جامعة الموصل وقصة تأسيسها


الأستاذ الدكتور باسل يونس ذنون الخياط
أستاذ مُتمرِّس/ جامعة الموصل



جامعة الموصل وقصة تأسيسها

مرت علينا في هذه الأيام الربيعية الجميلة الذكرى الثامنة والخمسين لتأسيس جامعة الموصل في 1 نيسان 1967، هذه الجامعة العريقة التي تخرّج من أروقتها آلاف الطلبة بمختلف التخصصات العلمية والإنسانية ومن مختلف المحافظات العراقية، فظلا عن طلبة عرب من دول عربية شقيقة.

سبق تأسيس جامعة الموصل كلية الإدارة والاقتصاد، وهي كلية أهلية تقع في حي المنصور قرب معمل النسيج، وتعد كلية الطب التي اُستحدثت عام 1958 اللبنة الاولى لقيام جامعة الموصل، حيث كانت مرتبطة آنذاك بوزارة الصحة ثم أُلحقت مع جامعة بغداد.

من الشخصيات المهمة التي كانت لها بصماتها الواضحة في تأسيس جامعة الموصل مهندس الري والبزل الأستاذ الدكتور نجيب سليمان خروفة (1921-2007) الذي عمل استاذا في كلية الهندسة بجامعة بغداد عام ١٩٥٣ ثم نائبا لرئيس جامعة بغداد في الموصل.

لقد أسهم الدكتور نجيب خروفة في إنشاء جامعة الموصل وتوسيعها من كلية للطب فقط إلى جامعة تحوي سبع كليات بمرافق دراسية مكتملة، كما أنشأ قسماً للهندسة الزراعية في كلية الهندسة بجامعة بغداد عام 1972، ثم عمل عضواً عاملاً في المجمع العلمي العراقي عام 1979.

وبعد العام 1963 تم تأسيس كليتي الهندسة والعلوم، وتشكلت دائرة نائب رئيس جامعة بغداد في الموصل ثم تأسست كلية الزراعة والغابات في منطقة حمام العليل عام 1964 وعمادة شؤون الطلبة عام 1965 ثم كلية الآداب التي تمخضت عن هيئة الدراسات الانسانية المستحدثة عام 1966.

وبعهد الرئيس عبد الرحمن محمد عارف (1916-2007) كان الظهور الفعلي لجامعة الموصل بوصفها مؤسسة علمية تربوية قائمة على أرض الواقع. ففي الأول من نيسان من العام 1967م صدر القرار (14) الخاص بتأسيس جامعة عراقية باسم (جامعة الموصل).

لقد تمت تسمية الأستاذ الدكتور محمود أمين الجليلي (1921- 2011) رئيسا لجامعة الموصل، وبذلك يكون الدكتور محمود الجليلي هو المؤسس الرسمي لجامعة الموصل بوصفه أول رئيسٍ لها، وقد تولى إدارتها بكفاءة عالية خلال الفترة (1967–1969). كما تولى منصب مساعد رئيس الجامعة أستاذ الرياضيات الدكتور علي عزيز علي.

والدكتور محمود الجليلي حاصل على عضوية كلية الأطباء الملكية في لندن عام 1946، وهو أول طالب عراقي يحصل على هذه الشهادة في الطب الباطني، وقد اُختير عضواً في المجمع العلمي العراقي.

لقد توسعت الجامعة على مدى سنوات عملها فأصبحت تضم (24) كلية و(7) مراكز بحثية و(6) مكاتب استشارية وخمس عيادات ومستشفيات وستة متاحف وعدداً من المديريات والوحدات الفنية والإدارية.

المجموعة الثقافية:
في أوائل مرحلة تكوين جامعة الموصل اعلن الأستاذ الدكتور نجيب خروفة نائب رئيس الجامعة في لقاء صحفي عن بدء المعاملات لاستملاك ما مساحته 1700 دونم لأغراض انشاء مباني الجامعة في منطقة الزكروطية (البوسيف) جنوب الموصل وعلى الضفة اليمنى لنهر دجلة، وهذه الأراضي مميزة من الناحية الطوبوغرافية والبيئية ومناسبة كموقع لجامعة الموصل، وقد وافقت وزارة الأشغال والإسكان على الاستملاك، وجرى الاحتفال في 15 ايار 1968 لوضع حجر الأساس للمشروع من قبل رئيس الجمهورية عبد الرحمن محمد عارف، بيد أن المشروع لم يُنفذ.

والذي حدث فعلا أن تمركزت الجامعة في منطقة (المجموعة الثقافية) في الساحل الأيسر من الموصل، فأصبح اسم (المجموعة الثقافية)، أو (المجموعة) أو (حي الثقافة)، يشمل تلك المنطقة برمتها. وكان من نتائج ذلك التوسع العمراني الكبير الذي شهده ساحل الموصل الأيسر والذي يمثل المدينة الجديدة.

لقد كان الساحل الأيسر من الموصل منطقة غير مأهولة تقريبا ويتضمن قرى وحقول زراعية تتواجد فيها الغزلان ويقع في شماله دير ماركوركيس الأثري، وفي جنوبه القسم الشمالي من سور نينوى ببواباته الثلاثة.

وفي العام 1954م بُني مجمع علمي تقني في الساحل الأيسر، يضم إعدادية الصناعة ومتوسطة الزراعة ودار المعلمين الابتدائية، ومطعمًا طلابيًا، وأقسامًا داخلية للطلبة، وساحة لكرة القدم ولاستعراضات المدارس الثانوية في الموصل، وقد أُطلق على ذلك المجمع العلمي اسم (المجموعة الثقافية)، ثم أطلقت التسمية نفسها على الحي المحيط به فسمي (حي الثقافة) أو (المجموعة الثقافية).

ففي صيف العام 1954 بدأ المقاول (بهنام بني) بإنشاء (المجموعة الثقافية)، والتي تمتد من الجهة الشرقية على الشارع المقابل لعمادة كلية الهندسة والمكتبة المركزية والحديقة التي تتقدمها حاليا. وكان بمواجهة ثانوية الصناعة وفي موقع الدائرة الهندسية للجامعة مطعم للطلبة، وتلا ذلك بناء أقسام داخلية للطلبة تتكون من ثمانية بلوكات متعددة الطوابق تحولت فيما بعد الى عمادة كلية العلوم وقسم الرياضيات وكلية الآداب والأقسام الداخلية. وخُصص الفضاء الواقع بين المكتبة المركزية والمركز الطلابي (الحديقة الحالية) ليكون ساحة لكرة القدم وبجوارها ساحة لكرة السلة والطائرة لإقامة الفعاليات الرياضية. وكان في الزاوية الجنوبية الغربية داران يقعان في مرآب (كراج) سيارات الجامعة الحالي للطبيب، ثم شغلهما بعد ذلك ملاحظ الأقسام الداخلية آنذاك السيد صلاح الدين الغلامي.

لقد كان هناك بئر ارتوازي يقع شمال عمادة كلية الهندسة الحالية نُصبت عليه مضخات لسحب المياه التي تسقي مشاتل متوسطة الزراعة، والى الجنوب منه كانت خزانات ماء على هيئة أحواض كبيرة تجهز المياه الصالحة للشرب لمنتسبي (المجموعة الثقافية) من موظفين وطلبة.

وتجدر الملاحظة الى أن من الذين عملوا في (المجموعة الثقافية) هم الأساتذة الرواد: محمود الجومرد وهاشم سليم وعلي قاسم الجمعة وفيصل ارحيم وسالم محضر باشي ونزار المختار ويعقوب عيسكو واحمد الكبيسي وعبد الرحمن التوتونجي واحمد الفخري وشاذل طاقة ويونس عزيز ونجيب يونس وعبد العزيز الطالب وضرار القدو وزكي ابراهيم وحازم الطالب وذنون يونس وابراهيم الفروه جي وزكي علي الداؤود وياسين القطان وعبد الجبار السماك ومحمد رمزي طاقة وعبد الستار عبد القادر وعبد الرزاق حنون وآخرون.

زيارة الملك فيصل الثاني للمجموعة الثقافية:
لقد كانت (المجموعة الثقافية) معلما علميا مرموقا في ذلك الوقت وتمثل البذرة الأولى لجامعة الموصل، وقد حظيت بزيارة الملك فيصل الثاني (1935- 1958) وبمعيته ولي العهد الأمير عبد الاله ورئيس الوزراء نوري السعيد في نيسان 1958 بمناسبة أسبوع الإعمار.

لقد وصل الموكب الملكي بالقطار الى الموصل واستقل سيارة شوفرليت موديل 1954 مستأجرة من نقليات الهاشمي- صاحبها السيد بشير الهاشمي صديق المرحوم والدي. وقد افتتح الملك جسر الملك فيصل الثاني (حاليا جسر الحرية) وجسر الأمير عبد الإله (جسر السويس حاليا) ومعمل النسيج في حي المنصور، ثم توجه الموكب الى (المجموعة الثقافية) وكان ممن رافقه الأستاذ الدكتور محمد رمزي طاقة.

وحين وصل الموكب الملكي إلى (دار المعلمين الابتدائية) وجد الملك مصباحا مضاءً فأطفئه بيده قائلا: (لا حاجة لإضاءة المصابيح نهارا) مما يدل على حرص جلالته. وعند الظهيرة أقيمت للملك والوفد المرافق دعوة غداء في مطعم طلبة (المجموعة الثقافية) من قبل مدير بلدية الموصل آنذاك (عبد الله نشأت) تضمنت أشهى الأكلات الموصلية.

وبتاريخ 15/5/1967 قام الرئيس العراقي عبد الرحمن محمد عارف بوضع حجر الأساس لجامعة الموصل، تبعها بتاريخ 22/10/1967 زيارة لرئيس وزراء تركيا سليمان ديمرل. وبتاريخ 18/2/1968 قام كولبنكيان بزيارة لجامعة الموصل.

وهكذا كانت بدايات (المجموعة الثقافية) التي أصبح اسمها عنواننا من العناوين المُميزة في الموصل، وأصبحت مباني (المجموعة الثقافية) وموقعها النواة الأولى للمركز الجامعي لجامعة الموصل والذي تطور فيما بعد وكانت بداية تكوينه بداية تكوين شخصية جامعة الموصل العريقة.

كما تم إنشاء كلية الزراعة والغابات في ناحية حمام العليل. ولاستيعاب التوسع الأفقي والعمودي لجامعة الموصل عمدت الجامعة الى انشاء مركز جامعي ثان يقع غرب حي الثقافة ضم عدد من الكليات الأخرى.

وكل عام وجامعة الموصل بألف خير.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

909 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع