قصة بطولة ... هجوم القوة الجوية العراقية على قاعدة رامات ديفد الجوية داخل الأرض المحتلة

         

قصة بطولة ... هجوم القوة الجوية العراقية على قاعدة رامات ديفد الجوية داخل الأرض المحتلة.

        

   

الخامس من حزيران عام 1967 وفي الساعة السابعة وخمس وأربعين دقيقة بتوقيت الأرض المحتلة من فلسطين قامت 188 طائرة إسرائيلية بمهاجمة كل مطارات الدول العربية، مصر وسوريا والأردن وكذلك العراق بالعملية المسماة (البؤرة Mokad) بثلاث موجات متتالية باستخدام قنابل جوية فرنسية الصنع مربوطة على صاروخ دفع يدعى (يولم)، وتمكنت من تدمير أغلب القواعد الجوية والمدارج والأوكار ومهابط السمتيات، خصصت إسرائيل 90% من جهدها الجوي للهجوم. وظلت هناك فقط 12 طائرة إسرائيلية لحماية إسرائيل. نتج عن العملية تدمير 451 طائرة عربية بيوم واحد وهي 70% من القوة الجوية لهذه الدول العربية، وكانت هذه العملية بداية حرب حزيران. وفي الساعة الثانية بعد الظهر من هذا اليوم 5 حزيران بتوقيت العراق كُلف تشكيل من طائرات "هوكر هنتر" العراقية بواجب الهجوم على مطار تل أبيب ولكنها فشلت بالوصول إلى الهدف مما جعلها تعالج أهداف بديلة، وعند عودتها إلى قاعدة الوليد الجوية في الرطبة (H3) هاجمتها الطائرات الإسرائيلية نوع ميراج3 وطائرات الفوتور وهي تحاول الهبوط على مدرج المطار. وصلت الطائرات الإسرائيلية في الساعة الثالثة وخمسة عشر دقيقة بعد الظهر بتوقيت العراق فوق القاعدة واستطاعت ضرب طائرة قائد التشكيل الملازم الأول الطيار نجدت النقيب الذي نجا من الموت كما دمرت طائرة نقل نوع AN12 وأخرى دوف وطائرة ميغ21 وعدد من الطائرات الجاثمة على أرض القاعدة لتدمر بنصف ساعة 11 طائرة عراقية وكان من بين الطائرات المُدمرة القاصفة السوفيتية توبوليف (16- Tu) وهي واحدة من ثماني قاصفات يمتلكها العراق منذ العام 1961، منها اثنتين خارج الخدمة والبقية موجودة في قاعدة الحبانية قرب مدينة الفلوجة، كما تم تدمير المدرج وإصابة عدد من الأشخاص بجروح. كانت هذه العملية الإسرائيلية بمثابة قرار إعلان حرب على العراق.

    

قررت الحكومة العراقية الرد، لذلك أصدر رئيس الجمهورية عبد الرحمن محمد عارف امره إلى قائد القوة الجوية العراقية آنذاك اللواء الركن جسام محمد الشاهر بالقيام بالرد على العدوان الإسرائيلي، فأصدر الأخير أمره إلى آمر قاعدة تموز الجوية في الحبانية المقدم حميد شعبان للقيام بعملية مدمرة خلال 12 ساعة، كانت القوة الجوية العراقية لديها خطط لعملية جوية اعدت قبل عدة أشهر ضد خمس قواعد إسرائيلية. لا يجد الباحث اسم معين لهذه العملية إلا أن بعض الوثائق الأميركية أطلقت عليها حينها أسم (عملية البرق). العملية هذه تقرر أن تكون مقتصرة على مهاجمة وتدمير قاعدة جوية واحدة وهي قاعدة (رامات ديفد Ramat David) بشمال إسرائيل. قسمت إسرائيل وقتها لثلاث مناطق عسكرية فيها 6 قواعد جوية رئيسية واحدة في الشمال واثنتين بالوسط وثلاث قواعد في الجنوب، وكانت قاعدة شمال إسرائيل هي (رامات ديفد) وهي كانت ولاتزال واحدة من اهم ثلاث قواعد جوية رئيسية في إسرائيل، تقع جنوب مدينة حيفا بالقرب من كيبوتس رامات دافيد وسميت باسم هذا الكيبوتس في سهل مرج أبن عامر بالقرب من مستعمرة مجدو 80 كيلو متر شمال تل أبيب. في هذه القاعدة كان ثلث القوة الجوية الإسرائيلية وربعها في الوقت الحالي. القاعدة كانت مركز انطلاق الهجمات الجوية على مصر والأردن ولبنان وسوريا بالإضافة للعراق عام 1967 أي في حرب حزيران. تبلغ مساحتها 8 كيلو متر مربع وفيها ثلاث مدارج طائرات وتتمركز فيها الأسراب (109، 110، 117). كانت هذه القاعدة محطة لسلاح الجو البريطاني عندما كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني بين عامي 1942 ــ 1948، وبعد إعلان دولة إسرائيل في بداية عام 1948 والحرب العربية الإسرائيلية احتفظت بريطانيا بالقاعدة مؤقتاً لتغطية انسحابها من فلسطين. وفي 22 مايس 1948 هاجمت الطائرات المصرية القاعدة معتقدة خطأ أنها قاعدة جوية إسرائيلية في سلسلة من ثلاث هجمات، دمرت عدة طائرات أو تضررت ودُمرت حظيرة للطائرات. وتم إسقاط 5 مقاتلات مصرية وفي 26 مايس 1948 تم تسليم القاعدة إلى الجيش الإسرائيلي الذي تم أنشاؤه حديثاً. وتعتبر القاعد التي تضم حالياً عدة أسراب من مختلف الطائرات بالإضافة إلى حوالي 1100 عسكري من أكبر القواعد الجوية الإسرائيلية. وللقاعدة مع العراقيين قصص لن تنتهي [حيث قصفت الطائرات العراقية القاعدة في عام 1948 وفي عام 1981 قام طيارو سربها 117 بقصف مفاعل تموز النووي في منطقة التويثة جنوب بغداد].

            

كان هدف عملية البرق أنهاء الخطر الجوي الإسرائيلي على أجواء العراق والأردن وسوريا ولبنان وذلك بتدمير قاعدة رامات ديفد بكل مدارجها وطائراتها ومركز عملياتها بقنابل لا تقل عن وزن 20 طن وسيفقد العدو ثلث قوته الجوية وستميل الحرب لصالح الدول العربية. أُقرت العملية بعد التعديل بعد 6 ساعات من الهجوم الإسرائيلي على قاعدة الوليد الجوية في الرطبة H3)). وتقرر أن تكون ساعة بدء عملية البرق الرابعة والنصف صباحاً بتوقيت العراق من يوم الثلاثاء 6/ 6 1967 وتنطلق الطائرات من قاعدة الحبانية الجوية، وتقوم بالمهمة أربعة قاصفات نوع توبوليف (16Tu-) تابعة للسرب العاشر العراقي ومقره قاعدة الحبانية تسليح كل منها بـ 12 قنبلة نوع ФАБ-500M54)) زنة 530 كيلو غرام لكل قنبلة. هذه القاصفة التي أطلق عليها حلف شمال الأطلسي أسم (بادجر) وتعني حيوان (الغرير)، كانت في تلك الأيام واحدة من أكثر القاصفات المتقدمة في الساحة، طورها الاتحاد السوفيتي لحمل قنبلة نووية وقادرة على حمل صواريخ وقنابل كروز والبقاء على قيد الحياة في بيئة عالية التهديد، وكانت مزودة بأسلحة إلكترونية وأنظمة خداع ولا يمكن إلا لأفضل الطائرات المقاتلة في ذلك الوقت الوصول إلى ارتفاعها وسرعتها. وتقرر أن يتم الهجوم على قاعدة رامات ديفد بأربعة موجات بزمن لا يتعدى الساعة. وتقلع القاصفات الأربع بفارق زمني مقداره 15 دقيقة بين كل منها باتجاه قاعدة المفرق الأردنية وعند المفرق تنخفض الطائرات لارتفاع 30 إلى 100 متر لتفادي اكتشاف الرادارات لها والاتجاه نحو القاعدة مع الأمر بتجنب المدن والقواعد العسكرية والمرتفعات وعدم استهداف أي هدف مدني والتركيز على مهاجمة القاعدة الجوية فقط. وتتبع القاصفات الأربعة مسارات مختلفة تماماً عن بعضها في الوصول لقاعدة رامات ديفد او عند الرجوع منها ويجب أن يكون مسار الوصول لكل قاصفتين فوق القاعدة متعاكسة وذلك لتشتيت وإنهاك دوريات العدو المكلفة بحمايتها والتي عددها ثلاث دوريات بكل واحدة منها طائرتي Mirage3 CJ)) لمنع التقاء الدوريات المطاردة والقاصفات مع بعض، وعند وصول القاصفة الأولى إلى الهدف تكون بارتفاع منخفض ثم تتسلق لأعلى ارتفاع ممكن أي من 100 إلى 200 متر لترمي قنابلها على المدارج وعلى مركز القيادة مع معالجة الطائرات الجاثمة على الأرض بالرشاش الثقيل ( AM- 23) لتعاود بعدها الانخفاض مرة ثانية مع مشاغلة دوريات القاعدة التي ستطاردها خلال مسار العودة إلى الحبانية. وفي لحظة قصف القاصفة الأولى للقاعدة تدخل القاصفة الثانية الأجواء الإسرائيلية وتأخذ مسار مختلف وتصل بعد 15 دقيقة فوق الهدف من اتجاه معاكس في وقت تسحب القصافة الأولى معها دوريات الحماية في مسار رجوعها لمشاغلتها لهذا تقل الحماية على القاعدة بنسبة الثلث. من المعلوم أن انتهاء الإنذار من أي غارة يحتاج بين 15 إلى 30 دقيقة، لهذا ستبقى الطائرات الجاثمة على الأرض طول زمن الهجمات وستبقى دوريات الحماية بلا إسناد أو وقود أو إعادة تسليح. وبما أن هجمات الطائرات الإسرائيلية تبدأ غالباً من بعد الشروق بثلاث ساعات لهذا فالطائرات المقاتلة كلها موجودة على أرض القاعدة. وحالما تصل القاصفة الثانية فوق رامات ديفد ستكون القاصفة الأولى خارج أجواء إسرائيل والقاصفة الثالثة قد دخلتها تواً لترمي الثانية قنابلها بنفس طريقة الأولى وهكذا الأمر مع القاصفة الثالثة والقاصفة الرابعة. بهذه الخطة ستُرمى قنابل بزنة 25.5 طن خلال ساعة فقط مع معالجة الأهداف الأرضية الأخرى بالرشاشات الثقيلة نوعAM-23) ) الموجودة بالقاصفات.

       

                القاصفة توبوليف (TU-16)

 كانت الخسائر الإسرائيلية المتوقعة في حال تنفيذ كامل العملية:

تدمير وإعطاب حوالي 90 طائرة، اخراج قاعدة رامات ديفد من الخدمة الفعلية، تحييد ما بين 500 إلى 1000 عسكري من مختلف الصنوف، تدمير مركز القيادة الرئيسي لشمال إسرائيل، أضعاف قدرة القوة الجوية الإسرائيلية على تهديد الدول العربية المجاورة.

تنفيذ عملية البرق:
كُلف الطيارون التالية أسمائهم بمهمة قيادة القاصفات المشاركة في العملية وهم:
قيادة القاصفة الأولى: الرائد الطيار فاروق يونس الطائي.
القاصفة الثانية: الرائد الطيار حسين محمد حسين.
القاصفة الثالثة: الملازم الأول طيار كمال داود
القاصفة الرابعة الملازم الأول طيار محمد عبد الواحد
بدأت تحضيرات العملية في قاعدة الحبانية الجوية منذ الساعة الثانية بعد منتصف الليل،عند الرابعة وخمس وأربعين دقيقة بدأت الشمس تشرق على منطقة الحبانية وهو موعد بدأ العملية، وهناك في قاعدة رامات ديفد سيكون الشروق عند الخامسة وإحدى وثلاثون دقيقة، وبذلك سيكون هجوم القاصفات العراقية قبل بدأ طائرات العدو الإسرائيلي بهجماتها الجوية التي كانت عادة تبدأ بعد الشروق بثلاث ساعات وستكون طائراتهم جاثمة على أرض القاعدة التي كانت تحوي 107 طائرة من نوعيات مختلفة مع 4 آلاف عسكري ومخازن ذخائر ومعدات ضخمة. وزعت الأطقم على الطائرات وبسبب مشاكل تقنية قبل التحليق تأخر وقت الشروع بالعملية خمسة عشر دقيقة، ثم حدثت مشكلة في محركات القاصفة الثانية فاستبدل طاقمها طائرته بالقاصفة الرابعة مما سبب تأخيرها حوالي 45 دقيقة للحاق بالقاصفة الأولى التي كان عليها التحليق ولا يمكنها انتظار القاصفة الثانية لكي يكفيها وقود الرحلة حتى الرجوع بعد انتهاء العملية.
حلقت القاصفة الأولى من قاعدة الحبانية بتاريخ 6/6/1967 عند الساعة 4:45 دقيقة صباحاً بتوقيت العراق، باتجاه قاعدة المفرق الأردنية (قاعدة الملك حسين الجوية 80 كيلومتر شمال العاصمة عمان). كان الطيار الرائد فاروق يونس الطائي ومساعده الملازم الأول طيار ماجد الطركي قد وضعا النقيب عادل كامل علي الرشاش الأول، ورئيس العرفاء شلاش سعدون ونائب العريف حسين مناجد على الرشاش الثاني والثالث، والرائد طارق موسى على الرشاش الرابع. ولكون الرائد الطيار فاروق هو آمر السرب العاشر فقد أصر على قيادة أول قاصفة.
حلقت القاصفة الأولى بارتفاع عال حتى وصولها قاعدة المفرق ثم انحدرت لأوطئ ارتفاع حسب الخطة حتى قاعدة رامات ديفد ((Ramat David التي وصلتها عند الساعة 5:58 بتوقيت العراق، ثم بدأت الهجوم مباشرةً فأسقطت القاصفة 12 قنبلة بوزن كلي 6.4 طن من القنابل على المدرج الأول والثاني مع معالجة شلاش وحسين بالرشاش الثاني والثالث الطائرات الجاثمة على الأرض وكذلك على مركز القيادة.
استمر الهجوم مدة خمسة عشر ثانية على القاعدة بمرحلة واحدة ذهاب وانتهى عند الساعة 5.59 بتوقيت العراق. واجهت القاصفة الأولى خلال هجومها مقاومات أرضية من بطاريات الدفاع الجوي (Bofors L70 40mim) وصواريخ الهوك (mim23) التي كانت حول القاعدة ومن الغريب انها وفي مسار العودة لم تقابل أية دورية أو طائرة إسرائيلية وعادت إلى قاعدة الحبانية عند الساعة السابعة وسبعة دقائق بتوقيت العراق.
حلقت القاصفة الثانية من قاعدة الحبانية عند الساعة 5.30 بتوقيت العراق باتجاه قاعدة المفرق الأردنية يقودها الرائد الطيار حسين محمد حسين، (وهو من الدورة السادسة كلية القوة الجوية العراقية التي تخرجت عام 1958)، وكان متمتعاً بإجازة مرضية، ولكنه أصر على تنفيذ الواجب شخصياً. ومساعده النقيب الطيار فائق علوان، (المتخرج من كلية القوة الجوية العراقية عام 1962). وكان الملازم الأول ملاح صبيح عبد الكريم القره غولي على الرشاش الأول ورئيس العرفاء رشيد إعدامه ونائب العريف عبد الغني يحيى على الرشاش الثاني والثالث، والملازم الأول ملاح غازي رشيد على الرشاش الرابع. وبعد قاعدة المفرق اتجهت القاصفة حسب الخطة إلى شمال طول كرم ومنها إلى شمال نتانيا الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط ولأول مرة تقوم قاصفة عراقية متجه نحو شمال فلسطين تحلق بموازاة الساحل ولتستمر بالطيران حتى منطقة (حابونيم) وبالتفاتة صعبة غيرت القاصفة اتجاهها نحو الشمال الشرقي باتجاه رامات ديفد، خلال مسارها واجهت القاصفة طائرتي ميراج (Mirage 3JC) إذ حاولتا الاقتراب لكن رئيس العرفاء رشيد والملازم الأول صبيح عالجاهما بالرشاش الأول والثالث فأصابوهما فتراجعتا للجانبين وللتوضيح فأن رشاش القاصفة TU16 هو نوع AM-23 السوفيتي الصنع ومداه الفعال بين (500 ــ900) متر بينما رشاش الميراج هو DEFA 30mm ومداه الفعال بين 150ــ 700 متر، وأطلقت طائرتي الميراج صواريخهما جوـ جو Shafrir MK.1 إسرائيلية الصنع على القاصفة العراقية فلم يصبها أياً منها.
فقدت إحدى الطائرتين توازنها فانسحبتا باتجاه قاعدة أخرى. وصلت القاصفة إلى رامات ديفد من جهة الجنوب عند الساعة 6:52 بتوقيت العراق وعند التفافها 270 درجة مرت بمدينة (مجدل هعيمق) القريبة من القاعدة فواجهت طائرتي دورية حماية القاعدة فعالجتهما بسرعة بالرشاشات 1 و2 وأسقطت أحداهما وبدأت الهجوم على القاعدة، أسقطت القاصفة 12 قنبلة بزنة كلية 6.4 طن على المدارج وعلى مركز القيادة هناك مع معالجة الأفراد والطائرات بأسلحتها الرشاشة. أستمر الهجوم على القاعدة لمدة 13 ثانية بمرحلة ذهاب واحدة، لكن طائرة الدورية الثانية بقيادة الطيار(أمنون آراد) كانت بانتظارها بعد القاعدة بعملية التفاف ونجحت بإصابة القاصفة بصاروخ Shafrir ، بدا واضحاً ان اصابتها لم تكن مؤثرة إذ أبلغت القاصفة 2 عند ارتفاعها مركز قيادة قاعدة H3 العراقية أن الإصابة ليست شديدة وستحاول إيجاد طريق اقصر للوصول إلى المفرق لكن انفجار مفاجئ حدث في خزانات الوقود جعلها تسقط مثل كرة لهب في منطقة غابات على بعد 23 كيلومتر جنوب شرق رامات ديفد وتحطمت واستشهد طاقمها حوالي الساعة السابعة صباحاً بتوقيت العراق.
في تلك الأثناء كانت القاصفات الثالثة والرابعة في الطريق إلى رامات ديفد قبل أن يتم تبليغهما من مركز القيادة بقاعدة الوليد الجوية في الرطبة H 3)) بإلغاء بقية الهجمات المرتبطة بالعملية ورجوعهما فوراً إلى قاعدة الحبانية الجوية وبذلك انتهت عملية البرق العراقية التي فيما لو نجحت بالكامل لكانت انعكاساتها على الحرب أكبر.
كانت خسائر الإسرائيليين في عملية البرق كالآتي:
- أسقاط طائرة ميراج سي جي 3 وأصابه طائرتين من دوريات الحماية.
- تحييد حوالي 43 عسكري إسرائيلي في قاعدة رامات ديفد.
- تضرر عدد كبير من مختلف الطائرات التي كانت جاثمة على ارض القاعدة.
- أصابه وتضرر 9 أبنية ومخازن ومدرجين منها مركز قيادة رئيسي.
- بعد أشهر أعلن عن عدة مناقصات للصيانة والتجديد في القاعدة الجوية.

بعد ثلاثة أيام من تاريخ الهجوم العراقي على قاعدة رامات ديفد نقلت جثامين طاقم القاصفة الستة المتفحمة إلى مستشفى هعميق HaEmek M.C شرق مدينة العفولة في فلسطين والأخيرة تبعد عن القاعدة حوالي 11 كيلو متر وظلت بثلاجات المستشفى هناك. في عملية تبادل الأسرى يوم 27 حزيران 1967 على جسر الملك حسين (اللنبي) فوق نهر الأردن، الذي يربط الضفة الغربية بالأردن على بعد 60 كيلو متر عن عمان. تم مبادلة الطيارين الإسرائيليين الذين أسقطت طائرات القوة الجوية العراقية طائرتيهما يوم 8 حزيران 1967 عندما حاولا اختراق أجواء العراق فوق قاعد الوليد الجوية 3H وهما: النقيب الطيار داود جدعون وكان يقود طائرة ميراج، والنقيب الطيار اسحق كولان وكان يقود طائرة فوتور، بثلاثة ضباط عراقيين و425 عسكري أردني فقط بلا رفاة أي من طاقم القاصفة، بعد ذلك تم عمل تشييع رسمي رمزي لهم بحضور وزراء الحكومة العراقية وبنيت لهم قبور فارغة. دفن الإسرائيليين ما تبقى من رفاة الطاقم بمقبرة تقع جنوب غرب مدينة العفولة في عدد من القبور المرقمة. رحمهم الله برحمته فقد كانوا نعم الرجال سطروا ملحمة رائعة في تاريخ القوة الجوية العراقية .

أما الروايات الإسرائيلية عن عملية البرق العراقية فقد تعددت وتضاربت في كل مرة وكانت كالآتي:

الرواية الأولى قبل 2015 وكانت: "لم تدخل أي قاصفة بالمواصفات هذه أجوائنا وهي جزء من البربوغندا الإعلامية للمهزومين."
الرواية الثانية بعد 2017: "القاصفة كانت تحمل 6 قنابل AFB500زنة 1طن وأبلغت عن وصولها لقاعدة رامات ديفد ورمت هناك حمولتها بلا مشاكل، حوالي الساعة 5:00 بتوقيت إسرائيل لكنها في الحقيقة وجدت بنايات عسكرية 10 كيلومتر جنوب شرق عفولة وقرب Ta’amach وظنتها هي القاعدة فرمت بحمولتها عليها ودمرتها تماماً الخسائر: تدمير 6 بنايات، قتل 2، وجرح 5 من العسكريين".
الرواية الثالثة حالياً: "وصلت القاصفة لمدينة ناتانيا الساحلية ورمت 3 قنابل عليها دون أن تنفجر وعند رجوعها واجهت دورية ميراج فأصيبت القاصفة بصاروخ لكنها وصلت للحبانية بسلام."
أما الرواية الرابعة وكانت بعد 2017 وهي عن القاصفة الثانية وتقول: "وصلت القاصفة إلى رامات ديفد لكنها فشلت بإسقاط القنابل وفي الساعة السادسة صباحاً بتوقيت إسرائيل اسقطت قنابلها على وسط نتانيا مخلفة قتيل و21 جريح مدني ثم خرجت إلى البحر المتوسط وعند رجوعها واجهتها دورية ميراج فلم تصبها لكن معالجتها لهم بالرشاش جعلتهما يهربان ثم وصلت لرامات ديفد وواجهت دورية ميراج أخرى فأصابتها بصاروخ فبدأت القاصفة تهوى حتى وصلت فوق قاعدة مجيدو وهناك تصدت لها مقاوماتها الأرضية فسقطت على مخازن عسكرية قريبة منها لتدمر ثلاث ثكنات ومدفعين ولتقتل بين 11 إلى 14 عسكرياً".
الرواية الخامسة وكانت كذلك بعد 2017 وهي الأخرى عن القاصفة الثانية : "بحدود الساعة السادسة صباحاً بتوقيت إسرائيل اخترقت قاصفة عراقية الحدود جنوب طول كرم لتصل إلى مركز نتانيا وترمي 3 قنابل لكنها لم تنفجر فجرحت 5 مدنيين وهدمت بنايات حيث شاهدها رادارنا لتستدير شرقاً لتواجه الطيار (أمنون آراد) وهي تمر فوق رامات ديفد فضربها عدة مرات لكنها لم تصب وبدأت مقاوماتنا الأرضية ترميها فردت بقصف مركز القيادة فيها حتى أصابها آراد بصاروخ وعالجها بالرشاش لتفقد الارتفاع ولتسقط على قاعدة أخرى فقتلت 14 عسكرياً ولاحقاً أثنين من خبراء المتفجرات عند إبطالهم لقنابل لم تنفجر."
الرواية السادسة حتى عام 2017: "وصلت القاصفة لمدينة مجدل هعيمق وفتحت نيران رشاشتها على قاعدة القوة الجوية هناك ثم اتجهت لمدينة العفولة وأسقطت 9 قنابل عليها ولم تنفجر أياً منها لكن بطارية مقاومة الطائرات هناك اصابتها فسقطت بقاعدة عاموس القريبة مخلفة 14 قتيل و8 جرحى من العسكر."
الرواية السابعة وهي متداولة حالياً: "في الساعة السادسة بتوقيت إسرائيل مرت القاصفة على وسط طول كرم وشاهدها السكان لتصل نتانيا وترمي 3 قنابل على وسطها لم تنفجر أياً منها مخلفة دماراً واسعاً بشارعين مع قتيلة وعدة جرحى مدنيين ومن هناك اتجهت للشمال الشرقي لتصل لمدينة مجدل هعميق شمال شرق قاعدة رامات ديفد بـ 5 كيلو متر وتهاجم مركزاً تجارياً فيها لكن مقاومات القاعدة فتحت عليها النار وبالمقابل فتحت القاصفة نيران رشاشتها على القاعدة ثم واجهت دورية الميراج لتصيبها بصاروخ فسقطت غرب العفولة بقاعدة عاموس العسكرية لتقتل 14 جندي بسبب وقودها وجنديين بقنبلة غير منفجرة."

           

    قائد القاصفة الثانية الرائد حسين محمد حسين (أبو هافال)

وهناك روايات عديدة أخرى مذكورة بكتب ومذكرات خاصة.

وفي الختام ففي الوقت الذي كان الاحتلال الإسرائيلي يحتفل بنشوة النصر الذي حققه في عملية (موكيد) الجوية عام 1967، والتي دمرت خلالها معظم سلاح الجو العربي في مصر وسوريا والأردن جاء رد العراق المباغت ليقلب كل الحسابات آنذاك ويسجل صفحة بارزة في تاريخ القوة الجوية العراقية، حيث كانت عملية البرق أكبر هجوم جوي عراقي على إسرائيل عندما دخلت الطائرات العراقية إلى قلب الأجواء الإسرائيلية في اليوم الثاني من الحرب واستطاعت تحقيق الكثير من الأهداف التي أذهلت الخبراء العالميين.

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1922 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع