د. مؤيد عبد الستار
بعد زيارته لامريكا قام السيد رئيس الوزراء نوري المالكي بزيارة خاطفة لايران ، وقد أعلن مكتبه الاعلامي عددا من المبررات والاسباب المعقولة للزيارة من قبيل قرب عقد مؤتمر جنيف 2 ، ولكن لاصحاب الشأن والخبرة همس آخر حول الزيارة ،
انه همس يقترب من الصراخ ، و يذهب الى ان سبب الزيارة هو طلب موافقة ولاية الفقيه لتولي المالكي منصب رئاسة الوزراء للدورة القادمة ، اي الرئاسة الثالثة . وهو ما يجب ان ننظر اليه وفق المعطيات الجديدة في الوضع الدولي والاقليمي رغم كونه حقا مشروعا ، اذ لاينص الدستور على تحديد عدد دورات رئاسة الوزراء مثلما نص على تحديد رئاسة مجلس النواب ورئاسة الجمهورية .
فهل وافقت ايران ، او تعهدت بالعمل على تحقيق أمنية المالكي في البقاء بمنصبه لدورة ثالثة ؟
بادء ذي بدء يجب النظر الى ايران من زاوية جديدة تماما ، اي من زاوية علاقتها الجديدة بامريكا ، فان الانفتاح الايراني على الولايات المتحدة الامريكية ليس لعبة نرد ، بل لم يتحقق هذا الانفتاح الا بعد جهود ومباحثات مضنية بذلت ايران فيها كل ما تملك من قوة ، و عانت من ويلات العقوبات الواسعة وتوقف تصدير نفطها ، ولم تحقق ما تسنى لها من مكاسب في هذه المفاوضات دون ثمن ، او دون خسائر ، او لنحمل الامر على احسن الوجوه ونقول : دون دفع فاتورة الصداقة الامريكية المنشودة ، والتي تتضمن بالتأكيد تفاهمهما – ايران وامريكا – حول القضايا الساخنة في المنطقة والعالم والتي تقع ضمن دائرة اهتمام البلدين، وهذا اقل ما يمكن الاتفاق عليه في اي اتفاقية صداقة او انفراج بعد عداوة بين اي قوتين متنازعتين سواء اقليمية او دولية .
ان الطلب من ايران الموافقة على تولي المالكي ولاية اخرى – ثالثة – على اساس ان ايران تمتلك حق التوقيع على بياض في السياسية العراقية أمر انقضى عهده منذ اليوم الذي اتفقت فيه مع امريكا على التفاهم المشترك بشأن النووي الايراني ، فالتفاهم لا يقف ولا ينتهي عند النووي الايراني ، وانما يبدأ من حدود ايران الشرقية المتاخمة لافغانستان ولا ينتهي عند حدود ايران الغربية المتاخمة للعراق بل يتعداه ليصل الى شواطئ البحر المتوسط وربما البحر الاحمر و الميت ايضا .
ولا تستطيع ايران بعد هذا الاتفاق النووي المغامرة بالتلويح باية ورقة ، وانما عليها ان تجلس مثل اي تلميذ مؤدب ملتزم في الصف وتسمع للمعلم باذن صاغية وفق مبدأ التفاهم المشترك الذي يبدأ من النووي وينتهي بالعقوبات ، فعصا العقوبات ما زالت مرفوعة بوجه ايران ، يلوح بها تارة جون كيري ، وتارة الكونغرس ، واخرى نتنياهو. ولا يجهل ذلك الولي الفقيه ولا السيد روحاني و لا سليماني .
اضافة الى ان انغماس ايران في الساحة العراقية والعمل على تنصيب رئيس وزراء ، سيكون مبررا للولايات المتحدة الامريكية الايعاز لحلفائها بالتدخل ايضا ووضع العصي اللازمة في عجلة – صنع في ايران - .
وبما ان ايران لا تريد تعكير الاجواء في المنطقة الملبدة بالغيوم السوداء اساسا ، وتريد ازاحة الهم السوري عن كاهلها في اسرع وقت لتـتـفـرغ لمعالجة اثار السنوات العجاف السابقة ، فانها تحاول التودد الى السعودية ودول الخليج وتعرض مرارا التفاهم حول امن المنطقة وتعلن انها ليست في معرض تهديد أمن أية دولة من دول المنطقة ، وهو الطريق الاسلم لها طالما انها ذاقت طعم الفاكهة الامريكية المحرمة ، والتي يسيل لها لعاب الدول المحيطة بها صغيرها وكبيرها ، والتي ادمنت على ما تقدمه امريكا من اطاييب حلالها وحرامها .
لهذا لا اظن ان ايران تقامر بمستقبل علاقتها بامريكا وتغامر بالوقوف الى جانب المالكي او غيره من عباد الله في العراق لكي يحصلوا على منصب الباب العالي ، وانما عليهم ان يكسبوا الاصوات بانفسهم ويحصلوا على المنصب الذي يستحقون ، اما ايران فانها ستقف بعيدا عن القافلة وتغني جذلا كما يحلو لها على نغم الدشت : امان... امان .. امان ....
1527 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع