ذكرياتي مع الاوفياء - الحلقة الأولى / المرحوم فهمي القيماقجي
الذكريات روافد تصب في مسار الحياة .. يسقط منها ما قد يؤثر سلباً في المسار، ويترسب منها في وعاء الذاكرة ما يؤثر إيجابا في مسارنا الطويل فيتحقق ما يقوله الشاعر: ( إن الذكريات هي معنى العمر في هذه الحياة) وفي سواقي الذاكرة اشخاص ساهموا بهذا القدر أو ذاك في بناء رياضتنا وتحديد نهجها ... فهم يستحقون ان نرفعهم في بيارق الذاكرة وفاء لهم ولما قدموه من جهود سخية ... هذا الوفاء هو الرابط الإنساني الذي يبقى يذكرنا بالمقولة ( من علّمني حرفاً ملكني عبداً )
إلى هؤلاء جميعاً احني رأسي تقديرا والى ذكراهم أقدم لهم كلماتي التي يحكيها القلب والضمير عبر( مجلة الگاردينيا )
المرحوم فهمي القيمقجي شخصية رياضية واجتماعية في اّن واحد ... اول حكم دولي في العراق ...
اسم كبير في تاريخ الرياضة العراقية معاصراُ مراحلها مقدماُ لها ما تستحقه من جهد وخبرات واسعة وافكار نيرة ...انه المرحوم فهمي القيماقجي الشخصية الرياضية المتميزة الذي يشعرك ومنذ الوهلة الاولى للقاء به وكأنه اخ لك ببشاشة وجهه الدائمة واسلوبه الهادىء المقترن بالبساطة مع دماثة خلق عالية جدا مرتبطة بالتواضع رغم مسؤلياته الادارية والرياضية العديدة, لذلك كان محبوبا من قبل الجميع رياضيين واداريين وكنا نطلق عليه – صاحب المواقف الطيبة مع الرياضيين -حيث لم يتردد يوما ما في تقديم المساعدة المطلوبة بسخاء لابنائه واخوانه من الرياضيين لحل مشاكلهم بكل رحابة صدر سواء الادارية وحتى الشخصية !وللامانة وبحكم قربي من هذا الرجل الشهم كانت له مواقف انسانية وشخصية مع العديد من الرياضيين يستحق عليها التقدير والثناء.
اول حكم دولي للعراق بكرة القدم ...
القيماقجي كان خزين رياضي وذو دراية واسعة بالمعلومات الرياضية وقوانينها وهيكلها التنظيمي ولذلك تبوء العديد من المواقع القيادية في الرياضة العراقية منها مديرا لالعاب الشرطة وامين عام اللجنة الاولمبية لمرات عديدة ورئيس وامين سر للاتحاد العراقي لكرة القدم في فترات مختلفة وعضو في اكثر من لجنة من لجان الاتحادات سواء المحلية كرئيس للجنة الحكام لاكثر من دورة وكذلك القارية والدولية ومنها نيله في - عام 1964 - على الشارة الدولية كحكم دولي - وهو أول عراقي يحصل عليها من الاتحاد الدولي لكرة القدم ... ان حصوله على الشارة الدولية بالتحكيم في كرة القدم كانت طبيعية نظراُ لما كان يتمتع من خبرة كروية كلاعب ومدرب سابق اضافة الى شخصيته المتزنة التي كانت محط احترام اللاعبين جميعا عند قيادته لاي مباراة محلية في الدوري او الدولية للمنتخب الوطني ... وقد عاصر المرحوم فهمي في تلك الفترة حكام يستحقون الذكر الطيب منهم:
المرحوم صالح فرج وسعدي عبد الكريم ولطفي عبد القادر واسماعيل حمودي ومؤيد البدري وصبحي اديب سالم ناجي وعلي كريم ورحيم ناصر ومعن البدري وهناك قسم من الحكام المعروفين الذين نالوا الدورات والمحاضرات التحكيمية من قبل المرحوم فهمي وقد اشادوا في مناسبات عديدة بدوره وخبرته التي استفادوا كثيرا من توجيهاته ونصائحه التي تخص الجانب التحكيمي الواسع ومنهم:
نوري عباس كريم السعدي واسعد خضير وعصام عمر وفاضل الانصاري وغني الجبوري وحجي حميد وعبد القادر عبد اللطيف وصلاح كريم وعادل القصاب وطارق احمد وحازم الشيخلي وطارق احمد وطارق عبد الحافظ وعبد الرسول مجيد ومحمد حسين عبد الرسول وعلاء عبد القادر وحازم حسين وغالب عبد الكاظم وفاروق توفيق وفاضل عباس وعبد الوهاب خلف وعصام حسين وحميد موسى وياسين طاهر وذاري هاني وفاروق توفيق وصبحي رحيم وعباس عبد الرحمن وسلمان حاتم ولابد من ذكر الجيل الذي تلاهم من الحكام واثبتوا كذلك مقدرة ومنهم محمود نوري الدين وعلاء عبد القادر وبهلول حميد ومشتبى محمد ورعد سليم وحازم حسين وفلاح منفي وعبد العال خضيروسمير مهنا ومحمد صاحب وعزيز كريم ونجم عبود وصباح قاسم وفالح حسن وحازم حسين وشورش محمد حسين ومحم كاظم عرب وعباس عبد الحسين وارسلان قادر وغالب عبد الكاظم وصباح عبد..
وبعد اعتزاله التحكيم منتصف السبعينات ولغرض الاستفادة من خبرته التحكيمية الجيدة نظريا وعمليا تم تكليفه برئاسة لجنة الحكام لمرات عديدة والتي من خلالها اكتشف امكانية العديد من الحكام اللذين اصبح لهم شأن كبير في عالم التحكيم واثبتوا جدارة وكفائة فائقة ... شيء مفرح ان تشهد المرحلة الحالية حكام ذو امكانية جيدة تم اختيارهم كحكام نخبة للبطولات الاسيوية منهم:
علي صباح ومهند قاسم وواثق محمد وفلاح عبد وهيثم محمد علي اضافة الى الحكام المساعدين لؤي صبحي وناجح رحم وحسين تركي وسبهان احمد فلاح عبد ومؤيد محمد علي وهيثم محمد وعلي زيدان وجليل صيفي وواثق مدلل وامير داود وميثم خماط وجهاد عطية .
متابعة ميدانية شخصية في الملاعب !
رغم مكانته المعروفة ومسؤلياته الرياضية العديدة انذاك الا انه كان حريص الحضور بنفسه لمتابعة مباريات الفرق الشعبية واندية الدرجتين الثانية والثالثة لاختيار اللاعبين الجيدين ذو المواهب الكروية وما اكثرهم انذاك لضمهم لفرق الشرطة حيث كان مديرا لالعاب الشرطة ...
عام 1962 وفي احدى المباريات الاتحادية لفريق النادي الاولمبي بكرة القدم لاندية الدرجة الثانية والذي كنت احد لاعبيه ومعنا كان المرحوم صباح مرزا وشعلان عبد الكريم وفوزي نصيف وباسل شمسي وعزيز داود وخليل مجيد ليلو ونجيب الكبيسي وبعد انتهاء المباراة التي جرت على ملعب اللواء الخامس والعشرين في الحارثية ابلغني مدربنا المرحوم محمد حسون بان اشخاص يريدون التحدث معك وذهبت اليهم واذا بالمرحوم فهمي القيمقجي الذي تفاجئت بوجوده لمكانته الرياضية الكبيرة ومعه المرحوم عزيز حمودي احد اقطاب رياضة الشرطة واتضح انهم كانوا يشاهدون المباراة من بدايتها والغرض من وجودهم هو لانتقاء لاعبين لفرق الشرطة , وسألني المرحوم فهمي ولاعب اخر من الفريق الخصم اذا كانت لنا الرغبة للعب بالشرطة وبراتب في وقتها كان مغري ! وباسلوبه التربوي الرائع الذي شعرت شخصيا بسعادة غامرة وانا احظى بهذا التشجيع والتقييم من شخصية لها مكانتها الرياضية المرموقة وقد اقتنعت بالفكرة وفعلا ذهبت في اليوم الثاني الى مديرية العاب الشرطة الذي كان مديرا لها واوعز بتكملة معاملة التعيين واستحصال الموافقات الاصولية للعب في الموسم الذي يليه في فريق القوة السيارة الذي كان احد فرق الدوري الممتاز قبل فريق اليات الشرطة وكان مدربنا لاعب المنتخب السابق المرحوم صابر لطيف وكان معنا في الفريق لاعب المنتخب المتميزبلعبه وخلقه المرحوم شامل طبرة وحسين فاضل وعبد الستار جواد وحسن كونترول واسعد وجوني والمرحوم حكومي مصطفى ..
وكانت تلك بدايتي مع الشرطة وبعدها انتقلت الى مدارس الشرطة ومن لاعبيه االمشهورين انذاك جاسم ابو العواطف وكلبرت سامي والمرحوم يونس حسين وجبار محمد ونوري ذياب وقاسم كاظم والحارس المتالق عادل محمد ...
الصورة عام 1990للمرحوم فهمي القيماقجي احد رواد الرياضية العراقية مع الدكتور عبد القادر زينل في مقر مديرية العاب الشرطة ونادي الشرطة
وكان للمرحوم فهمي دور مؤثرا في توسيع القاعدة الكروية في الشرطة واستقطاب خيرة اللاعبين من خلال تعامله الانساني معهم وتأمين مستقبلهم وكان لايألوا جهدا في رفع امكانية رياضة الشرطة وابطالها لمختلف الالعاب , ومن صفاته القيادية التي اكتسبنا منها الكثير الابداع والحرص واساليب التعامل مع الرياضيين والسلوك الانضباطي وكيفية الاعداد للمهرجانات الرياضية وبالمناسبة فان مهرجان الشرطة الرياضي السنوي كان متميز بسبب فعاليته المتنوعة ومشاركة ابطال العاب القوى ولذلك كان يحظى بحضور عدد غفير من الجماهير. وكان حريصا على اعدادنا من خلال اشرافه على ورشات العمل والمحاضرات التي من شأنها المساهمة في عملية التطوير.. ومن صفاته الايجابية الاخرى تحمله المسؤولية في العديد من القرارات لنزاهته وثقته الكبيرة في نفسه مما يعطي الثقة ايضاُ للذين يعملون معه وهي صفة قيادية لمستها كذلك عند المرحومين:
عادل بشير وفهد الميرة وصباح مرزا الذي خصصنا لهم حلقة مماثلة ان شاء الله .. ان تلك السمة تساعد في عملية البناء والتكوين لاعداد كوادر المستقبل وهذا ما عمل به المرحوم فهمي مما يعني انه كان يمتلك النهج الاستراتيجي بالتخطيط بعيدا عن الاحتكار ؟؟ وهذا ما عانت منه الرياضية العراقية الذي تربع على مواقعها لعقود من الزمن اشخاص استفادوا من الرياضة أكثر ما يفيدوها ؟ اما المرحوم فهمي فكان على العكس معطاة وموجه ومساند للرياضيين وساعيا لحصولهم على المستجدات العلمية وحضور مؤتمراتها لانه انسان مربي وغيور على رياضة العراق ورغبته صادقة في توسيع القاعدة الرياضية من كوادر الاختصاص,اضافة الى سعيه الشخصي الجاد في قبول رياضيوا الشرطة المتميزين في كلية الشرطة كضباط العاب لضمان مستقبلهم بما فيهم كاتب الاسطر و المرحوم شكيب عبد الوهاب وفوزي عسكر ونزار بهاء الدين وصلاح محمد حسن ومجيد مصطاف ومنعم حسين واكرم الشيخلي والمرحوم منعم السامرائي وشامل طبرة ومجيد علي وعبد كاظم ودكلص عزيز ومظفر نوري وعزيز السامرائي وحكمت محمود نديم مما كان له الاثر الايجابي في الاستقرار الرياضي للشرطة وتحقيق الانجازات الرياضية على المستوى المحلي والعربي والقاري وساهمت كوادر الشرطة الرياضية مساهمة فعالة مع رياضة الجيش في توسيع افاق الرياضة العراقية والنهوض بها....
ان خبرة المرحوم القيمقجي الواسعة وجهوده الدؤوبة وحرصه المتفاني ان يثبت اسس رصينة لكرة القدم في الشرطة من خلال استحداث هيكل تنظيمي رياضي في اغلب مؤسسات الشرطة وتشكيل فرق لكرة القدم وتنسيب ضباط العاب لها وكانت لتلك المبادرة التي اعتبرت قفزة نوعية في مسيرة الرياضة في الشرطة تحت مسمى بطولة كاس وزارة الداخلية والشرطة العامة تلك البطولتين التي ساهمت بتوسيع القاعدة واستقطاب العديد من اللاعبين الجيدين للشرطة ... ونحن بصدد فرق الشرطة ومشاركاتها, حيث كان فريق شرطة النجدة احد فرق الدرجة الاولى الذي تم اختياري ان اكون كضابط العاب لرياضة النجدة التي كانت تضم فريق لكرة السلة والطائرة والعاب القوى اضافة لفريق كرة القدم الذي كان احد فرق الدرجة الاولى ويتطلع الى الوصول لفرق الدوري الممتاز وكنت اضافة الى ذلك مدربا للفريق, ومن حسن الصدف احراز الفريق في نفس السنة بطولة دوري الدرجة الاولى ليكون ضمن فرق الدوري الممتاز ويصبح ثاني فريق بعد الاليات من ضمن فرق المقدمة للشرطة , وكانت بالنسبة قفزة نوعية لكونها اول تجربة تدريبية ناجحة لي وكانت ولازالت محط اعتزاز في سيرتي الذاتية ... رغم الاختلاف في وجهات النظر !
بعد ان حققنا لفريق شرطة النجدة انجاز الصعود الى مصاف فرق الدوري الممتاز حيث كنت مدربا له ...ولغرض الاعداد للموسم الكروي اعددت تقريرا للمرحوم فهمي القيمقجي فيما يخص الجانبين الفني والاداري وما نحتاجه كفريق ولاعبين باعتباره مديرا لشرطة النجدة وفي نفس الوقت مديرا لالعاب الشرطة .... وكنت اتوقع ان يرسل في طلبي لغرض مناقشة التقرير سويا وهذا ما متعارف عليه ومنه بالذات ولكني فوجئت برده على التقرير بالشكل الذي لم يلبي طموحنا مطلقا كفريق يلعب ضمن فرق المقدمة ... وكان ذلك الاجراء الذي اتخذه خارج حساباتنا وتخطيطنا و لم نتوقع ذلك منه !! لانه كان حقا أنموذج في التعامل مع الرياضيين والوقوف شخصيا على حل مشاكلهم وتوجيههم ،وقد كتمت الامر عن الفريق كلاعبين واداريين وقررت ان لا اكتب له مستقبلا عن اي احتياج يخص الفريق معتمدا بذلك على علاقاتي الشخصية الطيبة مع الاوساط الرياضية الاخرى في تمشية امور الفريق الى حين .... وبعد فترة ارسل في طلبي وسال عن غيابي غیر اعتيادي لهذه الفترة لاني كنت التقيه بشكل شبه يومي وقد حرصت ان لا اجيبه عن السبب تفصيلا لاني كنت متالما عن ما حدث, وسال مرة ثانية واجبته بامتعاض وأسلوب شعرت فيه بتجاوزي بعض الشيء بطريقة التعبير بالكلام غیر المقصود حيث كنت بحالة نفسية غير الطبيعية ورغم ما بدر مني كانت ردة فعله اتجاهي طبيعية لدماثة خلقه العالي وتصرفه العقلاني وتمسكه بالجوانب التربوية التي كان يعاملنا بها...لقد اوعدني بتوفير كافة المتطلبات والاحتياجات وتذليل المعوقات وفعلا اوفى كعهد نت به صدوقا .. لقد بقينا معه بفضل الله أوفياء ومخلصين لا نفارقه خاصة بعد إحالته على التقاعد ولم نستغني عن خبرته الرياضية الكبيرة ومفاهيمه الاجتماعية التي كانا بالنسبة لي نبراسا....
اخر الكلام ...
هكذا هم الرعيل الاول من الرياضيين الاصلاء اللذين من الصعب تكرارهم !! أتسموا بصفات نادرة , ناكري ذات , عمل دؤوب , نزاهة , حرص ..والاهم التواضع ..تغمدك الله برحمته الواسعة ياأبو علي فقد كنت الاخ والمعلم والمربي ولم تبخل علينا لا في رعايتك وخبرتك الكبيرة ودرايتك ومعرفتك الواسعة ... تبقى انموذج يقتدى به ؟
738 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع