فنجان قهوة مع الفنانة التشكيلية السيدة فريال الاعظمي

      

 فنجان قهوة مع الفنانة التشكيلية السيدة فريال الاعظمي

  

            

  

                          إيمان البستاني


ضيفتنا ياسادة ياكرام .....سيدة عراقية سكنها الحرف العربي وتحولت لغة القرأن الكريم عندها الى عبق من نور يتوسد لوحاتها وانتشرت أعمالها ورسوماتها بالشرق الاوسط وانكلترا عبر الطباعة على الحرير والجرافيك أو عبر لوحات اصلية , هي بنت بغداد اختارت الرسم طريقاً ومشت فيه منذ اكثر من ٢٥ عاماَ وأقتُنيت أعمالها من قبل المتحف البريطانى ومتحف الاردن الوطنى ومطار هيثرو وغرفة التجارة العربية البريطانية بلندن وفندق جبل علي ومطار جدة وفندق الشيراتون السفير بالكويت وفندق ماريوت بالاردن وفندق كراند ماكيور وبيت القران وبيت الكورار ومكتبة اقرأ بالبحرين

أنها السيدة فريال الاعظمي الفنانة العراقية التشكيلية التي قدست الحرف العربي وكيف لا أنها تتنفس وتتكلم العربية، فهويتها عراقية، وقوميتها عربية، ولن تتنازل عن عروبتها وأعمالها السابقة، وحتى القادمة، ستظل تفوح منها الرائحة العربية الأصيلة

   

ألگاردينيا : نرحب بالفنانة التشكيلية السيدة فريال الاعظمي بفقرة فنجان قهوة بمجلة الگاردينيا الثقافية وسيكون لقهوتنا معك سيدتي حلاوة الحرف العربي , فأهلاً وسهلاً
س ١ ألگاردينيا : نعود للطفولة , حضرتك من مواليد بغداد , عشت ودرست فيها , ماهي ذكرياتك التي تودين الحديث عنها تلك الفترة ؟

هل تعتقد أنك تستطيع أن تستعيد شريط ذاكرتك في حروف معدودة وذكرياتي هي ذكريات كل عراقي وعراقية عاشوا في بيوت من طين ولعبوا تحت ظلال النخيل من الصعب أن تكفيني ألف مجلة لأقول ذكرياتي التي لو فتحت منها نافذة لفتحت نزيف من الحنين

           



س ٢ ألگاردينيا : لماذا كان أختيارك للرسم وهل البيئة شجعت لهذا الاختيار وماموقف الاسرة من هذا الاختيار ؟

ربما جوابي على هذا السؤال سيكون غريباً سبق وأن ذكرت في عدة حوارات بأن العراق لوحة معلقة على صدر الأرض وهي تستفز كل من به أحاسيس وهل هناك عراقي ليس به هذا الإحساس المرهف وبالنسبة لموقف الأسرة فأني من اسرة تشرب الفن كما تشرب قهوة الصباح واختياري كان بإرادة الرغبة الكامنة في أعماقي منذ خلقني الله وجعلني كائن يتنفس لكن التعبير عن الموهبة قد يأتي متأخرا


س ٣ ألگاردينيا : سنوات الدراسة ببغداد وهي تزخر بأساتذة افاضل رواد بمن تأثرت شخصيتك وهل ندمت يوماً لأنك اخترت مهنة الرسم مستقبلاً ؟

كعراقية فإنني افتخر بجميع الأستاذة والفنانين الكبار وأهتم بجميع الأعمال حتى الحديثة منها لكن حين تتأثر بشخص وبقوة فأنك سوف تكرر هذا الشخص وأنا من حقي الشرعي أن أكون عزفا منفردا لكن بتناغم مع المعزوفة الخالدة لبابل ونينوى

هل تندم يوما أنك تحمل وطنكَ أينما تكون ؟ حتما لست نادمة وهي ليست مهنة بل هي عشق لتضاريس اللون الذي يجسد تاريخ بلادي

                         

س ٤ ألگاردينيا : الفلسفة التي تعنيها رسوماتك هي تلك التي تجعلك توزعين اللون في لوحاتك بضربات الريشة على جسد اللوحة الصامتة بشكل متسق مع الضجيج والصراخ وفوضى الحواس المحيطة ، فيما يشبه حال الثورة والتمرد على الأشياء وربما على المعاني, هل تؤمنين بأن التمرد لا يكون بالصوت الغاضب بل باللون الحر؟

هي حالة ثورة سلمية لا تعصب بها ولا طائفية هي حالة ثورة مشروعة بأن يخرج الإنسان تلك الصراعات والصراخ بشكل لوحة وحروف متناثرة تنطق بما يدور في خلد الروح المرهقة من الأحداث التي تتراكم أمام معبد البصر الإنساني


س ٥ ألگاردينيا : لا تحبذين الانخراط في مدرسة فنية معينة، حيث تقولين (لا أتخذ لنفسي مذهباً مألوفاً هي هواجس إنسان أنثرها على طريقة اللون العشوائي، لكن خلف تلك العشوائية هناك انسجام وتناغم،يحدث بمزيج الألوان فأترك عشوائية اللون الهرموني خلفي، وأجعل حروفي كقائد الأوركسترا يعزف غاية اللوحة وملامحها الأخيرة، من ذاكرة العراق الكبيرة ومن مخطوطاتها، وتحفها) كيف تفسرين ذلك ؟

إني عراقية وليشهد التاريخ بهذا وإنني أدافع عن ذاكرة العراق ومخطوطاته الجميلة وسلاحي هي لوحة بمساحة مفتوحة على مد البصر والألوان التي تليق بهذا البلد العظيم والعشوائية بالرسم تختلف عن العشوائية بالحوار الناطق تلك العشوائية التي يضع الكثيرون حولها اشارة استفهام هي عفوية الروح بالتعبير والولاء عن بلد اعطانا الحب كما تعطي الأم وليدها الحنان

  



س ٦ ألگاردينيا : يمتزج الحنين بالذكريات الذي يأتي بإيقاع صاخب هي انفعالات وردود أفعال الحنين، والطفولة، التي لاتزال تنام على شواطئ دجلة، ولايزال يهزها سعف النخيل , كيف وظفتي كل هذا في لوحاتك ؟

وأنت تطرح مثل هذا السؤال لو احضرت صورة لوطنك الجميل حتما يستفزك الحنين لأن الإنسان بلا ذاكرة للحنين لا معنى لوجوده وكل من لا يحمل وطنه في ثنايا العقل والقلب سيظل مشردا طوال العمر

  

س ٧ ألگاردينيا :تمثلت الحروف بلوحاتك فى ايات قرانية وقصائد شعرية لمحمود درويش ونزار قبانى وأحمد شوقى ورندة حمادة وغيرهم , ما ميزة كل من هؤلاء ولماذا تعاملتي مع محمود درويش بهذا العشق أنهُ الشاعرٌ الذي يجمع أجمل ثلاثية هي الوطن.. الحب... الأم , شعره تسافر به الذاكرة مباشرة إلى صدر الأم، وقهوة الأم، وخبز الأم، وحيث تكون الأم يكون الوطن والحنين الدائم، لهذا الوطن الذي لا ينتهي بفعل الزمن ولا يسقط بالتقادم ,عندما قلت عنه ايضاً ( درويش كيف أتلو عنك... وأنت بمحراب الشعر إمام)؟

ربما لن يكون هناك تعبيرا أجمل مما قلت وبخصوص الشعراء الذين ذكرتهم كانت مجرد حروف نثرتها بطريقة ما لكن درويش كانت حالة مختلفة عشتها بتفاصيل لدرجة التوحد بكلمات هذا الشاعر الذي وأنا أقرأ له كانت تفوح رائحة الحناء من ضفائر أمي وثوب أبي واشعل براكين الحنين لكل العراق


س ٨ ألگاردينيا : كيف تقتنصين فكرة اللوحة وما هي طقوسك للتنفيذ ؟
وهل هناك فاصل زمني يتسع احياناً ليمنعك من انجاز لوحة كنت قد بدأتها ؟

في داخلي يعيش فنان لكن ملامحي الخارجية هي ملامح إنسان ولا أمارس طقوس معينة ولا أعيش تلك الهلوسة والهذيان فكرة اللوحة تعيش بالعقل الباطن واللوحة والريشة هما وسائل تعبير وترجمة لمشاعر متضاربة ما بين الفخر بتراث الوطن وما بين الحنين الذي يسري مسرى الدم في عروق كل مغترب يحمل هذا الولاء للبلد الذي ولد فيه وعاش فيه وما يزال هاجس العودة أن يموت ويكون مثواه الأخير فيه ,

زمن اللوحة وزمن الانتهاء من تلك اللوحة ليس له شروط ومسافة فقد يتم انجاز لوحة عميقة وجميلة بوقت قصير حين يكون الدافع والرغبة بنفخ الروح بالألوان


             


س ٩ ألگاردينيا : تعامل مع الحرف ايضاً رسامون عراقييون متميزون كضياء العزاوي، ورافع الناصري، وعلي طالب، وعصام السعيد , هل هي مدرسة لرسم الحرف انطلقتي منها مع إعجابك بالفنان التونسي الكبير نجا المهداوي، والفنان المصري شانت اديفزيان، والفنان البحريني الشيخ راشد بن خليفة، وجمال عبدالرحيم، وعبدالرحيم شريف، والفنان اللبناني مروان سهمراني , مايميز هؤلاء الرسامين عن أقرانهم ؟

والدي علمني أنني حين أقف أمام فنان كبير أرفع له القبعة وأحترمه وكل الفنانين الذين ذكرتهم مدرسة منفردة في عالم الحرف لكن يظل لكل فنان اسلوبه في إعادة ترتيب أثاث الحروف كما يحلم ويشتهي لأن الحروف في متناول الجميع لكن فلسفة التركيب تظل خاصة وميزة تعكس شخصية الفنان مهما تقاربت الصورة للحرف

  


س ١٠ ألگاردينيا : معارضك عديدة تستخدمين فيها السيراميك والخشب على القماش لتحكي من خلالها قصتك مع الحرف العربي كما تقولين ( أنا لا أنكر استفزازي لرواد معرضي ) هل الاستفزاز بمفاجئة ضيوفك بتكنيك جديد أم ماذا ؟
حين يحترم الفنان ذوق جمهوره ويشعر بعناء الطريق الذي يقطعوه لزيارة معرض له فهو عليه من باب التقدير لهذا الذوق الرفيع أن يقدم لهذا الجمهور ما يجعله لا يندم على عبور تلك الأجواء والمسافات وتجعل لبصره دهشة تريح نظره وتتركه يتأمل هذا العمل المصلوب على جدران الطين الناطقة بتلك الحروف

  



س ١١ ألگاردينيا : معارضك الشخصية في انكلترا والخليج العربي ومعرض «بابل» ومعرض «عراق الماضي» يحدث الحاضر، الذي أقيم في المتحف البريطاني في الفترة من نوفمبر/ تشرين الثاني 2008 إلى أبريل/ نيسان 2009، كذلك شاركت في معرض «طيور الحرب» الذي أقيم العام 2007 في لندن , كيف تتعاملين مع تجربة المعارض وهل تشكل عبئاً لاينتمي لعشق الجلوس بمحراب لوحة ؟ وهل المتلقي يختلف في كل معرض ؟

  

إن ثقافات الشعوب مختلفة والأذواق متنوعة ولكل شعب ذوقه الخاص ورؤيته لهذا العمل لكن المتلقي الغربي يعيش الشغف واللهفة ويقف طويلا يتأمل مسامات هذا الفلكلور والموروث العربي لأنه يكتشف عالم جديد وبيئية مختلفة كلياً عن مورثه هو ورغم ذلك فأن المتلقي العربي يساعدك في تفهم اللوحة لأنه ابن تلك البيئة مهما اختلفت فالعراق ليس ببعيد عن باقي الحضارات العربية واما العمل يكون كرسالة عن بلدك للمتلقي الغربي


س ١٢ ألگاردينيا : هل انتي راضية عما قدمتي من اعمال ام انك تستفزين مخيلتك لصنع جديد دائماً ؟ وماهي مشاريعك المستقبلية ؟

الرضا لا أعيشه إلا حين أقرأ ردود الأفعال في عيون جمهوري وبخصوص الجديد الفنان الحقيقي هو الذي يترك للعمل الجديد لحظة ولادة طبيعية لأن الولادة القيصرية للعمل تجعل اللوحة متعبة ومرهقة أما عن جديدي فلا أملك إلا كلمة الفن كون كبير تصيبه الزوابع والزلازل ويصيبه الركود ولحظة ولادة عمل جديد تأتي عفوية وبعدها تصبح منظمة ولها هدف وخيط عريض

                          


س ١٣ ألگاردينيا : عندما أشاهد لوحاتك صحيح ان فيها الحرف متربع على عرش سلطان اللوحة ولكنك بذكاء تتعاملين مع اللون ايضاً وكأنه جندي مجهول اشترك مع الحرف لنصرة اللوحة وبقى مختبئاً خلف الحرف , من يقودك لهذا الجندي المجهول ؟

الحرف هو قائد يتقدم اللوحة بخطوات لكن اللون هو الخلفية والهرموني الذي يعزف الانسجام والتناغم الذي تراه كموسيقى صامته لكن عيونك تسمع تلك الموسيقى بهدوء حين لا يتناغم اللون مع هيكل الحروف عندها تصبح المعزوفة كلها نشاز

  



س ١٤ ألگاردينيا : من المعروف أن أعمالك أقتنيت وعرضت في المتحف البريطاني في لندن، والمتحف الوطني للفنون التشكيلية في الأردن، والغرفة التجارية العربية البريطانية في لندن، بيت القرآن في المنامة، وفي مبنى لجنة مكافحة التمييز العنصري الأميركية العربية في واشنطن وغيرها كثير ؟ كيف تم ذلك ؟

لو أنك سألت اللوحة لماذا ؟ وسألت الذي علق اللوحة لماذا ؟ لأنني لا أملك جواب لماذا يعجب الأخر بلوحة لي ويتركها شاهد عيان على جدران الزمن

          


س ١٥ ألگاردينيا : أهتماماتك الاخرى ان وجدت ماهي ؟ وهل الرسم سيد يومك ؟

أهتم بجميع ما يخص عالم الإنسان وأهتم بمشروع السلام وحقن الدماء وغسل ضفائر النخيل بماء دجلة والفرات وأن يعود العراق معافى وتعود الشام تلبس ثوب الياسمين ونعيش في أوطاننا بكل أمان


  

أما كلمتي ألاخيرة ....فأقول : سُئِل أحدهم عن جمال الحرف العربي متى يستحق أن يوصف بالجودة ، فقال: "إذا اعتدلت أقسامُه، وطالت ألفُه ولامُه، واستقامت سطورُه، وضاهى صعودُه حُدورَه، وتفتَّحت عيونُه، ولم تشتبهْ راؤه ونونُه، وتساوتْ أطنابُه، واستدارتْ أهدابُه، وصَغُرَتْ نواجِذُه، وانفتحتْ محاجرُه، وقام لكاتبِهِ مقامُ النسبةِ والحِليَةِ، وخُيِّل إليه أنه يتحرك وهو ساكن وفي لوحات السيدة فريال الاعظمي تحركت الحروف الساكنة وسكنتنا عشقاً أزلياً ....في أمان الله لضيفتنا ولكم


  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1465 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع