ذكريات من عِبْقِ التأريخ العسكري البعيد/القسم الثاني
تنويه
تَتَرَسَخْ في ذاكرة الإنسان خلال الحياة المبكرة من عمره أحداث مضيئة كنور الشمس لايمكن حجبها ، كما تَتَرَسَخْ أيضاً في ذاكرته نقاط سوداء لايمكن مسحها وهذه قدرة الخالق سبحانه وتعالى ، نكتب للتأريخ جزء من هذه الأحداث ليطلع عليها الجيل الحاضر وتطلع عليها الأجيال القادمة .
المقدمة
في شهر حزيران 2013 نَشَرَتْ الگاردينيا أول مقال لنا بعنوان من مآثر الجيش العراقي الباسل تحدثنا فيه عن مشاركة الفوج الأول لواء المُشاة الأول ( فوج موسى الكاظم ) في حرب حزيران 1967 في جبهة قناة السويس ، وجاء في نهاية المقال ، في نهاية شهر نيسان 1968 صَدَرَتْ الأوامر بإعادة فوج المُشاة الأول من مصرإلى العراق .
في اليوم الأول من وصول السرية الأولى الفوج الأول إلى العراق شاركت في دَرءْ خطر الفيضان
أولاً. لا أتذكر تحديداً اليوم الذي وصلت السرية الأولى من الفوج الأول إلى العراق ، كان في حينها آمر السرية النقيب فاروق علوان المشايخي متمتع بالإجازة لإداء مناسك الحج وكنت أنا آمر للسرية بالوكالة ، بعد الظهر
بساعة وصلت الطائرات إلى مطار الرشيد العسكري وتم الترجل من الطائرات ، وقد هُيأَتْ عجلات نقل في المطار مُسْبَقاً وتم إركاب السرية بالعجلات وأَوْعَزْتُ بالحركة كان يرافقني آمر الفصيل الأول الملازم جودت نوري عبد الله وبعد مسير ثلاث ساعات وصلنا إلى معسكر الفوج في مدينة المسيب ، حال الوصول إلى المعسكر باشر الجنود بتنزيل صناديق العتاد وتجهيزات السرية من العجلات وفي هذه الأثناء جاء آمر موقع المسيب ولم تمضي ساعة واحدة على وصول السرية إلى المعسكر قال يوجد واجب مهم جداً يجب أن تذهب السرية إليه ، في حينه لا تتواجد أيَةِ قطعة عسكرية في المعسكر عدا آمرية الموقع ، وقال الموقف في سدة الرزازة خطيرجداً ويجب أن تتحرك السرية فوراً .
ثانياً. تحركت السرية من معسكر الفوج في المسيب بإتجاه كربلاء ولم نكن في حينها نسمع بإسم بحيرة الرزازة حيث كان إسمها في الخرائط الجغرافية هور أبو دبس ، وصلنا إلى سدة الرزازة مع الغسق كان الجو غائم ممطر والرياح شديدة جداً وأمواج المياه العاتيه تضرب بحافة السدة الترابية المُنْشَأَةِ حَديثاً من جهتها الشمالية الغربية والسدة الترابية تَتَآكل مع حركة المياه الشديدة ، إلْتَقيْتُ بالمهندس المقيم وهو يضرب على رأسه ويولول سألته لماذا أنت بهذه الحال ؟ قال سيدي تعرف إذا حدث كسر بهذه السدة ماذا يحدث ؟ قلت له كلا ، قال تغرق مدينة كربلاء ومدينة الحلة ومدينة الديوانية لأن كمية المياه في البحيرة أكثر من عشرة مليارات متر مكعب ، وجنود السرية يحاولون نصب الخيم عَبَثْاً من شدة الريح وخَيَمَ الظلام على المكان ، في هذه الأثناء وقفت عجلتين أو أكثر وترجل منها شخص مدني عرفته لاحقا إنه محافظ كربلاء المرحوم جابر حداد ومدير شرطة كربلاء وأخذ يحدثني ويشحذ هِمَمْ الجنود بالعمل نَظَرْتُ إليه وقلت له سيدي عدد جنود السرية لا يتجاوز مئة جندي والسدة طولها يتجاوز ال 1000 متر وهذا خارج إمكانياتهم ، والمهندس المقيم ينتحب أَلَمَاً ويقول له دخيلك سيدي خلصني ، عند مرور عجلات السرية من شوارع كربلاء كانت تغص بعشرات الآلاف من الرجال يؤدون الزيارة مناسبة أربعينية الأمام الحسين ، قلت له سيدي إذهبوا إلى المدينة ونادوا بمكبرات الصوت بين المواكب لنجدة المدينة من الغرق ، نظروا الإثنان إليَ وقال المحافظ كيف فاتت علينا هذه الشغلة ، ركبوا العجلات وعادوا أدراجهم إلى المدينة ، كانت أكداس من الهواليش والحصران وأكياس الرمل موجودة في المكان .
ثالثاً. بعد مرور أقل من نصف ساعة لاحت من بعيد مصابيح عشرات العجلات الكبيرة المحملة بالمئات من الأشخاص ، حال وصول العجلات وترجل الأشخاص تم توزيعهم بإشرافنا إلى مجاميع عمل قسم تقوم بنقل الهواليش والحصران والقسم الآخر يقوم بتثبيت الهواليش والحصران في صدر السدة من جهتها الشمالية الغربية والقسم الآخر يقوم بتعبئة أكياس الرمل بالتراب ونقلها ورصفها في صدر السدة وتم الإيعاز بتوجيه مصابيح العجلات لإنارة المكان وقبل منتصف الليل هدأت الرياح نسبياً وإنْخَفَضَ شدة الموج وقل تأثيرها على جسم السدة وتنفس المهندس المقيم الصعداء وقال لي الله جابكم وأنقذت رقبتي من الموت ، بقينا في المكان إلى عصر اليوم الثالث لحين زوال خطر الفيضان عن سدة الرزازة .
رابعاً.عادت السرية إلى المعسكر حال وصولنا وجدنا سرية أخرى وصلت إلى العراق قادمة من مصر، أخذت مناسيب المياه في نهر الفرات ترتفع وبلوغها حافة ضفة النهر الغربية مُهَدِدَةً معسكر لواء المُشاة الأول بالغرق والمناطق المجاورة للمعسكر تحركنا سَريعاً وإنتشر جنود السرايا وباشروا بملأ عشرات الآلاف من أكياس الرمل بالتراب ورصفها في المناطق الأكثر إنخفاضاً في جسم السدة الغربية للنهرإضافة إلى الحراسات الليلية لمراقبة إرتفاع منسوب المياه ولحين عبور موجة المياه .
تكامل عودة سرايا الفوج القادمة من جبهة قناة السويس في مصر
أولاً. قبل نهاية شهر أيار سنة 1968 تكامل عودة سرايا الفوج إلى العراق
كان معسكر الفوج متروك لسنوات طويلة لكون الفوج كان مشترك في العمليات العسكرية في الشمال وقد نبت ونمى في حدائق المعسكر نبات القصب والبردي الذي يبلغ إرتفاعه ثلاثة أمتار ، أي شخص ينظر إلى بناية المعسكر يتصور إنها مبنية وسط أهوار العراق ، عقد آمر الفوج المقدم الركن محمد حسن شلاش مؤتمر لآمري السرايا لغرض وضع خطة عمل لتنظيف حدائق المعسكر وإدامة المرافق الصحية للمعسكر وتصليح إنارة المعسكر بجهود جنود الفوج وبتمويل من نثرية الفوج وخلال فترة خمسة أيام دبت الحياة في المعسكر من جديد.
ثانياً. بنفس الوقت عادت بقية وحدات لواء المُشاة الأول من الأردن وتكامل وصولها إلى المعسكر وَوُضِعَتْ مناهج لإعادة تدريب وحدات اللواء كما وُضِعَ منهج لإلقاء المحاضرات الثقافية التي كانت تُلْقى في بناية بهو ضباط الفوج الأول بعد قيام ثورة 17 تموز 1968 تم نقل آمر اللواء السابق وتعيين بَدَلاً عنه العقيد الركن نوري طه الشكرجي آمِراً للواء بدل آمر اللواء السابق كذلك تم نقل آمر الفوج المقدم الركن محمد حسن شلال وَنُقِلَ بَدَلاً عنه المقدم الركن محمد سعيد الجبوري.
لواء المُشاة الأول يتحرك إلى الأردن
أولاً. في 1 آيلول 1968 صدرت الأوامر بحركة اللواء إلى منطقة ( أج ثري ) تنقل اللواء من المعسكر في المسيب إلى منطقة تسمى أرضمة بمرحلة واحدة ، هذه المنطقة تقع بين مدينة الرطبة وأج ثري ، عَسْكَرَتْ وحدات اللواء بشكل إنفتاح تعبوي بين سرية وأخرى مسافة تزيد على واحد كيلومتر وبين فوج وأخر مسافة تزيد على كيلومترين خِشْيَةً من تعرض وحدات اللواء إلى ضربة جوية إسرائيلية .
ثانياً. طبوغرافية منطقة أرضمة : هذه المنطقة صحراوية جرداء أرضها ليست مستوية تكثر فيها الطيات الأرضية وذات طبيعة حصوية ، وتوجد فيها آبار ماء غير صالح للشرب متباعدة فيما بينها لاتُرى بالعين ، طبيعة الجو فيها حار نهاراً بارد قارص ليلاً ، وتتصف هذه المنطقة بكثرة دبيب العقارب ليلاً ، وكثرة الذباب نهاراً خاصة عند تبلل الأرض الناتج عن رشح حاويات الماء الذي يسمى ( جود ) الذي يصنع من الكتان ويستخدم من قبل البدو والذي كان سائداً في تلك الفترة الذي يعلق عادة في أعمدة الخيم .
ثالثاً. بدأ التدريب التعبوي بمستوى الفصيل والسرية ثم الفوج وَخُتِمَ التدريب بتمرين تعبوي ( اللواء في الهجوم المدبر) بالذخيرة الحية نفذه جحفل لواء المُشاة الأول في هذه المنطقة وإشتركت فيه قاعدة الوليد الجوية بضرب الأهداف المعادية المفترضة ، حضر لمشاهدة التمرين وزراء الدفاع ورؤساء أركان الجيوش العربية ، يعرف إخواني الضباط سيرة العقيد الركن طه نوري الشكرجي آمر اللواء بما يتصف من كثرة الحركة والآراء التعبوية المتغيرة أذاقنا المُرْ في تلك المنطقة المزعجة .
رابعاً. بعد إنتهاء التمرين تحرك فوج المُشاة الأول إلى داخل الحدود الأردنية في منطقة ( أج فور) وإسم المدينة التي كانت فيها هي الرويشد وتتكون هذه المدينة في حينه من عدد من البيوت والدكاكين المبنية بالطين المتناثرة والمُلاصِقة إلى الطريق العام ذو الممر الواحد الذي يربط العراق بالأردن ،
الأرض في هذه المنطقة يكسوها الحصو الأسود،أيضاً نفذ الفوج الأول في هذه المنطقة تمرين تعبوي بمستوى الفوج في الهجوم المدبر وحضر لمشاهدة التمرين قائد الفرقة الأولى المرحوم اللواء الركن زكي حسين حلمي ، خلال هذه الفترة صدر أمر بنقلي من الفوج الأول لواء المُشاة الأول إلى مدرسة قتال الفرقة الأولى .
العمل في مدرسة قتال الفرقة الأولى
أولاً. بداية سنة 1969 إلْتَحَقْتُ إلى مدرسة قتال الفرقة الأولى كانت المدرسة في حينها في مدينة الديوانية تشغل حَيزاً من الثكنة الحجرية القديمة وجرى تنسيبي معلم في جناح التعبية والحروب الجبلية ، بعد مرور فترة شهر واحد وتحديداً في شهر شباط سنة 1969 صدر أمر بحركة المدرسة من مدينة الديوانية إلى مدينة أربيل حيث كان مقر الفرقة الأولى هناك في حينه .
ثانياً. شهادة للتأريخ كانت المدرسة تَضُمُ نخبة من الضباط الكفوئين هم الرائد عبد العال الياسري آمر المدرسة والرائد جميل محمد مصطفى آمر جناح التعبية والرائد صالح هادي آمر جناح الأسلحة الخفيفة والملازم الأول وليد بعشيقة آمر جناح المغاوير والملازم الأول فوزي حميد العلي معلم في جناح التعبية والملازم الأول كامل عبد الحسون آمر جناح الأسلحة الساندة والملازم الأول عبد السلام خليل معلم في جناح الأسلحة والملازم عبد الستار حمادة معلم في جناح الأسلحة والملازم طالب طعمة معلم في جناح المغاوير .
درس في الحفاظ على المال العام
ثالثاً. يوجد في كافة وحدات الجيش مطعم للضباط كان آمر المدرسة رئيس لجنة مطعم مقر الفرقة ، قبل نهاية كل شهر يجري حساب مصروف المطعم اليومي والشهري ويُقسَمْ هذا المصروف على عدد الضباط والوجبات التي يتناولها الضابط خلال وجوده في الوحدة وتُحْسَمْ المبالغ من قبل ضابط الرواتب في الوحدة قبل توزيع الراتب ، كان آمر المدرسة يكلف أقدم ضابط في المدرسة لتدقيق هذه الحسابات في أحد الأشهر على ما أعتقد شهر نيسان 1969 في الدوام المسائي كُلِفْنا بتدقيق الحسابات بعد إنجاز هذه المهمة ذهب الضابط الأقدم مع السجلات الى آمر المدرسة وأخبره بإنجاز هذه المهمة ولكن أخبره بوجود ( نقص فلس واحد في الحسابات ) تعذر معرفة أين صُرِفَ هذا الفلس فكان جواب آمر المدرسة تعيدون الحسابات مجدداً وتعثرون على الفلس ، جلسنا نحن أربعة ضباط إلى ما يقارب الساعة 11 ليلاً نبحث عن الفلس المفقود بعد العثور على الفلس إستدعانا الآمر الى غرفته والقى محاضرة لمدة نصف ساعة عن أهمية تدقيق الحسابات وقال أنا أعرف الفلس ليس له قيمة ولكن أردت تعليمكم كيفية الحفاظ على المال العام لإنه أمانة في أعناقكم عِلْمَاً إن الضباط يدفعون مصروف المطعم من رواتبهم الخاصة وليس من أموال الدولة .
رابعاً. في الشهر الخامس سنة 1969 إشْتَرَكْتُ بدورة المدفع ب 10 ضد الدبابات في مدرسة المُشاة في معسكرأبي غريب وفي شهر أيلول نفس السنة إشْتَرَكْتُ بدورة الرشاشة المتوسطة كورينوف في مدرسة المُشاة في معسكر أبي غريب أيضاً (هذه الأسلحة أُلْغِيَتْ من الخدمة في نهاية السبعينات ) وكانت نتيجة الدورتين بتفوق ، نتائج الدورات تُحْفظْ في إضبارة الضابط في مديرية صنف المُشاة .
العمل في الكلية العسكرية
أولاً. في آذار سنة 1970 تم ترشيحي من قبل مديرية صنف المُشاة للعمل في الكلية العسكرية وصدر أمر بنقلي من مدرسة قتال الفرقة الأولى إلى الكلية العسكرية وإلتحقت إلى الكلية في منتصف شهر آذار 1970 .
ثانياً. العمل في الكلية العسكرية يتطلب صفات شخصية وخبرة تدريبية متميزة يجب أن يتحلى بها الضابط المعلم لأنه سيُكَلَفْ بإعداد الطلاب الذين سيكونون قادة لقيادة وحداتهم في الميدان بعد تخرجهم من الكلية العسكرية، هناك حقيقة يجب توثيقها كان الفوج الأول لواء المُشاة الأول بحق مدرسة قتال تسقل مواهب الضابط خلال العمل في الفوج لما يتميز به من سياقات عمل ثابتة وآمرين وآمري سرايا كفوئين وضباط صف متمرسين على الأعمال القتالية في الميدان ، وتم تكملة سقل هذه المواهب في مدرسة قتال الفرقة الأولى من خلال فن إلقاء المحاضرات وممارسة تطبيق التمارين التعبوية على الدورات الحتمية لضباط الصف ولكون المدرسة من المدارس العريقة في الجيش العراقي .
ثالثاً.عند إلتحاقي إلى الكلية العسكرية كان طلاب الصف المتقدم الدورة 48 وطلاب الصف المتوسط الدورة 49 على وشك الخروج للتدريب الأجمالي ( التعبوي ) في معسكر المنصور في جبل حمرين ، كان موجود الفصائل لطلاب الصف المتوسط الدورة 49 يقارب 60 طالباً في الفصيل الواحد لذا تم تأليف فصائل مرتبة نُسِبْتُ لِلْإشراف على أحد هذه الفصائل خلال فترة التدريب الأجمالي.
أحداث راسخة في الذاكرة حدثت في معسكر المنصور
أولاً. الحدث الأول :
حصلت مشادة كبيرة بين طلاب الصف المتقدم الدورة 48 وطلاب الصف المتوسط الدورة 49 خلال فترة التدريب الإجمالي وتدخل الضباط آمري الفصائل لفض الإشتباك بين الطلاب ، قد تكون أسباب هذا الحادثة غير لائقة لكنها أعطت إنطباع عن قلة الضبط العسكري بين طلاب الدورتين المذكورة آنِفاً ، والسبب هو وجود طلاب في الدورة 49 أقدم حزبياً من طلاب في الدورة 48 والذين هم أقدم عسكرياً وهذا مالم نألفه عندما كنا طلاب في الكلية العسكرية .
ثانياً. الحدث الثاني:
في أحد الأيام كُنْتُ مُكَلَفْ بواجب ضابط خفر المعسكر وكان معاون ضابط الخفر ملازم مجند من جناح التدريس ، بنفس الوقت أقوم أنا بواجب الإشراف على تدريب الطلاب ، بعد العودة من التدريب إستدعاني آمر المعسكر المقدم الركن كاظم عاصي ، قال لي لماذا لم تقوم بواجبات ضابط الخفر بشكل صحيح ؟، قلت له ماهو الموضوع ! قال لم تشرف على طبخ الخضار وتم رميه من قبل الطباخين في براميل النفايات ، كانت مادة الخضارلذلك اليوم كمية كبيرة من مادة الباقلاء ( تكاسل الطباخين من تفليس كامل الكمية وتم رمي قسم منها في النفايات ) ، وعند قيام الضابط الإداري بزيارة المطبخ شاهد هذه الكمية في براميل النفايات وكتب كشف إلى آمر المعسكر، قلت له أنا مكلف بالإشراف على تدريب الطلاب وهذه من واجبات معاون ضابط الخفر ، إقتنع آمر المعسكر بما قلت له وغادرت خيمة آمر المعسكر، كان الضابط الإداري للكلية العسكرية برتبة نقيب مسنود من قبل آمر الكلية العسكرية العميد الركن داود الجنابي ، مَسَاءً جاء النائب الضابط الإعاشه بيده طبلة الأرزاق لغرض توقيعها من قبل ضابط الخفر رَفَضْتُ التوقيع عليها لأني لم أستلم الأرزاق أساساً ، ذهب ثانية إلى آمر المعسكر وتم إستدعائي من قبل آمر المعسكر قلت له أنا لم أستلم الأرزاق ولم أعرف كمياتها كيف أوقع على طبلة الأرزاق ولم أستلمها ، الرجل آمر المعسكر إقتنع بما أقول ويعرف الضابط الإداري ( جولة ) الضابط الإداري ضمر هذه الحادثة في نفسه إلى وقت أخر.
تدريب الطلاب على الإختصاص داخل الكلية العسكرية
أولاً. بعد عودة طلاب الدورتين من معسكر التدريب الإجمالي إلى الكلية العسكرية جرى توزيع طلاب الصف المتقدم الدورة 48 على الصنوف وإتخذ قرار بإجراء تدريب الطلاب على الصنوف داخل الكلية العسكرية قبل التخرج بدلاً من تدريبهم في مدارس الصنوف بعد التخرج إختصاراً للوقت ، كان المسؤول عن تدريب صنف المُشاة النقيب محمد يوسف الحلاق ضابط من أصل فلسطيني ، لكنه ملم ومتابع ومتفاني في عمله وهذه شهادة للتأريخ وفي حادث لا أتذكر التأريخ بشكل دقيق خلال تجربته الرمي بقاذفة آر بي جي / 7 من إنتاج التصنيع العسكري في بداياته ، إنفجرت القاذفة وقطعت كف يده وتشوه وجهه وأُرسل للعلاج إلى المملكة المتحدة على نفقة الدولة وكتب الله له الحياة .
ثانياً. بعد إلتحاق طلاب الصف المستجد الدورة 50 تم توزيع الطلاب الجُدُدْ على سرية خالد إبن الوليد وسرية أبي عبيد إبن الجراح وَنُسِبْتُ أنا إلى سرية خالد إبن الوليد كان آمر السرية المرحوم الرائد قاسم محمد صكر وآمر فصيل الأول النقيب عدنان محمد مصطفى وآمر الفصيل الثاني الملازم الأول أرشد الزيباري وآمر الفصيل الثالث الملازم الأول خلف عليان الدليمي وآمر الفصيل الرابع الملازم فوزي جواد هادي وآمر الفصيل الخامس الملازم إبراهيم محمد خلو.
الفصيل الرابع سرية خالد يتمرد على تنفيذ الأوامر العسكرية
ثالثاً. بعد مرور فترة زمنية لا أتذكرها تحديداً كانت الأوامر الثابتة للكلية العسكرية تقضي بوجوب حلاقة الطلاب إسبوعياً الحلاقة النظامية الجوانب نمرة صفر ومن الأعلى عقدة ( بروص) في أحد الأسابيع وفي اليوم المحدد للحلاقة لاحَظْتُ خلال التفتيش الصباحي في ساحة العرضات عدم حلاقة طلاب الفصيل الرابع سَألْتُ العريف الطالب لماذا لم يحلق الطلاب ؟ قال سيدي بلغتهم ولم ينفذوا الأمر ! قبل المباشر بالتدريب بلغتهم بوجوب الحلاقة وسأفتش على ذلك صباح اليوم اللاحق ، وفي صباح اليوم اللاحق خلال التفتيش شاهدت عدم حلاقة الطلاب وعدم تنفيذهم للأمر الصدر إليهم من قبلي ! فور إنتهاء تقديم العرض أوعزت إلى أقدم ضباط الصف المعلمين بالذهاب إلى مقر الجناح الإداري وإستصحاب الحلاقين المخصصين لحلاقة الجنود ، جاء الحلاقين مستصحبين معهم صفيحة معدنية فارغة لغرض جلوس الشخص الذي يروم الحلاقة عليها وبدأت حلاقة الطلاب حلاقة نمرة صفر ، كان عدد طلاب الفصيل 60 طالباً..
تدخل آمر السرية الرائد قاسم محمد صكر وطلب مني التغاضي عن الموضوع كذلك الرائد حازم بدر آمر سرية أبوعبيد إبن الجراح ، رجوتهم بعد التدخل في هذا الموضوع ، قالوا لي آمرالكلية العسكرية العميد الركن داود الجنابي يلتزم الطلاب أكثر من إلتزامه للضابط ، قلت لهم أنا كنت في أربيل ومستعد الرجوع إلى راوندوز.
رابعاً. بعد إكمال حلاقة الفصيل أخذتهم إلى ميدان التدريب العنيف الكائن خلف السدة ، طَبَقْتُ عليهم كافة التمارين العنيفة بدون توقف ولو لدقيقة واحدة لحين إنتهاء وقت التدريب البالغ ثلاث ساعات ، قسم من الطلاب إنهارت قواه البدنية ولم يستطيع الوقوف على قدميه ، بعد إنتهاء الوقت المقرر للتدريب عدت بهم إلى الداخل هرولة سريعة وأعطيت لهم وقت دقيقتين لغرض تبديل القيافة والذهاب إلى المطعم لتناول طعام الفطور، كانت حفلة صباحية عنيفة بحق ، الضباط الذين أيدوا عملي هم الملازم الأول أرشد الزيباري والملازم الأول خلف عليان الدليمي .
خامساً. شهادة للتأريخ كنت واثق إن طلاب الفصيل سيكتبون 60 تقريراً حزبياً عليَ بسبب معاقبتي لهم على عدم تنفيذهم الأوامر، في مطعم الضباط وعند تناول طعام الفطور جاء المسؤول الحزبي الملازم محسن علي العامري المتخرج حديثاً والمنسب للعمل في الكلية العسكرية والذي كان يَكُنُ لي إحتراماً شديداً جلس بجواري ،
قال سيدي ما سبب عقوبة الفصيل اليوم ؟ قلت له الأفضل أن تسأل عريف الفصيل الطالب ، قال سيدي أحب أسمعك أولاً ، شرحت له ماحدث ، قال سيدي أنت محق واليوم مساءاً سأعاقب الفصيل عقوبة إضافية في وقت المذاكرة المسائية ، صباح اليوم التالي بشرني ضابط خفر السرية وقال طلاب فصيلك نالوا جزائهم العادل من قبل المسؤول الحزبي يوم أمس ،
كانت هذه الحادثة درساً بليغاً ليس لطلاب الفصيل الرابع سرية خالد فقط بل لكل طلاب سرية خالد وطلاب الدورة 50 .
موقف أمني
سادساً. كانت واجبات الخفارات في الكلية ثلاثة أنواع رئيس الخفر يكون برتبة (نقيب / رائد ) وضابط خفرالكلية العسكرية وضباط خفر السرايا لكل سرية ضابط خفر المجموع ثمانية ضباط خفر يومياً ، في أحد الأيام بعد منتصف الليل وبعد إجراء الدورة الإعتيادية ( التفتيش الليلي )على كافة نقاط الحراسة في معسكر الكلية العسكرية إتصل آمر الكلية العميد الركن داود الجنابي وطلب مني أن أكون يقظاً وقال سيأتي بعد قليل أقدم ضابط صف في التنظيم الحزبي لا أتذكر أسمه مع مجموعة من ضباط الصف وقال تفتح المشاجب وتوزع عليهم السلاح والعتاد وتوزعهم على مداخل الكلية العسكرية ومشاجب أسلحة الطلاب ومشاجب أسلحة الجناح الإداري ومقر الكلية ولاتسمح لأي شخص مهما كانت صفته بالتقرب من مداخل الكلية ، بعد أن أنهى مكالمته قلت له سيدي أخبر رئيس الخفر ؟ قال لي كلا لا تخبر أي شخص ، بعد وقت قصير وصل ضابط الصف المقصود ومعه مجموعة من ضباط الصف الموثوق بهم فتحت المشاجب و وزعت عليهم الأسلحة و الأعتدة وتم توزيعهم حسب أوامر آمر الكلية وقمت بعدة جولات إضافية أتفقد نقاط الحراسة حتى حلول الضياء الأول ( كانت مناسبة دينية في شهر محرم ) وكان يخشى القيام بعمل تخريبي في حينه .
سابعاً. في أيلول سنة 1970 إشْتَرَكْتُ في دورة حتمية في مدرسة المُشاة في الموصل يوم 29 أيلول كنت مع إبن دورتي الملازم علي هادي السامرائي نسكن في غرفة واحدة في فندق النجم الفضي في شارع حلب على ما أعتقد سمِعنا بنبأ وفاة زعيم القومية العربية الراحل جمال عبد الناصر خَيَمَ الوجوم على مدينة الموصل التي كان أبنائها يحبون الراحل جمال عبد الناصر حبَا جَمَاً هذا القائد العربي الشجاع أحتفظ بصورة تجمعني وأياه عندما كان الفوج الأول لواء المُشاة الأول في جبهة قناة السويس سنة 1968 بعد حرب حزيران.
العلم والثقافة سلاح نبيل يَصْبوا إليه آمري فصائل الطلاب لنيل الشهادة الجامعية.
ثامناً. في أيلول سنة 1970 إنتسب إلى الجامعة المستنصرية نخبة من آمري فصائل الطلاب أغلبهم في قسم القانون منهم الملازم الأول محمد يوسف الحلاق والملازم الأول عبد الستار حمادة والملازم الأول صباح حسون والملازم الأول غانم صالح العزاوي وفي أيلول سنة 1971 إنتسبت مجموعة أُخْرى إلى الجامعة المستنصرية منهم كاتب المقال والملازم الأول سمير أيوب مطر والشهيد الملازم عامر أحمد بكر الهاشمي الذي تَبَوَء منصب رئيس أركان الجيش بعد إحتلال العراق سنة 2004 وآخرين لا أتذكر أسمائهم .
تطور نوعي في إسلوب التدريب التعبوي وتدريب القوات الخاصة لطلاب الكلية العسكرية
تاسعاً. نُقِلَ إلى الكلية العسكرية الرائد الركن قيدار محمد صالح معلماً لدرس التعبية مع بداية إلتحاق طلاب الدورة 51 ، حدث تطور في مناهج التدريب التعبوي لطلاب الكلية العسكرية، شهادة للتأريخ بذل الرجل جهداً كبيراً في إعداد التمارين التعبوية بمستوى الفصيل والسرية في كافة صفحات القتال في منطقة تلول شيخ إبراهيم جنوب غرب مدينة الموصل القريبة من معسكر التدريب الإجمالي للكلية العسكرية في منطقة البوسيف في مدينة الموصل وكذلك في منطقة بسماية جنوب بغداد .
عاشراً. التطور الذي حصل في مناهج تدريب القوات الخاصة لطلاب الكلية العسكرية هو إشراكهم في دورة تدريبية للقفز بالمظلات إضافة إلى تدريب الصاعقة ، كان التدريب بإشراف النقيب قوات خاصة عصمت صابر عمر عضو فريق الجيش في القفز الحر بالمظلات ، إستشهد خلال القفز بالمظلات في منطقة خان بني سعد أحد طلاب الدورة 51 نتيجة فقدانه الوعي وعدم فتحه للمظلة .
أحد عشر. تَناوبْتُ بالإشراف على تدريب الطلاب من الدورات 49 و50 و 51 و 52 و 53 و 54 في سرية خالد بن الوليد وسرية محمد القاسم وسرية سعد بن أبي وقاص ، كان نظام الخدمة في الوحدات الثابتة في بغداد يقضي خدمة أرْبَعْ سنوات في وحدات بغداد ثم النقل إلى الوحدات الفعالة ، بعد إنتهاء المدة المقررة قدمْتُ طَلَبَاً لنقلي إلى الفوج الأول لواء المُشاة الرابع عشر وإلْتَحَقْتُ إلى الفوج في شهر نيسان سنة 1974 مع بداية الحركات في المنطقة الشمالية حينها إستقر الفوج فترة قصيرة في منطقة (قوره تو) شمال شرق خانقين .
إثنى عشر. كوكبة من الطلاب الذين أشْرَفْتُ على تدريبهم تَبَوَأوا منصب قائد فرقة خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية وما بعدها منهم مجيد السامرائي و وعد الله مصطفى و محمود الجبوري .
أُفول نجم كوكبة من الضباط الذين شغلوا منصب آمر فصيل طلاب في الكلية العسكرية
مسك الختام لابد من ذكر أسماء الضباط الذين شغلوا منصب آمر فصيل طلاب في الكلية العسكرية وغادرونا إلى رحاب الله الواحد الأحد وهم :
أولاً. الرائد صبحي حسين الربيعي أُعْدِمَ خلال معارك الشوش.
ثانياً. الملازم الأول نزار يونس عاشور إستشهد في أحد المعارك.
ثالثاً. العقيد الركن خضرعلي العامري إستشهد في معركة مهران.
رابعاً. العميد الركن غالب عبد الله العزاوي إستشهد غدراً في مقر الفرقة 36 في دربندخان في أذار سنة 1991 ..
خامساً. اللواء الركن عصمت صابر عمر رئيس أركان قوات الخليج العربي أُعْدِمَ بعد أحداث الإنسحاب من الكويت .
سادساً. العقيد مهدي الدفاعي أُعْدِمَ بعد فشل وحدته في الدفاع في إحْدى المعارك.
سابعاً. العقيد الركن حسن جاسم الساعدي أُعْدِمَ بعد إنتهاء الحرب العراقية الإيرانية .
ثامناً. العقيد الركن عماد محمد حسن أُغتيلَ من قبل المليشيات بعد سنة 2003.
اللواء فوزي البرزنجي
14 آيار 2014
للراغبين الأطلاع على القسم الأول:
http://www.algardenia.com/terathwatareck/9975-2014-04-21-09-58-35.html
873 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع