العالم/بغداد ـ مصطفى محمد:وصف أكاديميون ومراقبون سياسيون توجهات رئيس الوزراء بتعزيز اللا مركزية، وتشكيل قوات حرس وطني في المحافظات الساخنة، وقراره ايقاف القصف الجوي، واخيراً تصريحه بعدم رفضه إقامة اقليم سني، بالـ"ساذجة"، متسائلين عن الهدف من انشاء اقليم بهذا اللون في عراق كله مهدد.
وبعد أن نعت الاكاديميون رئيس الحكومة بـ"غورباتشوف العراق"، اشاروا الى انه يعمل على تقسيم البلد بهدوء وضمن اجواء سياسية، ملاحظين ان استيزاره في هذه المرحلة "لم يكن عبثاً"، بخاصة انه "زار لندن قبل يومين من تكليفه تشكيل الوزارة".
وكان رئيس الحكومة حيدر العبادي قال إن لا مانع لديه في "إقامة إقليم سنّي في العراق، وفق الدستور"، واعتبر العبادي في لقاء اجرته قناة "العربية" الفضائية، تأخّر البتّ بحقيبتي الداخلية والدفاع "سلوكا ديمقراطيا، وأن الخلافات حول الوزارتين ليست جوهريّة".
وأشار إلى أنّ "الجيش العراقي لن يتمكن من تحرير نينوى، من دون دعم أبنائها"، مشيراً إلى وجود مستشارين أميركيين وبريطانيين وإيرانيين يساعدون القوات العراقيّة.
ويحاول رئيس الحكومة، بحسب مراقب سياسي، أن يرضي الجميع في وقت تكون هكذا مهمة "مستحيلة"، محذرا من القبول بطلبات الكتل، الرامية التي "تقسيم البلد".
ويتساءل واثق الهاشمي في اتصال هاتفي مع "العالم" امس الاثنين "ما الجدوى من إقامة أقاليم في وقت يكون البلد والمحيط الإقليمي جميعه مهدد؟"، معتبراً قرارات العبادي بحاجة الى اعادة نظر.
ولفت الهاشمي، وهو رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية، الى أن العبادي "قدم تنازلات كثيرة للتحالف الوطني وللكتل والمكونات الأخرى، حتى يصبح رئيسا للوزراء"، مضيفا ان رئيس الحكومة استمر في تنازلاته لدول "ايران والولايات المتحدة وغيرهما"، وبالتالي كل تلك الامور تسلب رئيس الحكومة صلاحياته وقوته، بحسب الهاشمي.
وتابع الهاشمي أن إعطاء الصلاحيات للمحافظات، يجب ان تكون ضمن سقف دستوري، معتقدا ان قرار ايقاف القصف "جاء بضغط خارجي، لا يعرف أو يتجاهل ما يحدث على الارض من مجازر".
وخلص الى أن ايقاف القصف يجب ان تتبعه "خطط بديلة"، معتبرا وضع البلد على "كف عفريت".
لكن أكاديميا ومختصا في العلوم السياسية يعتقد ان العبادي اراد بتصريحه تطمين فئة اخرى من المجتمع العراقي بأن "حقوقها محفوظة"، ومن جهة اخرى ازالة الصبغة "الطائفية عن حزب الدعوة، والتي رسختها الحكومة السابقة".
ويقول الدكتور زيد العكيلي في اتصال هاتفي مع "العالم"، أمس الاثنين، ان العبادي اشار في تصريحاته للعربية، التي حملت اكثر من رسالة، الى ان شرعية الانفصال الكردي حلما "ليس بأيدينا".
ويلاحظ العكيلي أن رئيس الحكومة يحاول أن "يسوق لحكومته"، مشيراً الى أن إنشاء اقليم سني "طلب قانوني يتم عبر الاستفتاء، وليس من خلال تصريحات سياسية". ويعتبر الدكتور العكيلي، استاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين، التنازلات التي قدمها، وما زال، رئيس الحكومة "تفاوضات للوصول الى نقاط مشتركة بين جميع الاطراف".
في غضون ذلك، اعتبر أكاديمي وكاتب سياسي أن رئيس الحكومة حيدر العبادي "وصل الى طريق مسدود خلال فترة قصيرة جدا"، معربا عن اعتقاده بأن اقامة اقليم سني ربما يكون حلا لوقف الدماء الكبيرة التي تسقط يوميا من ابناء الوسط والجنوب".
ويرى الدكتور جاسم الموسوي ان ما يقارب 95 بالمئة من السنّة "يرفضون أن يكونوا تحت خيمة شيعية أو ديمقراطية"، واصفاً قرارات العبادي بالـ"ساذجة، لأن ايقاف القصف أمكن تنظيم داعش من استباحة كل شيء".
ويلاحظ الدكتور الموسوي أن الواقع العراقي يقتضي وضع جدران بين مناطق متقاطعة طائفيا وديموغرافيا وسياسياً.
ويعتقد الموسوي أن اختيار العبادي في هذا الظرف "لم يكن عبثياً"، لافتا الى انه حظي بدعم دول متقاطعة كأميركا وإيران والسعودية ووروسيا وسورية وغيرها، واصفاً العبادي بـ"غورباتشيف العراق"، بمعنى أن التقسيم في العراق يجري ضمن اجواء النظام السياسي.
ويتابع الدكتور الموسوي ان العبادي زاد لندن قبل استيزاره بيومين، ودخل دهاليز بريطانيا المظلمة، التي أنتجت الكثير من السياسيين في الشرق الاوسط.
واختتم بأن من المعيب جداً أن يأخذ المسؤول "الحياء والخجل" في مناطق تتطلب استعمال القوة العسكرية وبالعكس، معربا عن اعتقاده بأن العراق ذاهب في ثلاثة اتجاهات: سني؛ كردي؛ شيعي.
المصدر:http://www.alaalem.com/index.php?aa=news&id22=20827
563 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع