مر عيد المرأة العالمي أليمًا على العراقيات، إذ ذكرهن بأنهن ما زلن أسيرات المجتمع الذكوري والتقاليد الرجالية، وصرن ايضًا سبايا مغتصبات بين ايدي داعش... فلمَ الاحتفال إذًا؟
عبد الجبار العتابي/بغداد: لا زالت المرأة العراقية تبحث عن حقوقها بين تراكمات السنين التي تمضي أمامها، وهي تقف متفرجة حينًا ومحاولة حينًا آخر أن تنال حريتها. ورغم الظروف الصعبة التي تعيشها العراقيات، الا أن بعضهن يجدن في عيد المرأة فرصة للتذكير بحقوقهن، إذ بعد أكثر من 11 عامًا على التغيير الكبير، ما زالت المرأة على حالها، تعاني ذكورية المجتمع.
لن نحرم انفسنا من الفخر
أكدت الصحافية افراح شوقي أن العيد يأتي عندما تؤمن المرأة حياتها وكرامتها، وقالت لـ"إيلاف": "عيد المرأة العراقية ليس بعيد بالمعنى الحرفي، ولا يمكن أن تكون الاعياد مصاحبة للدموع والاحزان، للذكريات المريرة عن معاناة المرأة العراقية وهي تتعرض للتهجير والسبي والاغتصاب على يد مجرمين وقتلة وعصابات، وهي في احضان بلدها".
أضافت: "لا نملك أن نحتفي بالعيد لكننا نتمسك بالعزم لنكون اقوى، لنثبت أن بنات عشتار وبابل واكد والهور والماء هن اقرب للرجال الرابضين خلف السواتر وفي الساحات الامامية لقتال العدو، والمرأة العراقية التي تحملت سنوات الحروب والحصار والصبر قد جبلت على المواجهة والتحدي وصراع البقاء، ولا يحق لنا الاحتفال، لكن لن نحرم انفسنا من الفخر بأننا نسطر بعملنا وتحدينا الصعاب اننا الأقوى والأبهى والاجمل في الحياة".
لم نر دعمًا للمرأة
وقالت الكاتبة والقاصة رؤى زهير: "حاولت المرأة بعد 2003 أن تثور على واقعها واجحافه، لكن المجتمع الذكوري يرى المرأة بنظرة دونية، وعليها انصاف نفسها بنفسها وبناء ذاتها".
أضافت لـ"إيلاف": هناك مطالبات دولية وانسانية لإبراز دور المرأة، وبالأخص من استلبت حقوقهن وهجرن واغتصبن واستبحن امام الجميع، وللأسف الشديد لم نر دعمًا للمرأة المثقفة، وحقوقها هي الاكثر استباحة، فعلى سبيل المثال لم نر اي منصب تسلمته امرأة في دوائر وزارة الثقافة، حتى دار الازياء العراقية التي يفترض أن تدار من قبل امرأة تمت اناطة ادارتها برجل".
العراقية بحاجة لتتحرر
اما الفنانة التشكيلية بشرى سميسم فاشارت إلى أن المرأة تحتاج إلى أن تتحرر، وقالت: "بعد 11 سنة من التغيير، لا تغيير في ظروف المرأة العراقية، كنا نعول على هذا التغيير وظننا أن الكثير من الاشياء ستتحسن، وربما تخرج المرأة من التهميش او تتصدر المناصب لكنها ظلت كما هي، حتى وجودها في البرلمان والمواقع الحساسة شكلي وصوري غير مؤثر".
أضافت: "تحتاج إلى أن تتحرر اقتصاديًا واجتماعيًا ويكون لها رأي مسموع، والسبب ربما في المرأة التي لا تريد أن تتطور، والمجتمع الذي يساهم في جعلها مغمورة، وهي سعيدة وراضية بهذه الحالة".
نضال لأجل الحقوق
أكدت المخرجة السينمائية انعام عبد المجيد أن ما تطلبه المرأة هو أن تكون جزءًا مهما من المجتمع. قالت لـ"إيلاف": "المرأة العراقية لم تحقق شيئًا، وهي بحاجة إلى أن تناضل من اجل الحصول على حقوقها، ولا بد للجميع أن يتكافلوا لنشر الوعي بحرية المرأة وحقوقها".
أضافت: "هناك اسباب عديدة تمنع المرأة من نيل حقوقها، اجتماعية وقبلية وقانونية مجحفة، والوضع الامني السيء في العراق ساهم في تبرير قمع المرأة وحبسها في البيت، ومنعها من العمل وممارسة حريتها".
وقالت الصحافية شذى فرج: "واقع المرأة العراقية بعد ٢٠٠٣ لم يتغيير كثيرًا، فهي تعاني من الكثير من المشاكل والصعوبات مثلما كانت سابقا، بل وربما اسوأ".
مجتمع ذكوري
اما الناشطة النسوية والاعلامية شذى النعيمي فقالت: "رغم تغيير 2003، ووصول المرأة إلى بعض المراكز القيادية في مجلس النواب، اعتبرها في بداية الطريق، فما زلنا في مجتمع ذكوري، وانا نفسي كإمرأة أعترف وأعتز بقيادة الرجل كسلطة عليا، وعندما تأتي امرأة لقيادة وزارة او دائرة تظل تخدم كتلتها وحزبها وايديولوجية معينة ولا تخدم بنات جنسها، ومن الغريب اننا النساء نثق بقيادة الرجل ولا نثق بقيادة المرأة".
اضافت: "نسعى إلى أن نؤثر على الجيل الجديد من البنات، وإلى مفاتحة وزارة التربية لادخال حقوق الانسان ومساواة المرأة والرجل في المناهج التعليمية، من اجل أن نعلم الصغار هذه القيم، ولست سعيدة بعيد المرأة رغم أن الكثير من المنظمات والمؤسسات تحتفل به، لست ضد الاحتفال الذي اعتبره مظهرًا ايجابيًا، لكننا لن نرضى بالواقع، وسنظل نطالب بحقوقنا حتى النهاية".
الاحتفال معيب
قالت الكاتبة الروائية لطفية الدليمي في صفحتها على فايسبوك: "يفترض أن تقوم النساء العراقيات باعتصام في يوم المرأة من اجل بناتنا المسبيات، فكيف نحتفل بيوم المرأة وبناتنا سبيات في زنازين الوحوش و لايعرف لهن مصير ؟؟ كيف تحتفلن والنساء النازحات واطفالهن مهملات بين عراء المخيمات وموت الضمائر وسرقة المعونات؟؟"
أضافت: "يجب أن نتوقف عن مهزلة تبادل التهاني بعيد المراة فهو في الأصل عيد نضال شاق قامت فيه آلاف النساء العاملات بالاحتجاج على سوء ظروف عملهن واستغلالهن في مصانع نيويورك سنة 1856، واجهن قسوة الشرطة واصحاب العمل وحققن النصر بمواقفهن الشجاعة، فلنتوقف عن التقليد السطحي للاحتفال ونلتفت إلى كارثة السبي والاختطاف وبيع الفتيات واستعبادهن في المدن المنكوبة بداعش، هذه هي قضيتكن اليوم... التضامن مع السبيات، عار السبي يكلل رؤوس الجميع، رجالًا ونساء، فلنكن واقعيين في لحظة الحقيقة، فلا عيد والعراقيات سبايا".
738 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع