الشيخ محمود الحفيد البرزنجي (١٨٧٨-١٩٥٦) يعلن قيام مملكة كردستان ١٩٢٢
الشيخ محمود الحفيد او محمود حفيد زادة البرزنجي وهو زعيم سياسي ووجيه عراقي كردي عاش في السليمانية ضمن اسرة لها نفوذ ديني وصوفي وعشائري لدى اكراد العراق ، وكان زعيما كرديا لسلسلة من الانتفاضات الكردية ضد الانتداب البريطاني المتواجد في العراق تم تسميته ملك كردستان خلال العديد من هذه الانتفاضات.
في محاولة لمواجهة الخطر التركي المتزايد في كردستان العراق ، ولتوحيد الاكراد ضدهم طلب المندوب السامي البريطاني في العراق موافقة حكومته على إصدار بيان يتضمن إعتراف الحكومتين البريطانية والعراقية بحقوق الاكراد ضمن الحدود العراقية بعد تفاقم الخطر التركي على الحدود ، وإنحياز الشيخ محمود البرزنجي في السليمانية الى جانب الاتراك وإعلانه في18 تشرين الثاني /نوفمبر 1922 عن قيام مملكة كردستان المستقلة في السليمانية ، وبأنه ملك كردستان .
وفيما يلي نص ما ورد في برقية المندوب السامي:
الى وزير المستعمرات برقم 804 ،في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1922
إنكم على علم بموجة المشاعر القومية الكردية الحالية والتشجيع والحافزوراءها بسبب نجاح المفاوضات الكردية الحالية مع فيصل ونشر المعاهدة( ويقصد معاهدة عام 1922 بين العراق وبريطانيا)
ونظراً لعدم تأكدهم من نوايانا تجاههم فإن العناصر الكردية المستنيرة مترددة في الاتصال بنا وطرح برنامج محدد ، بينما نجد العناصر الجاهلة والمتطرفة من امثال الشيخ محمود وجماعته يطالبون بمطالب خيالية والتي يقولون انها تمثل رغبات كافة الاكراد. وسيتحسن الموقف كثيراً ويشجع العناصر المعتدلة للتقدم بمقترحات معقولة إذا ما قمت بإصدار بيان يتضمن إعتراف حكومتي العراق وبريطانيا بحقوق الاكراد ضمن الحدود العراقية . وسيكون لمثل هذا البيان التأثير الفاعل على تعزيز الاكراد وكسبهم الى جانبنا ، وسيكونون سلاحاً فعالاً لمجابهة النشاطات التركية التي نعاني منها حالياًَ ولمقاومة أية هجمات خطيرة محتملة.
ويعتقد فيصل أن بإمكانه ضمان موافقة مجلس وزرائه. فهل تسمحون لي لاصدار مثل هذا البيان حال قيامه بذلك.
برسي كوكس الحاكم السياسيّ العام في عموم العراق
التوقيع : كوكس
وأصيب البريطانيون بالفزع من اعلان الشيخ محمود نفسه ملكاً على كردستان وتشكيل حكومة كردية موالية لتركيا ظاهرياً، ناهيك عن إنضمام الطالبانيين الاكراد في كفري الى الشيخ وإعلان ولائهم له بعد ذهاب وفد منهم الى السليمانية وتقديم الطاعة له.
ويبدو أن هذا التصرف كان له ما يبرره نظراً لتسويف ومماطلة البريطانيين وتجاهلهم لمطالب الاكراد بالرغم من التأييد والولاء الذي قدموه الى الحكومة البريطانية . كما أن إنضمام الطالبانيين الى الشيخ محمود سيحميهم من عداوات الاكراد من عشائر الداودي والدلو والجاف والجباري والهماوند.
وكان الممثل البريطاني في السليمانية النقيب ( تشابمان) قد شعر بقوة المشاعر الوطنية الكردية في المدينة وتصاعد كراهية الاكراد لبريطانيا نتيجة تخليها عنهم ، فبادر الى اخذ موافقة المندوب السامي البريطاني في بغداد لارسال وفد يمثل الشيخ محمود للتباحث مع السلطات البريطانية في العراق حول المسألة الكردية وموقف بريطانيا منها .
وبتاريخ 22 كانون الاول 1922 وصل الى كركوك ممثلو الشيخ محمود وهم كل من (حمه أغا وطاهر أمين أغا ) من الشخصيات البارزة في السليمانية وطلبوا فور وصولهم ضرورة قيام السلطات البريطانية بإعلان بيان يتضمن إستقلال الاكراد تحت قيادة الشيخ محمود. وكان المندوب قد سبق أن فاتح صاحب الجلالة الملك البريطاني بضرورة إصدار بيان يتضمن الاعتراف البريطاني بحقوق الاكراد لكسبهم ولافشال محاولة الاتراك باللعب بالورقة الكردية ، وخاصة بعد فشل سيد طه في إعادة إحتلال راوندوز ، وكذلك التهديد التركي الموجه الى ( كويسنجق) وتضمن الاعلان البريطاني بصدد القضية الكردية النص التالي:
تعترف حكومتا صاحب الجلالة البريطانية والحكومة العراقية بحقوق الاكراد الذين يعيشون ضمن حدود العراق بتشكيل حكومة كردية ضمن هذه الحدود ، وتأمل في أن تتوصل العناصر الكردية المختلفة وبالسرعة الممكنة الى إتفاق بينها حول مشكلة الحكومة التي يرغبون بتشكيلها وإرسال وفد مسؤول الى بغداد لمناقشة علاقاتها مع حكومة صاحب الجلالة البريطانية والحكومة العراقفية.
وطلب ملك بريطانيا من المندوب السامي في العراق الضمانات بأن هذا الاعلان لا يتضمن الانفصال السياسي أو الاقتصادي للمناطق الكردية عن العراق. ولم يمانع المندوب السامي في إعطاء ذلك الضمان.
كما بادر الشيخ محمود بالكتابة الى الملك فيصل الاول طالباً منه التدخل لدى السلطات البريطانية بالنيابة عنه لتدهور علاقاته معهم ،إلا أن الملك فيصل اجاب بأن كلمة الشعب هي الحاسمة وبأنه لم يصبح ملكاً الا بنتيجة الاستفتاء. وقال أن الشيءنفسه مطلوب في كردستان. ولم تمانع السلطات البريطانية في العراق من قيام الشيخ محمود بضم رانية وكويسنجق الى إدارته بعد إنسحاب الاتراك منهما، بالرغم من أن كويسنجق لم تكن تابعة لادارة الشيخ اصلاً إذتمّ تحريرها من الاتراك بفعل القصف الاجوي البريطاني الا انه مع ذلك لم يعترض المندوب السامي على حكمها وإدارتها من قبل الشيخ محمود في محاولة لكسبه الى جانبه. ودخلت قوات الشيخ محمود قضاء رانية يوم 14 كانون الاول /ديسمبر 1922 وطلبوا من الاتراك الانسحاب من (بيتواتة) ثم دخلو كويسنجق وعرضوا تعاونهم مع القائمقام هنك ضد الاتراك .إلا أن المفارز العسكرية التركية وجماعات من عشائر ( خوشناو) بقيت في جنوب ( بالاسان، ووشيود وسيكتان) وكان الشسخ محمود قد وقعّ مع جماعته طلباً معبّراً عن رغبته في تحقيق إستقلال كردستان وتعيينه ملكاً عليها تحت الحماية البريطانية .
وكان( إسماعيل اغا سمكو) الثائر الكردي على الحدود العراقية – الايرانية من بين الموقعين على هذا الطلب.
تقرير الاستخبارات البريطاني : أن مجموع القوات التركية المنتشرة على طول الاراضي الحدودية داخل العراق إمتداداً من ( زيبار) الى( سكنات) قد بلغ 300 جندي.
وبتاريخ 19 كانون الثاني 1923 وصل الى كركوك الوفد الكردي الذي مثل حكومة الشيخ محمود في السليمانية بعد تأجيل الاجتماع مع السلطات البريطانية عدة مرات.
وكان الوفد يضم كريم بك جاف وطاهر أمين يرافقهم الممثل البريطاني في السليمانية . وكان الشيخ محمود قد قرر البقاء قريباً من (جمجمال) للمشاركة في المحادثات عند الحاجة. وكان الاساس في المحادثات بين الجانبين مضامين البيان الصادر عن الحكومتين البريطانية والعراقية ،أي حق الاكراد في تشكيل حكومة كردية ضمن الحدود داخل العراق. وتعرقلت المحادثات بين الجانبين بعد قيام الحكومة العراقية بارسال القوات العسكرية الى الموصل ووصول التعزيزات الكردية الى الحدود التي سببت توتراً في الموقف في كركوك ولم يكن الجو مناسباً لاجراء المحادثات ، وبسبب التعديات والتوتر في السليمانية بادر المندوب السامي البريطاني الى سحب الممثل البريطاني من السليمانية . وطالب الحكومة العراقية أيضاً تأجيل ارسال وزراء من بغداد للمشاركة في المحادثات في كركوك الى إشعار آخر بسبب هذه الظروف.
وكمحاولة للضغط على الشيخ محمود بادرت وزارة المالية العراقية الى اصدار بيان يتضمن المطالبة بتسديد كافة الرسوم المستحقة على كافة التبوغ في السليمانية ، إذ سيسبب ذلك عدم إذعان التجار الى مطالب الشيخ محمود وإضعاف ميزانيته وموارده المالية . وعند ذاك تحول الشيخ محمود مرة اخرى نحو الاتراك عارضاً تعاونه معهم بشرط الاعتراف به حاكما على كردستان.
وكان الشيخ محمود في الوقت نفسه على إتصال ومراسلة مع (الشيخ مهدي الخالصي) الزعيم الديني الشيعي في بغداد للتنسيق معه في ممارسة الضغوط على الحكومتين البريطانية والعراقية لتحقيق مطالبهم.
وبتاريخ 17 شباط/فبراير في محاولة لكسب الوقت ارسل الشيخ محمود رسالة منمقة الى الممثل البريطاني في السليمانية والذي سحبته السلطات البريطانية من بغداد إحتجاجاً على موقف السليمانية وزعامائها المتشددين في المحادثات التي جرت في كركوك حول المسألة الكردية. طالباً منه العودة الى السليمانية معلناً أسفه لفشل المحادثات المذكورة. واشار الشيخ الى استعداده لارسال وفد كردي يمثله في أي وقت ومكان. وكان جواب المندوب السامي البريطاني في العراق توجيه دعوة الى الشيخ محمود للقدوم الى بغداد لمقابلة المندوب والتحدث معه حول بعض القضايا التي تخص السليمانية ووعده بمعاملته بكل إحترام، وأنذره المندوب السامي بأنه في حالة عدم إمتثاله لذلك فإنه سيتخذ بحقه الخطوات اللازمة . فرد الشيخ محمود بأنه لايوجد هناك سبب لقدومه لبغداد وأنه بإمكان ممثليه حل كافة القضايا المعلقة . وكانت القيادات الكردية الاخرى المنافسة للشيخ محمود ومن بينها الشيخ عبد الكريم في منطقة ( قادركرم) وبابكر أغا . قد أبلغت السلطات البريطانية بأن الشيخ محمود يخطط لعمل ما مع بعض اتباعه أمثال ( محمود خان دزلي)و( عباس محمود أغا) في منطقة ( بشدر) وبأنهم أقسموا على القرآن بمهاجمة أربيل وكركوك في حال إنسحاب الاتراك الى الحدود التركية.
كما قام قائمقام خانقين بإبلاغ لواء كركوك بأن العشائر الكردية في ( كفري) تتهيأ للزحف نحو كركوك . فبادر الممثل البيرطاني في السليمانية المقيم في كركوك في 24 و25 شباط/فبراير 1923 الى إسقاط منشورات موجهة الى الشسيخ محمود تنذره بعواقب أعماله .
وفيما يلي نص ما ورد في المنشور:
بناءاً على التعليمات الصادرة لي من سعادة المندوب السامي بتوجيه هذا الاعلان لكافة اهالي السليمانية:
تمّ قبل خمسة اشهر تسليم حكومة لواء السليمانية الى مجلس اللواء وقامت الحكومة البريطانية بالعطف على مسألة عودة الشيخ محمود ليصبح رئيسا لهذا المجلس بهدف إبقاء إستمرار إدارة اللواء تحت إدارة كردية إستناداً الى القانون وما فيه صالح الاهالي ؟،إلا أنه مع الاسف حصل العكس ،إذ رفض قليل من الاشخاص الذين تولوا السيطرة مشورة الضباط البريطانيين باستمرار والذين كانوا دائماً على استعداد لمساعدة حكومة اللواء . وكانت تصرفاتهم قمعية ومضادة للقانون، وهناك سلسلة من التصرفات الأخرى التي دفعت بسعادته الى التشكيك بنوايا هؤلاء الذين يديرون الامور. رفض قليل من الاشخاص الذين تولوا السيطرة مشورة الضباط البريطانيين بإستمرار والذين كانو دائماً على إستعداد لمساعدة حكومة اللواء. وكانت تصرفاتهم قمعية ومضادة للقانون ، وهناك سلسلة من التصرفات الاخرى التي دفعت بسعادته الى التشكيك بنوايا هؤلاء الذين يديرون الامور.
لذا فإن صاحب السعادة قد أمر بأنه حال إستلام هذا الانذار يتوجب على الشيخ محمود أفندي واعضاء مجلس اللواء التوجه الى بغداد عن طريق كركوك دون تأخير او عذر وأن يحضروا هناك ويقدموا تقريراً الى صاحب السعادة حول إدارتهم للواء.
وقبل مغادرة المجلس يتوجب عليه تعيين عدد من الاشخاص لادارة شؤون اللواء وللحفاظ على النظام في بلدة السليمانية . واذا ما وقع أي إخلال بالنظام او وقعت جريمة فسيحاسب ويعاقب هؤلاء المسؤولون .أما بصدد إدارة المناطق الواقعة في الخارج فقد صدرت الاوامر للقائمقامين ومدراء النواحي في الوقت نفسه,
لذا فقد تمً الابلاغ بأنه اذا لم يصل الشيخ محمود واعضاء مجلس اللواء الى كركوك خلال مدة خمسة ايام إعتباراً من التاريخ الحالي للتوجه الى بغداد فستقوم الحكومة بإظهار هيبتها وأن أي ضرر أو خسائر تحصل لكم ستكون على مسؤوليتكم . وإذا ما جاءوا فوراً كما تمّ توجيه الأمر والانذار الحاد الى الشيخ محمود برسالة منفصلة . وتمّ ارسال رسائل أخرى أيضاً الى عبد القادر في (سكناو) و(بابكرأغا وعباس محمود أغا – اغوات عشيرة الجاف – وعبد الله خان بهادر ومحمد أمين أغا هماوند وسوار اغا بيباس وإبلاغهم بالغاء حكومة الشيخ محمود بالاضافة الى التعليمات الأخرى حول مسؤولياتهم القادمة عند تشكيل الادارة الكردية الجديدة . وتمّ إبلاغ عبد القادر بإستلام مسؤوليات ناحية ( سنكاو) وناحية ( قره داغ) وإبلاغ اغوات (بشدر) بإستلام المسؤوليات في اقضية (قلعة دزة) و( ميركة وبشدر ) والمراسلة مع المستشار البريطاني في لواء كركوك من خلال قائمقام ( كويسنجق) جميل اغا . كما تمّ إبلاغ رؤساء عشيرة الجاف بفصل حلبجة من ادارة لواء السليمانية ، والطلب منهم لتعيين الموظفين هناك والمراسلة مع الضابط البريطاني في كفري. وكذلك صدرت التعليمات الى قائمقام (جمجمال) بممارسة مهامه كالعادة .أما (سواراغا) فقد تمّ إبلاغه بفصل قضاءرانية بشكل مؤقت عن حكومة السليمانية . وصدرت الاوامر أيضا الى الشيخ عبد الله الذي عينه الشيخ محمود قائمقاماً على رانية بتسليم مهامه الى اقدم ضابط في قوات ( الليفي) في رانية والعودة الى السليمانية. وبالمقابل وكمحاولة لكسب الوقت اعلن الشيخ محمود عن إستعداده لارسال وفد آخر للتفاوض مع السلطات البريطانية . وفي حالة فشل هذه المهمة فإنه يعرض إستقالته والانسحاب من السليمانية لكي لا يجلب الخراب على السكان. لذا فقد طلب منحه مهلة للانسحاب مع عائلته الى إحدى القرى التابعة له. . فبادرت مجموعة من شخصيات السليمانية يبغ عددها (50) شخصية بضمنها أعضاءحكومة الشيخ السابقة بالابراق الى المندوب السامي معربين عن دهشتهم للتشكيك بإخلاصهم.
فبادر بعدها الشيخ عبد القادر من( سنكاو) بالذهاب الى السليمانية بناءاً على الاوامر الصادرة له لاستلام إدارة اللواء من الشيخ محمود وتسليمها الى جماعة منتخبة من شخصيات البلدة على أن ترسا اسماؤهم من قبله الى المندوب السامي في بغداد. كما صدرت التعليمات الى الشيخ محمود بمغادرة السليمانية الى احدى القرى التي سيتم الاتفاق عليها قبل مساء يوم 1 آذار/مارس وكذلك إرسال وفد من الشخصيات المهمة في السليمانية الى كركوك بعد وضع الترتيبات لتشكيل الادارة الجديدة في اللواء .
وبتاريخ 3 آذار/مارس بادرت القوات الجوية البريطانية الى قصف مدينة السليمانية بعد فشل الشيخ محمود بالامتثال للاوامر والتعليمات البريطانية .
وفي اليوم نفسه وصل وفد كردي الى كركوك مؤلف من شسخصيات السليمانية يرأسه ( الشيخ قادر) شقيق الشيخ محمود ، ويضم ايضا مصطفى باشا وأحمد فتاح بك وهو من العناصر الموالية للاتراك
و( كريم الاكه) احد التجار المسيحيين الذي شغل منصب مدير المالية في حكومة الشيخ محمود و(حمه أغا) فغادر عند ذاك الشيخ محمود السليمانية في الساعات المبكرة من صباح يوم 4 آذار/مارس ترافقه قوة من ( الليفي) الكردية في السليمانية.
وكان وفد كردي برئاسة الشسخ قادر شقيق الشيخ محمود قد توجه الى بغداد ووصلها يوم 21 آذار/مارس اذ انضم الى الوفد هناك الشيخ عبد الكريم من شيوخ منطقة (قادر كرم) والذي يعتبر من اكثر الشخصيات عقلانية وحكمة من بين اعضاء الوفد واجرى الوفد مقابلة قصيرة مع مساعد المندوب السامي البريطاني هناك( السير هنري دوبس) ولم يتمكن الشيخ قادر واعضاء الوفد من صياغة أية مقترحات وافكار حول مستقبل السليمانية. بل اصر الوفد فقط على ضرورة ارسال وتواجد القوات البريطانية ومستشار بريطاني هناك بإستحالة عودة الشيخ محمود وسلطته الى السليمانية
الا انه استنادا الى المعلومات التي وصلت الى السلطات البريطانية في بغداد من مصادرها في كركوك تؤكد بأن الوفد قد اقسم على القرآن بعدم القبول بأي قرار مضاد لمصالح الشيخ محمود .كما اجرى الوفد الكردي مقابلة مع الملك فيصل الاول يوم 24آذار/مارس وخلال زيارة الامير زيد الشقيق الاصغر للملك فيصل الاول لاربيل وكركوك يوم 25 آذار/مارس اكد له الزعماء الاكراد في اللواءين بأن الجذور الرئيسة للمشكلة الكردية وكردستان هو إعتقاد الاكراد بأن بريطانيا تنوي تسليم ولاية الموصل الى الاتراك ، لذلك فإنهم اصبحوا فريسة سهلة للدعايات التركية وبأن الزعماء الاكراد في المناطق المجاورة للواء كركوك يؤيدون بشدة موضوع الاستقلال الكردي التام اكثر من الزعماء الاكراد في لواءاربيل.
وفي مقره الأخير في( وادي سردشت) الواقع بين السليمانية ورانية بادر الشيخ محمود في آذار /مارس ارسال (بابكر أغا زعيم عشيرة (بشدر) محملاً برسالة الى السلطات البريطانية طالباً توضيح شروطه للتوصل الى سلام معها.إلا أن السلطات البريطانية اصرت على مجيئه الى بغداد لحل القضية ، وأكدت له عدم وجود أية نية لديها للقبض عليه او نفيه. وكان يحكم السليمانية في غياب الشيخ محمود خلال هذه الفترة صهره الشيخ ( غريب سوية) مع رضا بك وعبد الرحمن اغا ويدعمهم زعيم عشيرة الهماوند كريم فتاح بك الذي كان من انصار الشيخ محمود والمتهم بإغتيال الضابطين البريطانيين.( بوند وموكانت) والذي كان يقوم بمهمة جمع الضرائب من اهالي السليمانية .
وبتاريخ 10 مايس/ايار بادر الشيخ محمود بارسال رسالة أخرى من جهته الى المندوب السامي من مقره في ( سردشت) حملها رسوله الى السلطات البريطانية في كويسنجق معبراً فيها عن ولائه لبريطانيا وطالبا حقن الدماء . فتم ايصال الرسالة الى المندوب السامي في بغداد والذي ردّ على الرسالة مباشرة مكررا عروضه السابقة بضرورة قدوم الشيخ محمود الى بغداد للتحدث عن الترتيبات المستقبلية او الذهاب الى الضابط السياسي البريطاني المرافق للقوات البريطانية التي كانت تزحف آنذاك نحو السليمانية لاعادة الادارة الحكومية اليها. ووعد المندوب السامي مرة اخرى بالمعاملة المحترمة والسلامة الشخصية للشيخ محمود .
وبعد وصول القوات البريطانية الزاحفة الى السليمانية بادرت الى تعيين الشيخ قادر شقيق الشيخ محمود حاكما على المدينة. يدعمه 50 من قوات ( الليفي) التي كانت تقوم بحماية السليمانية.
وكانت المراسلات الجارية بين الشيخ محمود والمندوب السامي البريطاني في بغداد خلال ذلك الشهر قد إنتهت بتوجيه المندوب بيانا رسمياً نشرته صحافة بغداد آنذاك تضمن العرض البريطاني للشيخ محمود لانهاء النزاع بين الطرفين وتضمن البيان لاقناع الشيخ محمود بحسن نية البريطانيين تجاهه :
لقدعلمنا بأن الشيخ محمود قد قام بارسال رسائل يبين فيها ولاءه للحكومة ورغبته خدمتها ، وتمّ إبلاغه جواباً على ذلك بأنه سوف لا يتعرض للعقاب لقيامه بمقاومة الحكومة اذا ما جاء الى بغداد وسيسمح له بالاقامة مع عائلته وسيعامل بكل احترام وتعطى له الحرية التامة ما دام لا يحاول مغادرة بغداد دون رخصة.. ( وليد حمدي ، الكرد وكردستان في الوثائق البريطانية ، دراسة تاريخية وثائقية، الطبعة ، مطبعة سجل العرب، الصفحة 157-172)
732 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع