حوار مع الفنانة التشكيلية مينا الصابونجي: الفن التشكيلي يعني لغة وحياة وثقافة
مينا الصابونجي، فنانة تشكيلية عراقية ولدت في بغداد وهي من أصول موصلية، درست في كلية الإدارة والاقتصاد، لكن لم يكن ذلك كل طموحها فعشقها للريشة والألوان اخذها نحو عالم الفن التشكيلي لتبحر فيه وتنهل منه وتعطي وتشكل أجمل الخطوط والمناظر اللونية، فقد شاركت الفنانة في معارض عديدة في عمان، تونس، بيروت، اسبانيا، باريس ولندن، وهي عضو نقابة الفنانين العراقيين وعضو رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين وعضو جمعية التشكيليين العراقيين في بريطانيا.. التقيتها في العاصمة الأردنية عمان في زيارة للغاليري الخاص بها ودار بيننا الحوار التالي:
**- اول ما أحببت معرفته عنها كان عن بداياتها مع الفن التشكيلي. كيف تشكلت؟
كانت البدايات عفوية فهواية الرسم وأعمال لخزف تملكتني واحببتها وطورت نفسي بها بشكل عملي ونظري منذ سبعة عشر عامًا ولغاية ليوم.
**- وماذا عن العائلة.. ألم يكن لها دور في تطوير موهبتك؟
اكيد، فقد وجدت أن للعائلة ميول فنية وتشبعت عيناي منذ الطفولة بوجود لوحات لكبار الفنانين العراقيين معلقة على جدران بيتنا، منها جدارية اهداها لنا الفنان الرائد محمد غني حكمت الذي عمل (ألف ليلة وليلة) في فترة الستينيات ولا زالت موجودة ونحتفظ بها وتعتبر من أجمل اعماله. هذا وبالإضافة الى علاقتنا العائلية مع الفنانة الراحلة ليلى العطار (رحمها الله) واختها الفنانة سعاد العطار، حيث كانت الراحلة جارتنا بنفس الحي حي المنصور ببغداد، والفنان راكان دبدوب والدكتور خالد القصاب الذين استمد منهم الخبرة والاتقان.
**- إذاً كان للحركة الفنية التشكيلية العراقية دور في تنشئة ريشة الفنانة مينا؟
نعم. ولا يمكن ان ننسى ريشة الرائد جود سليم، بلاسم محمد، شاكر الآلوسي والدكتور ثامر الناصري الذي كان له دور كبير في توجهي وتأسيسي الفني من خلال متابعته الاكاديمية لأعمالي، وانا دوما استشيره بخطواتي الفنية.
**- الرموز. الكتابات. الألوان. منها تتشكل بصمة خاصة للفنان على لوحاته، فما هي بصمتك؟
تقريبا الشخوص والعائلة البغدادية وبعض تراثيات الحياة، حيث وضعت فيها لمسات خاصة بي ونجحت فيها (الحمد لله) منها ملامح الشخصيات حيث تكون واضحة للمتلقي.
**- ما هي المدارس الفنية التي تنتمي اليها الفنانة مينا؟
في بداياتي كنت اميل للرسم التجريدي أكثر ولي لوحات كثيرة، لكن الفنان بطبيعته يتغير ويتنقل حسب ميوله الحسية، لذلك انتقلت من التجريدي الى التعبيري الذي اختص كما ذكرت بالتراث العراقي البغدادي والتي وجدتها تعطي روح الانتماء لثقافتنا وحياتنا اليومية، وربما اعود للتجريدي كلما أجد فكرة ينطبق تخليدها بطابع معين.
**- عرفت ان حضرتك من مدينة الموصل في العراق، فهل إثر ذلك على لوحاتك؟
ارسم التراث الموصللي ولي عدة اعمال متأثرة فيها رغم إني لم أعشها فعليا، لكن نقلتها في لوحاتي فالتراث العراقي متنوع من جنوبه حتى شماله.
**- هل لديك هوايات أخرى غير الرسم؟
هواياتي عديدة منها العزف على آلة البيانو منذ خمسة عشر عام تقريبا. وانا من عشاق علم النفس والباراسايكولوجي عملت العديد من البحوث والتقرير عن هذا العلم بحوالي خمسة عشر بحثا وأفكر في نشرها مستقبلا، ودوما قراءتي عنها. ولي بدايات عن كتابة الشعر والنثر.
**- هل ترسمين البورترية؟
البورترية كرسم لا.. ليس لي ميل تجاهه حاليا، فقط عملت بوتريه نحت لوالدي (رحمه الله) اخذ مني جهد حوالي ثمانية شهور.
**- صفتان تحيطان بالفن التشكيلي، هما الغموض والجمال، فكيف يمكن فهم لوحة او قراءتها دون ان يشرحها الفنان؟
ان الذي يحضر لمعرض رسم ينبغي أن يكون مهتم ولديه صورة وخبرة معينة عن الرسم ودور الرسام ربما يعطي لمحة توحي لهم معنى للوحة، وربما هذا يصعب بالعمل التجريدي.
**- هل جربت استخدام التكنلوجيا في الرسم عبر برامج الكومبيوتر؟
لا، في الحقيقة لا يمكن الاستغناء عن الريشة والشعور بها وهي تتزحلق لكي تقول كلمات عبر ألوان وأفكار معينة يجسدها الفنان، ولا سيما أني اعمل على الخزف والنحت، وإن ملمس الطين يكون فيه متعه خاصة لا يمكن ان توفرها التكنولوجيا، هي ممتازة ولكن ليس بكل تفاصيل الاعمال المهنية.
**- إذا لديك اعمل نحت؟
نعم، وأحب العمل فيه رغم انه يأخذ وقتا طويلا، ولي بين النحت والرسم (16) معرض مشترك، واعمالي من الخزف جداريات وخاصة الطلب يكون على جداريات التي تمثل الطابع العراقي من الشناشيل البغدادية، العمل على الخزف أسرع وأسهل من النحت وذلك يعتمد على النوع والفكرة المطلوبة.
**- هل تعطي اللوحات طاقة معينة للمكان؟
للوحات تأثير كبير على المكان من ألوان وشخوص، لكن لا يوجد ترابط بين اللوحة والمكان من ناحية ترابط ألوان اللوحة نفسها مع ألوان الأثاث، ويرجع التأثير ويرتبط من ناحية الألوان وقوتها أيضا.
**- يعني الألوان في اللوحة لها معاني ودلالات؟
نحن العراقيون تأثرنا بالون الازرق وتدرجاته، فوجوده يعطي الراحة النفسية في بيوتنا سواءً بالأعمال الخزفية او اللوحات الفنية، وهو حاضر بيننا دوما.
**- أجد في الغاليري الخاص بك فيه راحة من شدة استخدامك للون الفيروزي؟
نعم، وهذا انطباع كل من يزورني، اشعر بالفرح والراحة بوصول وانعكاس الطاقة الإيجابية للمكان على نفسية الزائر.
**- أجد اليوم الحركة الفنية التشكيلية لها انتشار واسع، فبماذا تفسرين ذلك؟
ربما يعود الى الظروف الاجتماعية والنفسية التي حتمًا لها إثر كبير ولا سيما في وقتنا الحالي، ظهرت المواهب بشكل كبير ومن خلال العالم الافتراضي وغيره.
**- ما هي نصيحتك للفنان التشكيلي الآن؟
ان يهتم بالنوع وليس بالكم، ولا يسرع في موضوع شهرته قبل تقديم لفنه، لان كثرة الرسم بدون فكرة تضر بالفنان.
**- كلمة تقدميها لكل فنانة تشكيلية عراقية في مشوارها الأول في عالم التشكيل؟
الفن لغة وحياة وثقافة، فمن تجد نفسها موهوبة بحرفة فنية معينة، لا تفرط فيها تحاول الظهور للمجتمع بكل عنفوانها وان كانت الإمكانيات بسيطة، من المهم ان لا تتوقف، ممكن ان تمر بخيبات امل عليها الاستفادة منها والنهوض الى الامام، والمجال الفني يحتاج وقت حتى يثبت الفنان وجوده ويشعر بانتشاره والجميل فيه انه لغة مشتركة بين شعوب العالم.
**- ماذا ينتظر متابعي مينا الصابونجي؟
لي معرض شخصي قريبا على قاعة الاورفلي، وآخر قيد الاعداد مع مجموعة من الفنانات التشكيليات الرائعات، وتوجد مفاجأة أخرى سوف أعلن عنها في وقتها لها إثر كبير على المستوى الدولي.
**- بما أنك من متابعي مجلة الگاردينيا، فماذا تقولي عنها؟
من أجمل المجلات التي اتابعها بشكل مستمر أبوابها جميلة وحضارية، ولها صدى واسع لفئة كبيرة من المثقفين.. تحياتي لكل القائمين عليها.
820 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع