وقائع سنوات البحث عن الأضواء مساعي حسن العلوي لإصدار الصحف والمجلات

الدكتور مليح صالح شكر / الباحث في تاريخ الصحافة العراقية

وقائع سنوات البحث عن الأضواء مساعي حسن العلوي لإصدار الصحف والمجلات

ليس هذه الملاحظات سوى عرض لوقائع تاريخية هدفها إلقاء نظرة على محاولات متكررة لإصدار جريدة أو مجلة وكلها لم يكتب لها النجاح.
دخل حسن العلوي الحياة الصحفية محرراً بالقطعة في جريدة الجماهير التي أصدرها البعثيون عام 1963 وكان حينها مدرساً في احدى مدارس العاصمة يأتي يومياً الى مقر الجريدة في الصرافية قرب الجسر الحديدي ليسلم مواده لباب شكاوى المواطنين إلى سامي مهدي مدير التحرير ويتسلم منه المواد الجديدة لليوم التالي، وبأجور تصل شهرياً قيل أنها كانت ما بين 25 - 30 ديناراً.
وكان حسن جاداً في عمله منطلقاً من قناعاته البعثية حينذاك ومن رغبته في دخول الصحافة لبريقها في المجتمع وسهولة تواصل العاملين فيها مع المسؤولين في الدولة، وكانت نرجسيته طريقه للصعود .
ولما إنهار نظام البعث في الثامن عشر من تشرين الثاني من العام نفسه واصل حسن العلوي حياته التعليمية مدرساً متنقلاً في المدن العراقية لكنه أبقى على حبه للصحافة حتى سنحت له الفرصة خلال عام 1967 بالانضمام كاتب عمود في جريدة ناصرية الإتجاه يصدرها فوزي عبد الواحد بإسم صوت العرب وهو أحد الشخصيات العراقية ذات الولاء المطلق للرئيس المصري جمال عبدالناصر.
هنا راح حسن يكتب عمود ( بلا هوادة) ينتقد فيه بعض المظاهر السياسية والاجتماعية والثقافية التي كان هو يراها مظاهر سلبية وفي بعضها كان يحرض السلطات على مرتكبيها كما حصل في بعض مقالاته ضد أصحاب المقاهي في مدينة الديوانية جنوب العراق الذي يفتحون الراديو على إذاعة لندن .
على أية حال كانت نكسة الخامس من حزيران عام 1967 مدخلاً للعراقيين والعرب عموماً في البحث عن متنفس سياسي أو ثقافي أو صحفي لتخفيف وطأة آثار النكسة ، فشاعت المقالات والقصائد الناقدة في المجتمع ، فذاع صيت مقالات حسن العلوي كما كان قد شاع صيت مقالات جليل العطية اليومية في نفس الجريدة تحت عنوان ( حكايات جهين)، وكلاهما كان بعثياً.
وفتحت الباب على مصراعيه أمام حسن العلوي حينما تولى البعثيون مرة أخرى الحكم عام 1968 وهو من مناصري البعث لكنه أستعجل جني المكاسب الشخصية فتعثرت محاولاته للوصول إلى مركز الأضواء.
في التعديلات التي أجراها وزير الثقافة والاعلام الجديد عبد الله سلوم السامرائي أنه عين حسن العلوي في منصب متواضع في ديوان الوزارة وهو مدير الصحافة .
ولكن تجاوز الموظف الصغير صلاحياته الحكومية بتكرار حضوره الى مكتب سكرتيرة الوزير ملحاً على مقابلته ليستفسر منه عن نتائج أجتماع القيادة القطرية في الليلة السابقة لكنه لم يتمكن من مقابلته بل أثار حفيظته حتى قرر إبعاده عن ديوان الوزارة محرراً في جريدة الجمهورية ، وعين بدلاً عنه الشاعر سامي مهدي الأقدم من حسن حزبياً وثقافياً.
وبعد فترة قلقة من التنقل اصبح حسن العلوي معاوناً للمدير العام في وكالة الأنباء العراقية مختصاً بالشؤون الإدارية حصراً بينما كان معاونا المدير العام الآخرين مختصان بالشؤون الصحفية ، طه البصري للأخبار الخارجية ، ومحسن حسين للأخبار الداخلية.
وبسبب تدخل حسن العلوي في الشؤون التي لا تقع في اختصاصه، وربما بسبب عادته في حشر نفسه في أمور أبعد من اختصاصه ، فقد كان شائعاً همساً في قاعة التحرير أن بهجت شاكر لا يرتاح لتدخل حسن ، تماماً كما كان الحال مع موقف الوزير عبد الله سلوم السامرائي منه ، ومع ان المدير العام في واع كان من اللياقة بشكل لا يسمح لنفسه أن يوقف العلوي علناً ، حتى حانت الفرصة فنقله مديراً أقليمياً لواع في المغرب العربي ومقره الرباط والذي يفترض أن يكون مسؤولاً عن نشاطات مراسلي واع في المغرب والجزائر وتونس ، وكان قد تزوج تواً من زوجته الثانية الموظفة في قسم الحسابات في واع.
ولما قطعت واع مدة خدمته خارج العراق بسبب سوء تقديره للأحداث المغربية تجاه محاولة أوفقير الانقلابية ( وإسقاط الملكية) فأعادته الى بغداد، ومن ثم الى وزارة التربية حسب تنسيبها.
ومن المستغرب أن حسن لم يكتب ولم يتحدث إطلاقاً عن تجربته الصحفية في المغرب لا قبل الاحتلال الامريكي للعراق ولا بعده.
وعلى ما اتذكر غادر العلوي الى المغرب في تشرين الثاني عام 1971 وبعد إعادته تم نقله الى وزارة التربية مطلع عام 1973، ولم يقض في المغرب أكثر من سنتين بينما كانت مدة الخدمة الخارجية في واع أربع سنوات ، حيث عوقب على ذلك الخبر الخاطىء بسقوط الملكية في محاولة إنقلاب أوفقير .
ويكرر حسن العلوي الحديث عن الفترة القصيرة التي قضاها موظفاً بوزارة الاعلام أيام الوزير عبد الله سلوم، وكذلك عن ايامه طفلاً في كرادة مريم ، وقليلاً من الذكريات في مرحلة الدراسة بثانوية الكرخ.
لكنه يصمت تماماً عن الحديث عن دراسته الجامعية، وعن عمله في المغرب ، أو نشاطاته وعلاقاته وهو لاجىء في دمشق وغيرهما من العواصم التي تردد عليها ( معارضاً لنظام صدام حسين).
ودائماً يعود حسن الى الأضواء وهو ناجح لتسليط الاضواء على نفسه ونشاطاته .
وعند العودة إلى مساعي حسن العلوي الحثيثة لتبوء مناصب متقدمة في المؤسسات الصحفية العراقية وصل إلى رئاسة تحرير مجلة أسبوعية لم يكن في العراق سواها هي مجلة ألف باء التي لا يوجد في الأسواق منافساً لها.
وما أن ثبت أقدامه في المجلة التي كانت تابعة لرئيس مجلس ادارة دار الجماهير وهو في الوقت نفسه رئيساً لتحرير جريدة الجمهورية السياسية اليومية والناطقة بلسان الحكومة ، حتى بدأ في غروره لإقصاء سعد قاسم حمودي الذي يتولى تلك المناصب ليحل هو محله.
وفي ملابسات كثيرة تحدثت عنها في مقالات سابقة لم ينجح العلوي في إقصاء حمودي ، حتى بدأ يعاني من أفول دوره فقرر الهجرة الى الكويت لعل ظروفه فيها ستكون أفضل.
ولإزالة البلبلة تجاه هجرته الى الكويت أؤكد بأن هذه السفرة جرت بعلم مباشر من مدير الأمن العامة الدكتور فاضل البراك الذي منحه مبلغاً سخياً وسهل له مقابلة صدام حسين الذي منحه ايضا مبلغاً سخياً آخر وسهل له تحويلها عبر البنك المركزي أعلى من الحدود التي كان مسموحا بها للعراقي المسافر الى الخارج.
وبالرغم من علاقاته الوثيقة بمراكز النفوذ في السفارة العراقية بالكويت تمكنت أجهزة السفارة السورية من اقناعه بالسفر لاجئاً في دمشق.
ولأنه سريع التقلبات بدأ حسن العلوي نشاطه في سورية لمناصرة حافظ الأسد وبدأ صفحة جديدة لرغبته الملحة في تسليط الأضواء عليه، وأكثر من الشائعات عن نفسه وعاد إلى محاولاته لإصدار جريدة أو مجلة يتصرف فيها كما يرغب .
آنذاك ، حاولت السلطات السورية إصدار مجلة أو جريدة أسمها ( الشمس) وأن يكون العلوي العراقي اللاجئ عندها رئيساً لتحريرها، لكن تلك المحاولة ماتت بموت أحمد أسكندر وزير الأعلام السوري بالسرطان في كانون الاول عام 1983، وتردد إن العلوي إحتفظ بالمبلغ المالي الذي دفعته السلطات السورية له في مرحلة الإعداد لإصدار المجلة.
وفي محاولته الثانية ، روجت لها السلطات الكويتية خلال الغزو العسكري الامريكي وكان حينها قد أعد دخوله للعراق من الحدود الكويتية صعوداً عبر الطريق المحاذي لنهر دجلة والمار بالعمارة والكوت.
وفي ثاني محاولاته هي تلك التي تحدثت عنها شبكة العراق الثقافية الالكترونية في 24 أيار عام 2003 وروجت لها الحكومة الكويتية بواسطة وكالة الأنباء الحكومية ( السياسي العراقي حسن علوي يعلن عن إصداره أول صحيفة عراقية خاصة ، وكالة الأنباء الكويتية، تصريح خاص، 10 -4 _- 2003). وتزامنت مع الأيام الأولى للغزو الأمريكي ، وكان العلوي آنذاك قد أنتقل من لندن حيث أقام بتمويل من أحمد الجلبي رئيساً لتحرير جريدته ( المؤتمر) الى الكويت ودخل العراق بحماية الأجهزة الكويتية.
وخلال وجوده هذا في الكويت حاول وفشل في أصدار مجلة ( سومر )دون أن يدري ان ( سومر ) هي مجلة تصدرها مديرية الآثار العامة منذ منتصف الأربعينيات في القرن الماضي ، وحافظت على صدورها منذ عام 1945 حينما كانت تصدر مرتين في السنة حتى عام 1957 حين أصدرت الجزأين في مجلد سنوي واحد واستمرت على هذه الإصدارات دون توقف.
ولا يسمح القانون بإصدار مطبوع ثان بنفس الأسم، ولكن كما يبدو ان حسن العلوي كان يجهل هذا النص القانوني أو انه لم يكن يدري أن هنالك مجلة مرموقة أسمها ( سومر).
والمحاولة الثالثة الفاشلة هي محاولة مجلة أراد ان يسميها ( شادبا) من أربيل شمال العراق عام 2012 وإستدعى لمساعدته محسن حسين من دبي الذي مكث معه في أربيل شهرين يتصل بالصحفيين والفنيين والمصورين في العراق وخارجه للعمل في المجلة وحضر عدد منهم إلى أربيل وأعدوا مسودات العدد الأول قبل ان ينقلب العلوي على نفسه ويوقف كل المشروع دون ان يبوح بالسبب.
وخلال تلك الأيام أيضاً أنهمك محسن حسين ، في اتصالات اخرى لجمع معلومات لمقالات مفترضة ستكون في عددها الأول.
ونشر محسن حسين تفاصيل هذه المحاولة الفاشلة في صفحته الفيسبوكية ( قصة شادبا: حلم حسن العلوي بعد الثمانين ، 1 تشرين الثاني 2016
وكنت أحد الذين إتصل محسن بهم طالباً مني معلومات عن سيرة المرحوم والدي إبراهيم صالح شكر لتضمينها في مقال يعده لمجلة سيصدرها حسن العلوي في أربيل.
ويقيم حسن العلوي منذ وقت طويل ما بين أربيل حيث استضافه القادة الكرد في منزل لا يدفع عنه أي مبلغ، وبين بيروت حيث تقيم زوجته الثالثة وطبعا دمشق حيث زوجته الثانية ، وأحياناً يأتي إلى بغداد حيث منحه أياد علاوي بيتاً هو في الأصل مسروقاً من مالكه ورثة المرحوم الفريق أول الركن أياد فتيح الراوي قبل أن تسترده الدولة من أياد علاوي عام 2020 وتخلي متعلقات حسن العلوي منه في غيابه وهو آنذاك في بيروت لا يستطيع الوصول الى بغداد بسبب إجراءات حظر التنقل بين الدول خلال وباء كورونا، ونشر نداءات صوتية يتباكى فيها على ما يدعيه ( بيته)!
ويومذاك عام 2012 كنت قد غادرت المستشفى بعد عملية جراحية معقدة استمرت ست ساعات ، وسألت محسن فوراًعن مصدر تمويل المجلة ؟
فأجابني ( تمويل ذاتي من حسن).
ولما كنت أعرف أن حسن العلوي بخيلاً وذو طبيعة متقلبة ، فقد ساورني الشك فأعتذرت لأبي علاء عن الاستجابة لطلبه ، لكن الشك في مصادر التمويل استمر يراودني حتى فهمت من أحد الاصدقاء الذين عرض عليهم العمل في المجلة أن حسن العلوي كان موعوداً بمبلغ سخي من جهة أبقاها حسن في سره حتى اليوم ، مع أن التكهنات تشير الى أنها كانت جهة كردية ، لكنه لم يستلمه كاملاً ، او ربما( بلع) المقدمة !
وأكثر مهارات حسن العلوي هي مهارته في تسويق الوهم لمن حوله الذين يضطرون للمجاملة فيسكتون على تزويره للصحافة والتاريخ والجغرافية والمجتمع.
وتقلبات العلوي كثيرة فهو كان مستشاراً صحفياً للنائب صدام حسين، أو أنه بعد الاحتلال رفض ان يكون سفيراً في دمشق دون ان يعترف ان السوريون هم الذين رفضوا ، وقد رشحوه وزيراً للإعلام ايام بول بريمر كما كان يقول لبعض زواره في بغداد بعد الأحتلال ، ويسكت عن حقيقة أن الحاكم الأمريكي قد ألغى كل أجهزة الإعلام العراقية.
ومن مساعيه بعد الاحتلال للتقرب من السياسيين بحثاً عن منصب بثها هو في صور عديدة مع جلال الطالباني ومقتدى الصدر وأياد علاوي وغيرهم تماماً كما كان يروج لنفسه في صوره مع صدام حسين .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

709 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع