لكي لايلعننا التاريخ/الجزء الرابع
بقلم: صديق المجلة / بغداد
ايضاح
من خلال الردود والتعليقات لمست ان هناك خلطا بين مفهوم الوطنيه والعماله وانا لم اتهم اي حقبه او نظام منذ عام 1921 وحتى 2003 بالعماله او الخيانه الوطنيه ..
الوطنيه وحسب فهمي لها هي الاعمال التي تصب في مصلحة العراق وسيادته وشعبه وثرواته وهذه لم يفرط بها اي نظام حكم تواتر على العراق حتى 9\4\ 2003 وكلها اتسمت بالوطنيه ولككل نظام كان يرى مصلحة العراق من وجهة نظر تختلف مع غيره في العلاقات الدوليه والمصالح المشتركه منها,, منهم من يرى المصلحه مع الغرب وآخر يراها مع الشرق ويجب ان لاننسى ان العراق كان دوله متخلفه ثم انتقل الى مصاف العالم الثالث وهنا لايمكنه ان يكون خارج التاثيرات و التوازنات الدوليه والمصالح الاقتصاديه والعلاقات وتأثيراتها ولايمكن لاي دوله من دول العالم الثالث ان تكون خارج هذه العوامل وخاصة ما افرزته الحرب العالميه الثانيه من مناطق نفوذ .
قبل ان نتناول موضوع الكويت لابد من الاشاره الى ان العراق كان محسوبا على الكتله الشرقيه خلال السنوات من 1972 كما ذكرت في الجزء الثالث وان الحرب العراقيه الايرانيه كانت بترتيب امريكي بالرغم من ان البوصله في العراق بدأت تتغير منذ عام 1985 عندما بدأت محاولات التقرب من امريكا والى اعادة العلاقات عام 1986 مصحوبه بمساعدات 700 مليون دولار وقد سمعت من المرحوم ( الحاج خير الله طلفاح ) في اواخر عام 1984 يقول ( لقد نصحت صدام ان يرتب الامور مع امريكا وان يعيد العلاقات معها لان ذلك في مصلحة العراق ) وهذا يعني ان صدام كان لايرغب في هذه العلاقه وانه قد اضطر اليها لاحقا بحكم الحرب والظروف وبذلك يعتبر قد ابتعد عن الكتله الشرقيه التي كانت في حقبة السبعينات هي السائده حتى كانت اللغه المشتركه هي الرفيق بين رفاق العراق والرفاق الحمر اينما كانوا...
ولازلت اذكر رسالة تهنئه من المرحوم احمد حسن البكر الى كيم ايل سونغ رئيس كوريا الشماليه تبدأ ( ايها الرفيق العزيز كيم ..) ولذلك طالما انتابني شعور بان هذا التبدل وما جرى بعده وتوجهه نحو المظله السوفيتيه سوف يجلب للعراق المتاعب...
احداث الكويت
خرج العراق من الحرب العراقيه الايرانيه قويا من الناحيه العسكريه والسياسيه ولكنه كان متضررا من الناحيه الاقتصاديه ومدينا باكثر من 67 مليار دولار ونذكر حديث المرحوم الدكتور سعدون حمادي الذي ترأس الوزاره بعد الحرب والذي ذكر فيه ان عائدات النفط لاتكفي لسداد فوائد الديون العراقيه ويبقى اصل الدين ثابتا وكانت اسعار النفط قد انخفضت بشكل كبير من 40 دولار تقريبا الى 13 دولار ..
حاول المرحوم صدام حسين ان يثني الكويت عن المسير في طريق اغراق السوق بالنفط خارج حصص اوبك ولكنها لم تأبه بالموضوع واستمرت حتى انها بدأ ت باعمال استفزازيه وخاصة تصريحات بعض المسؤولين واغراق السوق العراقيه بالعملة المزوره واشتركت معها دولة الامارات ولكن بشكل اقل تأثيرا وقد حاول العراق ان يصلح الموقف في مؤتمر القمه العربيه في مايس 1990 الذي عقد في بغداد وارضاء امريكا باعادة حسني مبارك عميلها الى الحضيره العربيه وانشاء مجلس التعاون العربي مع مصر والاردن واليمن حلفاء امريكا للايحاء بان النظام بالعراق يميل الى هذا الجانب وليس غيره ومع كل ذلك لم تنصاع الكويت وظلت تمارس سياسة الضغط على العراق وهو في حالة اقتصاديه صعبه ولديه اكثر من مليون شاب تسرح من الحرب وبحاجه الى فرص عمل ويحتاج الى خطط تنميه كانت قد اؤجلت او تأخرت بسبب الحرب..
كانت الكويت قد استحوذت على حقل الرميله الجنوبي واستغلته وسحبت منه ويعادل 10 مليار دولار خلال الحرب العراقيه الايرانيه وهذا المبلغ هو الذي طالب به العراق ورفضه سعد العبدالله حتى بعد توسط السعوديه .. وفي لقاء مع احد شيوخ الكويت بعد دخولها بايام قوله: ان السبب كله بهذا العبد ابن السوداء وكأنه يدفع من بيت الخلفوه لو كان طلب منا جمع هذا المبلغ لكنا جمعناه له ولكنه شخص حاقد حتى على نفسه و لايريد خيرا لاحد ..
كل ذلك اضافة الى النزعه القويه واسلوب الرد بالقوه التي كان يتصف بها النظام العراقي وخاصة وهو يملك اكثر من 80 فرقه عسكريه موزعه على ثمانية فيالق وقوات الحرس الجمهوري المؤلفه من 12 فرقه وقوات حرس الحدود وخبرة حرب متراكمه كل ذلك يجعله غير قادر على كبح جماح الرغبه بالرد على الاخرين الا بمنطق القوه العسكريه ,وايضا من الصعب ان تقوم دوله مثل الكويت ( يهود العرب ) بهذه الاجراءات ضده وهي اصغر دوله عربيه , وهذا ما حصل ..
بدأت عملية الكويت من شهر حزيران بعد شهر واحد من مؤتمر القمه العربيه الذي عقد في بغداد عام 1990 عندما تحركت قوات الحرس الجمهوري الى منطقة جبل سنام في محافظة البصره تحت مهمة اجراء تمرين صحراوي ولكن طلبات الاعتده ومواد تموين القتال كانت لاتتناسب مع قياسات التمارين بل كانت تكفي لمعركه اقلها تدوم لمدة شهر وخاصة الاعتده وانواعها ..
كلف الفريق اياد فتيح الراوي قائد قوات الحرس الجمهوري باعداد الخطط الازمه لاجتياح الكويت في عملية تأديبيه لاتتجاوز ثلاثة ايام وبدون علم وزارة الدفاع وحتى قادة فرق الحرس الجمهوري وقد قام قائد الحرس بانجاز الخطه واجرى استطلاع ميداني شخصي بسياره مدنيه متنكرا بزي صياد بدوي داخل الاراضي الكويتيه ولمدة يوميين متتاليين وعرضت الخطه على الرئيس واقرت مع عدم تحديد يوم التنفيذ بانتظار الاجراءات الدبلوماسيه ومنها وساطة السعوديه حول الموضوع ولكن جرى ماجرى من احداث يتحمل مسؤوليتها سعد العبد الله الصباح ذلك العبد الاسود الذي جر المنطقه الى كارثه لاتزال تحصد آثارها لحد الان ومعه التصرف العراقي المتسم بالتعجل والعصبيه ..
صدرت الاوامر بالشروع بالحركه وتنفيذ الهجوم بالساعه 200 من صباح يوم 2\8\1990 بثلاثة ارتال :
الاول : البحري اي المحاذي للساحل وعليه فرقة حمورابي التي يقودها الفريق قيس جواد
الثاني : الاوسط باتجاه المطلاع وكانت عليه فرقة المدينه المنوره وقائدها ضياء ماهر الذي نحي عنها بسبب تأخره عن التنفيذ وتعقبها فرقة عدنان التي يقودها فوزي لطيف .
الثالث : الصحراوي والذي يسير بمحاذاة الحدود السعوديه العراقيه والسعوديه الكويتيه وصولا الى البحر وعليه قيادة فرقة توكلنا على الله وقائدها احمد عبد الله صالح .
في وزارة الدفاع كان كل شيء هادىء وفي صبيحة ذلك اليوم 2\8 لم يكن في الوزارة ما يشير الى حدوث اي شىء خاص يتطلب تواجد او عمل وبدأ الدوام فيها بالتوقيت المعتاد واذكر ان تبليغ السيد وزير الدفاع الفريق الاول عبد الجبار شنشل كان عن طريق الفريق سلطان هاشم بالساعه 8 صباحا مع بداية دخوله الى مقره في الوزاره والفريق سلطان هو ايضا كان قد تبلغ عن طريق ضابط ركنه في رئاسة اركان الجيش تلقى الخبر من الراديو ..
كانت الكويت تملك ثلاثة الويه ولواء حرس اميري وكانت موزعه في الكويت والمطلاع والاحمدي ولكنها كانت تخزن اسلحه ومعدات تابعه لقوات الانتشار السريع الامريكيه منها لواء دفاع جوي ( هوك ) حديث ومقر قيادة عمليات دفاع جوي تابع للحلف الاطلسي تحت الارض في معسكر الامداد والتموين في ضاحية صباح السالم وهنا لابد من ذكر ان الاهداف التي كانت مؤشره على شاشة الاهداف في المقر الجوي تحت الارض كانت تضم مجموعه من الاهداف العراقيه ..
وهنا اذكر قولا للسيد رئيس اركان الجيش العراقي الفريق الاول نزار الخزرجي عندما شاهد هذه المعدات:
( ان صاحبنا استعجل ولو صبر الى عام 1995 لكان للعراق مقعدا في مجلس الامن ) وهو يقصد المرحوم صدام طبعا ولاادري المعنى الدقيق لهذا القول حيث انه يحتمل العديد من التفسيرات .
الجيش العراقي لم يكن مشاركا في عملية الكويت لاقياده ولا هيئات ركن ولاقطعات الا بعد الساعة 900 صباح يوم 2 \ 8 لاغراض الدعم اللوجستي والتنسيق وبامر شخصي من الوزير متوقعا طلبات اداريه كبيره وبعد تفاقم الوضع وارسلت قطعات الجيش العراقي لاحقا الى الكويت لتحرير الحرس الجمهوري ووضعه احتياط عام للقوات المسلحه حتى وصل تعداد القوه القتاليه في شهر ايلول عام 1990 للقوات العراقيه في الكويت بحدود ( مليون ومائتان الف من الضباط والجنود ) عدا الحرس الجمهوري الذي كان 12 فرقه من النخبه ..
بعد ان يأس المرحوم صدام حسين من الخروج من الازمه الاقتصاديه التي كانت من تدبير الولايات المتحده الامريكيه وعملائها ( الكويت ) ودول الخليج التي باتت فزعه من تنامي القوات العراقيه خوفا من غزوها او على الاقل ابتزازها او الضغط عليها عمدت الى الضغط الاقتصادي الذي خنق العراق الذي كان يعاني الكثير من الاقتصاد حتى ان الميزانيه التي نوقشت في وزارة التخطيط لسنة 1990 برئاسة المرحوم الدكتور سامال مجيد فرج تعرضت لتخفيض حصص الوزارات عدة مرات باسلوب النسبه اي مطلوب منكم تخفيض 25% وهكذا مما يدل على الصعوبات التي كان يمر بها العراق ..
وهنا لابد من ذكر الاسباب الرئيسيه لقرار امريكا انهاء العراق نظاما وشعبا وبلد :
لقد تصور صدام حسين انه بتهديد اسرائيل بحرقها بالكيمياوي المزدوج واحتلال الكويت سيكون بمثابة الضغط او ضربه لامريكا وحلفائها لكي يفكوا الخناق عن العراق اوان يلجئوا الى التفاهم معه والوصول الى اتفاقات اقتصاديه وسياسيه تفيد العراق في هذه المرحله مع العلم ان الولايات المتحده الامريكيه كانت تمنح العراق 700 مليون دولار مساعدات سنويه على شكل قمح ومعدات مدنيه منها زراعيه وقد اوقفت هذه المساعدات قبل احتلال الكويت و منذ اب 1989 وخاصة توريد الحبوب ..
في الحقيقه ان الحصار الامريكي قد بدأ في صيف عام 1989 على مراحل وقد اصبح كاملا في نيسان عام 1990 بعد تهديد اسرائيل اي ان نية العدوان كانت مبيته قبل احداث الكويت ولذلك اعتبرها صدام حسين فرصة لتوجيه ضربه استباقيه للتحالف الامريكي باحتلال الكويت
وكانت العمليه التي سميت بالاسم الرمزي ( يوم النداء ) عمليه مباغته وحققت نجاحا كبيرا على الصعيد العسكري ولكن الجانب السياسي لم يكن موفقا في ادائه مثل تمثيلية الانقلاب والمجىء بملازم اول (علي حسين ) ليشكل وزارة وهذا العمل لم يكن موفقا ولم يكن بمستوى الحدث الكبير وكان المفروض ان يكون للعراق شخصيات مرموقه ومعروفه تليق باستلام السلطه وخاصة ان العراق يمتلك الكثير من العلاقات الداخليه ولديه اكبر تنظيم مخابراتي داخل الكويت .. وكذلك فشلت اجهزة المخابرات من رصد العائله الحاكمه وحركتها والسماح لها بمغادرة الكويت بطائره امريكيه من داخل السفاره الامريكيه وارسال رتل تمويه من العجلات وحتى هذا الرتل لم يستهدفه احد ..
كانت العمليه برمتها لي ذراع بين التحالف الغربي من جهه والنظام العراقي من جهه اخرى وقيام العراق بمقاومة هذه العمليه وعدم التنازل ولكنه لم يأخد بنظر الاعتبار الموقف الدولي والوضع في الاتحاد السوفيتي الذي كان يسير نحو التغيير الشامل والقياده العراقيه تعلم بهذا التغيير مسبقا كما صرح به صدام حسين شخصيا في احدى الاجتماعات في صيف عام 1989 وكذلك في توجيهات الحزب عام 1986 عندما طلب تغيير النهج الاشتراكي في العراق لان الاشتراكيه في الاتحاد السوفيتي قد فشلت وان الاتحاد السوفيتي مقبل على تغيرات كبيره ,,
وكذلك الموقف العربي وكان ذلك يصب في مصلحة ايران دون ان تدري او لعلها تدري .. كنا نتوقع ان تتوطد العلاقات مع الولايات الامريكيه وان زيارات على مستوى عالي سوف تتم وخاصة بعد زيارة المرحوم الملك فهد الى بغداد والتي كان لها معنى قوي ولكن العراق لم يستغل الموقف و يبادر بارسال مسؤول عالي المستوى لترتيب الوضع مع الغرب حتى وان كان صدام حسين نفسه وذلك لايضير احد لانه في مصلحة العراق ..
لقد شاهدت بام عيني العمال الاسيويين وهم يبيعون مقتنيات ارباربهم في الاسواق وعلى الارصفه وكذلك فعل المصريين والسوريين والفلسطينين وكثير من هؤلاء سرق ارباب اعمالهم وبيوتهم وغادروا ليقدموا بيانات يطالبون فيها تعويضات خياليه وكانت البيوت والشقق تعرض للبيع موقعيا بكامل اثاثها وبمبالغ زهيده جدا حتى اصبحت التعويضات بمبالغ خياليه ولكن تمكنت اللجان المشتركه بعد عام 1992 بين العراق والكويت من تخفيضها بعد كانت اكثر من 500 مليار دولار ..
لم يجني العراق من عملية الكويت اي مكسب سوى زيادة الحقد على الكويتيين باضعاف ماكان عليه سابقا من قبل العراقيين والعرب واما على الصعيد السياسي الاقليمي والدولي فان العراق اصبح دوله محاصره بقرارات لم يسبق لاي دوله ان تعرضت لها في العصر الحديث وخسائر اقتصاديه مخيفه وتأخر التنميه لخمسة عقود على الاقل وتعويضات تدفع لمن يستحق ولمن لايستحق من اموال الشعب العراقي المسكين وجيشا هزيلا يأكل من لحمه تدريجيا حتى بانت عظامه من تحت جلده والتي لم تستطع ان تجعله يقف اياما امام غزو امريكا العدواني وموقفا عربيا مخزي وفي مقدمته الموقف المصري وكان كجزاء سنمار من قبل حسني العميل والسعوديه ومشروع القرار الذي قدمته وفيه مصطلحات انكليزيه لايمكن ترجمتها الى العربيه وهذه هي العماله التي نقصدها ...
وفي النهايه لقد تحمل العراقيين اخطاء قيادتهم وكان الضرر كبيرا ولكن يبدو ان المستهدف لم يكن النظام كما كانوا يقولون وانما المستهدف هو العراق والدليل ماجرى في 2003 وما يجري لحد الان والذي سيستمر حتى تتأكد القوى المعاديه للعراق انها قد انهت العراق كشعب بعد ان انهته كدوله ولكن سيبقى موضوع الكويت يطرق اذهان العراقيين وسيأتي اليوم الذي تعود فيه الحقوق المسلبوه من العراق وهذا ليس تمني ولكنه امر واقع لابد منه لانه سنة الحياة وعبرة التاريخ ...
( يقول التلموذ ان البابليين سيقومون بحرق اسرائيل مرة اخرى وسبي اهلها وعلى اليهود الحذر ) وهذا ايضا مذكور في القرآن الكريم في سورة الاسراء .. ولذلك ان على العراق ان يبقى متخلفا متخاصما وينزف دما ..ولكن يخسأوا فان امر الله سبحانه وتعالى نافذ ولامرد لامر الله مهما فعلوا ....
والى الجزء الاخر وفيه معاناة الحصار والغزو الامريكي للعراق
صديق المجله / بغداد
للراغبين الأطلاع على الجزء الثالث النقر على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/terathwatareck/5401-2013-07-15-21-42-13.html
392 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع