اليهود في جزيرة العرب

                                            

                               د.رعد العنبكي

              

                اليهود في جزيرة العرب
اسماء اليهود :

يقال لهم عبرانيون وعبريون من العبر اي من عبور ابراهيم جدهم الاعلى نهر الفرات وهم قد دعوا اسرائيليين وبني اسرائيل نسبة الى اسرائيل نبي الله وهو يعقوب فاطلق الاسم على جميع الاسباط من عقبه ثم على فئة منهم الى ان انقرضت فعمهم الاسم جميعا ويقال لهم  ( هود ) و ( هادوا ) وقد تغلبت كلمة  ( يهود ) عليهم واصلها ( يهوذا ) وهم سبط من اسباط بني اسرائيل سموا بهذا الاسم تمييزا لهم عن الاسباط العشرة الذين سموا ( اسرائيل ) الى
ان تشتت الاسباط واسر يهوذا فمن ثم دعي جميع نسل يعقوب ( يهوذا ) ويهوذا جد هذا السبط وهو رابع اولاد يعقوب ومعنى  هاد – يهود – هودا – وتهود : تاب ورجع الى الحق وفي القران الكريم (انا هدنا اليك ) اي تبنا اليك وسميت اليهود اشتقاقا من هادوا اي تابوا واطلق القران عليهم ( اهل الكتاب ) وهي لا تعني نهم اصحاب علم بالكتابة وانما المراد بذلك انهم اهل كتاب سماوي منزل وهو  ( التوراة ) ويدخل في هذه التسمية ايضا النصارى لوجود كتاب سماوي لديهم وهو ( الانجيل ) وهكذا فان تسمية  ( اهل الكتاب )
في القران يقصد بها اليهود والنصارى..
اصل اليهود :
لا حظ المعنيون بلغات الشرق الادنى اوجه شبه ظاهرة بين البابلية والاشورية
والكنعانية والعبرانية والفينيقية والارامية والعربية واللهجات العربية الجنوبية والحبشية والنبطية وامثالها
فقالوا بوجود وحدة مشتركة كانت تجمع شمل هذه الاقوام واطلقوا على تلك الوحدة اسم ( الجنس السامي ) نسبة الى سام بن نوح
اما المهد الاصلي للساميين فقد ذهب العلماء في ذلك مذاهب شتى فراءى  نفر منهم انه ارض بابل في العراق وراءى اخرون ان جزيرة العرب هي المهد الاول وذهب فريق ثالث الى ان افريقيا هي وطن الساميين وذهب اخرون الى غير ذلك
اسباب سكن اليهود في جزيرة العرب يرجع بعض الباحثين تسرب اليهود الى الجزيرة العربية الى هذه الاسباب :
( ان فلسطين كانت بمثابة القنطرة التي تربط بلاد العرب وسورية من جهة ومصر والعراق من جهة اخرى وكانت القوافل العربية تاتي من بلادها الى اسواق مدن بني اسرائيل وكنعان وكان تجار اليهود يرحلون الى سباء في عهد سليمان وبعده ) ومنها ( زيادة عدد اليهود في فلسطين زيادة مطردة جعلت
البلاد تضيق عن ان تسعهم وتنفسح لعملهم في سبيل الحياة وقد بلغ عددهم في ذلك الحين اكثر من اربعة ملايين نسمة وهو عدد كبير لا تتسع له بلاد ضيقة كفلسطين فاضطروا بحكم هذه الزيادة المستمرة والنمو المطرد ان يهاجروا الى ما حولهم من البلاد المجاورة لهم كمصر والعراق والجزيرة العربية
ومنها : انه بعد حرب اليهود والرومان ( 70 ب م ) التي انتهت بخراب فلسطين ودمار هيكل بيت المقدس وتشتت اليهود في اصقاع العالم قصدت جموع كثيرة اخرى من اليهود بلاد العرب كما يحدثنا بذلك المؤرخ اليهودي يوسف الذي شهد تلك الحروب وكان قائدا لبعض وحداتها وهذا ما تؤيده المصادر العربية التي جاء فيها : لماظهر الروم على بني اسرائيل بالشام وقتلوهم وسبوا فخرج بنو النضير وبنو قريظة وبنو بهدل هاربين الى الحجاز وتبعهم الروم فهلكوا عطشا في المفازة بين الشام والحجاز )
وهناك اسباب اخرى ادت الى انتشار اليهود في يثرب لا يمكن التعويل عليها علميا كما انتشر اليهود في اليمن وهذا ليس مجال بحثنا هنا فاني استعرض فقط الفئات اليهودية التي احتك بها الاسلام اليهود عند ظهور الاسلام
كانت منطقة يثرب وهي التي تعرف اليوم ب (المدينة المنورة ) المركز الاكبر لليهودية عند ظهور الاسلام كما انتشر اليهود جماعات جماعات استقروا في مواضع المياه والعيون من وادي القرى وتيماء وخيبر فبنوا فبها الاطام لحماية انفسهم وارضهم وزرعهم من اعتداء الاعراب عليهم وقد امنوا على انفسهم
بالاتفاق مع رؤساء القبائل الساكنة في جوارهم على دفع اتاوات لهم وعلى تقديم الهدايا اليهم لاسترضائهم وقد سكن يثرب عدة قبائل يهودية اشهرها بنو النضير وبنو قريظة وبنو قينقاع وكان يسكن في المدينة من العرب قبيلتا الاوس والخزرج ويرجح رواة التاريخ مجئ قبيلتي الاوس والخزرج الى يثرب بعد حادث سيل العرم جاءوا اليها لسوء حالهم والتماسا لوطن جديد والخزرج اخوة الاوس في عرف النسابين فالخزرج جدهم شقيق الاوس الذي تنتمي اليهما قبيلتا الاوس والخزرج وحينما نزل الاوس والخزرج المدينة لم يكن لهم حول ولا قوة ولذلك قنعوا بالذي حصلوا عليه من ارض ضعيفة ومن رزق شحيح اما المال والثروة والجاه فلليهود بقوا على ذلك امدا حتى ذهب مالك بن
العجلان وهو من الخزرج الى ابي جبيلة ملك الغساسنة يطلب منه النصرة على اليهود فجاء ابو جبيلة على راس جيش الى الحجاز وفتك باليهود وتمت الغلبة من يومئذ للاوس والخزرج بعد ان غدر مالك بن عجلان برؤساء اليهود وقتل منهم بضعة وثمانين رجلا اثر اليهود في انتشار الاسلام بدا محمد صلى الله عليه وسلم دعوته الى الاسلام في جو مشحون بالشدائد والصعاب واعداؤه اخذوا يتمادون في اساءتهم له حتى التقى بافراد من عرب يثرب فوجدت دعوته لديهم اذانا صاغية وقلوبا واعية وبيان ذلك : ان نفرا من الخزرج خرجوا الى مكة في موسم الحج فلقيهم محمد فسالهم عن شانهم وعرف انهم من موالي اليهود وقد كان اليهود بيثرب يقولون لهم اذا اختلفوا واياهم : ( ان نبيا مبعوثا الان قد اظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وارم فلما كلم رسول الله اولئك النفر ودعاهم الى الله قال بعضهم لبعض :  ياقوم تعلمون والله انه النبي الذي وعدكم به اليهود فلا تسبقنكم اليه فاجابوه فيما دعاهم اليه بان صدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الاسلام وقالوا له : انا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشرمابينهم وعسى ان يجمعهم الله بك فسنقدم عليهم فندعوهم الى امرك ونعرض عليهم الذي اجبناك اليه من هذا الدين   ثم انصرفوا عن الرسول راجعين الى بلادهم وقد امنوا وصدقوا ويمكن القول ان التنبؤات التي كان يطلقها اليهود حول مبعث النبي الجديد والاخبار التي كانوا
يروجونها بين العرب كان لها بعض الاثر في استجابة اليثربيين للاسلام فاليهود رسخ في نفوسهم اعتقاد بانه سيجئ نبي ينقذهم من البؤس والشقاء ويتغلب على اعداء الشعب المختار  فلما عرض النبي رسالته على افراد من الخزرج تنبه العرب الى اقوال اليهود فاقبلوا يعتنقون الاسلام بينما كفر اليهود بدعوة الرسول كبرياء واعراضا عن الحق الذي جاء به نبي ليس منهم
ويؤيد هذا الراي ان استجابة اهل يثرب للاسلام كانت اكثر من استجابة اهل مكة
( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) صدق الله العظيم سورة البقرة التقاء الرسول باليهود في يثرب اضطر الرسول محمد عليه الصلاة والسلام الى الهجرة الى يثرب بعد ان اشتد عليه ايذاء
قريش في مكة وبعد ان قصدوا قتله وكان انصاره في يثرب قد كثر عددهم وقويت شوكتهم وفي يثرب معقل اليهود التقى الرسول محمد مع اليهود وجها لوجه فاحسن معاملتهم لعلهم يؤمنون برسالته وامنهم على اموالهم وانفسهم وزارهم وطمانهم ثم تعاهد معهم في صحائف كتب لهم فيها العهد بالوفاء لما اشترط لهم ما داموا موفين بالعهد وقد طلب الى جميع المسلمين الوفاء بما جاء
فيها ومنعوا من التجاوز والتطاول على من في يثرب من اليهود وجعل لليهود نصيبا من المغنم اذا قاتلوا مع المسلمبن كما شرط عليهم النفقة معهم في الحروب وبذلك يتضح انه لم تكن علاقات اليهود مع المسلمين سيئة في الايام الاولى من مجئ الرسول الى يثرب فقد رات اليهود ان الاسلام دين اعترف بانبيائهم وانه دين توحيد وانه في بعض احكامه قريب من احكام ديانتهم وانه يناهض الاوثان وقد تسامح معهم فاباح للمسلمين طعامهم واجاز التزوج من بناتهم كما تصرح بذلك الاية القرانية (اليوم احل لكم الطيبات وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم ) سورة المائدة
كما ان الرسول عندما هاجر الى المدينة اتخذ بيت المقدس قبلة له في الصلاة تاليفا لقلوبهم وكان اليهود يصومون  عاشوراء فلما قدم الرسول يثرب وراهم يصومونه قال ما هذا؟ قالوا هذا يوم صالح هذا يوم نجي الله بني اسرائيل من عدوهم فصامه موسى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فانا احق بموسى منكم فصامه وامر بصيامه وكانت اليهود تعده عيدا
الى هذا القدر اكتفي والى الحلقة القادمة انشاء الله تعالى
ولكم مني اطيب المنى
اخوكم المخلص
الدكتور
رعد العنبكي ( Phd) في شؤون الشرق الاوسط

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1746 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع