حرب احتلال العراق ٢٠٠٣ المرحلة الرئيسة الثانية ٢٠ – ٢٥ آذار/ مارس ٢٠٠٣

     

حرب احتلال العراق ٢٠٠٣المرحلة الرئيسة الثانية ٢٠ – ٢٥ آذار/ مارس ٢٠٠٣ /الحلقة / ٢

      

                   ٢٢ - ٣ - ٢٠١٨ 

     

استكمالا لما بعد المرحلة الرئيسة الاولى التي استهدفت راس القيادة السياسية العراقية فجر يوم 19 / 3 / 2003 التي بينتها في الحلقة الاولى ننتقل للمرحلة الرئيسة الثانية في المقال الاتي مع التقدير

الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي
قوات التحالف
قامت قوات الضغط المباشر المتمركزة في الكويت والمؤلفة من القوات البريطانية والامريكية باختراق الحدود العراقية الكويتية وحققت ما يأتي : -
• نجاحات بسيطة في كل من أم قصر – الفاو ، كما استولت على جزء من آبار النفط لكنها واجهة مقاومة عنيفة أمام دفاعات البصرة والزبير وابو الخصيب وام قصر .
• لم تستطيع القوة المهاجمة تحقيق نجاحات في التوقيتات المحددة لها بسبب المقاومة الغير متوقعة التي كانت مفاجئة لقوات التحالف حيث كانت تعتقد بترحيب مواطني الجنوب العراقي كما صورتها لهم المعارضة العراقية .
• فشل التنسيق ما بين القوات البريطانية والامريكية ادى الى ترك القوات البريطانية لتكون مسؤولة عن عمليات الجنوب وثم سحب الفرقة الاولى ( مشاة اسطول أمريكي ) لتنظم الى القوة الامريكية المخصصة لعملية الاحاطة والتطويق الرئيسة (عملت قوات التحالف على احاطة وتطويق المدن العراقية دون الاشتباك مع القوات العراقية كما كان تخطيط القيادة العراقية لإيقاع خسائر بها ) باتجاه بغداد .
• احتلال مينائي البكر والعميق
• استولت القوات البريطانية يوم 23 آذار /مارس على قاعدة الوحدة ( الشعيبة ) الجوية والمطارات الثانوية القريبة منها رغم شدة المقاومة العراقية .

  

                احتلال مينائي البكر والعميق

القوات العراقية
الفكرة العامة للعمليات الجنوبية العراقية كانت مبنية على قتال العدو في المناطق التي تساعد على الاختفاء ، وسحب القطعات المعادية وقتالها قرب او داخل المدن والابتعاد عن الاراضي الصحراوية والمكشوفة للتفوق الجوي المعادي الواسع فوق ساحة العمليات ، في نفس الوقت زرع حقول الالغام وإجراء التخريبات كلما كان ذلك ضرورياً لا يقاع أكبر الخسائر بالعدو بالتركيز على قطعات المشاة لمقاتلة الغزاة في المواضع الدفاعية المتعاقبة وداخل المدن باستخدام القاذفات والبنادق والرشاشات .
الفعاليات القتالية
- اندفعت القطعات الغازية بالساعة 0700 يوم 20 / 3 / 2003 وتصدى لها في بداية الامر مقاتلو الحزب في سفوان ومقاتلو لواء المشاة 426 المسؤول عن حقل الرميلة الجنوبي وقسم من الرقطة ، وقد توقفت القوات الامريكية والبريطانية لوقت قصير امام دفاعات هذا اللواء قبل وصولها حقول نفط الرميلة الجنوبي وكانوا مرعوبين وخائفين ، وقد تمكن اللواء 426 من تدمير عدد من المدرعات الغازية أمام الحافة الامامية لدفاعاته ، استمر اللواء المذكور بالدفاع ومقاتلة العدو طيلة نهار 20/ 3 / 2003 وأحرق خنادق الدخان الاسود لأحداث مظلة من الدخان لحماية بعض قطعاته من الغارات الجوية المكثفة ، في البداية اعتقد العدو بان العراقيين احرقوا آبار النفط واذاعوا ذلك في وسائل إعلامهم ، بعد ذلك جرى سحب اللواء من حقول الرميلة الجنوبية وانفتح الى الخلف قرب البرجسية مع وحدات اللواء المدرع / 41 ، وقد تكبد اللواء بعض الخسائر في قوته القتالية من الشهداء والاسرى والجرحى .
بعد انسحاب لواء المشاة /426 أصبح جزءً من الموضع الدفاعي الواسع المتمركز فيه اللواء المدرع / 41 من الفرقة / 51 ، استمر العدو بالتماس مع اللواء المذكور معقباً تراجعه الى الخلف مما اثر كثيراً على قطعات اللواء المدرع /41 وتمكن العدو من تدمير عدد اضافي من دبابات وعجلات اللواء في عموم البرجسية وجنوب الشعيبة للتفوق الكبير بالطائرات التي سيطرة على اجواء المعركة بالكامل رغم الدفاعات الجوية واشعال النيران في خنادق النفط الاسود التي احدثت سحابة من الدخان الاسود فوق قطعاتنا لكنها لم تكن كافية ولم تؤثر على فعاليات العدو الجوية ، في هذه الاثناء دفع العدو رتلاً مدرعاً بموازاة طريق البصرة – الناصرية القديم مستهدفا الوصول الى الناصرية ثم بغداد (1) .
- نجحت قوات المنطقة الجنوبية الممثلة بقطعات الفيلق الثالث الفرقة 51 والفرقة 11 والفرق 18 بألويتها واحتياطاتها في تأسيس التماس مع العدو والاشتباك بمعارك مباشرة ومحاولة جر العدو الى مناطق قتل منتخبة سلفاً باستخدام جميع الاسلحة الساندة والصاروخية ( عدى الاسناد الجوي والبحري ) في الدفاع عن جميع المدن والاهداف الحيوية والاستراتيجية ( عدا آبار النفط ) التي تركتها القوات العراقية دون تدمير .
- استطاعت الفرقة الالية 51 (قائدها اللواء الركن خالد الهاشمي) تلقين العدو درساً لا ينساه في بداية المعارك مع العدو في مناطق حقل الرميلة الجنوبي والبرجسية والمنطقة المحصورة بين الزبير وسفوان وعلى الطريق الزبير – ام قصر .

   

  بداية العمليات العسكرية البرية 20 / 3 / 2003

- في شهاده لقائد الفرقة 51 ، ((عندما اندفع الرتل الثاني للعدو باتجاه الناصرية كانت له بالمرصاد فرقة المشاة/ 11 ومنظمات حزب البعث والعشائر وفدائيو صدام وكبدوهم خسائر جسيمة ، لقد اعطت فرقتي للأيام الاولى من الحرب 320 شهيد وضعفي هذا العدد جرحى وثلاثة اضعاف العدد مفقودين اضافة الى تدمير 120 دبابة وناقلة واستمر مقاتلي الفرقة في قتالهم البطولي واستشهدوا في مواقعهم القتالية دون ان يغادروها ) .

- وفي شهادة للكاتب الامريكي (ريتشارد لوري) حول الكمين الذي استهدف سرية الادامة ( تاراوا ) من قبل القوات العراقية جاء فيه ما يأتي ( يبقى يوم 23 آذار/مارس 2003 في الذاكرة الامريكية لما جرى لسرية الادامة ( تاراوا ) الدموية في الناصرية، حيث قام 33 مقاتلا في سرية الادامة 507 التابعة للجيش الامريكي بدفع قافلة من عجلات الادامة على طريق البصرة – الناصرية – السماوة ، خلال الدفاعات العراقية الموجودة في هذه المدينة الصحراوية القديمة وحولها لتأمين الجسور الشرقية على هذا الطريق عبر الناصرية ، لأهميتها الحيوية لخطط قوات المارينز للهجوم على بغداد ، مما ادى الحظ العاثر لهذه القافلة الى الوقوع في كمين نصبته القوات العراقية بعد سلسلة من القرارات الامريكية السيئة ادت الى الوقوع في هذا الكمين ، كما ليس هناك الكثير منا الذي لا يعرف قصة كمين (جيسيكا لينش) ،وعملية الانقاذ اللاحقة لها ضمن هذه السرية .
وقد شعر معظم الأمريكيين حينها بالرعب إزاء هذه الاخبار ومشهد الجنود الأمريكيين الشباب الذين يتم استجوابهم من قبل خاطفيهم العراقيين. كانت (جيسيكا) وزملائها السجناء محظوظين. بعد ان لقى 11 جنديا مصرعهم في الكمين صباح هذا اليوم، وفقد ثمانية عشر من جنود المارينز حياتهم بعد ظهر هذا اليوم (2) .

   

         كمين لسرية الادامة الامريكية 507

    

       

   عدد من الاسرى الاميركان اثناء الكمين لسرية الادامة507

معركة ام قصر
في نفس اليوم 20 / 3 / 2003 اندفع رتل بريطاني مدرع على محور العبدلي – سفوان – هدفه الوصول الى ام قصر واحتلالها بغرض تامين قاعدة امينة لعمليات الانزال البحري الواسعة ، التي ستقوم بها قوات بحرية بريطانية وامريكية في وقت لاحق للسيطرة الكاملة على منطقة الخليج العربي خاصة موانئ أم قصر – خور الزبير – ومنطقة الفاو .

   

                           معركة ام قصر

- لقد تصدى لهذا الرتل لواء مشاة 45 التابع للفرقة 51 بقيادة العقيد الركن علي خليل العلواني (استشهد لاحقاً على ايد المليشيات الايرانية في بغداد عام 2006 ) من أدارة معركة دفاعية راقية صدمت المهاجمين وخارج تصورهم بل خارج تصور القيادة العراقية التي دفعت بهذا اللواء في مدينة ام قصر قبل 72 ساعة فقط من بدء الهجوم ( تمت المناورة بهذا اللواء يوم 16 / 3 / 2003 من قاطع فرقة المشاة / 11 في الناصرية الى ام قصر واصبح بأمرة الفرقة الالية / 51 ضمن قاطع الفيلق الثالث ) ، بحيث لم تتمكن القوات البريطانية احتلال ام قصر سوى أكتاف سواحلها بعد اسبوعين من القتال واستمر هذا اللواء في الدفاع عن ام قصر حتى الايام الاخيرة من المعركة بالرغم من استخدام جميع الاسلحة المعادية ضده وهو لا يملك سوى استخدام مفردات التعبئة الصغرى واللامركزية في اتخاذ القرارات وبتصرف بطولي نادر اذهل الاعداء وقد اعترف بذلك الجنرال تومي فرانكس ، مما حضي بتكريم رئيس الجمهورية بأعلى اوسمة الشرف والانواط العسكرية وهو لايزال في موضعه الدفاعي ولا يعلم بهذا التكريم لحين انسحابه مع انسحاب قطعات الفيلق الثالث يوم 6 نيسان 2003 بعد تطويق البصرة في المرحلة الرابعة من المعركة .

   

                       الجنرال تومي فرانكس

- في شهاده لاحد ابطال القوة البحرية العراقية ذات الامكانيات المحدودة يقول ( مع بدء المعركة تمكنا من اطلاق رشقات من الصواريخ البحرية سطح – سطح تجاه القطع البحرية المعادية واصابة احداها ويعتقد انها بريطانية واخرى باتجاه الكويت حيث اصابة منطقة الاحمدي التي تتواجد بها القوات الامريكية وكذلك تم استهداف احد المراس الكويتية والحاق اصابة مباشرة فيه ، اما موضوع زرع الالغام البحرية فقد تأخرت بحريتنا كثيرا بذلك ، حيث صدرت الاوامر بالمباشرة بالزرع يوم الاربعاء مع بدء الهجوم عندها تحركت اربع قطع بحرية الى المنطقة المحددة وعندما كنا على وشك المباشرة بالزرع اثار ذلك ريبة العدو وطوق القطع البحرية المكلفة بالواجب ومنعها من الحركة ورغم ذلك تمكنا من بث الالغام البحرية رغم القصف المدفعي المعادي ونحن نرد عليه حتى نفذت آخر اطلاقة لدينا وقام العدو باسر جميع القوة .
- قامت عناصر من القوات شبه العسكرية (من جيش القدس وفدائيو صدام ) شن عدد من الهجمات المقابلة الناجحة لاستعادة بعض المناطق المستولى عليها في ام قصر والفاو والبصرة .
- المقاومة العراقية الشرسة فاجأت قوات التحالف ولم تتوقعها ، كما ان عدم توفر معلومات لدى قوى التحالف عن القوات شبه العسكرية سبب لها العديد من المشاكل خلال هذه المرحلة من العمليات .
مجمل الفعاليات ليوم 20 / 3 / 2003
-كانت غاية قوات الاحتلال تثبيت قطعات الفيلق الثالث والبحرية واحتلال البصرة وما حولها ثم الاندفاع باتجاه الناصرية برتل رئيس ومحاولة إيقاع اكبر ما يمكن من الخسائر بالقطعات العراقية المدافعة عن البصرة وتطوير ذلك باتجاه طريق البصرة – القرنة عبر طريق المدينة – الرميلة الشمالي – القرنة ، في نفس الوقت التدخل في ترتيبات القوة البحرية التي تدافع في الفاو – البصرة بالتنسيق مع اللواء الالي /31 المفتوح في منطقة حمدان وابو الخصيب .
- الرتل البريطاني متوقف خارج ام قصر بفضل صمود اللواء / 45 وبعض قطعات القوة البحرية ، ولم يتمكن العدو من إنزال قطعاته من البحر .
- توقف رتل الدريهمية – البرجسية بفضل صمود قطعات اللواء الالي/ 32 واللواء المدرع / 41.
- توقف قطعات العدو غرب البصرة ولم تتمكن من الحركة باتجاه حقول نفط الرميلة الشمالي رغم افتقار المنطقة من القطعات المدافعة ، لأنها أراضي صحراوية يصعب الدفاع فيها سيما ان الغزاة لديهم سيادة جوية .
- غارات جوية وصاروخية مكثفة على بعض الاهداف الحيوية والمهمة في القاطع الجنوبي ، منها قصف مقرات القيادة العسكرية الجنوبية داخل البصرة وضرب مقر الفيلق الثالث في الدير وقيادة القوة البحرية في المعقل وبعض المقرات الحزبية والامنية داخل المدينة ، وكذلك مقر الفيلق الرابع في العمارة ومقر فرقة المشاة / 11 في الناصرية ، كما تعرضت مواقع القواعد البحرية في خور الزبير والفاو الى قصف مستمر بالطائرات ، وقامت طائرات التحالف بعمليات تجريد الطرق والجسور التي تربط محافظة البصرة وذي قار وميسان ، وقد تمكنت الدفاعات الجوية الجنوبية في اليوم الاول اسقاط طائرتين الاولى فوق الزبير والثانية قرب الدير (3) .
يتبع....

المراجع
1 ). الفريق الركن ياسين فليح المعيني : معاون رئيس اركان الجيش للعمليات جيش في الذاكرة : قصة مقاتل.
3).الفريق الركن ياسين فليح المعيني مصدر سابق.

http://www.militaryhistoryonline.com/iraqifreedom/annasiriyah/default.aspx

للراغبين الأطلاع على الحلقة الأولى:

https://algardenia.com/terathwatareck/34641-2018-03-19-11-03-02.html

  

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1921 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع