش الخاصة به يقوم بمتابعة الشركات التي تعلن عن امكانيتها التوظيف والتشغيل تحت مسميات وعناوين وهمية، اضافة الى تلقيها البلاغات من قبل المواطنين سواء ممن تعرضوا للنصب او من الراصدين لمثل تلك الحالات وتقوم فور ورود المعلومة بالتحري عن صحتها وتتخذ الاجراءات المناسبة في حال التأكد من مصداقيتها.
داعيا المواطنين الى عدم الالتجاء الى مثل تلك الشركات كونها غير قانونية وغير مرخصة، مبينا ان الوزارة تسعى الى زج الباحثين عن العمل في قطاعات العمل المختلفة لشركات ترغب بالتشغيل عن طريقها ويتم ابلاغ الباحثين عن العمل المسجلين لديها عن تلك الوظائف الشاغرة.
ركيزة أساسية
حول هذا الامر قال الاعلامي محمد السعدي: لاشك ان الانسان في اي بلد من بلدان العالم هو الركيزة الاساسية، لذا نحتاج اولا لبناء الانسان لكي نستطيع بناء الحياة الافضل له. لكن مع الاسف الشديد هناك الكثير من ضعاف النفوس يستغلون طيبة وقلة وعي بعض الناس بنشر بوسترات واعلانات لبيع السيارات بالاقساط او تشغيل الايدي العاملة. مؤكدا: ياتي المواطن البسيط ويندهش بالاعلان ويفرح في نفس الوقت لتحقيق حلم بسيط بشراء سيارة فيدفع قيمه الاستمارة والبالغة 250 الف دينار ومقدمة 6 ملايين دينار وانتظار شهور، وبعد الانتظار يتحطم الحلم البسيط اذ يتبن ان هذه الشركة وهمية غاياتها سرقة اموال الناس عن طريق النصب والاحتيال.
ودعا السعدي الى فضح هؤلاء وكشف نواياهم السيئة وتقديمهم للقضاء العادل كي ينالوا جزاءهم. مع ضرورة توعية المواطنين عن طريق وسائل الاعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة تقيهم الوقوع في شباك هذه الشركات.
بينما علق رياض الموسوي قائلا: الشركات الوهمية كثيرة وتجمع اموال الناس بحجة توفير فرص عمل لهم وان عددا من هذه الشركات تقوم بجمع الاموال لتذهب الى جيوب اصحاب النفوس الضعيفة دون توفير فرص عمل للعاطلين وكثير من الشباب تم الاحتيال عليهم من قبل الشركات الوهمية وهم يقترضون المال مقابل ان يحصلوا على فرص عمل مناسبة.
الفقر والعوز والبطالة
الخبير القانوني طارق حرب قال :ان عمليات النصب والاحتيال ليست بجديدة ومع الاسف الاوضاع الامنية وعدم فرض القانون بشكل صحيح هو من يساعد على نمو هذه الشركات لحاجة الناس الى العمل والحصول على وسيلة تساعدهم في الحصول على المال. اذن (سامكو) يعود من جديد وبحلة جديدة وهذا هو نتاج العوز والفقر وانتشار البطالة بين الشباب هو مايدفع النصابين الى تنشيط عملياتهم للحصول على المال بابسط الطرق ومن ثم الاختفاء عن الانظار، والمادة 56 تطبق على كل من يمارس عملية نصب واحتيال.
القانون لا يحمي المغفلين
المعاون القضائي سنان حسين قال: هناك عمليات نصب واحتيال متعددة وتكون مختلفة فليست شركات السيارات الوهمية فقط انما هناك من يستغل الاراضي الفارغة والتابعة الى جهة حكومية معينة او اشخاص غير موجودين بالبلد يقومون بتقطيعها وبيعها واصدار سندات بيع وباختام مزورة وعندما ياتي المواطن المشتري لتسجيلها يكتشف انها اراض في الهواء وتعود ملكيتها لوزارة المالية او امانه بغداد . ومع الاسف ما يمكن ان يقال ان القانون لايحمي المغفلين فكيف يمكن ان تباع قطعه ارض مساحتها 100 متر مربع بـ 25 مليون دينار ويكون الدفع على دفعات لكن هناك اشخاصا لايسمعون النصيحة والتحذير من هولاء النصابين ويقعون فريسة سهلة لهم .
822 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع