"سيق الجنود (البريطانيون المأسورون) إلى مسيرة موت قطعوا خلالها مئة ميل إلى بغداد وخمسمئة ميل أخرى إلى الأناضول، وهناك أُرغموا على العمل في بناء السكك الحديدية وهم مقيدون بالسلاسل، ولم يبقَ منهم على قيد الحياة سوى عدد قليل، لقد مُنيت قوات تاونسند بأكثر من 10 آلاف إصابة منذ بدء زحفها نحو بغداد وحتى استسلامها، ومُنيت القوات البريطانية التي جاءت لإنقاذها في كوت العمارة بثلاثة وعشرين ألف إصابة… كانت هذه مذلة قومية أخرى حلَّت ببريطانيا على يد عدوّ عثماني كان المسؤولون البريطانيون يعتبرونه دائما عديم الفاعلية".
(المؤرخ الأميركي ديفيد فرومكين في "سلام ما بعده سلام")
كان العراق على الدوام منذ العصور القديمة قبل الميلاد أرضا جاذبة لكل القوى العالمية التي امتلكت النفوذ والسطوة، ففيه يجتمع دجلة والفرات، وعلى شواطئ أنهاره وُجدت أخصب الأراضي، فقامت الحضارات الزراعية والتجارية، ثم عرف العالم الكتابة المسمارية القديمة من العراق، وكانت اللغة العالمية السائدة آنذاك، وبعد انقضاء عهود السومريين والبابليين والأكاديين، احتلَّها الفرس الساسانيون تارة، والبيزنطيون تارة أخرى، في صراع دام عدة قرون بين الحضارتين، ليعقد عليها الساسانيون رماحاهم وسيوفهم طوال قرون.
وحين جاء الإسلام وانطلق الفاتحون الأوائل مثل المثنى بن حارثة وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص وغيرهم من قادة الفتح الإسلامي من المدينة المنورة، دخل العراق في الربع الأول من القرن الأول الهجري إلى حوزة الإسلام؛ وفي ظلاله ازدهر بوصفه مركزا من مراكز الحضارة الإسلامية الجاذبة، ومعقلا من معاقل العلم، ومنبتا من منابت الصراع والشقاق أيضا، ثم أصبح مع مجيء العباسيين في القرن الثاني الهجري وبناء العاصمة بغداد في منتصف ذلك القرن مركز العالم الإسلامي طوال خمسة قرون ونيف فيما بعد. ورغم ذلك ظلَّت بغداد أرضا للحضارات والخصب والتجارة، ومركز العلم والثقافة والمعرفة، لكنها في الوقت ذاته لم تفتقر أبدا للصراعات والحروب على أرضها وعلى شواطئ نهريها.
إذ سرعان ما دخلها البويهيون الفُرس، ثم بعد قرن أو يزيد طردهم السلاجقة الأتراك، ثم حاول فاطميو مصر في الوقت نفسه الاستيلاء عليها قبل أن يستعيدها السلاجقة من جديد، ثم يدخلها المغول في منتصف القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي مُحطِّمين أعظم مآثرها العمرانية والحضارية والإنسانية؛ لتقوم على أنقاضها دولة الإيلخانيين المغول ثم التركمان من قبائل آق قوينلو وقرا قوينلو، قبل أن يدخل الصفويون الشيعة والعثمانيون السُّنة في صراع حُسِمَ بعد عقود وجولات ودماء لصالح العثمانيين، ليدخل العراق تحت حكم السلطان سليمان القانوني (1566م) إلى السيادة العثمانية منذ القرن السادس عشر ثم خلال السابع عشر.
وحتى فاتحة القرن العشرين ظلَّ العراق بصناجقه أو ولاياته في الموصل وكركوك ثم بغداد ثم البصرة يُدار من قِبَل باشاوات إسطنبول وتركيا، قبل أن يشهد العالم تغيُّرا هائلا في موازين القوى حين بدأ التنافس على خيرات الشرق وأراضيه يحتدم بين العثمانيين والروس والإنجليز والفرنسيين والألمان، هنا كان الصراعُ مُتوقَّعا على أرض الرافدين كما عرفنا من تاريخها الطويل. لكنه صراع البقاء بين التركي الأخير والإنجليزي الغازي المغرور، فكانت النتيجة هي "كوت العمارة".
فلماذا أراد البريطانيون احتلال العراق؟ وكيف كانت خطتهم في التوغُّل البري والعسكري؟ وكيف استطاع العثمانيون إيقاعهم في الفخ ومحاصرتهم طوال أشهر في منطقة كوت العمارة؟ ذلك ما سنراه في قصتنا التالية.
نفوذ إنجليزي مُتنامٍ
حين بلغت الدولة العثمانية أوج قوتها ونفوذها في عصر السُّلطان سليمان القانوني (1520-1566) وبعض مَن تلاه من أبنائه وأحفاده، مع رغبة العثمانيين في توسيع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع بعض الدول الأوروبية، مُنِحت فرنسا بعض الامتيازات في التجارة ورعاية المسيحيين المشرقيين وفق اتفاقية بين الجانبين سنة 1535، ثم رغبت بريطانيا في الحصول على مثل هذه الامتيازات خصوصا بعد تعاظم نفوذهم البحري في الخليج العربي منذ القرن السابع عشر الميلادي بعد طرد البرتغاليين، ولهذا السبب، وبعد مفاوضات بين العثمانيين والبريطانيين، وُضِعت اتفاقية الامتيازات البريطانية عام 1675 واستمرت حتى انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1918[1].
كان من جملة هذه المزايا التي حصل عليها البريطانيون سماح العثمانيين لهم بالتجارة والنقل في نهر دجلة فيما بين بغداد إلى البصرة والعكس، وقد تزايد النفوذ البريطاني في العراق مع النمو المُطَّرِد لتجارتهم، فترتَّب على ذلك ارتفاع منزلة الوكيل البريطاني في بغداد كلوديوس جيمس ريتش الذي حاول أن يصبح ذا نفوذ سياسي، وهو ما تمَّ له في عهد كلٍّ من عبد الله باشا وسعيد باشا اللذين توليا منصب باشوية بغداد بمساندته وتدخُّله لدى الباب العالي، وأدرك داود باشا الذي تسلَّم المنصب ذاته خطورة التدخُّل البريطاني في شؤون العراق، وحاول زيادة الضرائب على تجارة البريطانيين لكنه فشل في ذلك، وإن استطاع طرد ريتش من العراق سنة 1821[2].
لكن مع دخول الدولة العثمانية في حالة من الضعف منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وزيادة التنافس بين كلٍّ من روسيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا على أقطار الشرق الأوسط، فقد رأت هذه الأخيرة أن السيطرة على المضايق البحرية والطريق إلى الهند ومصافي النفط في عبادان ومناطق الأهواز في إيران هي مصالح عليا للإمبراطورية البريطانية يجب حمايتها بكل طريق ممكنة، وأن الدولة العثمانية التي كانت تُوصَف بالرجل المريض كانت وهي في سرير مرضها وأشد لحظات ضعفها لا تزال تعوق هؤلاء الوحوش الأوروبية والروسية عن تحقيق أهدافهم ومراميهم في الشرق الأوسط، وعلى الرأس منها -بالنسبة إلى بريطانيا- السيطرة على العراق[3].
جاسوسة بريطانية على أرض الرافدين
جرترود بِل
الأمر الأخطر بالنسبة للبريطانيين تَمثَّل في تقارب السلطان عبد الحميد الثاني (1876-1908) مع الألمان، حيث رأى إمكانية الاستفادة من تقدُّمهم العسكري والصناعي والاقتصادي وعدم وجود أطماع حقيقية لهم في ممتلكات الدولة العثمانية إذا ما قُورِنوا بالفرنسيين أو البريطانيين أو الروس، ولهذا السبب حَلَم السلطان عبد الحميد بمد مشروع للسكك الحديدية من برلين إلى بغداد لزيادة التبادلات التجارية بين الجانبين، ولربط المدن العثمانية في الأقطار العربية في الشام والعراق بالأناضول، كما عمل على التوازي على مشروع سكك حديد الحجاز للأمر نفسه، ولتيسير الزيارة والتنقُّل على الحُجاج والمعتمرين.
كان مشروع قطار برلين – بغداد يُمثِّل خطورة وكارثة على المصالح الإستراتيجية لبريطانيا في الشرق الأوسط والخليج، لأنه يُقرِّب غريمها التقليدي، ألمانيا، من أهم وأعظم ممتلكاتها في العالم وهي الهند، وتجعلهم يسيطرون على طرق التجارة في الخليج العربي، ولهذا السبب عملت بريطانيا طوال القرن التاسع عشر والثلث الأول من القرن العشرين على استكشاف شعوب وقبائل وعادات وجغرافيا الشرق الأوسط في الشام والعراق والجزيرة العربية من خلال مجموعة من كبار الرحالة والمستشرقين والباحثين الذين عملوا لصالح المخابرات البريطانية طوال هذه المدة، ولمع بين هؤلاء في الجزيرة العربية والشام توماس لورانس الذي اشتهر بلورنس العرب (1935)، وفي العراق جرترود بِل (1926)، وكلاهما ممن درس التاريخ والآثار في جامعة أكسفورد، واستُدعيا للعمل في مكاتب المخابرات والخارجية البريطانية في الشرق الأوسط ضمن مكتبَيْ القاهرة والهند.
طوال أكثر من سبعة عشر عاما، استكشفت جرترود بِل بلدان وقبائل العراق والشام وشمال الجزيرة العربية وإيران، وتعلَّمت الفارسية والعربية بطلاقة، وفي عام 1913 قامت برحلة من دمشق عبر صحراء النفوذ إلى حائل وعادت عن طريق بغداد وتدمر، وقد رسمت المناطق التي مرَّت بها في خرائط تفصيلية بيَّنت عليها الكثير من المعلومات عن القبائل وأماكن المياه، فمنحتها لهذا السبب الجمعية الجغرافية البريطانية ميدالية ذهبية[4].
وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى في أغسطس/آب 1914، كانت جرترود بِل في إنجلترا، وكتبت في سبتمبر/أيلول من العام نفسه تقريرا إلى الكابتن ديدس (Deedes) في إدارة العمليات العسكرية الذي رفعه بدوره إلى سير إدوارد جراي وكيل وزارة الخارجية البريطانية، وقد شرحت جرترود في تقريرها الحالة السياسية في الجزيرة العربية والشام والعراق، ولم يكن تقريرها يصف الشخصيات والجماعات والاتجاهات السياسية في الأقاليم العربية من الدولة العثمانية وحسب، ولكن أهميته تَمثَّلت في تنبؤها بردة الفعل المُتوقَّعة لهذه الجماعات والشخصيات العربية في حالة دخول العثمانيين الحرب ضد بريطانيا.
أفاضت جرترود بِل في الحديث مُستشرفة رد فعل آل صُباح في الكويت، وخزعل الكعبي أمير المحمرة في الأهواز، والسعوديين في نجد، وخريطة الشخصيات النافذة في العراق، فالسيد طالب النقيب الهاشمي القرشي، أحد كبار رجالات البصرة، وأحد المقربين من الدولة العثمانية، سيكون "مصدرا للمتاعب، وهو لم يتلقَّ عونا منا، ولكن تجارنا كانوا على علاقات طيبة معه" كما تقول في مذكراتها. وتُشير جرترود أيضا في تقريرها إلى أن "كلًّا من الزعيمين العربيين عبد القادر الخضيري الشمّري باشا في بغداد والسيد طالب باشا النقيب في البصرة يتمتع بنفوذ كبير في إقليمه يفوق نفوذ الباشا التركي (الوالي العثماني)"[5].
وقد أدركت المخابرات البريطانية أهمية ما كتبته جرترود بِل ورفعته إلى الإدارة البريطانية، إذ جاء متوافقا و"أكَّدته تماما التقارير التي يبعثها المفتشون البريطانيون في الأقاليم العربية". ولهذا السبب استُعين بها في مكتب القاهرة البريطاني، ثم اتجهت إلى الهند لمحاولة تقريب وجهات النظر بين مكتبَيْ القاهرة والهند البريطانيين اللذين كانا على اختلاف في وجهات النظر في جدوى إثارة العرب ضد الدولة العثمانية من عدمها، فبينما رأى مكتب القاهرة بزعامة لورنس وجرترود ذلك، كان مكتب الهند بزعامة برسي كوكس والكابتن شكسبير يرى عدم ضرورة ذلك، لأن استثارة العرب قد يتسبَّب في تنامي دعوات القومية العربية ويزعزع المصالح البريطانية في المنطقة فيما بعد.
الحرب الكبرى وحملة العراق
خط سكة حديد برلين – بغداد
على أية حال، أدرك البريطانيون منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر خطورة التقارب العثماني الألماني على المصالح البريطانية، سواء على صعيد تحديث الجيش العثماني أو في مشاريع إنشاء السكك الحديدية مثل خطوط الحجاز وبرلين – بغداد.
ولهذا السبب وغيره، ما إن اندلعت شرارة الحرب العالمية الأولى في أغسطس/آب 1914 إلا وأصدرت الحكومة البريطانية إلى مكتب حكومة الهند التي كانت تحتلها بريطانيا منذ عام 1857 أمرا بإرسال حملة عسكرية إلى الخليج العربي هدفها حماية مصافي النفط البريطانية في عبدان وإيران، واحتلال البحرين، ثم العراق الذي كان خاضعا لحكم الدولة العثمانية آنذاك. وبالفعل انطلقت الحملة العسكرية البريطانية من بومباي في الهند في 19 أكتوبر/تشرين الأول 1914 بقيادة الجنرال ديلامين ووصلت إلى البحرين واحتلتها بسهولة، ثم تقدَّمت إلى شط العرب وقصفت بلا هوادة المواقع العراقية والعثمانية، وفي 6 نوفمبر/تشرين الثاني استطاعت النزول إلى البر قُرب شط العرب وتمكَّنت من احتلال منطقة الفاو[6].
وقد حاول بيرسي كوكس الذي كان يُرافق الحملة بوصفه رئيسا للحُكَّام السياسيين البريطانيين في منطقة الخليج استقطاب العراقيين عبر إصدار بيان جاء فيه: "ليكن معلوما للجميع بأن الحكومة البريطانية لا تخاصم السكان العرب المقيمين على ضفتَيْ الشط، وعليهم ألا يخافوا من شيء؛ لأننا لن نتعرَّض لهم ولا لأموالهم إذا وقفوا معنا موقفا ودّيا، ولم يؤوا الجنود الأتراك أو يحملوا السلاح علنا"[7].
وبعد هجوم عنيف قاسٍ تمكَّنت القوات البريطانية من احتلال البصرة في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1914، وانسحبت القوات العثمانية التركية والعشائر العربية المؤيدة لها باتجاه الشمال، وقد أدرك البريطانيون أن اكتمال نفوذهم في الشرق الأوسط، وتأمين طرق المواصلات بين بريطانيا والهند، ومنع الألمان والروس من السيطرة على العراق، والقضاء نهائيا على الخلافة العثمانية التي دخلت في طور الضعف بعد الانقلاب على السلطان عبد الحميد عام 1908، وتأمين مصافي النفط في عبَدان في إيران وجنوب العراق، يُحتِّم عليهم الاستمرار في تقدُّمهم نحو الشمال للسيطرة على العاصمة بغداد[8].
زهو بريطاني وفخ عثماني!
أدَّى احتلال البصرة بسهولة إلى شعور الإنجليز بالزهو، واستطاع مكتب الهند البريطاني أن يقنع المسؤولين في لندن بأهمية مواصلة الحملة لاحتلال معظم الأراضي العراقية، فعُيِّن أحد الجنرالات المخضرمين وهو الجنرال السير جون نيكسون لقيادة حملة "ما بين النهرين" في 9 إبريل/نيسان عام 1915، وأدَّى ذلك إلى موافقة حكومة الهند على تقدُّم القوات البريطانية شمالا، لكن ما لم يُدركه البريطانيون أن العثمانيين كانوا يُعِدُّون لهم فخا في الشمال.
كانت المناطق الواقعة بين البصرة وبغداد تتميز بكثرة المستنقعات ووعورة الطريق ما بين أوحال وصحارٍ، فتقدَّم الإنجليز بقيادة الجنرال نيكسون يعاونه الجنرال تشارلز تاونسند حتى وصلوا إلى منطقة سلمان باك على مقربة من ثلاثين إلى أربعين كيلومترا جنوب بغداد، وهناك وقع الإنجليز في فخ العثمانيين الذين باغتوهم في معركة ضارية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1915، فتلقى البريطانيون ضربة قاصمة اضطرتهم للتقهقر صوب مدينة الكوت التابعة لمحافظة واسط جنوب بغداد بـ 180 كم، وهناك استطاع الجيش العثماني بقيادة خليل باشا إطباق الحصار الخانق على فلول القوات البريطانية المنهزمة بقيادة تاونسند[9].
حاول البريطانيون مرارا إرسال قوات مُسلَّحة لفك الحصار عن حملتهم الفاشلة، لكنهم رُدوا على أعقابهم، وبدأ المحاصرون في السقوط من الجوع والعطش وانتشار الأمراض، وحاول البريطانيون فك الحصار عن طريق دفع فدية بلغت مليون ريال ذهبي، لكن العثمانيين رفضوا، واستمر حصار الكوت مئة وستة وأربعين يوما، في نهايتها اضطر البريطانيون إلى التفاوض على شروط الاستسلام في 26 إبريل/نيسان 1916، حيث أصرَّ الأتراك على الاستسلام الكامل بدون شروط، فأُخذ قائد الجيش اللواء تشارلز تاونسند أسيرا إلى إسطنبول، وسيق الجنود البريطانيون إلى بغداد ومنها إلى الأناضول حيث عملوا في السخرة وفي بناء خط سكة حديد (برلين – بغداد)، وهناك قضى الكثيرون منهم نحبهم بسبب المرض والأعمال الشاقة[10].
كانت هذه الهزيمة ضربة مُذِلَّة للإمبراطورية البريطانية وهي في عنفوان قوتها؛ حيث سقط خلالها ما يقرب من 30 ألف قتيل بريطاني، وفي ذلك يقول المؤرخ الأميركي ديفيد فرومكين في كتابه "سلام ما بعده سلام" عن الجنود البريطانيين المأسورين إنهم "سيقوا إلى مسيرة موت قطعوا خلالها مئة ميل إلى بغداد وخمسمئة ميل أخرى إلى الأناضول، وهناك أُرغموا على العمل في بناء السكك الحديدية وهم مقيدون بالسلاسل، ولم يبقَ منهم على قيد الحياة سوى عدد قليل، لقد مُنيت قوات تاونسند بأكثر من 10 آلاف إصابة منذ بدء زحفها نحو بغداد وحتى استسلامها، ومُنيت القوات البريطانية التي جاءت لإنقاذها في كوت العمارة بثلاثة وعشرين ألف إصابة… كانت هذه مذلة قومية أخرى حلَّت ببريطانيا على يد عدوّ عثماني كان المسؤولون البريطانيون يعتبرونه دائما عديم الفاعلية، وكان المكتب البريطاني في القاهرة يعتزم سحقه بواسطة عمل تخريبي داخلي في وقت لاحق من عام 1916″[11].
—————————
المصادر
J. C. Hurewitz, Diplomacy in the Near and Middle East, p25-32.
المصالح البريطانية في أنهار العراق 1600- 1914م، ص28.
Fahir Armaoğlu, Siyasi Tarih, 1789-1960, s. 418.
محمود حسن صالح: جرترود بل أداة الاستعمار البريطاني في العراق ص195.
السابق ص197.
محمد سهيل طقوش: تاريخ العراق الحديث والمعاصر ص114.
جيرترود بل: فصول من تاريخ العراق القريب ص4.
Hüner Tuncer, Osmanlı İmparatorluğu’nun Sonu, Osmanlı İmparatorluğu ve Birinci Dünya Savaşı, s. 79.
محمد حمدي الجعفري: بريطانيا والعراق حقبة من الصراع ص18.
كمال ديب: زلزال في أرض الشقاق، العراق 1915- 2015، ص54، 55.
سلام ما بعده سلام ص228.
المصدر : الجزيرة
2189 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع