العفطة أو الزيك في التراث الشعبي البغدادي!!
بقلم/صديق الگاردينيا الدائم
العفطة أو الزيج (الزيك) تعني الصوت الذي يخرج من بين الشفتين، فاذا علا الصوت، فهو عند البغاددة (زيك)، ويسمى الفاعل (عفاط) و(زياك). وهي في معظم الاحوال نوع من الاحتجاج او التقريع أو الشتيمة.
وفي التراث الشعبي البغدادي هناك شخصيات كثيرة تميزت بالزيج القوي الصارخ، منهم (عوسي الأعظمي) المصارع والشخصية المعظماوية الفكهة الشهيرة. ومنهم ماذكره المؤرخ الشعبي البغدادي (عبود الشالجي) في كتابه الموسوم "موسوعة العذاب" من سبعة أجزاء استوحاها من التراث البغدادي المبدع، والموسوعة رغم انها تدمي القلب بوصفها لأنواع التعذيب البشري خاصة في العراق، الا انها لا تخلو من صفحات طريفة.
ومن أشهر العفاطة في الكرخ كما يقول الشالجي هو السيد الجليل محمد سعيد مصطفى الخليل (يرحمه الله) وهو جد الصحفي العراقي المعروف محمد سعيد مصطفى الخليل، وكان السيد الجد معروفا بانه " زياك" كرخي ممتاز.
ويروي الشالجي ان المرحوم عبد المجيد الشاوي كانت له ببغاء اذا سمعت احدا يتحدث بصوت عال، (نفضت) صاحب الصوت بزيك قوي. وصادف ان كان احد ضيوفه اعتاد ان يرفع صوته عاليا اذا تحدث، وما ان بدأ حديثه حتى قاطعته الببغاء بـ (زيك) حاد قطع عليه كلامه. اضطر المرحوم الشاوي ان يعتذر للضيف وقال له والله ان هذه الببغاء حيرتني لانها من سنين تسمع صوت المؤذن في الجامع بجوارنا فلم تتعلم منه شيئاً. لكن السيد محمد سعيد الخليل عفط امامها ثلاث مرات، فتعلمت منه العفاط.!!!
ويروي هاشم العقابي عن استاذ جامعي عراقي أنه في ايام الحرب مع ايران اصدر الدولة قرار فرض" التطوع" الاجباري على الجامعيين خلال العطلة الصيفية، وقد دعي الاساتذة الجامعيون في ساحة استعراض عسكري احاطتها مجموعة من الرفيقات المعلمات والمدرسات واعضاء اتحاد النساء ليملأن الجو هلاهل واهازيج تزيد في حماس الرجال وتدفعهم للتطوع. اعلن المسؤول البدء بتسجيل المتطوعين وأكد على أن من لا يستطيع القتال له حق الرفض شريطة ان يوضح السبب، وهنا خرج استاذ جامعي من بين الصفوف معتذراً بانه مصاب بمرض في القلب وقد اجريت له عمليتان، رد المسؤول عليه: لكنك ماشاء الله طول وعرض ووجهك يقطر دماً. اقسم الاستاذ على صحة ما ادعى واخرج من جيبه وثيقة طبية ليريها للمسؤول الذي نهره وقال له (ردها الى جيبك)، والتفت الى الحشد النسوي ونادى باعلى صوته: رفيقات إعفطن لهذا الجبان، فعفطن وسقط الرجل مغميا عليه، والرواية لهاشم العقابي!
روفائيل بطي وزيك النواب!!
روفائيل بطي أديب وصحافي عراقي من مواليد عام 1901، له العديد من المؤلفات منها سحر الشعر والأدب العصري في العراق العربي وكتاب الصحافة في العراق والدراسات في الأدب العربي في العراق خصوصاً. ولد روفائيل لعائلة مسيحية أرثوذكسية عراقية عمل رئيس لتحرير جريدة العراق من عام 1921 حتى عام 1924 ثم أنشأ مجلة الحرية عام 1923 وفي عام 1929 أصدر جريدة البلاد اليومية وبقيت تصدر أكثر من ربع قرن. و قد أنتخب نائبا على البصرة ست دورات ثم إنتخب عميدا للصحفيين ورحل إلى مصر عام 1946 حتى عام 1948 وفي عام 1953 أصبح وزيرا للدولة مرتين وبعد الوزارة فقد شعبيته ولم يستطع العودة للبرلمان وتوفي عام 1965.
يقال أنه كان من عادة الاستاذ روفائيل بطي ان يعمد بالجلوس في مقهى البلدية بالميدان المطل على الشارع المؤدي لمجلس نواب العهد الملكي (محكمة الشعب فيما بعد) وفي اليوم الذي تعقد فيه الجلسة يتقاطر النواب للحضور ويمرون من امام المقهى، وكان الشعب يسخر من بعض هؤلاء النواب ويسمميهم نواب "موافج"!!، أي إمّعَات، ولا رأي لهم، فكان بطي يرى النواب وهم يتقاطرون من أمام المقهى، كان الاستاذ بطي حين يمر احد النواب يستقبله بزيك محترم ( عفطة ) مما يثير جوا من المرح بين رواد المقهى، وهو موقف كوميدي ساخر!! الا انه وخلافا لعادته لم ـ يزيك ـ حين مر احد النواب!! وبقي صامتا حتى غاب النائب عن الانظار مما أثار استغراب رواد المقهى وحين استفهموا منه
- أستاذ روفائيل، شنو القضية، أشو فات وما زيكتله؟
فرد قائلا:
(إمعودين هذا حتى العفطة ما يستاهلها!! ).
ترى:
كم من نوابنا اليوم من لا يستحقون حتى ....؟؟؟!!!
اظننا نحتاجك في ايامنا هذه يا سيدنا الزياك..
847 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع