كانت الاوضاع في العهد الملكي العراقي عام 1952 متجاوبة ومتقاربة مع رجال الثورة في ايران بقيادة محمد مصدق والزعيم الكاشناني وحسن فاطمي والسيد نواب صفوي زعيم ( فدائيان اسلام) وغيرهم وأصبح هناك تعاطف بين الشعبين وذلك لاستغلال وسيطرة الانكليز على الموارد الطبيعيه من النفط والغاز فكان تأميم النفط في ايران في ذلك الوقت قد احدث ارتجاجا كبيرا في مشاعر العراقيين لأنة يتلاءم مع نفس العلة والمشكلة وهي سيطرة شركات النفط الاجنبية على خيرات وموارد العراق ،وفي تلك الفترة ايضا حدث تسيب متعمد او غير متعمد من قبل سلطات الحدود البرية العراقية في منطقة خانقين مما سهل دخول اعضاء حزب تودة (الحزب الشيوعي الايراني) ودخلت منهم اعداد كبيرة بدون جواز سفر الى مدن العراق وخصوصا الى بغداد فشعرت الدولة بذلك وأحست بالخطر بوجود هؤلاء على اراضيها فجهزت حملات كبيرة للقبض على هؤلاء الداخلين بدون جوازات سفر وتم ابعادهم الى خارج العراق واستمرت هذه الحالة الى بداية سنة 1954حيث تم تنظيف البلاد من هؤلاء الاشخاص الداخلين فقامت الحكومة في حينها بمعاقبة السلطات الادارية في لواء ديالى ابتداءا من المتصرف( المحافظ ) و قايممقام خانقين وموظفي نقاط الحدود من المنذرية الى خان بني سعد ثم قامت الدولة بإرسال موظفين اكفاء وذو قدرة وسيطرة على هذه النقاط والمنافذ الحدودية .
وكان من نصيب منفذ المنذرية احد موظفي جوازات السفر في مطار بغداد المدني وقد بلغ رسميا بالذهاب الى المنذرية للقيام بتنفيذ التعليمات الخاصة بضبط الحدود وعدم تسلل الايرانيين وغيرهم من الذين لا يحملون جوازات سفر. وكانت العادة الجارية في بعض الدول منها العراق وإيران وأفغانستان وباكستان والسعودية وكافة دول الخليج وهي اعطاء الحرية للمرأة المسافرة بعدم وضع صورتها في جواز السفر ان رغبت في ذلك ويكتب في مكان الصورة مسلمة محجبة وكان ايضا وبإمكان الزوج الحق في ادخال زوجته في جواز سفره و ادخال اكثر من زوجة( اربعة زوجات) وعدم وضع صور لهؤلاء النساء الاربعة .فاستغل بعض ضعاف النفوس واخذوا يتعاونون مع اصحاب هذه الجوازات الذين معهم نسوة ولا صور فيها ليقوموا بإيهام السلطات الحدودية العراقية بإدخال نساء غير هؤلاء وذلك لعدم وجود صورة وتفهيم هؤلاء النسوة على انهم هم الزوجات الحقيقيات لأصحاب الجوازات وكان من الصدفة ان قام هذا المفوض المنتدب الى منفذ المنذرية بعد قيامة بترتيب الاجراءات الحدودية في هذا المنفذ ان قام بعد اكمال تسجيل جوازات احدى السيارات القادمة من ايران كان هناك شخص من ضمن الركاب المسافرين ومعه اربع نساء وكان هذا الشخص بعمر ( 75- 80) سنة وزوجاته الاربعة المحجبات مسجلة اعمارهم في الجواز بين ( 40 الى 60 ) سنة وكان هؤلاء النسوة الاربعة عندما ناداهم المفوض للركوب بالسيارة جلب انتباه هذا المفوض ان رائ يد احدى هؤلاء النسوة وكانت اليد بعمر 14 سنة ثم قام بتفتيش الاخريات وتبين بعد ذلك ان اعمارهن متساوية وبحدود 14 سنة وبعد التحقيق معهن ومع الزوج اعترف الزوج بان هؤلاء هم زوجاته وقد تم الزواج منهم عن طريق الزواج المؤقت (صيغة) وجلبهن لغرض الزيارة بدلا عن زوجاته الاصليات مما جعل المفوض المذكور ان ينظم دعوة قانونية موجزة باجتياز الحدود وأرسلهم الى قاضي خانقين لغرض اصدار وتطبيق القانون وكانت العقوبة في ذلك الوقت لهذه الجريمة اما السجن لمدة اسبوع او غرامة لا تقل عن 250 فلسا او كلتا العقوبتين وتبين للمفوض ان عقوبة السجن تحتاج الى موقف للنساء والى طعام وحراسة وغيرها فاتصل بالحاكم واخبره بالموضوع وأشار علية ان لا يوجد لدينا سجن للنساء ولا توجد مصاريف لنقلهم وغيرها فمن الانسب هو تطبيق عقوبة الغرامة فقط لنرتاح وترتاح الدولة من المصاريف فوافق الحاكم على ذلك المقترح بكل فرح وسرور وفعلا طبقت عليهم الغرامة وتم ابعادهم الى خارج العراق في نفس اليوم . ولم تمضي ايام حتى تكررت هذه الحاله حتى بعد مرور ثلاثة اشهر اصبح عدد المخالفين لهذه الحالة قد تجاوز ال 27 قضية فانتشر الخبر لدى ضعاف النفوس حتى ان سلطات الحدود الايرانية ارتاحت لهذه الاجراءات . ثم بعد هذه الحوادث جاء( قمسير الحدود قصر شيرين) وهو عسكري برتبة سرهنك اي قايممقام وجاء الى مفوض جوازات المنذرية وقال له مترجيا ان هنالك شخصية محترمة ستدخل العراق ونطلب من جنابكم عدم تفتيش نساء تلك الشخصية فرحب به المفوض وقال لة فليتفضلوا واهلا وسهلا بهم وبعد يومين وصل القمسير ومعه سيارة مارسدس من النوع الحديث وفي داخلها شخصية تدل على الوقار والاحترام جالسا في المقعد الامامي وفي المقعد الخلفي جلست امرأتان محجبتان مجللات بالسواد كأنهن اكياس الفحم ولم يظهر منهن اي شي كأنهم اصنام مسنده بعدها قام المفوض بتسجيل الجواز وختمه بختم الدولة مع زوجاته الذين لا صور لهن وقال المفوض من منكم فلانة فانزعج هذا الشخص وقال لا تتكلم معهن ولا تسمع صوتهن وحاول المفوض باي طريقة من اجل سماع كلمة نعم ولكن لا جدوى من ذلك فقال الشخص سوف اعود الى بلدي ولا ادخل العراق فقال له المفوض لك الخيار في ذلك وتم ابطال ختم الدخول المؤشر على الجواز وسجل عبارة عدل عن دخول العراق برغبته وختم هذه العبارة فانزعج قمسير الحدود من هذا التصرف . وبعد اربعة ايام وصلت برقية من مديرية السفر في بغداد بلزوم حضور مفوض الجوازات فورا و مباشرتا الى مدير الشرطه العام . وكانت الدعاية ان قاموا بنشر معلومات مخالفة للأخلاق عن هذا المفوض وجعلوه رجل يسئ التصرف الخلقي وما ان وصل المفوض الى مديرية السفر الواقعة في منطقة البتاويين ومعه سجل الدعاوي المنجزه لانه قد عرف السبب ان هؤلاء قد شوّهوا سمعته امام السلطات العراقية العليا . وكان مدير السفر في ذك الوقت من عائلة معروفه وذا خلق عالي وهو المرحوم خضر عبد الجليل من عائلة جميل زاده ...فما ان دخل المفوض الى مديره حتى انفجر بة وبحالة عصبية فاقدا للاتزان واخذ يؤنبه عن سوء الاعمال التي قام بها فأراد المفوض شرح الموضوع ولاكنه امتنع وقال له بالحرف الواحد اخرج واذهب الى المدير العام واقلع اشواكك بيدك ولا احد يذهب معك .
المرحوم اللواء /وجيه يونس
فما كان من المفوض ان ذهب الى مديرية الشرطه العامة الواقعه في الميدان بجانب القشلة وكانت غرفة المدير العام صغيرة لا تتجاوز ثلاثة امتار وبجانب منضدة المدير العام كرسي واحد فقط وكان المدير العام هو المرحوم وجيه يونس فلما دخل المفوض واجه نفس الكلام ونفس الاسلوب الذي قام به المدير خضر عبد الجليل وما ان انتهى من كلامه رد المفوض وقال له يا باشا دعني اتكلم قائلا لماذا انت اصبحت مثل النبي داود فارتاح المدير العام لهذا الكلام وقال له ... وما به النبي داود فقال المفوض سورة الخصمان الذي اخذ احدهما نعجة صاحبة وضمها الى نعاجة ال 99 كما ورد في القران الكريم فتبسم المدير العام لهذا الكلام وقال :
قول قول وباللهجة المصلاوية... فقلت له يا باشا انا لا اتكلم وإنما هذا السجل هو الذي يتكلم وعندما شاهد المدير العام سجل الدعاوي المنجزة وقرارات الاحكام الصادرة والمصدقة من قبل القاضي ومختومة من قبل المحكمه فتعجب وقال واه لقد ظلمتك وكان بجانبه على المنضدة جهاز هاتف بدائي ذو عتلة واخذ يدير العتلة واتصل بالباشا نوري السعيد الذي كان هو وكيل وزير الداخلية اضافة الى رئاسة الوزراء وافهمه بالموضوع كاملا فقال نوري السعيد وبالحرف الواحد :
قل للمفوض ان يذهب الى دائرته ويزاول عمله لكن لا يقوم هو بتفتيش النساء وعليه ان يعين امرأة تقوم بهذا العمل وبأجور يومية مقدارها 350 فلسا وسوف اصدر الامر بذلك
علما ان راتب الشرطي في ذلك الوقت كان 250 فلسا في اليوم فطلب مني المدير العام ان اقوم بتعين امرأة حتى تقوم بهذا الواجب وتخبرني هذه المرأة في حالة الاشتباه بعدها شكرني ورجعت الى خانقين دون الرجوع الى مديري وعدم اخبارة بما حصل وكنت كالمنتصر من معركة حاسمة وقمت فعلا بتعين زوجة احد افراد الشرطة المدعو ابو قادر البالغ 60 سنة وطلبت منه تعين زوجته ام قادر البالغة من العمر 50 سنة وفرح لذلك وتم تعينها بقرار من وزارة الداخلية العراقية وبقيت بهذه الوظيفة حتى ثورة 1968 حيث الغيت وظيفتها فكانت ام قادر اول شرطية عراقية في العهد الملكي مما يدل على تفهم المسئولين الكبار امثال المرحوم نوري السعيد والمدير العام وجية يونس وتراجعه عن ما قام به في بداية المقابلة.
771 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع