ايلاف/بغداد: اعلن عن رحيل الموسيقار العراقي الكبير سالم حسين في احد مستشفيات بلجيكا عن عمر 91 عاما ، بعد رحلة عمر امضاها في الموسيقى والشعر والجمال .
انتقل،في تمام الساعة 3 فجراً بتوقيت بغداد 29/8/2015، الموسيقار والباحث والشاعر الكبير سالم حسين الامير الى جوار ربه بعد مكوثه في احد المستشفيات البلجيكية لاكثر من اسبوعين يعاني من امراض القلب بالاضافة الى الشيخوخة وقد كان على مدى السنتين الاخيرتين يراجع المستشفيات في بلجيكا التي هاجر اليها من سورية التي عاش فيها اكثر من عشر سنوات
للراحل مسيرة فنية كبيرة قلما تكون لدى الفنانين ، مسيرة مكللة بالفرح اولا حين انه عاش حياته سعيدا يجوب البلدان ويلتقي كبار الفنانين ويقدم الالحان المفرحة وكان لا يبخل بما يحصل عليها من اموال ليقدمها للاخرين لا سيما حين كان عازبا ، فقد تزوج في وقت متأخر ولم يحظ الا ببنت واحدة اسمها سوسن ، وقد برع عازفا على آلة القانون منذ بداياته مثلما برع ملحنا قدم الحانه للعديد من المطربين العراقيين الذين منهم حمل اسمه مثل:
فؤاد سالم وغادة سالم وكذلك العرب وقد لفتت الحانه سمع السيدة ام كلثوم فطلبت منه لحنا وكاد يتحقق لولا ظروف خاصة اجلت الفكرة ،كما اعجب به موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب ومنه اخذ احد الحانه ،فضلا عن كونه شاعرا وباحثا له عدد من الاصدارات في الموسيقى والغناء ، فيما كانت رحلته مع المطرب ناظم الغزالي هي الاجمل في مسيرة حياته .
ولد الراحل الامير في سوق الشويخ / محافظة ذي قار في شباط/ فبراير عام 1923، تعلم في صغره وحفظ من الاسطوانات الشعر والنغم التي جلبها شقيقه الاكبر عبد المنعم حسين عند عودته الى مدينته بعد تخرجه من دار المعلمين في بغداد صيف 1927، وفي عام 1933 نظم ولحن اول ابيات له من الشعر فاتخذت نشيداً لمدرسته الابتدائية مطلعه (ياطيور الروض غني بالنشيدِ وارسلي الالحان في الوادي السعيدِ) ،وسافر الى بغداد عام 1936 على اثر قصيدة عتاب لشقيقه الاكبر عبد المنعم حسين الذي كان يعمل معلماً في بغداد مطلعها (ياراقد الطرف هل فكرت في سهري وهل علمت بأني صرت في خطر) واجتهد في التلحين فاذيع له اول لحن لقصيدة عمودية للشاعر محمد مهدي البصير وغناها المطرب عبد الجبار امين (ان ضاق ياوطني عليّ فضاكا .... ولتتسع بيّ للأمام خطاكا)، كان ذلك عام 1945، وهو العام الذي دخل فيه معهد الفنون الجميلة لدراسة آلة القانون الذي الذي فتح العام 1945-1946م وكان اول طالب يدخل هذا الفرع، وبعد تخرجه عيّن محاضراً في احدى دورات معهد الفنون الجميلة لتدريس هذه الالة في مدينة السليمانية صيف 1947.
مارس التلحين ونظم الشعر الغنائي الزجلي للإذاعة العراقية وقدم السيدة خالدة كمطربة التي كانت عضوة في فرقة الموشحات الاندلسية برئاسة العلامة الموسيقي الشيخ علي الدرويش الحلبي. باغنيتين اذيعت في الشهر الثالث من العام 1948، وفي عام 1962 وبعده عودته من القاهرة عين مدرساً لآلة القانون في معد الفنون الجميلة، اسهم في تأسيس العديد من الفرق الموسيقية مع نخبة من الموسيقيين واشهر تلك الفرق فرقة انوار الفن التي تاسست عام 1952 بمشاركة عازف الكمان والملحن ناظم نعيم. والمطرب والملحن الكبير احمد الخليل وغيرهما وساهمت هذه الفرقة في تسجيل اغاني لمطربات عربيات وعراقيات ومعزوفات موسيقية وفرقة ناظم الغزالي برئاسة العازف جميل بشير، العام 1956،وفرقة خماسي الفنون الجميلة تأسست العام 1975 واعضاؤها الخمسة هم :غانم حداد على آلة الكمان، وروحي الخماش على آلة العود، وسالم حسن على آلة القانون، وحسين قدوري على آلة الجلو، وحسين عبد الله على الايقاع، وحل بعد رحيله ابراهيم الخليل على الايقاع، وبرحيل سالم حسين يكون جميع اعضاء الفرقة في ذمة الله .
في عام 1983 طلب احالته على التقاعد لكنه نشيطا في عمله يلحن ويؤلف ويكتب الشعر وكان بيته حافلا بالضيوف من المبدعين الكبار الى قبل الحرب عام 2003 حيث غادر الى سورية ، وكان هناك يزاول نشاطاته ويحضر في الندوات والملتقيات .
وفي شهر نيسان / ابريل من عام 2014 اصيب بجلطة دماغية نقل على اثرها في احدى المستشفيات التي تعنى بالمسنين وعولج من قبل الاطباء والممرضات والمشرفين على العلاج الطبيعي فخرج بعد مكوثه في غرفة لوحده لمدة شهر كامل والعناية الربانية ومن الاطباء خرج بصحة جيدة الا انه لم يتمكن من السير وقد زاره العديد من الاصدقاء والابناء الطيبون كما قال، وقد قال شعرا بعد خروجه من المستشفى :
دخلت مدينة للطب تزهو .... بأقمار وافئدة حواني
عبير الورد يعبق في رباها .... وانفاس الملائكة الحسانِ
تلقتني الريام بكل لطفٍ.... تخفف ما اكابد من زماني
وادركني الطبيب بفحص جسمي .... ليعلم مال الدواء وما أُعاني
صحوت على اكفٍ تحتضنني .... وتطعمني الطعام بلا امتنانِ
علمت بان رعاية الانسان فرض.... على الانسان في هذا المكانِ
تعاليم السماء دعت اليها .... واوصت بالمودة والحنانِ
فما بال الخليقة غيرتها .... وتاهت بالدماء وبالدخانِ
وقتل الابرياء وكل طفلٍ .... وتخريب الحضارة والكيانِ
حمى الله العراق من الاعادي .... وجنب اهله كيد الجبانِ
واشكر من تفقدني واثنى .... بأفضل ما يليق من البيان
رحم الله الراحل الكبير سالم حسين الامير الذي سيرته الفنية والانسانية حافلة بالكثير من الابداع على مدى سنواته التي تمتد الى اوائل القرن الماضي .
1009 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع