بغداد ـ جميل الربيعي: اكد شهود عيان من مدينة الموصل ان شبكات الاتصالات آسياسيل وكورك تعطلت تماما في المدينة من صلاة الظهر حتى الساعة الخامسة عصرا من يوم الجمعة الماضي،
مشيرين الى ان ما بات الموصليون يسمونه الان، ابراهيم السامرائي، أدى صلاة الجمعة وألقى خطبتها في الجامع الكبير في ظل منع شديد للتصوير وانقطاع تام لشبكة الانترنت، فيما توقع مراقبون ان فريق "الاستشارة" الاميركي المدعوم بطائرات تعقب ورصد وأقمار تجسس فضلا عن شبكة جواسيس من المنطقة نفسها ربما "تجاهلوا" هذا الحدث لدواع استخبارية وسياسية، أو انه فريق "عاطل" حتى الآن. وقال شاهد عيان من الموصل ان ما كان يزعم انه البغدادي وصل الى الجامع الكبير بموكب "بحدود اربعين او خمسين سيارة، تتنوع بين دفع رباعي وعذاري"، وهي التسمية التي يطلقها موصليون على نوع من سيارات بيك اب حديثة. وتابع ان "على كل سيارة مدافع رشاشة مقاومة للطائرات، احادية الفوهة". وقال ان الذين كانوا قريبين من الشخص الذي يقال انه "البغدادي"، لاحظوا انه "(يكزل) يعرج قليلا، وكأن ساقه مصابة أو شيء من هذا القبيل. وكان يرتدي ملابس سوداء". وأكد الشاهد ان "قبل وصوله الى الجامع وأثناء الخطبة، تعطلت شبكات اتصالات الهواتف النقالة، آسياسيل وكورك، لغاية الساعة الخامسة مساء". ولاحظ المتحدث ان "عناصر حماية شخصية، من أعمار مختلفة، انتشروا بين المصلين". وقال شاهد العيان ان "غالبية افراد الحماية كانوا يرتدون الزي الافغاني، والبقية ملابس عادية، وقد اخفى البعض منهم وجوههم بأقنعة خشية تعرف المصلين عليهم، لكونهم من أهالي الموصل". وتابع "كان هناك شخصان يرتديان الزي الافغاني قريبين جدا من (البغدادي)، وأثناء إلقاء الخطبة وقفا خلف المنبر ولم يظهرا في كافة الصور، التي نشرت". وقال إن عناصر تابعة لهم "هم الذين كانوا يصورون، فقد منعوا المصلين من التصوير واستخدام النقال، رغم عدم وجود شبكة". وأضاف ان الخطبة سرعان ما طرحت مسجلة على اقراص (CD) للبيع في اسواق الموصل"، مشيرا الى ان "العمليات التي تقوم بها داعش تسجل عادة على اقراص (CD) وتباع في الاسواق المحلية". وأشار شاهد العيان الى ان "بعض المصلين كانوا بطريقهم الى الجامع الكبير لأداء الصلاة، لكنهم عادوا الى بيوتهم بعد سماعهم خبر حضور البغدادي الى الجامع". وقال ان بعد "خطبة الجمعة اصبح اهالي الموصل، في جلساتهم الخاصة وفي الشارع، يتداولون اسم (ابراهيم السامرائي)"، في اشارة الى الشخص الذي يقال انه "ابو بكر البغدادي". وراح الموصليون يطبقون شروط داعش حتى قبل ان تصدر. إذ لاحظ المتحدث ان "اصحاب المحال في المناطق التجارية بدأوا يعرضون بضاعتهم على (مانيكانات) بدون رأس أو وضع نقاب على وجه المانيكان، لأنهم يعرفون ان تعليمات بهذا الشأن ستصدر لاحقا". وقال المتحدث ان "بعد قصف الطائرات لاماكن تجمع داعش في الجوامع، صارت لقاءاتهم وتجمعاتهم داخل البيوت الفارغة، وعلى شكل مجاميع صغيرة، ويتحاشون تجمع السيارات، التي غالبا ما تكون بدون أرقام أمام الدور التي يتجمعون فيها، ولا يقيمون في الدار اكثر من يومين او ثلاثة، بعدها ينتقلون الى دار اخرى". محللون اميركيون يرون ان ظهور "البغدادي" المزعوم، جزء من "الجرأة التي يتمتع بها تنظيمه". فهذا تشارلز ليستر، الباحث في مركز "بروكنيغز" في الدوحة، قال ان "احد اكثر الرجال المطلوبين في العالم استطاع ببساطة السفر الى مركز الموصل ليخطب لمدة نصف ساعة في اكثر المساجد ازدحاما، في اكبر المدن الخاضعة لسيطرة جماعة جهادية". ورأى ان "حقيقة ان البغدادي قد ظهر علنا في مثل هذا الموقع المركزي يعكس مدى الثقة التي تتمتع بها منظمته". ويل مكانتس، المستشار السابق لمكافحة الارهاب في وزارة الخارجية الاميركية، كرر قول ليستر في أن "كل شيء في هذا التنظيم لطالما عكس الجرأة التي يتمتع بها، لذا فإنه من المنطقي ان يخرج البغدادي من الظل". وأضاف مكانتس ان "خطبة البغدادي لا تعني شيئا من المنظور الامني، لكنها تعني في الوقت ذاته الكثير في سياق التنافس مع تنظيم القاعدة حول قيادة الجهاد العالمي". لكنّ محللا عراقيا، نبيل العنزي، لاحظ "وجود فريق استشارة عسكرية أميركي، مدعوم بطائرات من دون طيار للاستطلاع والتعقب، فضلا عن معدات استخبارية أخرى، مثل اقمار التجسس" يدفع الى التساؤل عن "مدى معرفة الفريق الأميركي، أو الوكالة الاميركية التي يرتبطون بها، بهذا التحرك". وتابع العنزي ان "إذا كان الفريق العسكري الاميركي موجودا من اجل دعم العراقيين استخباريا، وتقديم المشورة لهم في عملياتهم العسكرية الجارية، فلا بد انه يستند الى معدات استخبارية متطورة وشبكة جواسيس، حتى إن كانت ضعيفة". واستنتج ان "على هذا الاساس كان لا بد من فريق الدعم الاميركي ان يرصد حركة رتل كبير من السيارات المسلحة في شوارع الموصل، أو على الاقل يرصد حركة تثير انتباههم". وأضاف العنزي "لكن اذا قيل ان الفريق الاميركي لا يتمكن من رصد حركة مثل هذا النوع، فهذا أمر كارثي، مع ان الوقائع لا تؤيد هذا التصور". وأوضح قائلا "ببساطة، الفريق الاميركي موجود ليقدم الدعم الاستخباري على الأرض، وليوجه مسار العمليات العسكرية ضد المسلحين. لذلك من غير المعقول ان يكون بهذا المستوى من عدم الدراية بما يجري على ارض هي مسرح عمليات وأجزاء منها ساقطة بيد مجموعات ارهابية. ولا بد من ان نتذكر وجود قاعدة اميركية في تركيا، انجرليك، منها تنطلق ايضا طائرات من دون طيار تراقب الوضع في العراق وسورية". وقال ان "اذا كان الاميركيون بهذا المستوى من عدم الدراية بما يحدث في شمال العراق على الاقل، فالجيش العراقي لا يلام على عجزه الاستخباري". لكن العنزي اعرب عن اعتقاده ان "الفريق الاميركي العامل ببغداد، ربما كان يعرف ويرصد حركة الرتل الذي رافق من قيل انه البغدادي". ورأى ان "الاميركيين، ربما يتركونه ليتحرك من اجل التوصل الى تقديرات دقيقة للوضع المعقد في العراق، تخدمهم سياسيا وعسكريا". وبشأن "تعليق عمل" شبكتي آسياسيل وكورك، فضلا عن تعطيل خدمة الانترنت، في الموصل من منتصف نهار الجمعة حتى الخامسة عصرا، قال العنزي ان "على الاقل، هناك معلومات مؤكدة عن وجود قيادات في الجيش الاسلامي في اربيل، وناشطون اخرون في مجموعات مسلحة مناهضة للحكومة المركزية وللعملية السياسية برمتها". وأوضح "اعترف الناطق باسم الجيش الاسلامي في اربيل، احمد الدباش، بـ(انهم) حصلوا على سلاح من الجيش العراقي المنسحب يكفيهم للقتال سنة او سنتين". ويتابع العنزي ان "قول الدباش لصحيفة اميركية (صار لدينا بسرعة سلاح يكفينا للقتال لسنة او سنتين، والآن، لا تسألوا كيف!)، يعني بوضوح ان هناك على الاقل تنسيقا بين مجموعات مسلحة متنوعة وداعش". ولفت العنزي الى ان "وجود الدباش وغيره في اربيل دليل واضح على وجود تعاون من جانب سلطات الاقليم، وبما ان آسياسيل تملك اغلب اسهمها دولة قطر، وان شبكة كورك تابعة لبارزاني، رئيس الاقليم، فإن الامور لن تكون غامضة بشأن تعليق خدمة آسياسيل وكورك". وأردف "ولنلاحظ ايضا ان انقطاع الاتصالات في الموصل في يوم الجمعة حدث ايضا بوجود الفريق الاميركي في العراق". وكان رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة نينوى، محمد إبراهيم، قال إن "المعلومات المتوفرة عندنا تؤكد عدم وجود زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي في مدينة الموصل"، مشيرا إلى أن "الشخص الذي ظهر في التسجيل المصور بصلاة الجمعة هو أبو بكر الخاتوني، والي تنظيم داعش على الموصل، وليس أبو بكر البغدادي". المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، الفريق قاسم عطا، قال خلال مؤتمر صحفي ان القوات الأمنية ما تزال تدقق في فيديو زعيم تنظيم (داعش). من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية، العميد سعد معن، ان الرجل الذي ظهر في ذلك التسجيل المصور "ليس البغدادي بكل تأكيد"، وإن الوزارة قامت بتحليل التسجيل و"خلصت إلى أنه مزيف".
1181 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع