فنجان قهوة -المؤرخ سيف الدين الدوري يقول: حينما يتقاعد الصحفي.. فانه يتفرغ للقراءة والكتابة
لا اعرف اعزائي القراء من أين ابدأ الكتابة فضيفنا اليوم له منجزات كبيرة وكثيرة في تدوين التاريخ العراقي الحافل بالأحداث على مر السنين. فالتاريخ وأحداثه المتلاحقة تجعل الواحد منا يعيش حياة غير حياته، يتعرف على أشخاص ويقرا عن حياتهم دون معرفتهم، "فيرى كيف اصبح الغني فقيرا والعبد سيدا"، والكثير من الأحداث التي تعطيك الأمل وحب الاستمرار في عملك ونهجك في الحياة..
ضيفنا في (فنجان قهوة) لمجلة الگاردينيا الثقافية المؤرخ الأستاذ (سيف الدين الدوري) أهلا وسهلا بكم
من إصداراته:
• نوري باشا السعيد ؛ 50 عاماً على مصرعه وسقوط النظام الملكي في العراق عام 1958
• لفريق حردان التكريتي: ضحية الخيانة والغدر ؛ رسائل حردان من منفاه إلى الرئيس البكر
• الانقلابات العسكرية والصراع على السلطة في العراق الجمهوري
• انقلاب 17 تموز 1968 - 2003 : البداية المريبة والنهاية المأساة
• العراق والكويت ؛ أزمات مستديمة ومتوارثة
• الفريق طاهر يحيى ؛ ضحية الصراعات السياسية والعسكرية في العراق
• الفريق طاهر يحيى ؛ ضحية الصراعات السياسية والعسكرية في العراق
• فؤاد الركابي: ضحية الحزب الذي أسسه
• اللغز في إعدام ناظم كزار وعبد الخالق السامرائي وأربعة أخرين من أعضاء مجلس قيادة الثورة 1973 - 1979م
• الحراك السياسي في جنوب اليمن 1963 - 1994 ؛ أسبابه وأهدافه وجذوره التاريخية
• علي صالح السعدي ؛ نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية وسلطة البعث الأولى في العراق
في بداية حديثي معه أحببت سؤاله عن نشأته ومحل ولادته وكذلك مشواره الدراسي، فأجابني بكل تلك التفاصيل الجميلة عنه...
ولادتي كانت في بغداد الكرخ محلة التكارتة عام 1940 . وأنا الاخ الثالث ضمن اربعة اخوة وخمس بنات وكان الوالد عاملا في السكك الحديد ببغداد وكان مثقفا يطلع على الكتب التاريخية والادبية والدينية وكان يشجعنا على القراءة واتذكر ونحن في الابتدائية يأتي لنا بروايات جورجي زيدان حوالي 16 او 17 رواية منها فتح الاندلس والامين والمأمون والعباسة اخت الرشيد و ارمانوسة المصرية وشارل وعبد الرحمن وفي عام 1947 دخلت المدرسة الابتدائية في ذلك الوقت كان لا يقبل الا في عمر سبع سنوات. وكان اسم المدرسة ( الزوراء) في سوق حمادة.
وبعد شهرين كما اتذكر حين كنت في المدرسة هجم على المدرسة مجموعة من الطلبة اجبرونا على الخروج بتظاهرات لا اعرف اسبابها او دوافعها ووصلت مع الطلبة الى جسر الشهراء الذي عبرناه وتوجهنا الى منطقة عند مصرف الرافدين حاليا مقابل سوق الشورجة.
**وما سبب تلك التظاهرات؟
بعد عقود من الزمن تمكنت من معرفة سبب ذلك الأضراب والتظاهرة هو صدور قرار هيأة الأمم المتحدة رقم181 في 29 تشرسن الثاني1947 بتقسيم فلسطين الى دولة لليهود واخرى للفلسطينيين واعطى لليهود من الارض بنسبة 55% . وخرجت تظاهرات في بغداد تستنكر القرار التي شاركت فيها ولا اعرف دوافعها.
**وهل استمرت دراستك في نفس المدرسة؟
تمّ نقلي من مدرسة الزوراء التي كانت بعيدة عن بيتنا الى مدرسة الكرخ الابتدائية القريبة من بيتنا الذي كان يومذاك بمحلة الجعيفر وكان مديرها المربي الكبير المرحوم ( عزة الخوجا) واتذكر من المعلمين المرحوم عبد الكريم زيدان معلم التربية الدينية وعطا غيدان الشقيق الاكبر لوزير الداخلية في حكومة البكر سعدون غيدان.
نعم، استأذنا الكريم حضرتك درست بجانبي الكرخ والرصافة..
نعم، انتقلت مرة ثانية إلى مدرسة العسكري في جانب الرصافة وكان مديرها المربي الكبير احمد ذنون القيسي ومن المعلمين سعيد شابو معلم التربية الفنية وملم التربية الرياضية المرحوم كامل القيس.الذي تحول الى ممثل ضمن فرق التمثيل في العراق الذي ساهم بعدة تمثيليات لدى افتتاح محطة تلفزيون بغداد عام 1956 مع كل من خليل شوقي ومحمد القيسي وخليل الرفاعي وغيرهم.
**وبعد التخرج؟
بعد تخرجي من العسكري الابتدائية التحقت بمتوسطة الجعيفر وكان قد التحق بها المعلم كامل القيسي الذي كان مدرس التربية الرياضية، ويومذاك اختار من بين طلاب الصف الذي انا فيه مجموعة من الزملاء للقيام بأدوار تمثيلية في التلفزيون ومنهم الزملاء كريم عواد وشهاب احمد التكريتي ورؤوف محمود وغيرهم. ومن المدرسين استاذ التاريخ المرحوم غزال عباس وأخرين.
**مشوار حافل من البداية استأذنا، **وبعد ذلك؟
انتقلت الى ثانوية الكرخ التي تخرجت فيها للسنة الدراسية 1959-1960 بعدها اصبحت معلما في مدرسة النزارية بالاعظمية لمدة سنة واحدة ثم التحقت باول دورة لمعهد اعداد المعلمين بالاعظمية سنتان بعد الاعدادية وكنت خلال تلك الفترة قد تم تعييني في وكالة الانباء العراقية عام 1962 اذ كنت اعمل فيها للفترة المسائة وفي الصباح في المعهد.
**وهل بقيت في وكالة الأنباء العراقية؟
حينما تخرجت بقيت في وكالة الانباء ولم التحق بالتعليم. وفي وكالة الانباء عملت مراسلا في دمشق وفي عمان وعدن والقاهرة ثم سجلت في قسم الصحافة بكلية الاداب بجامعة بغداد ونلت شهادة البكالوريوس للسنة الدراسية 1973- 1974.
**اذا بداياتك الإعلامية كانت في وكالة الأبناء العراقية، وماذا عملت لاحقا؟
عملت ملحقا صحفيا في بيروت للفترة من 1976-1980 وملحقا صحفيا في عدن 1984-1987 . ثم ملحقا صحفيا في المغرب للسنوات 1989-1991.
عدت إلى بغداد بعد حرب الكويت التي اجتاحتها قوات صدام حسين، وعند ذلك قدمت طلبا لإحالتي الى التقاعد وصدر امر التقاعد في 2/2/1992.
**وبعد هذه الخطوة؟
والحمد لله في عام 1996 قدمت طلبا الى معهد التاريخ العربي في المنصور لدراسة الماجستير في التاريخ ونجحت في السنة الاولى وكان علي ان اعد الاطروحة لنيل الشهادة . اخذت موافقة رئاسة المعهد لاتمام ذلك في الجامعة الاردنية وزودوني بكتب لامانع لديهم و ووصلت الاردن وقدمت الطلب ومنحوني اقامة لكوني طالبا وفي الوقت نفسه قدمت طلبا لممثلية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين .
طلب اللجوء إلى بريطانيا وبعد سنة حوالي جاءتني الموافقة من بريطانيا وغادرت عمان إلى لندن التي وصلتها في تموز عام كلاجيء سياسي وبعد خمس سنوات منحوني الجنسية والجواز البريطانيين2001.
**هل التقيتم بزعماء عرب أثناء عملكم كملحق صحفي في الخارج أو داخل العراق؟
الشخصيات العربية والفنانون والسياسيون الذين تعرفت عليها خلال عملي الصحفي في الدول التي عملت فيها فهم كثيرون ابرزهم الشاعر الكبير المرحوم نزار قباني و زوجته بلقيس الراوي.
عدد كبير من الصحفيين اللبنانيين . امثال خير الله خير الله وميشيل ابو جودة من جريدة النهار. وطلال سلمان رئيس تحرير جريدة السفير واسعد المقدم مدير التحرير.ونقيب الصحافة اللبنانية رياض طه والوزير مروان حمادة والصحفي والوزير فيما بعد نهاد المشنوق والوزير عصام نعمان والمذيع التلفزيوني جان خوري وحارس شهاب ورئيس اتحاد الصحفيين الفلسطينيين (حنا مقبل) وعضو الاتحاد الكاتب الفلسطيني رشاد أبو شاور.
والفنانة اللبنانية هند أبي اللمع ومؤلف المسلسلات اللبنانيى وجيه رضوان والصحفية الفلسطينية سلوى البنا، والفنان المغربي محمد حسن الجندي والكاتب والصحفي المغربي عبد اللطيف جبرو والكاتب الكويتي عبد الله الرومي وصاحب دار الطليعة اللبناني الدكتور بشير الداعوق وصاحب جريدة الشعب محمد أمين دوغان ومحمد العلمي زعيم حزب الوحدة المغربي وعلي العلوي النائب في مجلس النواب المغربي وسفير المغرب في العراق الدكتور عبد الهادي التازي والمجاهد المغربي الدكتور عبد الكريم الخطيب والصحفي اللبناني حارس شهاب والصحفي اليمني في عدن سعيد الجناحي رئيس تحرير صحيفة(14 اكتوبر) العدنية وطبعا انطلاق الكفاح المسلح في عدن ضد الاحتلال البريطاني كان يوم 14 أكتوبر 1963.
**حدثنا عن أعمالك الكتابية ومنجزاتك الصحفية خصوصاً وأنت تمتلك سجلاً حافلاً؟
اتخاذي الكتابة فهو نتاج لكثير من الكتب التي قرأتها ثم ان الصحفي حينما يتقاعد فانه يتفرغ للقراءة والكتابة وهذا ما دفعني ثم ان جو الحرية في لندن يسمح لنا في الاستمرار في هذا الاتجاه حيث صدر لي خلال العشرين عاما من وجودي في بريطاني 18 كتابا وخمسة جاهزة للطبع وفي ذهني عناوين أخرى اعمل على إصدارها.
**ما هو السر في اختياراتك لموضوعات تتحدث عن العراق المعاصر؟
السر في اختيار الكتابة التي تتحدث عن تاريخ العراق وابرز السياسيين فيه نتيجة اهتماماتي بتاريخ العراق والاحداث التي شهدها منذ تأسيس دولته الحديثة عام 1921 حتى الان وقسم كبير منها عشناها وخاصة منذ انقلاب 14 تموز 1958 الذي اسقط النظام الملكي الذي عشنا اواخر احداثه وبذلك الانقلاب الذي قضى على كل تطور وتمدن له في المنطقة .
**هل انتقائك للكتابة أو العمل في صحيفة معينة له أسباب أم أنها الفرصة التي تدعوك للكتابة فيها؟
لم اكن انتقائيا في اختيار الصحيفة التي تنشر لي كتاباتي بل الصدفة واول صحيفة بدأت في نشر كتبي هي جريدة الزمان في لندن التي عملت وكتبتُ فيها لفترة غير قليلة حيث نشرت لي منذ صدور العدد الاول لها عام 1998 الكثير من الموضوعات السياسية والتاريخية. وحتى النقد الفني لبعض المسلسلات والافلام المصرية .
**هل هناك كتب معينة أسرتك أكثر من غيرها خاصة في المجال السياسي؟
اكثر الكتب التي اسرتني هي الكتب التي تتناول شخصيات عراقية لعبت دورا كبيرا في تاريخ العراق في العهدين الملكي والجمهوري،
بدءا من الملك فيصل الاول مرورا باول انقلاب عسكري في العراق والوطن العربي قاده الفريق بكر صدقي يوم 29تشرين الاول 1936 والانقلاب الثاني الذي اطاح بالفريق بكر صدقي حين تم اغتياله في الموصل يوم 11 آب/اغسطس1937. ثم حركة رشيد عالي الكيلاني في الثاني من مايس/ايار 1941 وفشلها.
**وأين يجد القارئ تفاصيل هذه الأحداث؟
وكل ذلك موجود في كتاب الانقلابات العسكرية والصراع على السلطة في العراق الملكي والثاني في العراق الجمهوري.
** التقيت وحاورت العديد من الشخصيات في السياسة والفكر والأدب والفن في الوطن العربي أخبرنا عن ذلك؟
لقاءاتي برجال الفن والادب فهي كثيرة وخاصة في لبنان كالموسيقار وليد غلمية ملحن النشيد الوطني ( وطن مدّ على الارض جناجه) تأليف المرحوم شفيق الكمالي.
وكذلك التقيت في عدن بمطرب ومؤلف وملحن في الوقت نفسه وهو فلسطيني في عدن اسمه ( محمود حداد) يذكرني بالنولوجست العراقي عزيز علي).التقيت بهم ولم احاورهم لاني كنت ملحقا صحفيا وليس مراسلا لصحيفة أو مجلة.
**أستاذنا العزيز نود معرفة كيف نجوتم من أحداث اليمن 86، انتم وطاقم السفارة والعوائل يومها؟
نجاتنا من المعارك في عدن بين أهل الحكم انفسهم، أي بين رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء والأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني علي ناصر محمد وأنصاره وبين خصومه في المكتب السياسي أمثال علي سالم البيض وعبد الفتاح إسماعيل وعلي ناصر عنتر.
حيث انفجر الخلاف السياسي إلى تصفيات جسدية بدأت يوم 13ث كانون الثاني 1986 انتصر فيها جناح علي سالم البيض وهرب علي ناصر محمد بعد ان انتشرت الجثث في الشوارع، ولا سلطة هناك سوى سلطة الموت.
ولما انتصر جناح علي سالح البيض الذي اصبح هو الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني عملوا على مساعدة البعثات العربية والأجنبية بخروجهم من عدن بواسطة السفن التجارية الروسية التي نقلتنا وعوائلنا إلى جيبوتي ومنها إلى السعودية بالطائرات ومنها عدنا إلى بغداد والحمد لله.
1989 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع