أيام زمان - الجزء ٤٣ الأزرار
الزر أو الأزرار هو قرص صغير ورقيق، مصنوع من مادة صلبة، يخاط أو يثبت على قطعة القماش أو الملابس، بالإبرة والخيط أو بواسطة آلة الخياطة، من خلال الفتحات الموجودة في مركز القرص.
لا أحد يعلم على وجه الدقة متى بدأ النّاس في استخدام أزرار الملابس، إلا أنّ علماء الآثار عثروا على أزرار عظمية، يرجع تاريخها إلى ما قبل التاريخ. تحكي المخطوطات التاريخية، أن فكرة الأزرار كانت موجودة في الحضارات القديمة، قبل أن يستخدمها الإنسان لتثبيت ملابسه، فقد اكتشفت الأزرار في حضارة بلاد السند، عام 2000 قبل الميلاد تقريباً، وكانت مصنوعة من الصدف، أو الأحجار، أو الفخار، أو العظام، أو الخشب، أو قرون الغزلان، أو الأيل، وكذلك من المعادن، مثل البرونز، والذهب، واحتوت بعضها على نقوش هندسية.
إلا أنه على ما يبدو قد كان الغرض من هذه الأزرار الزينة، وإضفاء شكل ديكوري مختلف على الملابس، بغرض إظهار الثراء والتميز، وليس لأجل تثبيت الملابس وإحكام غلقها، فقد استخدمت الأربطة والخيوط لذلك في وقتها. وظهرت كذلك الأزرار في العصر البرونزي في الصين، وفي روما القديمة للأغراض الخاصة بالزينة والزخارف نفسها، ولم تظهر الأزرار بوظيفتها الحالية، وهي تثبيت أو إغلاق الملابس. وقد استعمل اليونانيون والرومانيون القدماء، الأزرار زينة للملابس ولتزرريها أيضًا، واستخدم الأوروبيون الأزرار فيما بعد لتزيين الملابس فقط.
كان النّاس يستخدمون خيوطًا، ودبابيس، وأحزمة، بدلاً من الأزرار، لإحكام ضمّ ملابسهم، لم يكن يعقل أن يقوم الناس بحياكة أكمامهم وفتحات الصدر كل صباح، ثم يفكون تلك الخيوط في المساء، كانت الحاجة هي أم الاختراع، وأصبحت الأزرار حلاً عملياً ومناسباً لتنوع أشكال الثياب وموديلاتها، والتي أصبحت محبوكة عند الوسط وحول الذراعين. ثُمّ بدأ استخدام الأزرار في القرن الثالث عشر، تحديداً في ألمانيا، حينما شاع استخدام الأثواب المحبوكة، واختُرِعت العروة أي مدْخل الزِّرِّ في الثَّوب، وهو شقٌّ صغير يُجعل في الثَّوب ليُدْخَل فيه الزِّرُّ. فصنعت فتحات في الملابس لربطها في الأزرار، وصاحب ذلك ظهور ورش صناعة الملابس الجاهزة في أوروبا كلها، خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر ميلاد.
تصنع أيضا الأزرار في الوقت الحاضر، من مواد معدنية أو عظمية أو بلاستيكية أو خشبية، أو من أي مواد أخرى مناسبة، وبعضها كان مثقوباً، ليدخل به الخيط ويثبت في الملابس. وبعض الأزرار لها فتحات غير مرئية من خلف الزر، لغرض تثبيته على القماش، بينما تبقى واجهة الزر خالية من الثقوب لمزيد من الجمالية، تستخدم الأزرار عموما لغرض جمع أطراف الملابس على بعضها.
لكن رأت الكنيسة في ذلك الوقت أن الأزرار تفتح أبواب الجحيم، فسهولة الفتح والغلق، جعلت النساء تتفنن في إظهار أجزاء من صدورهن، وتخترعن فتحات جانبية في السترات، والفساتين، لتلوحن بفتنة بشرتهن الناعمة وقتما شئن، ورأت الكنيسة أن الأربطة والخيوط، كانت تغلق هذا الباب، وتقطع الطريق على الأهواء.
استخدم النّاس عشرات الأزرار البرونزية، والخشبية، لملابسهم من الأمام، بينما استخدم الأغنياء أزرارًا جميلة نفيسة من الذهب، أو الفضة، مطعّمة بالأحجار الكريمة. وتجهز بعض الملابس الرسمية بأزرار غالية القيمة. وخلال القرن السادس عشر، أصبحت الأزرار الحاملة لصُور الأشخاص، والصّور الملوّنة بالأصباغ، شائعة في فرنسا، حيث كانت الأُولى تحمل صورا جانبيّة لرجال ونساء من ذوي الشأن، بينما عرضت الثانية صورا للأشجار والأزهار ومناظر أخرى.
وعَقب الثورة الفرنسية ظهرت في فرنسا عام 1799 م، أزرار تحمل صوراً لموضوعات وطنية كأبطال الحرب، والعلَم الفرنسيّ، وأصبحت هذه الأزرار مقدّمة لعادة استخدام الأزرار الحاملة للشعارات، أو لعبارات أخرى، ومازالت كلمة زرّ تُستخدم في الولايات المتحدة الأمريكية للدّلالة على شارات تحمل عبارات، أو صورًا مطبوعة على وجه الشّارة الأمامي، ودبُّوسًا بوجهها الخلفيّ.
يعتبر بنطلون الجينز من أهم قطع الملابس في عصرنا الحاضر، حيث يوجد أزرار معدنية على أطراف جيوب بنطلون الجينز. هذه الأزرار لم توضع بدون سبب، وترجع قصة وجودها إلى وقت انتشار ارتداء الجينز وسط الطبقة العاملة، التي تقوم بأعمال شاقة في ذلك الزمن القديم، فقد كان العمال يشتكون من تمزق جيوب البنطال الجينز بسرعة، نظرا لقيامهم بحركات شاقة طوال اليوم، فقرر منتجو الجينز استخدام الأزرار الثابتة.
عرض جاكوب ديفيس، عام 1873، الفكرة الرائعة، على الشركة الأمريكية المعنية بحل هذا العيب في جيوب البنطال الجينز، والفكرة كانت عبارة عن وضع أزرار نحاسية على حواف الجيوب لمنع تمزق الجيوب مهما تحرك مستخدميه، ومنذ ذلك الحين لا يزال منتجو الجينز يتابعون هذا التقليد، بالرغم من أن البنطلون من هذا النوع يرتديه اليوم جميع طبقات المجتمع، من الرجال والنساء والأطفال، وليس العمال فقط.
أيضا فإن الأزرار كثيرا ما تضاف إلى الحقائب أو على جوانب الملابس وعلى الأكتاف لتثبيت الرتب كما في ملابس الضباط، أو في أماكن أخرى بهدف الزينة فقط وليس الاستخدام.
وهناك عادات وتقاليد تراثية لاستخدام الأزرار لحماية الإنسان من الشر، منذ العصور القديمة، كانت الأزرار بمثابة تعويذة تحمي من العين الشريرة ومن اللعنات. لكي يكون التعويذ مفيدًا (لإخافة تعاويذ الشر والطاقة السلبية)، من الضروري استخدامه بشكل صحيح، هناك عدة طرق استخدموها حول أفضل طريقة للتعامل مع قطعة إكسسوارات الملابس الصغيرة.
آمن أسلافنا أيضًا بالخرافات: على سبيل المثال، إذا كان المسار يمر عبر مكان غير مألوف أو سيئ، فمن الضروري الضغط على الأزرار أثناء الحركة، فلن تكون هناك مصائب، وسيكون الطريق ناجحًا وسريعًا.
يوصى أيضًا بالتصرف عندما تمر قطة سوداء عبر الطريق أو عندما يقترب أشخاص مجهولون، أيضا بالضغط على أزرار القميص.
يعد الزر الموجود على سترة أو قميص أو بنطلون بمثابة الحماية، ويعمل بمثابة تعويذة ضد السحر الأناني الحسود، والتركيبات التي تتمتع ببعض جلب الانتباه ستجلب الحظ السعيد، وإذا قام الإنسان بضبط ملابسه بالكامل ب الأزرار الكثيرة فسوف تبعد العيون الشريرة.
إذا لم يقع الزر في حلقة الربط تمام أثناء التثبيت، أي يخطأ من يلبس قطعة الملابس وعدم إدخال الزر في العروة، فعلية البدء من جديد وإلا فسوف ينحرف اليوم، لذلك من الأفضل أن يفعل كل شيء ببطء، في جو هادئ. أثناء ربط أزرار القميص أو المعطف. يجب أن يكون الزر مخيط من الداخل إلى الخارج في منطقة القلب، يجذب الزر بهذه الطريقة الحظ والثروة والحب ويبعد الأشخاص الحاقدين عن المالك، لكي تمارس التميمة آثارها، من الضروري تحضير العناصر: زر، ويفضل أن يكون مع أربعة ثقوب، إبرة (يفضل أن تكون جديدة)؛ خيوط الحرير مقص، والخياطة من الداخل الى الخارج.
من الأفضل الخياطة يوم الخميس، أثناء اكتمال القمر أو عند نمو القمر حتى لا تتمكن عيون الآخرين من التعرف على التعويذة، أثناء العمل على الخياط التفكير في الخير، يتذكر الأحداث السارة أو الحلم بمستقبل مشرق، يتم اختيار لون الخيط بناءً على الرغبات، الأحمر يساعد في شؤون الحب، الأرجواني في مساعي العمل، اللون الأصفر أو الأخضر يولد الصعوبات المالية، الأزرق يعزز المعرفة ويساعد في حل المشكلات المختلفة بشكل أسهل. إذا انقطع زر وفُقد فجاءة، فعلى الشخص توخي الحذر والنظر بعناية إلى الأشخاص، يمكن أن يشير هذا إلى وجود شخص حسود في الجوار، قادر على إحداث ضرر، بدلاً من ذلك يمكن استخدام دبوس عادي بحجم صغير، مع قفل قوي، إذا لم يكن من الممكن استبدال الملحقات على الفور، يُنصح بربط الدبوس من الجانب مع توجيه الرأس لأسفل، بدلاً من الزر المفقود أو المقطوع، كما أنها بمثابة تعويذة قوية وتستخدم كسمات سحرية، وقبل ربطها بالملابس على الشخص التأكد من أنها لم تكن في الأيدي الخطأ، وأنها نظيفة وخالية من التلف، كل هذه خرافات قد تكون أتت عن تجربة. وهناك بعض المعتقدات، أضيفت الأزرار في القرن السادس عشر، إلى أكمام سترات الرِّجال، وساد اعتقاد في ذلك الوقت بأنّ هذه الأزرار منعت الرّجال من مسح أفواههم في أكمامهم، ومع ذلك، فالأرجح أنّ هذه الأزرار استُخدمت لضمِّ الفتحات أسفل الأكمام، ثم صارت بعد ذلك تُستخدم لمجرد الزّينة.
والملاحظ أن أزرار ملابس الرجال توضع على الجهة اليمنى على عكس أزرار ملابس النساء التي توجد عادة إلى جهة اليسار؟ توجد عدة فرضيات تفسر هذا الاختلاف ليس لها علاقة بالتمييز على أساس الجنس وتعود جذورها للعصور الوسطى، فبحسب موقع سي نيوز الفرنسي، لا يزال تأثير التقاليد التي اتبعها أبناء الطبقة النبيلة، في تلك الحقبة الزمنية واضحاً في أزيائنا اليوم، فإلى الآن ترتدي النساء قمصاناً بأزرار من جهة اليسار بينما يرتدي الرجال قمصاناً بأزرار إلى اليمين، لم تكن الأزرار متاحة للعامة في العصور الوسطى لغلاء ثمنها، فاقتصر استخدامها على أبناء الطبقات النبيلة من نساء ورجال، لكن منذ ذلك الحين تم التمييز بين الجنسين، فاعتاد مصممو الملابس على وضع أزرار النساء من جهة اليسار، بينما توضع أزرار الرجال على اليمين، لكن الدوافع لم تكن عنصرية، فقد كان هنالك عدة أسباب وجيهة لذلك، لم تعتَد سيدات الطبقة الرفيعة على ارتداء ملابسهن بأنفسهن، إذ كانت خاماتهن تساعدهن على ارتداء الثياب، لذلك كان من الأسهل أن يكون اتجاه الأزرار إلى يمين الخادمات، بافتراض أنهن يستخدمن اليد اليمنى مثل غالبية الناس. هذا هو السبب الرئيسي الذي جعل ملابس السيدات تتميز بأزرار من جهة اليسار على عكس ملابس الرجال، لكن يوجد أيضاً فرضيات أخرى متداولة حول هذا التمييز منها، البعض يعتقد أن وجود الأزرار من جهة اليسار يسهل على النساء عملية الرضاعة، إذ اعتادت النساء حمل أطفالهن بأيديهن اليسرى، وفتح أزرار قمصانهن باليد اليمنى، وستكون عملية فتح الأزرار أسهل عليهن إذا كانت من الجهة اليسرى هناك فرضية أخرى تعود أيضاً للعصور الوسطى، حيث اعتادت النساء على الوقوف دائماً على يسار أزواجهن، فجعلت الأزرار النسائية من جهة اليسار بحيث لا يتاح لأحد سوى الزوج النظر إلى الجهة المفتوحة بين الزرين.
على الجانب الآخر، توجد فرضيات عدة تفسر وجود الأزرار من جهة اليمين في ملابس الرجال، منها، على عكس النساء، اعتاد الرجال في القرون الوسطى ارتداء ملابسهم دون مساعدة، لذلك كان من الأيسر بالنسبة لهم وجود أزرار من جهة اليمين. اعتاد الرجال أيضاً حمل سيوفهم على خصرهم من جهة اليسار، لذلك كان من الضروري أن تكون الفتحات ما بين الأزرار على الجانب الآخر، حتى لا يعلَّق السيف فيها حين يستلَّونه من غمده. وإحدى الفرضيات التي تفسر وجود أزرار الرجال على الجهة اليمنى، هي أنهم بتلك الحالة سيتمكنون من إدخال يدهم اليمنى بين أزرار القميص أو السترة لتدفئتها بعد استخدامها مطولاً في المسايفة، وتضرب صورة نابليون بونابرت الشهيرة وهو يدخل يده اليمنى بين أزرار سترته مثالاً على صحة هذه الفرضية.
المصدر: مواقع التواصل الاجتماعي، محرري المواقع
للراغبين الأطلاع على الجزء السابق:
https://www.algardenia.com/mochtaratt/59648-2023-07-30-18-26-14.html
2723 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع