أحمد العبدالله
السوداني وقمة بغداد..(بعيد اللبن عن وجه مرزوگ)!!
(بعيد اللبن عن وجه مرزوگ)؛مثل شعبي دارج يُضرب للإنسان الذي أينما توجّهه لا يأتي بخير. فـ(مرزوگ)إنسان بسيط أسود البشرة يعتاش على بيع اللبن, أعجبته نفسه ذات يوم وظن إنه من(عليّة القوم), ولكنه استفاق سريعا من أحلام اليقظة هذه, وهو يتمتم مع نفسه؛(بعيد اللبن عن وجه مرزوگ)!!. فالفارق بينه وبين ما تمنّى, كما بين لون وجهه ولون اللبن!!. وهذا المثل ينطبق بحذافيره على(دولة)رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني!!.
فـ(دولته)أراد من مؤتمر القمة العربي الـ(34), أن يكون دعاية انتخابية مبكرة له لنيل ولاية ثانية. وبشعارات خدّاعة مثل(عودة العراق لحضنه العربي)و(دعم غزة)و(مقاومة التطبيع مع الكيان الصهوني), سعى لـ(تسويق)نفسه على إنه(زعيم عربي)!!. وتناسى إنه وحثالاته هم من حوّلوا العراق منذ أكثر من عشرين سنة من حكمهم البغيض لحديقة خلفية ومكبّ نفايات للنظام الإيراني العنصري الإرهابي, وجعلوا هذا البلد العظيم ورقة يساوم بها خامنئي في سوق النخاسة الدولي.
وأوعز السوداني لأتباعه من إعلاميين دجالين بالترويج للقمة, والتبشير بأنه سيحضرها جمع غفير من الملوك والزعماء. وبين عشيّة وضحايا غيّر أولئك(القرود)جلودهم, وظهروا بمظهر(العاشق الولهان)للعرب, بعد أن كانوا حتى الأمس القريب يصفونهم بأقبح الأوصاف والنعوت. وتمت الاستعانة بـ(خدمات)صاحب التيار(العريض والواسع)لهذا الغرض, إذ ظهر في مقطع بائس يتحدث فيه بلكنته الغريبة التي لا تستسيغها الأذن العربية, قائلًا؛(ينزل بالمطار.. يگول هاي شنو هاي.. يشوف السيارات.. ويشوف المطاعم.. يشوف الناس.. يشوف الخير.. يروح للمتنبي يشتري كتب.. ياكل سمج مسگوف)!!.
وسبقت القمة فوضى سياسية وصخب إعلامي, ففي الوقت الذي يوجّه السوداني دعوة رسمية للرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة, تصدر الميليشيات الإرهابية الإيرانية الإجرامية بيانات تهدده بالقتل!!. وبعد كل ذلك(الجهجهون), وصرف مبلغ 600 مليون دولار على(قمة اليوم الواحد), في الوقت الذي يعاني المواطن العراقي من فقدان أبسط الخدمات, تمخض عن قمة فاشلة بكل المقاييس, ووُصفت بأنها(أضعف القمم), وتجسد جانب من ذلك الفشل بالتمثيل المتدنّي للزعماء العرب, إذ لم يحضرها عمليا سوى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.
وعلى ذكر أمير قطر, فقد قطع زيارته, وغادر بغداد غاضبا, بسبب تقديم وزراء الخارجية قبله لإلقاء كلماتهم, بتصرف ينمّ عن جهل فاضح وإخفاق في أدنى أصول الدبلوماسية والبروتوكول, ودليل على الفساد الإداري والتخبط في المؤسسات الحكومية الرسمية. ولم يقف الأمر عند هذا الحد, فخلال لقاء السوداني مع الأمير, رفعوا علم البحرين خلفه بدلًا من علم قطر!!. وعند استقباله في المطار كانت السجادة الحمراء مفروشة بشكل خاطئ, وليس تحت سلّم الطائرة كما يُفترض!!.
وفي تصرف مستهجن ومشين, ويفضح طائفية السلطة الحاكمة, وخلافًا لهوية العراق العربية الإسلامية التاريخية, ذو الأغلبية السُنّية, افتُتحت الجلسة بتلاوة سورة(الكوثر)وخُتمت بعبارة(صدق الله العلي العظيم)!!. وهي رموز مذهبية يُراد فرضها وتعميمها على الخطاب السياسي والإعلامي العراقي. فـ(الكوثر)في العقيدة الشيعية هي(فاطمة الزهراء), ويعتبرونها(حلقة الوصل بين النبوة والإمامة). بينما تفسير جمهور علماء المسلمين, إن(الكوثر)؛هو حوض في الجَنة.
وقد جرت العادة أن تُفتتح القمم العربية بآيات من الذكر الحكيم التي تدعو لوحدة الصف, مثل؛((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)), أو؛((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)). ولكن اختيار سورة الكوثر بالتحديد في هكذا مناسبة، وختمها بـ(العلي العظيم)يكشف عن نية خبيثة لـ(تشييع الدولة) بأساليب ناعمة, ولتكريس النمط الشيعي الفارسي في تفاصيل المراسم والبروتوكولات , وفرض بصمتهم عليها. وقد لا يُدرك البعض مغزى تلك الإشارات العقائدية الطائفية.
إن(السوداني)في حقيقته ليس سوى واجهة للميليشيات الإرهابية الإجرامية التي تدين بالولاء لإيران والتي ابتلعت الدولة, وبمثابة الجناح السياسي لها, وهو ليس أكثر من(مدير عام)كما وصفه قيس الخزعلي!!. ولم يتمكن من(إقناع)تلك الميليشيات الطائفية حتى من إزالة صور زعمائها ورموزها(مؤقتًا)من طريق المطار, مما جعله في موقف مخزٍ أمام الوفود العربية التي حضرت القمة, وشعورهم كأنهم في طهران وليس بغداد!!. ومما(زاد الطين بلّة) وصول (قاآني) قائد(فيلق القدس) الإرهابي لبغداد قبيل موعد القمة العربية, في زيارة(علنية)هذه المرة, ليصدر أوامره لأتباعه في السلطة بإجهاضها.
وواهم من يظن إن السوداني يمكن أن ينعتق من شرنقة إيران, فهي بالنسبة لهم(ربهم الإعلى), وبموجب عقيدة(التقليد)التي هي أساس دينهم, فهم يعتبرون أنفسهم تبعًا لكل من يحكم إيران. ففور انفضاض القمة, وشعور الحثالات الحاكمة بأنها لم تجنِ منها ما يستر سوأتها, خرج الناطق الرسمي باسمها المدعو(باسم عوادي)على قناة فضائية شيعية ليشنّ هجوما لاذعا على العرب, ويهددهم قائلًا؛:(إن التعاطي السياسي مع البلدان العربية سيُبنى على الدروس التي أخذناها من مستوى المشاركة والتفاعل مع القمة العربية).ويضيف بلهجته(الشوارعية)التي عُرف بها:(چا.. احنه سباع.. احنه منخاف..احنا مو فگر.. احنا عدنا فلوس.. إللي يندگ بينا نندگ بي.. إحنا جذع نخلة, والي نوگع عليه انكتله.. والي يوگع علينا يتعوّر.. نحن نشرّف ولا نتشرّف)!!.
706 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع