المكان الموصل - جامعة الموصل- بوفيه البطريق
الزمان احدى ضهيرات صيف ايام الحصار
كانت الساعة بحدود الثانية عشرة ظهرا ...كنت منهمكا في تلبية طلب الزبائن من السندويجات ...حيث لاحظت دخول شابا يرتدي شروالا خاكي اللون كالذي يرتديه الاخوة الاكراد وقميصا ابيضا لاتبدوا عليه النظافة وبعض ازراره مقطعة من الاسفل و منتعلا شحاط لاستيك معاد بني اللون .ووجهه احمراني منمش وشعره اشقر مجعد ...وكان ممتليء الجسم وبدانته تطغى على طوله فيبدو كبيرا رغم ان عمره لم يكن يتجاوز ال 18 عاما
استدار مباشرة على المغسلة الموضوعة في مدخل المحل وبداء بغسل يديه ووجهه وبصق ومخط اكثر من مرة واتى على نصف صابونة - ام الريحة - ثم جفف يديه بشرواله الفضفاض ثم استدار قائلا
ول يابا لفة المخ باشقد
قلت له ب200 دينار
فاجاب باستهزاء
ليش يابا اشكن صار العجل مالكم كان يطلع بالتلفزيون مع كامل الدباغ !!
وقبل ان اجيبه بادرني بسؤال اخر
زين الهمبركة الهمبركة باشقد - يعني الهمبركر-
قلت له ب 150
صفر مستنكرا والتفت ليسمع الزبائن
شوية جلافيط يثرمونها ويخلون عليها بهارات من سوق العطارين والله اشنو همبركة مالازم يابا هاي مو مال فقرة اعمللي لفة فلافل
وانا منهمك بعمل سندويج الفلافل وهو يتابعني بعينيه صاح قائلا
بس !!!!فلفلايتين تخلون بالسندويجة!!
قلت له اخويا هي الصمونة مال هالايام تتحمل اكثر من قطعتين
قال
عجل مايصير نضوقة الفلافل هاكذ بلا صمون
ناولته قطعتين التهمها بسرعة البرق ثم ناولته لفته بعد ان وضعت فيها بعض الطماطة والعنبة ...امسك بها فضاعت بين يديهه وبداء يلتقط قطع الطماطة باصابعه ويسلتها من الصمونة ويبلعها ثم قال لي
اخويي رحمة لوالديك خليلي من هاي الزلاطة اللي عل شواية مال همبركة ريحته اشقد طيبي
قلت له حبيبي هاي طماطة مثرومة مع بصل ومقلية بدهن الشواية بس هاي ماتصير ويا الفلافل
قال
يمعود ديحط ديحط اش تخرب الدنيي
ضحكت من فطارته وملئت صمونته بالزلاطة ...قضم قطعة منها واشار بيده على اناء بلاستيك مملوء بالكرافس وقال
ول يابا ماتخليلي شوية كرافيس كرافيس
فتناولت ما امكنها قبضتي من مسكه ووضعتها في ماتبقى من صمونته....هنا لاحظ احد الزبائن كان قد طلب صحن مشكل ..وكنا نقدم معه كاسة سوب من ماء اللحم او الدجاج المسلوق مع بعض المنكهات كالبهارات والبصل وملعقة صغيرة من معجون الطماطة فصاح صاحبنا
ليش عجل اني ما انطيتني من هذا اشنو فلوسنا نوى !!
ملئت لضيفي الخفيف الظل كاسة ناولتها له وقلت حبيبي السوب قليل مانكدر نقدمه ويا اللفات بس للي يطلبون ماعون مشكل
اكمل تناول السندويج واستدار من جديد للمغسلة واعاد نفس المشهد الاول وقضى على ماتبقى من الصابونة ومسح يديه بشرواله ثم ذهب صوب مبردة الهواء ليستتمتع ماا امكن بالهواء البارد
ثم جاءني ليدفع الحساب نظر الي وهو يسالني
اااااشقد
قلت له مازحا هي 75 دينار بس اللفة مالتك دبل
قال
ول يابا نص المحلات ع تبيع الفلافل ب 50 دينار
كنت انا اصلا نويت ان لا اخذ منه ...لاحظت انه مد يده الى جيب القميص وسلت منه 3 او 4 ورقات من فئة 25 دينارا هي كل مالديه
قلت له انت شتشتغل
قال
عمالة نطلع على باب الله بالمسطر مال سوق النبي يونس واليوم المقاول نكت بينا وما اجا...وما لقينا شغل نسترزق منو فجينا هوني للمجموعة مرات نلقي شغلات هوني
قلت له
خلي فلوسك بجيبك انا راح اشغلك اليوم عندي 7-8 تنكات دهن ام ال 16 كيلو قريبة هنا 50 متر بمحل بالفرع يم مخزن اولكر تروح تجيبها وتجي وانطيك يوميتك
ابتسم وقال
الله يرزقك..والله انت خوش غجيل - رجال- وفلوس ما اغيد بس اعمللي لفة مخ يعجبني كثيغ
تناولت صمونة وفتحتها وكانت العادة ان نمسح المخ على الصمونة مثل الزبدة لانه غالي جدا ولا مربح منه ولكنه مطلوب كتشكيلة
كان يتمتم مع نغسه ضاحكا
هههههه اشنو هاي تمسحونو مسح مثل الزبد وتخلون معانو باذنجان وبطاطا هههه والله خوش شغلايي مال سندويجات
التهم السندويج بنهم وانصرف لياتي بتنكات الدهن وكنت انا منهمك بالشغل بينما كان صاحبنا مع كل تنكة دهن يوصلها يفتح ازرار قميصه امام هواء المبردة
لم يبقى الا واحدة او اثنتين منها حتى جاء الي وهو ينظر الى شواية الهمبركر وقال لي
تعغف اشقد مشتهيها الهمبركة
قلت له شتسوي بيها جلافيط وبهارات يلا كمل نقل كل التنكات وتعال اسويلك لفة همبركر...فانطلق كالسهم وانجز مهمته وجاء وهو يمسك بشرواله ويعدله نحو الاعلى وكانه يتهياء لانجاز تاريخي وقال
يلا لفة همبركة
طبعا توصيت فيها مع السوب وقضى عليها بثواني ...فاردت ان اصرفه فقلت له
بعد امر خدمة
فقال لي هامسا باذني
بس 250 اخذ تكسي لحي القاهرة .
قلت له ماشاءالله تتنقل بتاكسيات وناولته 250 دينارا وقلت له يلا توكل على الله
بعد حوالي ساعة تركت العمل وذهبت الى سيارتي البرازيلي وكانت نوع تاكسي كنت اوقفها امام المحل ..واخرج بها احيانا للتسوق للمحل فلاحظته وهو جالس ومتكيء على حائط احد المحلات القريبة طلبا للظل فلما ابصرني جاء مهرولا
وبعد ماشاءالله تشتغل تكسي هم!! الله يوفقك
قلت له ها ولك مو على اساس تروح للبيت
قال
لا والله قلنا بلكي تلحقنا رزقة جديدة
ثم اردف قائلا
ويصب طريقك الله يخليك ويخلي ويلادك زتني بطريقك بحي القاهرة !!
قلت له ضاحكا اصعد اصعد..طبعا لم يكن طريقي ولكن الشخصية الظريفة لصاحبنا شجعتني
توقفت في تقاطع المعارض جاء صبي يبيع الماء بسطل فنادى عليه صاحبي
ول زينل زينل تعال هوني بسرعة
جاء الطفل راكضا مع سطلة الماء وناوله طاسة قدمها لي
تفضل استاذ
قلت له رحم الله والديك ماعطشان ...فكرعها بجرعة واحدة وارجعها للطفل ...فلاحظت الطفل يغمز لصاحبي وكانه يريد ان يوصل شيئا له ففهمها صاحبي والتفت لي قائلا
استاذ ما تسبلا - تسبلها- السطلة على روح الميتيلك بس 100 دينار
ضحكت وقلت له
صدقني ماعندي ميتين بهالفترة...لكن بس يموت واحد لاسمح الله اجي هنا وادور على صديقك واسبل سطلاته على روح الميتيلي !!
1143 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع