تحدث موقع «المونيتور» الأميركي عن معاناة فتيات عراقيات منهن شيماء حسن (16 عاما) التي تقطع نحو الكيلومترين، يوميّاً، مشياً على الأقدام، من بيتها إلى مكان العمل، في رحلة شاقّة تبدأ من السادسة صباحاً إلى الخامسة عصراً، لتصل إلى معمل طابوق في منطقة «بحر النّجف»، في مدينة النّجف، (161 كلم جنوبيّ بغداد).
وأشار الموقع إلى أنه بجانب أربع نساء، تنقل شيماء الطابوق من القوالب إلى الفرن، وبالعكس، وهي تتلقى مقابل هذا العمل الشاق ما يعادل الـ7 دولارات يوميّاً.
وقالت شيماء لـ «المونيتور» إنّ سكنها «في القرية والحاجة المادية حالا دون دخولها المدرسة، وهي لا تأمل بعد اليوم سوى في تكوين أسرة، بعدما قرّرت أمّها تزويجها».
وفي أشد حالات المرض، تضطر شيماء إلى العمل في هذه البيئة الملوثة لتوفير لقمة العيش، لاسيَّما أن أمها التي كانت تعمل في هذا المكان، هي حبيسة البيت بسبب المرض، وتهتم ببضع شتلات من الطماطم «والخضرة» بجانب المسكن.
أما رب العمل أبو حيدر، الذي أبدى عدم الحاجة إلى ذكر اسمه الصريح، فقال لـ «المونيتور» وهو يبدي تعاطفاً مع العاملات: «إنهن يعملن بكرامة، وأنا أساعدهن في معيشتهن»، فيما أطرقت شيماء بوجهها إلى الأرض على استحياء.
وهناك أنموذج آخر عن الفتيات العاملات بطريقة مخالفة لقوانين العمل العراقيّة، بالعمل دون السن القانونية، والذي لا يسمح به العمل، وثانيا التعليم إلزامي في العراق إلى سن 16 سنة، وأعمار الفتيات أقل من هذا.
وأشارت الناشطة النسائية غفران ماجد لـ «المونيتور» إلى أن «عمل الفتيات من دون تعليم له تأثيرات اجتماعية خطيرة. وأكدت المتابعة الميدانية أن الكثير من الفتيات العاملات يتعرضن إلى الاضطهاد في العمل والتحرش والجنسي، ويتأخرن في الزواج»، وقالت: «إن أغلبهن من أسر فقيرة تسمح لهن بالعمل بسبب الحاجة».
ومن الأمثلة الأخرى على هذا الأنموذج المجتمعي، فريال محمداوي (15 سنة) التي عملت في معامل البلاستيك منذ الصغر، وتزوجت باكراً، لكنها مطلّقة الآن، وهي ما زالت مستمرة في العمل.
ففي هذه المناطق في العراق يزوجون بناتهم بعمر 11 و12 سنة، قد تكون تزوجت قبل 3 أو سنتين من الآن.
وتعترف فريال لـ «المونيتور» بأن «الخطأ الأكبر في حياتها هو عدم ذهابها إلى المدرسة، وزواج من رجل يكبرها نحو العشرين عاماً، واتهمها بإقامة علاقة جنسية مع شاب، مما أدى في النهاية إلى طلاقها».
يقول «المونيتور» عموماً الفتيات العاملات يتعرضن إلى الكثير من الإشاعات المتعلقة بسمعتهنّ، وقالت الباحثة الاجتماعيّة سكينة داود لـ«المونيتور»، في اتّصال هاتفيّ: «إنّ مستقبل الفتيات العاملات يظلّ مجهولاً إلى حين زواجهنّ. وفي حال عدم حدوث ذلك فإنهنّ يشكّلن مشروع دعارة وتجارة جنسيّة».
واعتبرت عضوة مجلس محافظ بابل سهيلة عبّاس، في حديثها لـ «المونيتور» أنّ الحلول لهذه الظاهرة «في إيجاد شبكة حماية اجتماعيّة تحول دون عمل الأطفال والفتيات وتفعيل قوانين تعاقب العمالة غير الشرعيّة. وأن الخطوة الأولى في هذا الشأن تكمن في إيجاد وظائف وفرص عمل تحت رعاية الدولة، جنباً إلى جنب مع إطلاق مبادرات مجتمع مدنيّ توفّر الرعاية الصحيّة والتّعليم لكافة فئات المجتمع، وبالخصوص الأطفال الإناث، التي تستغل لهذه الأعمال التي يتكلم عنها المقال».
1212 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع