إيران تسعى لحماية مناطق نفوذها في العراق
العرب/أربيل- قال طيارون عراقيون أكراد إنّ عسكريين إيرانيين يديرون أكبر قاعدة جوية عراقية، وذلك في تطور يؤكّد مرة أخرى مواصلة إيران سيطرتها على القرار العسكري العراقي من خلال التحكم في أهم مفاصله.
وتزامن هذا التطور مع تزايد المخاوف من أنّ حسابات سياسية مرتبطة بالتقاء المصالح بين طهران وواشنطن جعلتهما تنخرطان معا في عمليات القصف الجوي لتجمّعات المتشدّدين في العراق.
ويُنظر إلى تلك العمليات على أنها حقّقت بعض الإنجازات على الأرض، ولكن دون أن يعني ذلك أن تكون في النهاية “قصّة نجاح باهرة” في حماية العراقيين، وذلك بالنظر إلى الحسابات السياسية المعقّدة التي تكمن خلفها.
ومن أبرز تلك الحسابات اهتمام الولايات المتحدة أساسا بحماية كردستان العراق دون سائر مناطق البلاد، فيما إيران مهتمة بحماية مناطق الشيعة، وقد لا تكون أصلا راغبة في القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” لتبقي عليه كتهديد لدول المنطقة، وكفزّاعة لتشويه ثورة العشائر في العراق وأيضا للثورة في سوريا.
ويرى مراقبون أنّ التدخّل الميداني لإيران في الحرب في العراق، لا يزيد تلك الحرب إلا اشتعالا وتوسّعا ارتباطا بجانبه الطائفي الذي يشكل حساسية مفرطة.
ومنذ انفجار ثورة العشائر في العراق وما أعقبه من سطو تنظيم الدولة الإسلامية على تلك الثورة، دار حديث متصاعد حول الوجود العسكري الإيراني في العراق ودور الخبراء الإيرانيين في تشكيل الميليشيات الشيعية، وقيادة معاركها، وحتى عن تدخّل مباشر من قائد فيلق القدس ضمن الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني في قيادة فلول الجيش العراقي ومحاولة ترميم صفوفه بعد انهياره أمام زحف تنظيم الدولة الإسلامية على غرب العراق وشماله.
وذكر الطيارون الأكراد أنهم رأوا طيارين إيرانيين يقودون المقاتلات ويقصفون مدنا عراقية تسيطر عليها عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك في وقت يتكرّر فيه الإعلان عن سقوط مدنيين جرّاء عدم دقّة القصف، واستهدافه مناطق لاتزال مأهولة بسكانها الذين علقوا في مساكنهم، وتعمّد المتشدّدون تسخيرهم كدروع بشرية، فيما أكّد البعض أن الطيارين الإيرانيين كثيرا ما يواصلون القصف رغم تأكدّهم من وجود مدنيين وذلك على خلفيات طائفية.
وأورد تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية شهادة الطيار الكردي رعد فائق الذي قال إن طياري القوات الجوية الإيرانية ساهموا بشكل كبير في الغارات الجوية في سماء العراق، مؤكدا “لقد رأيت بعيني أن الإيرانيين جلبوا طائرات سوخوي، ضمن وحدة عسكرية إيرانية بكل عناصرها ومعها الطيارون والمعدّات الميكانيكية. وهم متواجدون في قاعدة الرشيد الضخمة في جنوب بغداد”.
وأضاف “يصنع الإيرانيون قنابل برميلية، ثم يستخدمون طائرات أنتونوف وسوخوي لإلقائها على المناطق السنية”، مؤكدا وقوع إصابات في صفوف الطيارين الإيرانيين.
ويفسّر استخدام البراميل المتفجّرة كثرة القتلى في صفوف المدنيين العراقيين جرّاء القصف بالطيران، وهو يحيل على ما يجري في سوريا حيث تستخدم تلك “القنابل” المصنّعة محليا بتقنيات بسيطة على نطاق واسع ما خلّف دمارا هائلا في المدن وقتلى بالآلاف بين سكانها، علما أنّ إيران تشارك بشكل كبير في القتال إلى جانب النظام السوري.
وبشأن فاعلية القصف الجوي قال الطيار رعد فائق “القصف يقتل عددا قليلا من المتشددين، ثم يتشتّت أعضاء الدولة الإسلامية، وسرعان ما يعودون للتجمع من جديد في وقت لاحق”. لكن المراقبين يقولون إن الحسابات السياسية – أساسا الإيرانية والأميركية- هي ما يجعل القصف مجرّد عمل تكتيكي لتحقيق أهداف محدودة، أبعد ما تكون عن حماية العراق وأهله.
ويقول مراقبون إن الولايات المتحدة تسمح لإيران بهامش من “اللعب” في العراق في حدود ما يخدم مصلحتهما معا، ومن ثم تبدو مشاركة إيران في القصف الجوّي على مناطق عراقية بضوء أخضر أميركي.
وورد في تقرير الغارديان أنّ نجاح الطائرات الأميركية في التصدي لمتشددي الدولة الإسلامية، وعرقلة تقدّمهم نحو معاقل الأكراد في أربيل، قابلته محاولات التنظيم المتشدد تطويق العاصمة بغداد دون أي تدخّل من تلك الطائرات لمنع ذلك، وأن مناورات التنظيم بالقرب من العاصمة خلال الأيام الأخيرة عززت مكاسبه التي حققها في الشهرين الأخيرين.
وذكرت الصحيفة أن القادة العراقيين ناشدوا الولايات المتحدة الأميركية الوفاء بوعودها في حماية بغداد، مؤكدين أن تقديم الدعم لجانب واحد يعني نهاية العراق، حيث يأمل هؤلاء القادة أن يكون تعيين حيدر العبادي رئيسا لوزراء العراق، وتشكيله الحكومة خلال أسابيع دافعا لانخراط الولايات المتحدة بشكل جدّي في محاربة تنظيم "داعش".
656 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع