فنجان قهوة مع مستشار الطب النفسي الشاعر الدكتور ريكان ابراهيم
إيمان البستاني
ضيفنا ياسادة ياكرام ....طبيب وإن اختار اعقد تخصصاته وهو الطب النفسي وتحليلاته الذي تعلمه في اشهر مدارس التحليل النفسي في (فينا- النمسا)...
وفي الشعر هو قبيلة يفترش الصحراء وينصب خيام ودلال قهوة تنصتُ الى قصائده حتى نهايتها فتتلفت في مجلسك وكأنك جليس سوق عكاظ , أنه شاعر بالفطرة تم تكريمه بالجوائز منذ ان كان طالباً في المدرسة الابتدائية وقد طُبع له اول ديوان شعري وهو في الصف السادس الابتدائي! .... تتحدث معه فتجده انساناً بسيطاً , ولكنك تتفاجأ بكتاباته وكأنك امام بركان من الفكر .. والشعر.... والفلسفة باعمق مايمكن ان تكون وبعشقه لمهنته كطبيب وبموهبته الفذة كشاعر نحت اسمه في ذاكرة الاخرين
أنه الدكتور ريكان إبراهيم خلف الخطيب , ولد عام 1952 في الأنبار حاصل على بكالوريوس في الطب , عمل طبيبا وخبيرًا للطب النفسي, في وزارة العدل , ومدرسًا محاضرًا في العلوم النفسية بجامعة بغداد وعضو نقابة الأطباء العراقية , وجمعية أطباء النفس العراقية , واتحاد الأدباء والكتاب العراقي , والجمعية الطبية الأمريكية بالنمسا ،تولى الإشراف على عدد من الصفحات الثقافية في الصحف العراقية
دواوينه الشعرية : الأشرعة الممزقة 1977 ـ قبض على جمر 1986-حل الطلاسم
مؤلفاته الاخرى: نقد الشعرفي المنظور النفسي - الرحام (الهستريا) - مقدمة في الباراسايكولوجي - النفس والعدوان - علم النفس والتاريخ - النفس والقانون
ألكاردينيا - شرف كبير أستضافتك دكتور ريكان في فقرة فنجان قهوة بمجلة الكاردينيا الثقافية فأهلاَ وسهلاً
شرفٌ لي قبل أن يكون لكم، وإنه لفَخْرٌ أن نكون مقبولين ضيوفًا في مضارب الشرفاء في زمن قليل الشرف، لكنك وعدتِني أن تكون الفِقْرة دَلّة قهوة لا فنجانًا ليكون الهيل عليَّ... أنا الآن جاهز للإجابة عن أسئلة (مُعزِّب السُكارى كما يقول البدوي).
س ١ ألكاردينيا - ما تفسير مقولتك الشهيرة ( أنا شاعر واكره الشعراء ) ؟
قولتي كانت: (أُحب الشعر ولا أُحب الشعراء)، لأنه ليس ضرورةً أنك حينما لا تحب يعني أنك تكره. لا أحب الشعراء لأنهم قَدّموا للناس شخصية المستعطي عند كثير منهم، الواقف على أبواب مَنْ يُكافِئهُ، فأفقدوا الشعر بذلك دوره في قيادة الصراع الإنساني من أجل الحقيقة، ودعوا الآخرين أن يقولوا عن إنتاجهم (الشعر أعذبُهُ الكذوب). إن الشعراء مضحكةُ الحُكام وأضحوكتهم في الوقت الذي كان يجب أن يكون القول: (الحُكام أضحوكة الشعراء). اللهم إني بريءٌ من الشعراء ومُصابٌ بحب الشعر.
س ٢ ألكاردينيا - كيف تروي لنا سنوات الطفولة بمسقط رأسك الانبار وحنينك للفرات وحكايا الوالد ؟ حيث تذكرُ والدك في ( تغريبة بني عراق ) وتقول
بلى ...ماتَ عنا أبي وظلّت حكاياه في الذاكرة
ودارتْ بنا الدائرة
وجاءت مدافعُ أعدائنا الغادرة
تفتشٌ فينا عن الصامدين
تربط صورة الوالد بحكاياه وكأنها الصفوف الاولى لتعلم الحياة و قيم بقيتَ بعد وفاته معتزاً متفاخراً بها, ماهي ذكرياتك لتلك الفترة ؟
رأسي لم يسقط لأنَّ له سقطة واحدة يوم موتي. رأسي ارتفع يوم ارتفع رأس أمي حينما قالوا لها: «رُزقتِ ولدًا».
أنا أعترض على هذه المقولة الشائعة (مسقط الرأس) لأنها كلمةٌ ذليلة (ومَنْ يَهُنْ يَسهُل الهوان عليه). أنا ابن العراق في جزء منه أسمه الأنبار (المكان الذي دارت عليه المعارك بين (التُبّع اليماني والكيشيين أصحاب قلعة عقرقوف في أبي غريب).
والفراتُ لا يفخرُ بأنَّ له منبعًا لأنَّ لكل شيء بداية لكنه يفخر بأنَّ الأنبار (أرض المعركة القديمة) هي التي أجبرتْهُ على الانحناء ليتجّه إلى بابل وكأنها تقول له: سقيتني جزاك الله خيرًا فاذهب الآن لتسقي الحلّةِ بقية نبوخذ نصر العظيم. وبهذه الطريقة أحِنُّ إلى الفرات.
أمّا والدي يرحمه الله ويرحم آباء مَنْ يقرأ كلماتي فهو الذي علّمني أن أبا زيد الهلالي لم يكن فاتحًا إنما كان جائعًا ألجأته سنوات القحط إلى مغادرة أهله، فعلمتُ من والدي أننا مُلزمون أن نقرأ أبا زيد الهلالي لا لكي نصنع مثله إنّما لكي لا نصنع مثله. أليس والدي هنا هو مُعلمّي الأول قبل أن أدخل المدرسة. أليست المجالس هي نواة المدارس؟
س ٣ ألكاردينيا - هل أختيارك لمهنة الطب نابع من حلم طفولة وكيف وجدت بغداد أثناء اقامتك فيها للدراسة ؟ ولماذ أخترت الطب النفسي كأختصاص ؟
الطب هاجس كما الشعر، لأنَّ كلًا منهما فنٌّ وفكر، والهاجس هو الجمع الجبري للعاطفة (الفن) وللعقل (الفكر).
كنتُ في طفولتي (الأول والثاني الابتدائي) أسأل: لماذا يرتدي الطبيب المعطف الأبيض والطبيب الجرّاح الأخضر فيما يرتدي أصحاب الميت في المستشفى الثياب السود. وإذا كان السواد دليلًا على الحزن فلماذا يقول مسكين الدارمي: قُلْ للمليحة في الخمار الأسود...
معتبرًا السواد دليلًا على الجمال؟ بهذا الهاجس المبكر أحببتُ أن أدرس الطب.
أنا لم أجدْ بغداد لأنها موجودةٌ قبلي. الغريب أنها هي التي أخبرتني أنني أصلحُ أن أكون واحدًا من أبنائها. الأنبار تتوسد الفرات وبغداد تتوسد دجلة وحينما تم عقد القِران للفرات على دجلة في القُرنْة زففتُ الأنبار إلى بغداد وصرتُ وليدًا لهما.
حينما دخلتُ كلية الطب حاولت أن أقوم بكل التمارين الرياضية التي ستساعدني على إجهاض حَمْلي بالشعر فلم أنجح واكتشفت لاحقًا أنْ لا حاجةَ إلى إجهاض الحَمْل الشعري إنّما الحاجة ان أصبح طبيبًا نفسيًا يحافظ على الشعر في بطنهِ ليرعاه وليدًا.
س ٤ ألكاردينيا - يروي زملاؤك في الدراسة أنك كنت من المتميزين تتصدر المهرجانات الشعرية التي تجرى في كلية الطب... وكان لك ثقل حضور في كل مناسبة .. من عرفك عن قرب لم يتمكن من الدخول لأعماق فكرك....كيف تفسر لنا ذلك ؟
المُتميّز هو الوحيد الذي لا يدري أنه متميز لأنَّ التميزصفةٌ يلاحظها الآخرون. إن التميّز هو الاختلاف، ولكي لا يكون تميّزًا مرضيًا يجب أن يكون موجبًا.
وإذا حصل الاختلاف حصل الإبداع لأنه لا إبداع بدون اختلاف. كنتُ انظمُّ المهرجانات الشعرية وأشارك فيها. كانت معنا تلميذةٌ عراقية يهودية جميلة كتبتُ لها بيتين:
تحيّاتي. أأعجَبكِ احتراقي
دمٌ دمعي وأوردتي سواقي
وكيفَ الصبرُ عنكِ بلا لقاءٍ
فأنتِ مُثيِرةٌ وأنا عراقي
وقد ألَّحَ عليَّ زملائي أن أكملها إلى قصيدة وفعلت لكنني لم أنشرْها أو أضمْنها ديوانًا مراعاةً لمشاعر الاختلاف في أكثر من جانب.
كثيرون الذين كانوا ينفرون مني مثل الكثيرين الذين كانوا يجعلونني واسطة العِقد في الحوار. وكان أقسى ما يؤلمني أنني افتقد العثور بمحاورٍ دقيق قروء.
س ٥ ألكاردينيا - كيف جمعت بين الفكر الوجودي .... والالحاد احياناً..... ربما أنت من نوع وجودية (جان بول سارتر)...مع الكثير من الشطحات الايمانية العميقة! ربما تقترب في ايمانك من قسم من المذاهب الصوفية بالاضافة لدراستك الفلسفة .. والدين .. واللغة ... التي برعت في كل منها ؟ ما كل هذا ؟
الوجودية بدأت تفلسفًا فأصبحت فلسفةً ثم صارتْ قناةً من قنوات علم التحليل النفسي. هناك الفلسفة الوجودية المُوحّدة والفلسفة الوجودية الملحدة.
والمُلحد هو غير المؤمن إلى إشعار آخر أي أنه المؤمن المؤجل الذي ينتظر دورَهُ في مركبة الإيمان. ولا يوجد إيمانٌ أقوى في الفرد من إيمان نشأ من الإلحاد، لأنَّ الإلحاد شك إذا أصبح يقينًا أصبح ثابت الأساس قويَّ الشكيمة.
الذي جعلني أميل إلى الوجودية مُبكّرًا في هذا الميل هو انغلاق الجواب الديني أمام السؤال المفتوح. وحينما أعدتُ دراسة القرآن بعمق نشرتُ كتابي (علم نفس الإلحاد والإيمان) لأردّ به عليَّ .... على ضياعي.... وعلى حَرَجِ أسئلتي فكنتُ مع الإيمان.
ان التصوف أمميّة والتصوف مكاشفة، أعلى درجات الصحو فيها درجة المحو.
المتصوفة شجعانٌ مُبرّزون لأنهم خاطبوا الله كأقرب من حبل الوريد. والصوفي هو القافز فوق اللّذة وكل مَنْ ينتصر على اللّذات يفوزُ بها وانْ كان لا يريدها.
قصتي مع اللغة قصةٌ مبكرة. ففي الرابع الابتدائي أنهيت دراسة (شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك في أربعة أجزاء بمُجلّدين) وانتدبتني إذاعة بغداد في العطلة الصيفية بين الرابع الابتدائي والخامس الابتدائي مذيعًا يقرأ نشرة الأخبار الرئيسة.
س ٦ ألكاردينيا - كنت طالباً يدرس الطب على نفقة وزارة الدفاع..... وبعد التخرج التحقت كبقية الدارسين على نفقة الدفاع بالخدمة في الجيش.. وسرعان ما كنت ضابطاً طبيباً... ثم تم ارسالك للخارج للتخصص .. حيث حصلت على شهادة الاختصاص في الطب النفسي من النمسا ... كيف وازنت التفكير بين اكاديمية العمل وجو المؤسسة العسكرية الشهير بالانضباط والتكليف بعيداً عن الحرية وكيف كانت السنوات في النمسا ؟
انتسبتُ طالبَ طب إلى الجيش إيمانًا مني بخدمة بلدي في مؤسسةٍ شعارها (الجيش سورٌ للوطن) ولكنني لم أجدْ وطنًا فلمن يكون الجيشُ سورًا؟ الجيشُ العراقي جيشٌ عظيم والعراق فندقٌ سكنه الرُوّاد لكنَّ الذين استأجروه للسكن فيه أساءوا إلى أثاثهِ وحطمّوا قوارير الزهور في الغرف وخلعوا مراياه ولوّثوا حتى ملاحق حمّاماته، فصار الجيش يدافع على الحدود ناسيًا ان الخراب لا يركب الدبابات لاختراق الحدود لكنه يتسلّل مع الرياح الصفراء من الثقوب.
أنا كائنٌ غير مجهري لأنني ممكنٌ أن يراني الآخرون بدون مايكروسكوب، وهذا الوضوح علمني حقّي في التمرد والتحدي، وهذا لا يُوجد في مؤسسةٍ أساسُها الانضباط أمام المرفوض عندَ مَنْ عليه أن ينضبط.
تفكيري لم يتوازن بين أكاديمية العمل وجوّ المؤسسة العسكرية فكان وجوبًا على أحدنا أن يغادر صاحبه فبدأتُ أنا بتلك المغادرة احترامًا لمؤسسة لا يليق بي ان اطالبها بالرحيل.
عشتُ في النمسا ووجدتها وعاصمتها جميلةً جدًا. قال لي صاحبي النمساوي: لماذا لا تطلب الإقامة ما دامت ﭬـينا أجمل من بغداد؟ قلتُ له: أنا لا أتمنى أن تعيش بغداد في ﭬـينا إنما أتمنى ان تعيش ﭬـينا في بغداد.
س ٧ ألكاردينيا - عدت من الاختصاص في نهاية 1985..وخدمت لمدة عام في الجيش في مستشفى (الرشيد) العسكري ...كيف كانت ذكريات تلك الايام ؟
أنا عدتُ نهاية 1980 وليس 1985، وخدمت خمس سنوات في الرشيد العسكري وليس عامًا واحدًا. وكان الإخاء يسود الجميع والناس طيبون لكنْ لا مجال للإبداع، فلكي تفكر مختلفًا بإبداع عليك ان تحصل على موافقة فرد قد لا يتعدَّى وعيُهُ وعيَ أمير بئرِ نفطٍ عربي معاصر. لا تثريب في ذلك على أحد فهذا هو قانون المؤسسة ويجب ان ننظر إليه باحترام.
س ٨ ألكاردينيا - على صفحات جريدة (القادسية ) كنت تكتب مقالات فلسفية وفكرية وادبية...احياناً مقالاتك مفعمة بالتشاؤم والنفور من واقع التخلف الذي نعاني منه مع نقد مرير للواقع ..... مثلما جاء في احد الابيات التي كتبتها وهي على زنة بيت من ابيات معلقة عمرو بن كلثوم والتي قال فيها
إذ بلغ الفطامَ لنا صبيُ ...... تخر له الجبابرَ ساجدينا
ولكنك قلتَ
اذا بلغ الفطامَ لنا صبيُ ... يُضافُ الى حضيرتنا ..غَبيُ
كيف سكتت عنك السلطات...... دون حساب من الرقيب ؟
كنتُ اكتب في جريدة العراق مقالاتٍ ودراساتٍ وشعرا، ثم انتقلتُ إلى جريدة القادسية بدعوة من أمير الحلو، هذا الإنسان المثقف الرائع المنتصر في وعيه وأخلاقه على كل نتوءات الواقع المريض. وكان رئيس تحرير القادسية.
فتحَ لي أمير الحلو كل الأبواب وأقام لي إقطاعياتٍ صحفية وترك لي فرصة القول في ما أريد معجبًا بزاويتي الشهيرة «تحت الجذر التربيعي» التي تظهر صباح كل سبت على مدى خمس سنوات سويّا.
بالنسبة للتشاؤم... أنا أنافس شوبنهاور في ذلك، لأنني أؤمن ان التشاؤم أرقى من التفاؤل. التفاؤل هو سلاح الساذجين والفرحين الذين قال الله عنهم ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﭼ .
ان أكبر أملٍ ينطلق من اليأس من الآخر لأنَّ يأسك من الآخر هو الذي يعزّز اعتمادك على نفسك وقدراتك. لقد صدق سارتر في قوله: الآخرون هم الجحيم.
لقد عارضتُ ابن كلثوم في بيتٍ من قصيدته. انَّ ابن كلثوم كان مبالغًا في قبيلتهِ وهو الذي أقعدها عن المثابرة بمعلقته. هذا البيت نفخ أوداج بني تغلب فتكبرّوا دون كبرياء حتى قال شاعرٌ آخر عنه:
ألهتْ بني تغلبٍ عن كلِّ مكرمةٍ
قصيدةٌ قالها عمْرو بن كلثومِ
وحينما قُلتُ أنا: انَّ ولادة صبيٍّ لنا في واقع عربي مريض هي إشعارٌ بإضافةِ غبي جديد إلى جماهيرنا، غضِبَ مني كثيرون وقتها ولكنني مارست الاستمرار في تمردي.
س ٩ ألكاردينيا - وبعد ان خرجت من الجيش.. سافرت الى ليبيا بقيت فيها سنة او سنتين حيث عملت فيها استاذاً في احدى جامعات طرابلس .. عانيت ما عانيت من تلك الفترة ... حتى ان لك اراء قاسية جداً في وصف معاناتك في (ليبيا).... أحكيها لنا , هل الغربة ام عثرات حظ ؟
إنني لم أعانِ من وجودي في ليبيا، إن ليبيا هي التي عانتْ مني. الشعب الليبي شعب طيب وعروبي وفيه نخبةٌ مفكرة على مشارف الإبداع، لكنَّ طريقتي في التعامل مع الحياة تختلف عن طريقة الكثيرين منهم، هنا أقصد الطريقة (الوسيلة) وليست المرمى أو الهدف أو الغاية.
انَّ الشعب الليبي مظلوم بسعةِ مساحة بلدهِ وقلة عددهِ؛ هذه المفارقة تخلق دائمًا الترهل والكسل في مثل هذه الشعوب.
إنني لن أطيل في الإجابة عن هذا السؤال لأنني أعرف حساسية الأخ الليبي وأخشى ان يؤخذ ما أقوله ناصحًا على محمل مَنْ يقوله ظالمًا.
س ١٠ ألكاردينيا - ثم عدت واقمت في (عمَان) في الاردن ولغاية الان .... حيث استقر بك المطاف في تدريس الطب النفسي والعمل كطبيب اختصاص في احد المصحات النفسية...مع حلم بالسفر والاستقرار في مدينة الضباب لندن ... للقاء كبار كتاب وفلاسفة علم النفس... ؟ هل لازلت تسعى لتحقيق ذلك الحلم ؟
نعم أنا في بلدي الثاني (الأردن) وفي عاصمتي الثانية (عمّان) وكنتُ دائم التفكير بالهجرة إلى لندن، ليس بحثًا عن لذة عيشٍ أو شرف انتماء، إنما لكي أقف على آخر أخبار جريمة القتل في الكاتدرائية ولأقول لإليوت ان أرض اليباب موجودة في وادي الرافدين إذا أحبَّ أحد قرائك مشاهدتها، ولكي أعيد الفردوس الذي فقده البصير جون ملتون إليه.
كنتُ أفكرُ بالسفر والاستقرار في لندن إلى عام 2003 وحينما علمتُ أن الإنجليز هم الذين جاءوا إلى بغداد وأنهم سبقوني يقولون لي: «لا نريد إتعابك بالرحيل إلينا، سنأتي نحن»؛ حينما عرفت ذلك قلت لنفسي: «كفى الله المؤمنين الرحيل» ويعني هذا انني لن أسافر إلى بلد مليء بالمهذبين الذين كلما شعروا بأنَّ غريبًا اشتاق إليهم عاجلوه بالسفر إليه والحلول عنده ضيوفًا يطول أمد ضيافتهم.
س ١١ ألكاردينيا - في الطب لك رؤى ودراسات عن المرأة والطفل والامراض المتفشية في المجتمع كمرض التوحد وظاهرة أغتصاب الاطفال ,ونظرية البطولة و تجّرد الزعماء من أمجادهم, كيف النجاة بسفينة المجتمع من هذه الافات ؟
: نعم عندي هذه الرؤى والدراسات وبعضٌ منها ظهر في كتاب مثل كتاب «علم نفس المرأة» وكتاب «نظرية البطل وظاهرة الرأي العام».
كنتُ كتبتُ علم نفس المرأة لتقرأه المرأة ولكنني وجدتُ لاحقًا ان الرجل العربي هو الأجدر بقراءته لأنه لم يعد لدينا رجلً وكلنا في الميادين نساء مع كل احترامي للمرأة وعالمها.
لقد عالجت مرض التوحد في الأطفال فلمتُ نفسي على هذا الجهد الذي بذلته وقدمتُ اعتذاري للطفل المتوحد الذي اختار التوحد مع نفسه بعيدًا من الواقع العربي الذي لا يستحق ان ينغمس فيه طفلٌ لا يدري لِـمَ جاء إلى الدنيا.
لقد ناقشت اتحادات المرأة مثل «اتحاد نساء العراق» مثالاً فوجدت أننا في حاجة إلى «اتحاد رجال العراق». وعالجت ظاهرة اغتصاب الأطفال فوجدت ان خير طريقة لعلاجها هي القضاء على ظاهرة اغتصاب الكبار. وكتبتُ كتابًا عن دور البطولة في قيادة الجماهير وذكرتُ فيه انْ لا جماهير بلا بطل وندمتُ على ذلك حينما لم أجد بطلًا يستحق الإشارة إليه.
س ١٢ ألكاردينيا - كثيرة هي النظريات التي تخص التحليل النفسي حيث سمعت ُ انه يصعب التفريق بين نظريات (أدلر) و(يونغ) في الاضطرابات النفسية بشكل واضح ولا تبدو الفوارق بينها ملموسة والغريب ان غالبية طلبة كلية الطب حين يقرأون الامراض العقلية واعراضها من القلق والوسواس والذهان والاكتئاب وانواع الشيزوفرينيا يتصورون انهم يعانون بانفسهم من احدها.. او بعضها!, هل هذا صحيح ؟ أن يشك الطبيب النفسي بكونه مريضاً احياناً ؟
ان أدلر ويونغ وفروم وميلاني كلاين هم أتباع وتلامذة ومعاصرون لفرويد، ومنهم مَنْ نقد تطرُفَهُ في النظرية الجنسية، ولكنَّ فرويد هو فرويد سيظل شامخًا في كل ما قدَّمهُ.
إجابةً عن الشق الثاني من السؤال: هناك مَرضٌ يعرفه الأطباء زملاؤنا يوم كانوا طلبةً، اسمهُ «مرض الصف الرابع» ففي السنة الرابعة من كلية الطب نبدأُ بدراسة الصورة السريرية للأمراض بعلميةٍ غضة طريّة تنقصها التجربة، فنتوهم ان هذا المرض أو ذاك فينا ويجب ان نعالجه وخصوصًا أمراض القلب والسرطان.
ومثل هذا ما يمرُّ به الطلبة في السنة الخامسة وهي سنة دراسة أوليات الطب النفسي، فكنا كلما قرأنا شيئًا نتوهمه فينا.
س ١٣ ألكاردينيا -هل تؤيد فضل الدكتور (جاك عبودي شابي) (من خريجي الدورة الاولى للكلية الطبية) في تاسيس الطب النفسي وهذه المؤسسة بالذات وان الناس كانوا يسمونه (جاكي عبود) وهو يهودي من اهل البصرة وعالم نفساني من الطراز الاول وقد حصل على اختصاصه في الامراض النفسية والعصبية من المملكة المتحدة وعاد الى العراق لكي يعمل مع الدكتور (هانز هوف ) والذي هو احد تلاميذ (سيجموند فرويد) نفسه..وكانت للدكتور (جاك) تجربة معالجة بعض الامراض العقلية بوسائل غير مالوفة وقتها, وقد قدم اول حالة من مرض الشلل الرخوي (Guillen Barre Syndrome ) ،في ندوة علمية, كما هناك اسماء لامعة كالدكتور (يوسف القاضي) مثلاً ؟
كيف تحكي عن اساتذتك وبمن تأثرت ؟
يقودني سؤالك هذا إلى أن أقول شيئًا: «انني أُحبُّ اليهود ولا أُحب إسرائيل». ان العراق احتضن اليهود العراقيين وفسح لهم المجال في كل شيء ومنهم الدكتور (جاك شابي). ولقد كان هذا الرجل مبكرًا في الطموح ومبدعًا لكنه ليس عالمًا لأننا لا يحق لنا أن نطلق اسم عالم إلّا على من يكتشف نظرية؛ وهو لم يكتشف شيئًا مُسجّلًا باسمه.
لقد أحب الدكتور جاك بلده العراق وأخلص له معلمًا وطبيبًا وإنسانًا. أما الدكتور يوسف القاضي فقد درَّسني الصدر الأول من السنة الخامسة حيث توفاه الله وموعد محاضرته القادمة بعد يومين من رحيله.
لقد كان مُقرّرًا ان يُنجز المرحوم القاضي موسوعته «الحياة الجنسية عبر التاريخ» بخمسة أجزاء لكنه أخرج منها جزئين على ما أذكر ليموت قبل صدور الجزء الثالث.
كان لطيفًا ومؤثِّرًا في طلابه ومفيدًا في علمهِ. ان أفضلَ مصدرٍ تعلمت منه الطب النفسي هو (أخطاء أساتذتي) فالصواب كنتُ أقرأهُ في الكتب لكنَّ خطأ الأستاذ كان يُعلّمني فضيلة التراجع عن كل حالة خاطئة.
س ١٤ ألكاردينيا - متى اعتاد الشخص على شئ تحول الى مدمن , وفي حياتنا اليومية عادات تعودنا عليها متى ماأضرت بنا توجب علاجها , متى تصبح معالجة المدمن ميؤس منها ؟ وما هي استراتيجية الطبيب النفساني في علاجه للمدمنين ؟
إنَّ كلمة «إدمان» لا تُطلق على العادات والممارسات كما يُشاع خطأً لأنها كلمة طبية صرف وتخضع لمعايير «Criteria» لا مجال لذكرها هنا.
المدمن يُصبح ميؤسًا من شفائه عندما لا تتوفر لديه الرغبة والإرادة أو عندما يكون مريضًا عقليًا يفتقر إلى إدراك خطورة الإدمان فيستمر فيه أو عندما يكون مريضًا بمرض عضوي لا يؤمل شفاؤه فلا يرى من حاجة إلى رعاية صحية وهو موشكٌ على الرحيل وفق القاعدة الشعبية التي تقول: «ما ظلّ ورا عبادان قرية».
س ١٥ ألكاردينيا - في ديوانك الجديد حيث احتوى على ٢٩٦ قصيدة تنوعت مواضيعها وكأنك تكتب الشعر في صحوك وفي منامك لم تبقِ ولم تذر من مواضيع الا وحولتها شعراً , كم استغرق العمل بالديوان ؟ ومامشاريعك المستقبلية ؟
استغرق الديوان عمري حتى ساعة إعداد هذا اللقاء. أكيدٌ انني لم أمنح جواز السفر لكلّ ما كتبت ليكون في الديوان فقد أحلتُ على التقاعد ما يقرب من مائة قصيدة إما لأنني رأيتها مريضةً هزيلة أو لأنَّ مناسبة تأثيرها خفتت أو لأنَّ وعيي قد تجاوزها فلم تعد تمثلني فما ذنب القارئ في قراءة مطرودٍ من فردوسهِ.
س ١٦ ألكاردينيا - في جمهوريّة ( متى ) جمهورية الشاعر ريكان ابراهيم ، التي هي جمهوريّة الواقع العربي المحبط بكثير من الجوع والخوف والنفي والظلم والفساد ، مواطنيها بلاهويّة ، والحلم فيها ضربُ من الخيال ، كما يوحي اسمها من الاستفهام غير الحقيقي الذي تتضمنه "متى" حيث عزفت لنا النشيد الوطني لجمهورية ( متى ) ب ( ١٧ ) وتراً او قصيدة بالاصح
ويتّضح الواقع العراقي في قصيدة الوتر الحادي عشر ، إذ تستدعي القصيدة الشاعر ابن زريق البغدادي وحبيبته التي يشبهها بقمر بغداد في قصيدته التي يقول فيها
استودع الله في بغداد لي قمراً
بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه
لتتحرّف على ألسنة الغزاة الأمريكيين فتغدو حبيبة ابن زريق سيارة همر
عسكرية أمريكية تلاحق العراقيين
استودع الله في بغداد لي همراً
يواجه الناس بالنيران مدفعه
ماحكاية هذه الجمهورية الشهيرة ؟
في الحقيقة، كانت فكرتي ان أخلق يوتوبيا بنوعين: يوتوبيا زمانية ويوتوبيا مكانية. وحينما علمتُ صدفة أو مصادفة أن الشاعر الراحل سركون بولص قد خلق يوتوبيا مكانية وسمّاها مدينة «أين» حذفت فكرتها احترامًا له في القبر واصطفافًا مع نفسي التي لا تميل إلى تكرار تجربة الآخرين.
بهذا عمدتُ إلى خلق يوتوبيا زمانية كبّرت مساحتها بأكبر من مدينة فأصبحت جمهورية، وجمهورية لأنَّ أغلب أنظمة الحكم عند العرب جمهورية.
أما «متى» فهو شعارٌ استفهامي يستطيع ان يشمل كل العطل الذهني العربي عن الانجاز لشيء. فالوعود كثيرة و«كلمة سوف» شائعة الاستعمال. إذنْ لا بد من جمهورية تحمل هذا الشعار. وقد استعنت بالتاريخ فابن زريق له قمرٌ من بنات حوّاء والعراقي المعاصر له همرٌ من بنات مصانع الولايات المتحدة الأمريكية دام ظلّها ومَدَّ الله في عمرها.
س ١٧ ألكاردينيا - وعن أبي الشِعْرِ المُعتق الجواهري كتبَت اروع الكلمات متحدثاً عن عظمة هذا الشاعر , حيث تقول فيه
ودجلةُ.....
كنتَ شاعَرها الُمجلّي
تُساقيها فتسقيكَ الأرّقا
تُغازِلُ من ضفادعِها الصبايا
فتثَمل....
حينما يُعلينَ نَقّا
*********
سلامًا ...
يومَ مُتَّ غرِيبَ دارٍ
وأوصتْ فيكَ
بغدادٌ دمشْقَا
كيف تتذوق شعر الجواهري ؟وماميزة شعره عن الشعراء الاخرين ؟
الجواهري ليس شاعرًا، إنه ماردٌ من الجن. حينما أقرأ الجواهري أُصاب بارتعاش في الأطراف وخدر في المفاصل وشحوب في الوجه وانعقاد في اللسان.
ميزة الجواهري أن بيتًا واحدًا تسمعه فإنك لا بد أن تحيله إليه لأنه له ولا يجوز أن يكون لغيره. الجواهري ليس شاعرًا. بعضٌ من الجواهري شعراء، كان فردًا في الشعر وحينما مات أصبح أمةً شاعرة. ليس لك أن تقول أن الجواهري شاعر لكنْ من حقك أن تقول أن الشعر جواهري، اللهم اشهد هل بلغت ؟
س ١٨ ألكاردينيا - المرأة في ديوانك الجديد لها خيمة رئاسية منصوبة على ثلاثة أعمدة وزعتها بالتساوي بين أم ريكان وألاخت والحبيبة
ياأم ريكان قد خلّفتِ ريكانا للهم ليتَ الذي خلّفتِ ماكانا
كيف تميز تجربتك الشعرية بوصف المرأة , وهل أعطيتها حقها أم ظلمتها ؟
إنني لم أنصف المرأة لأنها هي التي أنصفتني فانشغالي بها أبعدني عن انشغالي بمدح الحُكّام والرؤساء. وقبولها بي أغناني عن قبول ذوي الجاهِ بي، وُلدِتُ منها وعشتُ في كنفها وتزوجت بها وأنجبتُ منها. واحدةٌ فقط استطاعت أن تكون كلّ ذلك بدون أن تدري أو أدري. إنها الأخت. إنّ أمي لم تلد لنا أختًا فصرت حاسدًا بغبطة وغابطًا بحسد كلَّ مَنْ عنده أخت.
س ١٩ ألكاردينيا - فزت بالمرتبة الاولى بأفضل قصيدة في التوحيد وبيان عظمة الله وقدرته تم اختيارها من بين اكثر من 1200 قصيدة عام 2012 ومطلعها
الرحلة إلى التوحيد
تَصورّتُه لم يكنْ
وجَنّدتُ كفَّ غروري لصَفْعِ خدودِ
يقيني
وأنكْرتُهُ عامدًا فتمشّى على رئتي وابلٌ
من قلَقْ
وأزَّ من القلبِ صوتٌ يقولُ: أعوذُ
بربِّ الفلَقْ
تَصورتُني دونما خالقٍ
فأصبحتُ في لجّةِ الارتيابْ
أدورُ وأنفُضُ عنّي اختناقي
كما ينفُضُ عنه اللديغُ الثيابْ
كيف بنيت هذه القصيدة الرائعة وهل توقعت الفوز ؟
فازت قصيدتي في التوحيد لأنها مُختلفةٌ موضوعًا عن كل قصائد رفاقي في المسابقة مع كل احترامي لشاعريتهم وشموخهم. إنني مارستُ في القصيدة طريقة التدرج من شخص لا يؤمن بربه إلى آخر تعطّل عنده أخيرًا كل شيء إلّا الله. عندما اقتنصتُ الفكرة حاولتُ أن ألتفَ عليها باللامباشرة وبتكثيف الصور الفنية فحصل أن كانت القصيدة الرائدة. كنت أجزم بالفوز أكثر من التوقع.
س ٢٠ ألكاردينيا - علم الباراسيكولوجي بمسمياته علم الخوارق ، علم التخاطر، الخروج من الجسد، الإسقاط النجمي، والطب الروحاني وغيرها , كيف تثمن هذا العلم في ايامنا هذه ؟ وهل يقتصر نشاطك على القاء محاضرات عنه أم لكم مؤسسة أو جمعية لها اهدافها ؟ هل تعتمده كوسيلة لعلاج الامراض النفسية ؟
مازلنا نستخدم كلمة «بارا سايكولوجي» Parapsychology وهي كلمة مُعرّبة لا مترجمة وهو استخدام خاطئ أبقينا عليه لأن خطأً شائعًا أفضل من صحيح نادر عندما نبتغي جودة التوصيل. الاسم الصحيح له هو «علم النفس اللامكتشف» أو «علم النفس الذي لا يزال مجهولًا». ولكي استطيع إيصال القصد سأقول أن أحسن تسمية له هي: «Psychology Idiopathic».
أنا مؤلف كتاب «مقدمة في الباراسايكولوجي» وقد ظهر في الثمانينات في بغداد. أنا واضع الخطوات الأولى لهذا الموضوع أيام كان الدكتور ناجح محمد خليل الراوي رئيسًا لمجلس البحث العلمي. وقد أوردتُ اسمه ليكون شاهدًا على صحة أو كذب ما أقول. لكنني أُبعدت عن الموضوع لأسباب لا مجال لذكرها.
س ٢١ ألكاردينيا - شخصية الرحامي (الهستيري) تحمل اكثر من وجه فهو الطالب في الحالات الاعتيادية وهو العاشق الهائم لساعات وهو الذي لا يعرف اصحابه لفترة وهو المسافر المنقطع وهو كاتب لقصيدة او مقالة وهو الناسي لما قام به بعد ذلك؟ حدثنا عن هذا المرض وماهي اسؤا درجاته ؟
هنا أختلف معك. إن ما ذكرته من صفات ليست من صفات شخصية الرحامي (الهستيري) بل إنها صفات الإنسان الاعتيادي الطبيعي، فتقالبُ الأدوار في حياتنا اليومية ميزة من ميزات الشخصية السليمة. كلنا طلبة في مدارسنا، وعشاق لمحبوبنا وكلنا نمل من بعض أصدقائنا وكلنا نسافر وننقطع ثم نعود ونتواصل وكلنا نتذكر وكلنا ننسى.
إن الرحامي يمتاز بشخصية تمارس القطع الحسي مباشرة فتمرّ في ما يشبه الغيبوبة العضوية (هذا في الحالات الحادة). أما عموم شخصية الرحامي فهي قريبةٌ من الشخصية النرجسية فلا تمتاز بنضج عاطفي لكنها تمتاز بحاجتها إلى الآخرين بنزوع طفولي واضح.
كانت تُسمى الهستيرية مأخوذًا اسمها من (أبوقراط) يوم شبّه صاحب هذه الشخصية بحالة الرحم في بطن المرأة الذي لا يستقر. واسم الرحم في الإغريقية «Hyster». ثم ترجمت إلى العربية بأنها رحام في صورة من صور الرحم وفي الانجليزية اسمها التحول الرحامي وتحت عنوان «Convertive disorder». وهذه التحولات تنقسم على نوعين:
1. Convertive disorder كالعرج الرحامي والعمى الرحامي والصَمَمُ الرحامي والبكم الرحامي.
2. Dissociative disorder حينما تظهر الأعراض الجسمية نتيجة الصراع النفسي كاضطراب القولون.
أسوء درجات الإصابة الرحامية هي حينما تتوفر العوامل الآتية :
1. وجود اضطراب مبكر في نشأة الشخصية.
2. السن المبكرة.
3.الجنس: فهي أكثر شيوعًا في المرأة عنها في الرجل.
س ٢٢ ألكاردينيا - كتبت عن وجع العراق الكثير حيث تقول
أيها العراق
أعليّ أبكي أم عليكْ
ضعنا جميعاً من يديكْ
هل تتمنى ان تصحو وتجد نفسك هناك واي الاماكن ستهرول له الامنيات بالزيارة ؟
نعم أتمنى أن أفتح عيني صباحًا وأنا في العراق. وأول مكان أزورهُ قبر أبي وأمي وأخي/ليس حبًا فيهم حسب إنّما لكي اطمئن على سلامة القبور من عبث المدافع.
س ٢٣ ألكاردينيا - لك مرثية لذكرى المرحوم أخوك ووصف للمقبرة وساعات الاحتضار
بكيتُ دماً لا دموعْ
وحَلّقَ قلبي على قبره في خشوع
وفيها يلمس القارئ عمق الجرح فيك لرحيله , هل نوقظ الحزن ان سألناك عنه ؟
إنكِ لن توقظي فيَّ الحزن عليه لأنَّ الحزن في داخلي لم ينمْ دقيقةً واحدةً منذ فراقي له. هل يُوقَظ الصاحي؟ إنني لستُ حزينًا عليه لأنه مات، إنما حزينٌ لِـمَ تأخّرَ كل هذه المدة عن الموت في حياةٍ لا تستحق البقاء.
س ٢٤ ألكاردينيا -هل تود أهداء كلمة لمجلة الگاردينيا الثقافية ولجميع محبيك وقرائك من خلال هذا اللقاء الثمين معك ؟
أودُّ أن أقول لأسرة الگاردينيا الغراء: عجلّوا في إحالة المدّعوة إيمان البستاني إلى التقاعد وكفِّ يدها عن العمل في مجلتكم لأنها أصبحت سببًا لي وللقراء في متابعتها وتسقط أخبارها والتهام ما يكتب قلمها على نحوٍ أبعدنا عن الاهتمام بأبنائنا وحياتنا وهمومنا. عجّلوا في هذا الإجراء يُعجّل الله لكم الفرج والعافية والخير، إنه سميع الدعاء.
أما كلمتي الاخيرة ..... سئل آرنست همنغواي الكاتب والصحفي الامريكي عن السعادة فأجاب (السعادة , صحة جيدة وذاكرة ضعيفة ) ونحن اُبتلينا العكس....
في آمان الله لضيفنا ولكم
ملاحظة: عنوان الدكتور ريكان الألكتروني:
496 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع