حادث تحطم طائرة وزير الدفاع عدنان خيرالله
بقلم الفريق الطيار الركن قيس ربيع العبيدي ( طيب الله ثراه )
حادث تحطم طائرة وزیر الدفاع عدنان خیرالله/بقلم الفریق الطیار الركن قیس ربیع - مجلة شھربان الألكترونیة ١٣ - ١٠ - ٢٠٢٠
تمر علينا ذكرى الثلاثين عامًا على الحادث المأساوي والمؤلم الذي أدى الى أستشهاد وزير الدفاع الفريق الاول الركن الطيار عدنان خير الله وطاقم طائرتة السمتية من نوع(T.S ) التي كانت تقلهم، لقد كان حقًا يومًا حزينًا لكل المؤسسة العسكرية ومن عمل بمعيته والى أهله وذويه وأقربائه وأصدقائه ومعارفه وجميع العراقيين لما يحمله من دماثة الخلق والمهنية وحسن التعامل .
خلال تواجدي وعملي في وزارة الدفاع العراقية بصفتي(ضابط ركن القوة الجوية والدفاع الجوي ومستشار وزير الدفاع لشؤون القوة الجوية والدفاع الجوي) في ديوان وزارة الدفاع في حينها، كانت تتناقل هنا وهناك أحاديث كنت وما زلت أسمعها من أشخاص سواًء اعرفهم أم لا من العسكريين والمدنيين وهم يتحدثون حول موضوع هذه الحادثة المأساوية ويعتبرونها أنها كانت مؤامرة ويوجهون أصابع الاتهام إلى الرئيس صدام حسين و حسين كامل، وقد كنت مترددًا كثيرًا في الخوض في هذا الأمر أو كتابة هذه الشهادة التاريخية أو نشرها، وقد أطلع أحد الأصدقاء على ورقة من مذكراتي الشخصية تتعلق بهذه الحادثة ونحن في سوريا وكانت له علاقة مع رئيس تحرير جريدة الصوت السورية حين أطلع على ما كتبته قام بنشرالموضوع باعتباره سبق صحفي في جريدة الصوت السورية، نفدت الطبعة الاولى من الأسواق وقامت الجريدة بطبعها مرة ثانية وكذلك نفدت
الطبعة الاخرى حتى أني لم أتمكن من الحصول على الجريدة في حينها لم أكن أتصور أن الجمهور يهتم بالموضوع بهذه الاهمية والاهتمام الكبيرلانها حقيقة تتعلق بتاريخ حقبة من الزمن ونحن كنا شهود عليها.
لقد وجدت من المناسب أن اكتب واكشف الحقيقة كما هي وذلك لقربي من السيد وزير الدفاع وفي يوم الحادث الذي ألم به أذ كنت في حينها وفي ذلك اليوم (ضابط خفر ديوان وزارة الدفاع) والذي صادف آخر يوم من شهر رمضان المبارك وهو يوم الجمعة ( 5 /5/ 1989 (لذا اقتضت الأمانة التاريخية والوظيفية والمسؤولية الأخلاقية أن أكتب وأوضح الحقيقة كاملة كما اعرفها ليطلع عليها العراقيون والعرب والعالم باسره بكل أمانة وصدق وكل ما سيأتي ذكره قد شاهدته بأم عيني وسمعته بأذني واللهعلى ما أقول شهيد , علما بانني اكتبه واذكر به للترحم على قادتنا الأفذاذ الذين سطروا الملاحم البطولية من تاريخ العراق).
بالساعة 1600 حسب التوقيت العسكري ( الرابعة) عصرا من يوم الجمعة (5 /1989/5 (اتصل بي المرافق الشخصي للسيد وزير الدفاع (الملازم
الاول هاني عبد اللطيف طلفاح ) وهو ابن عم السيد الوزير من مطار (المثنى) العسكري والخاص بديوان رئاسة الجمهورية والذي يتواجد فيه السرب الخاص للسيد الوزير وتتواجد فيه بعض الطائرات مختلفة الأنواع وهي 4 (طائرة سمتية نوع T.S وطائرة واحدة نوع PC7 وطائرة واحدة نوع PC9 وطائرة واحدة نوع برافو وطائرة واحدة نقل (توين /أوتر) كندية الصنع ومسجلة لدى الخطوط الجوية العراقية وذات 20 كرسي، ويقع هذا المطار في العاصمة بغداد من جانب الكرخ واخبرني قائلا (سيدي إن طائرة السيد الوزير قد تأخرت عن موعد وصولها إلى مطار (المثنى) قرابة (ثلاث) ساعات وقد وصلت الطائرتان السمتيتان المرافقة لسيادته إلى المطار وأخبرني قائد الطائرتين بان السيد الوزير قد أمرهم بالعودة من المنطقة الشمالية مصيف (انشكي) والرجوع إلى بغداد وقال لهم (سوف التحق بكم بعد ساعتين) إلا انه قد تأخر عن الوصول أكثر من (ثلاث) ساعات وانا لا اعرف سبب تأخره علما بأنني قد اتصلت بمنطقة (انشكي) واخبروني بانه قد اقلع بطائرته قبل أكثر من (ثلاث) ساعات وأرجو منك الاتصال والتحري عن مصير الطائرة وسوف اتصل بك لاحقا .
"مصيف اينشكي" يقع هذا المصيف في المنطقة الشمالية بين مصيف (سرسنك - وسولاف) التابعان إلى قضاء العمادية وإداريا إلى محافظة دهوك ويوجد في هذا المصيف دار استراحة ومهبط للطائرات السمتية للسيد الوزير ويعتبر منتجع جميل للراحة والاستجمام وما احلاه وأجمله في هذه المنطقة , إضافة الى ذلك توجد مغارة كبيرة واسعة استخدمت مستشفى ميدانية في حركات الشمال لقوات البيشمركة.
اتصلت فورا (بقاطع الدفاع الجوي الرابع) والمسؤول عن تأمين وسلامة طيران الطائرات في المنطقة الشمالية وكذلك أتصلت بقاعدتي صدام (الكيارة)- فرناس (الموصل) الجويتين وكان جوابهم بعدم توفر أي معلومات تخص أي طائرة, وعليه تم الاتصال بالمرافق الشخصي وأخبرته بعدم توفر أي معلومات عن الطائرة من قبل القاطع والقاعدتين المذكورتين أعلاه فقال لي (سيدي إني قادم إلى ديوان الوزارة)، وفي هذا الوقت رفع الأذان لصلاة المغرب وأفطرت بتناولي كوبًا من الشوربة ولم أتناول شيء آخر غيره لأني كنت قلق جدًا على مصير السيد الوزير، وصل المرافق الشخصي للوزير ويرافقه بعض من رجال الحماية وكانت حالته النفسية قلقة جدًا ومن حقه لكونه لا يعرف أي معلومة تخص السيد الوزير هل هو على قيد الحياة أم ماذا ؟
عاودت الاتصال بعد الإفطار (بالعميد الطيار فيصل حبو أمر قاعدة فرناس الجوية) و(المقدم الطيار أحمد عبو آمر جناح السمتيات) في القاعدة نفسها
وطلبت منهما التحري عن مصير الطائرة وتزويدي بالمعلومات التي يحصلون عليها , وخلال هذا الوقت اتصلت بمستشفى (اربيل - والموصل )العسكريتان وكان جوابهما بعدم معرفتهم عن أي معلومة تخص أي طائرة، كنا ننتظر بقلق شديد عن أي معلومة تتعلق بمصير الطائرة وطاقمها المؤلف من ستة أشخاص وهم الطيار الأول السيد الوزير/ والطيار الثاني المقدم الطيار سمير عبد الرحمن / والنقيب الطيار صائب نعمان مصطفى /ونائب ضابط فني زعيم / ونائب ضابط مصور عاصف خليل / وجندي مكلف عزيز ججو(مراسل) ).
بالساعة (2210 ) (العاشرة وعشرة دقائق مساءا ) رن جرس الهاتف المحوري ورفعت سماعة الهاتف للاجابة وإذا به المقدم الطيار احمد عبو على
الطرف الاخر وهو يقول لي (سيدي البقاء في حياتكم إن السيد وزير الدفاع قد استشهد) فأجبته (البقاء لله) وضعت سماعة الهاتف وأجهشت بالبكاء فقال لي المرافق والذي كان متواجدًا في غرفتي ( ها سيدي توفى السيد الوزير ) فأجبته (نعم) فأجهش بالبكاء مع أفراد الحماية وغادروا المكان،اتصلت على الفور (باللواء الركن ناطق داود الجبوري أمين السر العام لوزارة الدفاع) وقمت بإبلاغه بما حدث وأمر باستدعاء ضباط ركن الديوان وتم ذلك واتصلت بهم وطلبت منهم الالتحاق فورا فالتحقوا جميعا .
في الساعة (2400) (الثانية عشر) منتصف الليل عرض تلفزيون بغداد فلما عن زيارة السيد رئيس الجمهورية وعائلته والسيد وزير الدفاع والسيد حسين كامل للمنطقة الشمالية ولقاءه مع مجموعة من أبناء شعبنا الكردي وتحدث معهم حديثا ابويا ثم غادر المكان، ولم يتطرق تلفزيون بغداد عن ذكر أي شيء يخص الحادثة لعدم تبليغهم من أي جهة رسمية، وبعد مشاهدتي هذا الفلم الخاص بالزيارة وعرضه على شاشة التلفزيون (استنتجت بان ديوان الرئاسة لا يعرف أي معلومة عن الحادثة وذهبت مسرعا الى أمين السر العام لوزارة الدفاع وطلبت منه أن يتصل بديوان الرئاسة وتبليغهم بالحادثة، وبالفعل تم ذلك واتصل بأحد مرافقي السيد الرئيس (الرائد شبيب سليمان المجيد) وهو ابن عم السيد الرئيس صدام حسين والذي كان خفر في ديوان الرئاسة لهذا اليوم وتم إبلاغه بالحادث وقد كان جوابه (بعدم معرفته بالحادث وسوف يخبر السيد الرئيس فورا والمتواجد هو وعائلته في مدينة الموصل.
بالساعة (0300) (الثالثة فجرا) من يوم السبت (1989/5/6 (وهو اليوم الأول من عيد الفطر، استدعاني أمين السر العام وقال لي ( أذهب أنت وأحد ضباط ركن الديوان وهو العميد الركن برهان كاظم إلى مستشفى (ابن سينا) الواقعة داخل القصر الجمهوري لاستقبال جثمان السيد الوزير، نفذت
الأمر وذهبنا نحن الاثنان الى المستشفى ووصلنا إلى استعلامات القصر الجمهوري والتقينا مع أفراد حرس الباب النظامي للقصر وتحدثت معهم
عن سبب قدومنا لمستشفى (ابن سينا) ودخولنا الى المستشفى لاستقبال جثمان السيد وزير الدفاع، ففي هذا الوقت وصلت مجموعة من السيارات المسرعة باتجاه باب القصر الجمهوري وقال أحد حرس الباب انه موكب السيد الرئيس دخلت سيارات المرسيدس والتي يقدر عددها بحدود (15 –20 (سيارة وعليها أثار غبار وأتربة يدل على إنها جاءت من منطقة فيها عواصف ترابية وزخات مطر، دخلنا إلى المستشفى وجلسنا ننتظر وبعد مضي ما يقارب ( خمس) دقائق وصلت سيارة مرسيدس (ستيشن) للساحة الخلفية للمستشفى وفي داخلها (الجثمان) ولم يجري إطفاء محركها لغرض استمرار تشغيل جهاز التبريد.
لقد كنا نحن ضباط ركن الديوان الوزارة أول المستقبلين لجثمان الوزير ولم نشاهد أحد غيرنا في هذه المستشفى وبقينا ننتظر لفترة قليلة حتى حضر احد الأطباء وكذلك السيد الدكتور فاضل البراك مدير الأمن العام ومعهم أشخاص لا اعرفهم ووقفوا بجانبنا والكل حزين على هذا الحادث الذي ألم بالسيد وزير الدفاع
والكل صامته لهول الصدمة، وفي الساعة (0430) (الرابعة والنصف فجرا) وصل الرئيس صدام حسين ومعه حسين كامل وبعض من مرافقيه والأطباء من الباب الرئيسي للمستشفى متوجهين إلى السيارة التي تحمل الجثمان وقد توجه الرئيس إلى الباب الخلفي للسيارة وقام بفتح الجثمان بيده وكان الجثمان مسجى فوق انقالة وملفوفًا بقماش أبيض اللون (شرشف) ْوقد حاول الرئيس رفع القماش فلم يتمكن وأمر حمايته بإنزال الجثمان على الأرض، أخذ الرئيس سكينا من احد مرافقيه وشق الشرشف لينظر ويشاهد وجه السيد الوزير وقد شاهدته أنا بأم عيني وكان وجهه اصفر شاحب وعليه أثار غبار وشعر رأسه مرتب وعلى رقبته أثار دم وكأنه نائم، وفي هذه اللحظات والموقف الجلل انحنى الرئيس الى الأسفل وقبل رأس الوزير ويده اليمنى وأجهش في البكاء وأبكى من كان حاضرًا وشاهد هذا الموقف الحزين، خلال هذه اللحظات تقدم حسين كامل من السيد الرئيس وامسك به وسحبه للخلف واعتدل سيادته ومسح دموعه الغزيرة والحزينة لفقدان افضل أحد رموز القوات المسلحة والذي كان يعتمد عليه
في المهمات الخاصة والصعبة فهو من المقربين وابن خاله"الحاج خيرالله والذي ترعرعا سويا في بيت واحد فهو صديق حميم له والعلاقة الطيبة بينهما فهو يكمل احداهما الاخر وقال مخاطبا الأطباء (ما هو العمل) فأجابه احدهم "سيدي نذهب
بالجثمان للطب العدلي في مدينة الطب"فقال "فلنتوكل علىالله" .
إنطلق موكب الرئيس ومن معه والجثمان ونحن معهم إلى مدينة الطب وقد وصلنا إلى الباب الخلفي للمدينة والمقابل لنهر دجلة وكان الباب مغلقا ولا يوجد أحد من منتسبي مدينة الطب، وكنت أنا وزميلي واقفين بمسافة (10 (أمتار تقريبًا عن الرئيس ومعه السيد حسين كامل وقسم من مرافقيه وحمايته، خلال هذه اللحظات جاءنا احد المرافقين وقد أرسله الرئيس وقال لي ( السيد الرئيس يقول فليذهب الضباط إلى دائرتهم)، أدينا التحية العسكرية وانصرفنا باتجاه سيارتنا العسكرية، وبعد لحظات جاءنا نفس الشخص مسرعًا وقال إن السيد الرئيس يقول ( خلي يجي الضباط ) علمًا بان الرئيس وحسين كامل قد توجها باتجاه الباب الخلفي لمدينة الطب، وصلنا قرب السيد الرئيس وادينا التحية العسكرية ورفع يده وقال "أهلا" ثم قال لي "ماذا عملتم بخصوص التشييع" فأجبته "سيدي تم تبليغ المراسيم والانضباط العسكري وكل شيء جاهز إلا إن هناك شيء لم نعرفه"
فأنتبه وقال "ما هو" فأجبته "سيدي وقت التشييع" فسكت لحظة وقال"اتصلوا بالسكرتير وهو يخبركم بوقت التشييع"، بعدها أرسل على مرافقيه "ارشد ياسين وشبيب سليمان المجيد والدكتور فاضل البراك مدير الأمن العام" وأمرهم بالبقاء مع الجثمان لحين إتمام عملية تثبيت أسباب الوفاة من قبل أخصائي الطب العدلي ومن ثم غادر الرئيس مع حسين كامل بسيارته المرسيدس والتي كان يقودها الاخير، بعد ذلك غادرنا المكان وعدنا إلى مقر ديوان وزارة الدفاع بالساعة (0530 (صباحا.
وفي اليوم الأول من أيام عيد الفطر استيقظ الناس وهم فرحين مستبشرين بإفطارهم وانتهاء شهر رمضان وبعد انتهاء الخطبة وصلاة العيد والكل يسلم على الآخر في باحات الجوامع وانصرفوا الى مساكنهم، وعند وصولهم كانت المفاجأة عند سماعهم ومشاهدتهم قنوات الإذاعة والتلفزيون يتلى فيها آيات من القرآن الكريم على غير ما اعتادوا سماعه ومشاهدته في صباح يوم العيد ولم يعرفوا ما سبب هذا البث التلفزيوني، في الساعة (0800 )الثامنة صباحا جائهم الخبر اليقين حيث أعلنت وسائل الإعلام في الإذاعة والتلفزيون لتعلن خبر نعي "وزير الدفاع" كان النعي قد أذيع في نشرة الإخبار للسيد رئيس الجمهورية صدام حسين وكان مضمونه "هوى أحد النجوم المتلألئة في سمائكم أيها العراقيون إنه الفريق الأول الركن الطيار عدنان خير الله وزير الدفاع عندما كان بزيارة تفقدية للمنطقة الشمالية حيث قامت ثلاث طائرات سمتية بالإقلاع من المنطقة الشمالية متجه نحو بغداد وقد وصلت اثنتان منها وكبت طائرة الوزير بسبب عاصفة هوجاء أدت إلى تحطمها واستشهاد الوزير ومن معه" كان هذا هو"مضمون النعي" إلا انه ليس صحيحا كما ذكر في النعي أعلاه والذي لم يصل الخبر اليقين بالشكل الصحيح ولم نعرف من هو الذي أوصل الخبر إلى الرئيس صدام حسين بهذا الشكل والمضمون .
وحسب رأي الكاتب أن هذا النعي قد فسر بشكل سلبي اتجاه الرئيس صدام حسين لكون الطائرات الثلاثة التي أقلعت اثنتان منهما وصلت الى مطار المثنى وطائرة الوزير كبت فكيف يكون هذا ؟ فكثر القيل والقال ومن حق الناس أن تفسر ما تشاء من الكلام المادح والقادح.
شيع جثمان المرحوم وزير الدفاع تشييع رسمي وكان على رأس المشيعين السيد الرئيس صدام حسين وأعضاء القيادتين القومية والقطرية والقيادة العامة للقوات المسلحة والهيئات الدبلوماسية العربية والأجنبية وكبار رجال الدولة من المدنيين والعسكريين وقد خرج الناس في شوارع مدينة بغداد على جانبي الطريق المؤدي قرب الجندي المجهول باتجاه مطار المثنى إلى مثواه الأخير في مدينة (تكريت) ودفن هناك، وقد تم تأمين جثمانه لفترة قصيرة ونقل رفاته الطاهر إلى ساحة (نصب الشهيد) في العاصمة بغداد بمكان لائق بمكانته.
لقد حزن منتسبي وزارة الدفاع والقادة السياسيين والحزبيين وكل دوائر الدولة والشعب العراقي حزنا شديدا على هذا المصاب الجلل الذي فقد فيه رجل من خيرة الرجال الشجعان الذي يتسم بالشجاعة والإقدام، والأخلاق الرفيعة العالية، الإنسان المتواضع الكريم العادل الهادئ الذكي المحبوب من قبل كل من يعرفه وسمع به انه رجل المهمات الصعبة رجل كيس يحمل من الذكاء والفطنة ويتفقد زملائه الكبار منهم والصغار، فهو يتكلم مع كبيرهم وصغيرهم انه يتصرف وكأنه يعرف ان المنية قريبة منه، حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم العسكرية وماجستير العلوم العسكرية شهادة (الركن) كما انه حاصل على شهادة بكالوريوس باللغة الانكليزية جامعة بغداد، وله علاقات كثيرة ومتشعبة مع شرائح المجتمع العراقي والعربي والأوربي فهو قائد وأخ وصديق حميم لكل العراقيين العسكريين والمدنيين، مهما نكتب عن هذا الرجل من صفات حميدة فيه قليلة بحقه.
امر الرئيس صدام حسين بتشكيل (لجنة تحقيقية) بالحادثة من اختصاصيين لهذا الغرض وقد ذهبت اللجنة إلى مكان الحادثة قرب مدينة "الكوير"التابعة لمحافظة نينوى وبعد استطلاع المكان وشهادة الشهود ومن له علاقة بالحادثة تم التوصل إلى الحقائق التالية: -
أقلعت ثلاث طائرات سمتية نوع ST أمريكية الصنع من مطار المثنى بتشكيل مؤلف من 3 طائرات بقيادة وزير الدفاع متوجه إلى المنطقة الشمالية مصيف (انشكي) وقد وصل التشكيل إلى المنطقة المذكورة والنزول فيها بسلام.
بعد مضي عدة ساعات في مصيف (انشكي) ومقابلة السيد الوزير للرئيس صدام حسين وعائلته و حسين كامل، امر السيد الوزير قائدا الطائرتين المرافقين له بمغادرة المنطقة والعودة إلى بغداد والى مطار المثنى وأبلغهم أنه سوف يلتحق بهم بعد ساعتين من توقيت اقلاعهم وقد وصلت الطائرتين إلى مطار المثنى ونزلتا بسلام.
كانت تقارير الانواء الجوية تشير الى أن الجو في حالة ذهابه الى السوء وهنالك عواصف ترابية تقل فيها مدى الرؤيا أو تكون في بعض الأوقات معدومة وسرعة الريح السطحي في المنطقة الشمالية ومنطقة الحادث عالية إذ تتراوح (20-25 (عقدة لذلك أصدر مركز الانواء الجوية لقاعدة فرناس تحذير جوي وهنالك كان قاطع الدفاع الجوي قد أصدر الأوامر بمنع الطيران بسبب العواصف الترابية التي تتعرض لها المنطقة، كانت مدى الرؤيا معدومة (صفرا) والغيوم لا ترى بسبب العواصف الترابية.
بعد طيران طائرة السيد الوزير والتي هي من نوع(ST- 214-BELL والمرقمة 5700 (من منطقة مصيف (انشكي) متجه الى (بغداد) واجهت تلك العواصف الترابية مما أجبرت طاقم الطائرة بالنزول اضطراريًا وقد شوهد بيت شعر لأحد(الرعاة) بالقرب من الموقع الذي هبطت فيه الطائرة السمتية Helicopter وقد تم استقبالهم من قبل راعي الاغنام وبقي الطاقم والوزير في ضيافة الراعي أكثر من ساعة ونصف .
بعد أن شعر السيد الوزير بتحسن الحالة الجوية نسبيًا قرر الإقلاع بعد أن تم توديعه من قبل راعي الاغنام الذي كانوا بضيافته حيث أقلعت الطائرة وبعد دقائق قليلة جدًا تردى الجو بسرعة مرة أخرى مما اضطر قائد الطائرة بالعودة إلى نفس المكان الذي غادر منه قبل قليل.
في هذه الأثناء سمع (راعي الاغنام) صوت دوي قوي إلا انه لم يشاهد شيء بسبب العاصفة الترابية ومدى الرؤيا الرديئة، وبعد انقشاع التراب شاهد راعي الاغنام الطائرة التي أقلعت منذ قليل مصطدمة بالأرض فأسرع إليها هو ومن معه من أهل بيته لإنقاذ طاقم الطائرة وقد شاهدوا أربعة من طاقم الطائرة قد قضوا نحبهم وفارقوا الحياة، والاثنان الاخران منهم لا زالوا على قيد الحياة فأسرعوا بإسعافهم ونقلهم بسيارة(بيك أب) الخاصة إلى مستشفى الموصل العسكري، إلا ان أحدهم قد فارق الحياة خلال الطريق المؤدي إلى المستشفى وهو "النائب الضابط المصور عاصف خليل"وقد وصل "الجندي المكلف عزيز ججو (مراسل)" وهو على قيد الحياة.
ان قرار اللجنة النهائي ومن خلال مجريات الأمور وسير التحقيق تبين ان الخطأ هو (خطأ طيار) بسبب طيرانه بهذه الاجواء الرديئة (تحذير جوي) دون اخذ الموافقات الخاصة بالطيران من قبل قاطع الدفاع الجوي وهذه تعتبر مخالفة صريحة في نظامات الطيران،ولقد تم الحصول على تقرير لجنة التحقيق حول الحادث والتي نشرها "لواء الشرطة الحقوقي محي الدين محمد يونس" أم الحقائق في حادث مصرع المغفور له وزيرالدفاع الفريق الأول الركن عدنان خيرالله.
ويقول اللواء عزالدين: ونحن عندما نتحدث عن رواية أحداث سقوط طائرة وزير الدفاع الفريق الأول الركن (عدنان خير الله طلفاح) ومقتله بتاريخ 5 أيار
1989 نتوخى الدقة والصدق والحقيقة في توثيق أحداثها وتفاصيل ما حدث في ذلك اليوم حيث أثير الكثير من الأقاويل والاتهامات عن أسباب سقوط الطائرة فمنهم من يعتبره حادثًا مدبرًا من قبل الرئيس العراقي (صدام حسين) بالتنسيق مع صهره (حسين كامل) ومنهم من اعتبره حادثًا اعتياديًا يدخل في تصنيف القضاء والقدر, ولقد كتب الكثيرون في هذا الموضوع إلا أن أغلب ما كتب كان يشوبه عدم المصداقية من حيث تفاصيل الحادث وحقيقة أسبابه, وقد كنت غير مقتنع بالروايات التي تؤكد أو ترجح أسباب الحادث وتعزيه إلى ارتفاع شعبية المذكور في أوساط الجماهير العراقية وأوساط الجيش العراقي بشكل خاص وحصول الكثير من حالات التنافر والتقاطع بينه وبين الرئيس العراقي الذي دبر الحادث من أجل التخلص منه وحيث أن الحقيقة لا تغطى بغربال كما يقال, فقد اسعفني الحظ في اللقاء باللواء الطيار ...الذي كان يشغل منصب مدير السلامة
الجوية في قيادة طيران الجيش باعتباره رئيس اللجنة التحقيقة للتحقيق عن كيفية وقوع الحادث فذكر لي ما يلي:
بتاريخ 5-5-1989 تعرضت طائرة وزير الدفاع التي كان يقودها بنفسه إلى حادث سقوط وهي من نوع ST-214-Bell أمريكية الصنع وقد تم استدعائه
من قبل قائد طيران الجيش الفريق الطيار الركن (حسين الزبن) للحضور في القيادة فورًا في نفس يوم الحادث مساًء حيث حضر والتقى قائد طيران
الجيش ولاحظ عليه علامات عدم الارتياح والحزن وحالة نفسية متوترة وهو يبكي ولم يكن يعلم بتفاصيل الحادث وأسباب استدعائه إلا انه استنتج بأن
هناك حدث جسيم قد وقع وفع ًلا بعد السماح له بالجلوس وهو يردد ((عمنا استشهد))وطلب منه القيام باتخاذ الإجراءات اللازمة لغرض التحقيق في
الحادث باعتباره مسؤول سلامة الطيران ومن واجباته التحقيق في حوادث الطيران...
اترك الحديث لـ اللواء الطيار مدير السلامة الجوية ليكمل لنا سرد وقائع الحادث بحكم اطلاعه الواسع والحقيقي على ما جرى عصر يوم 5 مارس
1989 ومقتل وزير الدفاع الفريق الأول الركن (عدنان خيرالله طلفاح).... قائ ًلا:
باشرت مهامي فورًا وطلبت من قائد طيران الجيش إبراق برقيات فورية إلى جهات معينة سأذكرها لغرض مساعدتي في إجراءات التحقيق وكل
حسب اختصاصه لإبداء الاستشارة وقد تألف هذا الفريق"مستشارين اثنين من قيادة القوة الجوية من اختصاصي سلامة الطيران"مستشار من ديوان وزارة الدفاع"مستشار من جهاز المخابرات" مستشار من مديرية الاستخبارات العسكرية العامة" مستشار من ديوان رئاسة الجمهورية "مستشار من
وحدة القنابل الغير منفلقة "مستشار من الهندسة العسكرية. إضافة إلى طلبي للحضور معي في اللجنة مدير الهندسة الجوية ومدير التجهيز الجوي وآمر سرب الطائرة B والمهندس الأقدم للسرب 214 , وكان معي برفقتي المهندسين العاملين ضمن مديرية سلامة الطيران, طلبت حضور الجميع من خلال رسالتي في الساعة السابعة صباحًا في اليوم التالي في مطار المثنى الجوي في بغداد وطلبنا من قيادة القوة الجوية تهيئة طائرة مواصلات لنقل اللجنة والمستشارين إلى قاعدة فرناس الجوية في الموصل وطلبنا من آمر القاعدة تهيئة طائرتين سمتيتان من نوع 17-Mi لنقل اللجنة والمستشارين إلى مكان الحادث وقد حددنا اليوم التالي بسبب رداءة الأجواء وعدم إمكانية الذهاب في نفس اليوم لي ًلا.
في صباح اليوم التالي 6 مايس 1989 حضر جميع من طلب حضورهم في مطار المثنى وانطلقنا إلى قاعدة فرناس الجوية في مدينة الموصل وبعد
وصولنا إلى هناك تم نقلنا مباشرة بالطائرات السمتية إلى مكان الحادث والذي كان لا يزال الجو فيه مغبرًا ومدى الرؤية ضعيف علمًا بأن الطيارين
كانوا قد سبقونا في طلعة سابقة في الصباح الباكر لاستطلاع موقع سقوط الطائرة مما سهل علينا الانتقال إلى الموقع بسلامة وكانت مشاهدتي للطائرة المنكوبة قبل نزولنا من الجو ساقطة على الأرض وهي منبسطة خالية من العوارض الطبيعية وفيما يلي نص التقرير الصادرعن اللجنة الفنية الخاصة بالحادث:-
1 -معلومات أولية: طاقم الطائرة:الطيار الأول"الفريق الأول الركن عدنان خير الله طلفاح"والطيار الثاني "المقدم الطيار سمير عبد الرحمن محمد،
الركاب هم خمسة أشخاص وهم "الرائد الطيار صائب نعمان مصطفى"الفني الجوي ن.ض براد جاسم محمد صالح, "وثلاث أفراد من حماية السيد الوزير , معلومات عن الطائرة! بعد الرجوع إلى السجلات الفنية صحية الطائرة تبين أن نوع الطائرة هو بيل, التي تحمل الرقم المحلي 5700 ,برقم
الصنع 28145 ,مجموع ساعات الطيران (603 (ساعة و(25 (دقيقة منذ دخولها في الخدمة, عمر المحرك الأول 603 ساعة و25 دقيقة وعمرالمحرك الثاني (746 ساعة و25 دقيقة.
تقرير الحالة الجوية ليوم الحادث: التقرير الجوي الصادر من قسم الأنواء لقاعدة فرناس الجوية في الساعة 1700 من يوم 5 أيار 1989 وكما يلي:
عواصف ترابية وغبار متصاعد، الغيوم لاترى بسبب الغبار، مدى الرؤيا أقل من 800 متر، الريح السطحي (عقده) 8/240،الضغط الجوي 979 مليبار 734 ملم، درجة الحرارة 36 درجة مئوية,الرطوبة النسبية 25 ، %وقد أرفق التقرير بتحذير جوي صادر من الدائرة نفسها أعلاه والمنشئ في الساعة 1650 والنافذ من الساعة 1700 محلي إلى الساعة 2000 محلي من اليوم نفسه ((عواصف ترابية وزوابع رعدية شوهدت ومتوقعة الحدوث فوق بعض أقسام المنطقة الشمالية من القطر, الرؤية أقل من 1 كم, كمية الغيوم الرعدية 1-8/3 /750م))
2 -وصف منطقة الحادث: تقع منطقة الحادث في القسم الجنوبي من قرية (ال َكوير) بالقرب من الطريق العام (موصل – كركوك) وكذلك الطريق
العام (أربيل- مخمور) جنوب قرية (ملا قره) بمسافة 1 كم والمنطقة عبارة عن أرض مفتوحة مستوية جرداء غير مزروعة يقطنها بعض البدو الرحل
من رعاة الأغنام في بيوت شعر ولا تحتوي على أية عوارض طبيعية أو اصطناعية.
3 -ملخص الحادث: أقلعت الطائرة بالساعة 1535 من يوم 5 أيار 1989 من المنطقة الشمالية لمحافظة نينوى إلى بغداد بحدود الساعة 1730وحسب أقوال شهود العيان من منطقة الحادث سمع صوت طائرة سمتية أعقبها دوي ارتطام الطائرة بالأرض بالقرب منهم وعلى أثر ذلك توجهت مجموعة من الأشخاص المدنيين (رعاة غنم) إلى منطقة الحادث وتم إخلاء الشهداء والجرحى منها وأخبار المراجع بالحادث.
4 -تحليل الحادث: توجهت اللجنة المشكلة المكلفة بالتقصي إلى مكان الحادث وبعد فحص حطام الطائرة موقعيًا والاستماع إلى أقوال شهود العيان الموجودين في المنطقة وسماع شريط التسجيل الخاص بالمكالمات في السيطرة الجوية لقاعدة فرناس وقاطع الدفاع الجوي تبين ما يأتي:-
أ- ارتطام الطائرة بالأرض باتجاه (100 (درجة وبزاوية انحدار تقدر بحدود (10-15 (درجة وميلان إلى جهة اليسار وعزز ذلك انخلاع العجلة الامامية في منطقة الاصطدام مع وجود آثار ضربات الريشة الرئيسية بالأرض من الجهة اليسرى مما أدى إلى تحطم الطائرة كليًا وانتشار الحطام لمسافة (50(
مترا باتجاه الصدمة واستمرار القسم الرئيس من الطائرة بالتنطيط باتجاه 270 درجة.
ب- من خلال معاينة وفحص حطام الطائرة لم يلاحظ وجود دلائل لحدوث خلل فني أو حالة اضطرارية فيها أثناء الطيران أو آثار حدوث حريق أو انفجار
في الجو أو على الأرض.
ت- بعد الاستماع إلى المكالمات الراديوية بين السيطرة الجوية لقاعدة فرناس وطائرة الحادث تبين أن الطائرة كانت متجهة باتجاه (160 (درجة ولا
تنوي النزول في القاعدة وبين الطيار استمراره بالاتجاه أعلاه.
ث- بعد إقلاع الطائرة من مكان الواجب بالساعة (1535 (باتجاه (160 (درجة بمرور (10 (عشر دقائق طلب قائد الطائرة تغيير الاتجاه إلى 90 درجة لتجنب العاصفة وبعد مرور (4 (أربع دقائق أصبح اتجاه الطائرة 180 درجة وموقعها شمال شرق (ال َكوير) بمسافة (15 كم) وبين أنه سينزل في
منطقة شمال شرق مخمور بسبب سوء الأحوال الجوية وكان الوقت المتوقع للنزول هو الساعة (1600 (وبالساعة (1726 (أقلعت الطائرة مرة ثانية
من منطقة النزول نفسها ( أيد نزول الطائرة ومكوثها بعض شهود العيان في منطقة النزول) واتصل قائد الطائرة بالقاطع لغرض الإخبار بالعودة إلى قاعدة فرناس الجوية وفي هذه الأثناء تم إخبار القاطع من قبل سيطرة فرناس بالحالة الجوية وكانت عواصف ترابية مدى الرؤية أقل من (1 كم)
وسرعة الريح (15-20 عقدة) وتشتد في بعض الأحيان سرعنها، وبعد مدة من وقت الإقلاع تم الاتصال من قبل الطيار بالقاطع مخبرًا بأنه سيتوجه للنزول في منطقة النزول الأولى (شمال شرق مخمور) واستفسر القاطع عن أسباب العودة فبين الطيار بأن الأسباب تعود إلى رداءة الأحوال الجوية وعدم تمكنه من الاستمرار في الطيران إلى منطقة الموصل وتم الإخبار أصوليًا بالإجراءات المذكورة أعلاه إلى المسؤولين في مركز عمليات القاطع وبعد مرور دقيقتين تم اتصال القاطع بالطائرة للاستفسار منه ولكنه لم يتسلم أي جواب من الطيار فاعتقد بأن الطائرة هبطت في المنطقة وتم أطفاء الطائرة، وفي الساعة (1910 (تم إخبار القاطع هاتفيًا من قبل مركز عمليات القاطع بارتطام الطائرة المذكورة بالأرض وتحطمها.
5 -الاستنتاجات: إشارة إلى ما ورد أعلاه يتضح بأن سبب الحادث هو دخول الطائرة بوضعية غير اعتيادية (Position Usual Un(بسبب رداءة الأحوال الجوية وانخفاض مدى الرؤية المصحوبة بعواصف ترابية وكما جاء في تقارير الأنواء الجوية وأقوال شهود العيان مما أفقد طاقمها السيطرة
عليها وأدى إلى ارتطام الطائرة بالأرض وبسرعة عالية وزاوية انحدار شديدة مع ميلان إلى جهة اليسار (انتهى التقرير الرسمي).
لقد تم إيصال هذا التقرير إلى رئيس الجمهورية وفي نفس يوم صدوره من قبل اللجنة ولاحقًا قامت لجنة سلامة الطيران في قيادة طيران الجيش بإرسال نسخة من هذا التقرير إلى ديوان رئاسة الجمهورية وبعد إطلاع رئيس الجمهورية عليه وما جاء فيه من معلومات حول الحادث ومقترحات لتفادي مثل هذه الحوادث مستقب ًلا وأعيد لي التقرير باعتباري رئيس اللجنة مع تعليقه وتأييده وبالقلم الأحمر شاكرًا الجهود التي بذلت في إعداد التقرير ووافق على جميع ما ورد فيه من حقائق ومقترحات مستقبلية لعدم تكرار مثل هذه الحوادث.
وبعد انتهاء اللواء الطيار مدير سلامة الطيران ورئيس المجلس التحقيقي من سرد أحداث هذه الواقعة والتي أدت إلى مقتل وزير الدفاع الفريق الأول الركن (عدنان خير الله طلفاح) يوم 5 أيار 1989 شكرناه على هذه المعلومات القيمة والتي عززت من قناعتي الشخصية في كون الحادث كان حادثًا اعتياديًا يدخل ضمن حوادث القضاء والقدر والظروف الجوية في ذلك اليوم حيث العواصف الترابية الشديدة وانخفاض مدى الرؤية بشكل كبير أدى إلى صعوبة تمكن قائد الطائرة وزير الدفاع الفريق الأول الركن (عدنان خير الله طلفاح) من السيطرة على قيادة الطائرة, لاسيما وأنه كان على دراية بالقيادة لكنه لم يكن يمتلك خبرة كبيرة في قيادة الطائرات السمتية في هذه الأجواء وإنني استبعد الباعث الجنائي في سقوط الطائرة بالاستناد إلى قرار اللجنة.
وبعد أن ذكرنا التفاصيل الأساسية لهذا الحادث وكلنا أمل في كوننا قد استطعنا في كشف ملابسات أحداثه وأسبابه الحقيقية بعيدًا عن قناعاتنا المستندة على موقفنا ووجهة نظرنا حول أشخاصها... وكما يقول الإمام الشافعي:
يا َوَعيُن الرِ ضا َعن ُكل َعي ٍب َكليَلٌة ****َوَلِكن َعيَن ال ُسخ ِطُتبدي ال َمساوِ
ويقول الفريق الطيار الركن قيس ربيع العبيدي ويقسم بالله أن هذه هي الحقيقة والتي لا لبس فيها لكل قارئ ومستمع من العراقيين النجباء الذين سمعوا أحاديث وهمية وكاذبة اردت إيضاحها لكم ايها الاخوة الاعزاء وللأجيال القادمة والتاريخ العراقي الحديث فنحن شهود ولابد سنرحل الى العالم الاخر ولا يمكن كتمان الأحداث لأنها مهمة، لكي أبرأ البريء واللهشاهد على ما اقوله واللهمن وراء القصد.
رحم الله الشهيد عدنان خير الله واسكنه الله هو ومن معه جنات النعيم وشهداء العراق ورحم الله الفريق الطيار الركن قيس ربيع العبيدي الذي توفاه الله يوم 7/5/2020 بعد يومين من نشر هذا المقال رحمك الله وأسكنه فسيح الجنان.
الگاردينيا: كل الشكر للأخ والصديق / الصقر على هذه المادة التأريخية المهمة، جزاه الله الف خير وبارك الله فيه.
1403 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع