كانت بغداد ولا زالت مشهورة بالعديد من الاكلات الشهية واللذيذة المذاق حتى ان احدى قريباتي المقيمة حاليا في امريكا قد استدعت يوما شركة للصيانة في منزلها حتى ارسلت الشركة اثنان من مهندسيها الامريكان فقدمت لهم اكراما لقدومهم البقلاوة العراقية المرسلة لها من بغداد والتي لا يخلو منزلها منها ..
وبعد مضي اكثر من سنة استدعت نفس الشركة فقامت الشركة بإرسال نفس هؤلاء المهندسين وما ان دخلوا حتى طلبوا باستحياء من السيدة هذه الحلويات التي قدمت لهم في المرة الاولى وقالوا لن ولم ننسى طعمها المميز ابدا فقامت وأعطت لكل واحد منهم قطعتين فقاموا بأكل واحدة وابقوا الاخرى الى زوجاتهم عند رجوعهم الى البيت.
وفي خمسينات القرن المنصرم كانت بغداد ( عاصمة كل الازمان) مشهورة بالعديد من محال بيع الكباب العراقي الشهير الذي يعتبر رمزا تراثيا فريدا من نوعه من حيث المذاق والنكهة والنوعية
واشهر محلات صنع الكباب كانت في الكاظمية ومنطقة الشواكة في الكرخ ومن اهم محلات صناعة الكباب هو محل مهدي الكببجي الذي ذاع سيطه في ارجاء الدنيا وكان محل مهدي يقع قرب السفارة البريطانية وكان حانوته لا يتجاوز اربعون مترا وكان عبارة عن حانوتين جعل منهما حانوت واحد ولا توجد فوق المحل اي لافتة تذكر لجلب الانتباه ولكن شهرته التي طافت الارجاء هي من جعلته مشهورا في مختلف طبقات الشعب العراقي وكان يصنع الكباب على نوعين الاول يسمى البياض فهذا معمول على شيش مستطيل طول الواحد اربعون سنتمترا وهو كثير الدهون و من ارقى انواع الكباب وبسعر 20 فلسا للشيش الواحد فيكون سعر الشيشين مع رغيف خبز مع الخضروات وقليل من الطرشي بخمسون فلسا . اما النوع الثاني هو ارخص ثمنا مصنوع من اللحوم الحمراء الخالصة وبسعر عشرة فلوس للشيش الواحد والسبب هو عدم وجود الليه او الدهون. اما النوع الاول البياض فكان مهدي الكببجي حسب ما يقول انة يشتري لحوم الجمال وخاصة اللحوم التي تحت سنام الجمل وكذلك لحم الغنم اللحم الذي يغطي البطن ( لحم بطن ) وهذا النوع يكون على شكل طبقات من الشحم واللحم وتكون هشة المذاق فيقوم الاسطه مهدي بخلط لحم الجمل مع لحم الغنم الخالص ويقوم بفرمة يدويا بواسطة مفرمة مثبتة على خشبة كبيرة بعدها يشوي هذا الكباب على مناقل الفحم الكبيرة ويقوم العامل بتدوير الهواء بواسطة مهفه مصنوعة من خوص النخيل حيث لا توجد مراوح تدفع الهواء , اما سبب نكهة كباب الاسطة مهدي فهو لحوم الابل ولها طعم خاص ولذيذ اضافة الى لحم الغنم التي تأخذ من منطقة البطن وبكميات مناسبة هو يقدرها ويعلمها تعطيها نكهة شهية جدا .
هذا ومن الجدير بالذكر كان هناك مطعم باسم مطعم الحاج مهدي لبيع الكباب يقع في سوق باب السيف – ( بكسر حرف الياء )،( حاليا الساحة المقابلة لمديرية التقاعد العامة والمحاذية لنهر دجلة ) لكن يختلف من ناحية الكمية والطعم والمذاق حيث ان شيش الاسطة مهدي الكببجي كان مميزا بحجمه وطوله ليصل بحدود 25 سنتمترا. وفي احدى ايام 1952 هبطت طائرة خاصة في مطار بغداد المدني ( مطار المثنى حاليا) وعلى متنها اميرالبحرين الشيخ سلمان بن حمد بن عيسى أل خليفة وكان شيخا كبيرا قد تجاوز السبعين وكان يسير متكئا على عصا وكانت الطائرة قد هبطت في بغداد للتزود بالوقود ومواصلة سفرها الى البحرين ..
وكانت مدة الترانزيت من 3 الى 4 ساعات حسب صيانة الطائرة و فترة تزودها بالوقود وكان احد مرافقي امير البحرين رجل عراقي اسمة اكرم عبو وهو مسيحي وقمنا بالتعرف على اكرم عبو لان مدير حسابات مطار بغداد المدني هو الاستاذ المرحوم شاكر اوجي الذي قد تزوج من اخت اكرم عبو وأنجبت له العديد من الاولاد منهم الطيار الزراعي نائل اوجي .
فجاء اكرم وتكلم مع ابن اخته نائل اوجي فقال لة ان امير البحرين يعشق ويحب كثيرا القيمر العراقي وكباب الحاج مهدي الذي يقع حانوته في الشواكة وامرنا بالشراء من هذا الكباب اسبوعيا ونزولا لرغبة الامير نرجو ان يساعدنا الاخ مفوض الجوازات بتسهيل مهمة ارسال هذا الكباب والقيمر الى البحرين حيث ان هناك طائرة الخطوط الجوية البريطانية BOAC تأتي الى البحرين كل يوم احد عن طريق بغداد ونحن سنوجه طاقمها بتلقي هذه الكميات من الكباب والقيمر وبوضعها في الاماكن المخصصة لحفظها وجلبها الى البحرين
وقد اعطى مرافق امير البحرين المرحوم اكرم عبو الى نائل اوجي مبلغ عشرون دينارا عراقيا وأمره ان يشتري له كل اسبوع بخمسة دنانير قيمر عراقي وبخمسة دنانير اخرى كباب مال حجي مهدي تحديدا وقال له سوف ارسل لك بعد فترة مبلغ مئة دينار تضعها تحت تصرفك تشتري بها القيمر والكباب ثم بعدها التفت الى مفوض جوازات المطار قائلا .. نرجوا ان يتكرم لنا الاخ مفوض الجوازات بتسهيل امر دخولها الى الطائرة فقال مفوض الجوازات تتدللون وعلى الرحب والسعة اكرما لصديقنا والد نائل شاكر اوجي وأكرما الى ضيفنا العزيز امير البحرين .
فكانت طائرة الخطوط الجوية البريطانية تأخذ معها في كل يوم احد القيمر العراقي وكباب حجي مهدي رحمة الله الذي لن ولم يتكرر طعمه في التاريخ .
وهذا ابسط واصغر واقل ما تميزت به بلاد الرافدين من خيرات وعادات وتقاليد وثقافة واني على يقين بان العراق وشعبة سيبقى شامخا مرفوع الراس مهما تكالبت وتقلبت علية الظروف والأمم ولم تغير من طباعة وعادته الحميدة وستكون ثابتة ان شاء الله الى ان يرث الله الارض ومن عليها .
الگاردينيا: أهلا وسهلا بالأخ الأستاذ / خالد حسن الخطيب في حدائقنا.. زارتنا البركة ، ننتظر جديدكم..
1063 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع