أحمد العبداللّه
(علي خيّون) الناطق العسكري للحرس الجمهوري .. صامت لا يتكلّم!!
(علي خيون)؛كاتب وقاص, ويشتهر بهذه الصفة من خلال كتبه الأدبية والسياسية المنشورة, والتي تحوّل اثنان منها لأفلام سينمائية, هما؛(صخب البحر, والحب كان السبب)وبتوجيه مباشر من الرئيس صدّام حسين. ولكن صفته العسكرية غير معروفة لكثير من الناس خارج المؤسسة العسكرية. فحوالي نهاية الستينات تطوّع في الجيش بصفة نائب عريف على صنف الهندسة الآلية الكهربائية, ومواصلًا خلالها دراسته الثانوية المسائية, وفي أواخر السبعينات انخرط في الدراسة المسائية في كلية القانون والسياسة/ جامعة بغداد, وتخرّج عام 1983, حاصلًا على شهادة(بكالوريوس)في السياسة.
ثم دخل دورة قصيرة في كلية الضباط الاحتياط ومُنح رتبة(ملازم احتياط)عام 1984, وعمل في دائرة التوجيه السياسي. وخَدَمته الظروف عندما تمَّ ترشيحه من قبلها, سكرتيرًا صحفيًا لوزير الدفاع الفريق عدنان خيرالله. وعندما وقع نظر الرئيس صدّام حسين عليه, في إحدى زياراته لجبهات القتال عام 1988, وهو برتبة ملازم أول, قال؛ لا يليق بوزير الدفاع أن يكون سكرتيره الصحفي بهكذا رتبة صغيرة, فأمر بأن يشدّ رتبة(رائد), دون المرور برتبة(نقيب)!!.
***
كانت الرتب العسكرية, تنهال على(حسين كامل)على طريقة(الزحف السريع)!!. ففي عام 1981 كان برتبة(ملازم), وبعدها بعشر سنوات فقط, بلغ رتبة(فريق أول ركن), ومعها منصب وزير الدفاع!!. أما(علي خيون), فقد(فاقه)في ذلك, إذ كانت ترقيته تتم بـ(الطفر العريض)على طريقة(الكنغر)!!. وقد مكث في هذا المنصب سبع سنوات؛(1984-1991), رافق خلالها أربعة وزراء دفاع, آخرهم كان(حسين كامل)نفسه, والذي لم يكن يرتاح له, فحجّمه وأبعده عن ديوان الوزارة. فكتب عريضة للرئيس صدّام حسين, يلتمس فيها إحالته على التقاعد. وفي تفكيره أن يحذو حذو(أمير الحلو), والذي كتب عريضة مماثلة, فأحاله الرئيس على التقاعد, ولكن عيّنه بمنصب مدير عام في وزارة الثقافة والإعلام.
فـ(ابن خيون)أراد أن يكرّر(اللعبة)نفسها, ولكنها لم(تضبط)معه!!, فأحاله الرئيس صدّام حسين على التقاعد حسب طلبه, دون تحقيق أمنيته الدفينة, بنقل خدماته لوزارة الثقافة والإعلام. وبعد هروب حسين كامل ثم رجوعه ومقتله, انتهز(علي خيون)هذه الفرصة التي أتته على طبق من فضة, فكتب عريضة أخرى للرئيس صدّام حسين يرجوه فيها إعادته للخدمة في الجيش, ويتّهم فيها حسين كامل بأنه سبب خروجه من الوظيفة, ومدعيًّا(المظلومية)!!. فوافق الرئيس على إعادته للجيش مع احتساب فترة الانقطاع ومدتها خمس سنوات, خدمة مستمرة لأغراض التقاعد والترقية معًا, فحمل رتبة(عقيد)دون المرور برتبة(مقدم)!!. وهذه هي القفزة(الكنغرية)الثانية له في غضون بضع سنوات.
وتم تنسيبه لمديرية التوجيه السياسي, مديرًا لشعبة الثقافة فيها, ولم يستمرّ فيها طويلًا, فبعد أشهر قلائل نُقل لمنصب حسّاس ومهم, وهو مدير مديرية التوجيه السياسي في الحرس الجمهوري, المعنيّة بالجانب المعنوي والحرب النفسية في الحرس الجمهوري والحرس الجمهوري الخاص معًا, وكان ذلك في عام 1996. وكانت(القفزة الكنغرية)الجديدة في المنصب هذه المرّة, وهي مسألة ليست هيّنة أبدًا. فقد شغل هذا الموقع وهو برتبة(عقيد احتياط)مسلكي, بينما ملاكها(لواء), وهو لا يملك شهادة دراسية عليا, كما إن درجته الحزبية متدنية. وقد بقي على رأسها سبع سنوات, وفي العادة كان مدراء الصنوف يتبدّلون كل أربع سنوات كحد أقصى, ولكن(أبو الهول)قبع في موقعه ولم يتزحزح, و(رياح التغيير)كانت بمنأىً عنه!!. وربما لو لم يقع الغزو والاحتلال لبقي على رأس(مديريته)حتى ظهور(الامام الغايب الهارب)!!.
***
إن الداخل لغرفة(اللواء)علي خيون في مديرية التوجيه السياسي/ الحرس الجمهوري, يتصوّر نفسه إنه في(متحف الحزب)!!؛ صور للرئيس بمختلف الأحجام والأوضاع, معلّقة على الجدران أو فوق مكتبه, ومنها صور تجمعه بالرئيس.. مكتبة لا تحتوي سوى على كتب أحاديث وخطابات الرئيس, أو التي تتحدث عن الرئيس.. مقتطفات من أقوال الرئيس مبثوثة هنا وهناك.. هوامش الشكر والتقدير التي خصّه بها الرئيس, مؤطّرة ومعلّقة على جدران الغرفة, من قبيل؛(بارك الله بالرفيق علي خيون)!!. وذِكر الرئيس والإشادة بمناقبه والثناء عليه والاستشهاد بأقواله, لا تفارق لسانه, مصحوبة باللازمة التي لابد منها؛(حفظه الله ورعاه)!!. فـ(ابن خيون)يعمل وفق مقولة؛(امدح أكثر.. تكسب أكثر)!!. وهو يعرّف نفسه بأنه؛ الناطق العسكري للحرس الجمهوري, والمستشار الصحفي لقصي صدّام حسين!!.
أما علاقته مع(قصي صدّام حسين)؛المشرف على الحرس الجمهوري, فتبدو أكثر حميميّة وقُربًا, وتمتد أحيانا إلى نجله(مصطفى). فقد حكى لأحد ضباط المديريه, يومًا, وقد بان التأثر والحزن على ملامحه, حقيقةً أو افتعالًا(الله أعلم)؛إن البارحة أتى(قصي)ومعه نجله(مصطفى)إلى المقر العام للحرس الجمهوري؛(مبنى منظمة الأسكوا سابقًا, في حي الفرات), وعندما التقيا, قال لولده؛هذا عمّك(علي خيون)تعال وسلِّم عليه, فقد كان السكرتير الصحفي لخالك المرحوم عدنان خيرالله. وأضاف(ابن خيون)؛(ثم نزلت دمعة ساخنة من عين قصي, فتأثرتُ لها كثيرًا)!!.
ولكن ذلك التأثّر والحزن المزعوم, لم يجد طريقه للسان(ابن خيون)ولا لقلمه السيّال, حين استشهد(مصطفى)ووالده وعمّه, في مواجهة بطولية مع علوج الاحتلال في الموصل في 22 تموز 2003, وقضوا نحبهم بعد ملحمة أسطورية استمرت لأكثر من سبع ساعات, وبعدما أثخنوا بالجنود الأمريكان. ذلك الموقف الشجاع لم يهزّ شعرة من جسده, ولم يحرّك شيئًا في وجدانه, فلم يكتب حرفًا واحدًا عنها. كما خرس قلمه ولسانه, عن جريمة قتل الرئيس صدّام حسين في أول أيام عيد الأضحى الحزين في 2006. وتلك المواقف تجعل نفسية أي كاتب أو أديب أو شاعر تضطرم, وتولّد نتاجًا أدبيًّا من رحم هذه المأساة, حتى ولو لم تربطه صلة مباشرة بأصحابها, فكيف إذا كان(لحم أكتافه من خيرهم)؟!.
واستمر(أبو الهول)في صمته, ولم يتفوّه ولو بشقِّ كلمة, يُنصِف فيها البلد الذي يحمل جنسيته وأغترف من خيره, وقد وقع تحت احتلال غاشم, ولقائده الذي عمل قريبًا منه لردح من الزمن, وأغرقه بالهبات والأعطيات, ومنها؛[قطعة أرض متميّزة مساحتها(600)م2 تقع على شارع المطار من جهة كلية الأمن القومي,(أسطول)من السيارات الحديثة المختلفة, ترقيات ورتب خارج الضوابط واستثناءًا من القوانين النافذة وآخرها رتبة(لواء), مقابلات كثيرة؛شخصية أو مع آخرين, مظاريف مكتنزة بالأموال بعدد أسابيع السنة تقريبا, وكتب شكر وتقدير لا تعدُّ ولا تحصى]!!. وبدلًا من كلمة الحق تلك التي كان مفترضًا أن يقولها كأضعف الإيمان, انصرف بعد الاحتلال لكتابة ونشر روايات الحب والعشق والغرام, مثل(رماد الحب), و(سلوة العشاق), و(في مديح الحب الأول), و(بين قلبين), و(اعترافات امرأة),...الخ, وهو في أرذل العمر!!.
وخلال عملية التحضير لهذا المقال تابعتُ(مضطرًّا)أكثر من خمس مقابلات متلفزة لعلي خيون, مُقدِّمًا نفسه فيها بأنه؛قاص, روائي, إعلامي, صحفي, محامي,(فيلسوف),..الخ, دون أن ينطق خلالها بكلمة واحدة عن(تاريخه)العسكري السابق. وعند سؤاله عن روايته(صخب البحر)والتي توثّق معارك القوة البحرية العراقية خلال حربنا الدفاعية مع إيران, والتي تحولت لفيلم سينمائي, كما ذكرت, قال؛(إنها تتحدث عن صراع الإنسان مع الطبيعة)!!. بل إنه(تبرّأ)من كتابه؛(عدنان خيرالله يتحدث)الصادر عام 1989, والذي يؤرّخ لسيرة الفريق عدنان خيرالله, وحذفه من قائمة مؤلفاته بعد 2003, وحتى النسخة المحفوظة منه بدار الكتب والوثائق في بغداد تم سحبها, بفعل فاعل!!. وكذلك تبرّأ من كتاب(أم المعارك..المنازلة الكبرى وقائدها)والذي ألّفه بالاشتراك مع حميد سعيد وعبد الجبار محسن وعبد الأمير معلة, عام 1998.
573 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع