گنجه الأذربيجانية مدينة الشعر والكرم

                                             

             گنجه الأذربيجانية مدينة الشعر والكرم
               محمد مهدي بيات/سفير الثقافة العراقية

         
سمعت عنها كثيرا وهي مدينة الشاعر المعروف نظامي كنجوى مؤلف اول ملحمة شعريه عن قصة ليلى ومجنون.

وفي بداية الخمسينات من القرن المنصرم كان يتردد على بيتنا في طوز خورماتو عالم ديني كبير كان صديقا لوالدي رحمهم الله جميعا وله فضل كبير على أبناء هذه المدينة هو من مدينة گنجه اسمه الشيخ محمد الگنجي مؤلف كتاب كشف التمويه عن رسالة التنزيه لإعمال الشبيه المطبوع في المطبعة العلوية في النجف عام 1347هجريه

   
هذه هي السفرة الرابعة ازور فيها أذربيجان وأقيم في عاصمتها باكو الجميلة متجولا في متنزهاتها الكثيرة منها الكورنيش على بحر الخزر المسمى بولوار (Bulvar) ومنطقة طارقوه والحدائق اليانعة الدائمة الخضرة والجامعات العلمية ومراكز العلم منها أكاديمية العلوم الأذربيجانية ذات البناية الفخمة في عشرة طوابق وفيها من كل الاختصاصات العلمية والأدبية وإدارات الصحف والمجلات الأدبية وما أكثرها.وفي كل سفرة وقبل وصولي إلى باكو انوي زيارة مدينة كنجه غير أني عندما أصل إلى باكو انبهر بجمالها فالغي كل سفراتي لكثرة أصدقائي فيها من العلماء والكتاب والصحافيين ولم أجد دافعا لزيارة باقي المدن الأذربيجانية منها كنجه وشكي وكوبا وطاووس وقازاغ وغيرها من المدن الجميلة .

   
 التقيت في متنزه طارقوفا بعائلة سعوديه فقال لي احدهم أن زيارتي إلى هذه البلدة هي الرابعة وزرت أكثر مدنها وفي كل سنة ازور أذربيجان رغم عدم معرفتي لغتهم فاثار هذا الكلام رغبة في نفسي في أن ازور باقي المدن الأذربيجانية. ثم التقيت في جامعة باكو الحكومية(Baki  Devlet Unversitesi)) الصديقة القديمة الأستاذة الجامعية نزاكت حسينوفا فقالت أخي محمد ماذا تعمل في باكو لماذا لاتزور مدينة گنجه ذات الهواء البارد وألان اذهب إلى محطة القطار واقطع التذكرة ليلا لكي تصبح هناك ثم عد مساء لتكون في الثاني في باكو بعدما تتجول النهار كاملة في گنجه والمحطة هي في منطقة 28 ماي بجوار محطة مترو فوقع هذا القول جميلا في قلبي وبدأت أترنم هذه الرباعية التركمانية
 بغداد يولو گنجه دي
گولو بنجه بنجه دي
ديمه گوزده ن اوزاغام
 محبت ئولونجه دي

الطريق الى بغداد
ك(گنجة) مزدانة بالزهور
والمحبة قائمة دائمة
ما دام في العمر بقية
 وفي الحال ذهبت الى المحطة و قطعت التذكرة للساعة العاشرة والنصف ليلا  ذهابا وإيابا فأصبحت في گنجة الساعة الثامنة صباحا.صعدت القطار وحيدا فريدا لا اعرف أحدا فتحرك القطار وجدت نفسي في العربة ذات أربعة أسرة بعائلة متكونة من امرأة وشابين وهم يتكلمون باللغتين الاذرية والروسية فظننت أنهم غير مسلمين وعندما بدأت بالحديث معهم قلت أظن أنكم على غير دين الإسلام فأجابني الشاب وهو كبيرهم أنا اسمي محمود وهذه أمي اسمها زبيده خانم وهذا الشاب اسمه علي وهو حفيد أمي وأنا اشهد أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله وانأ عائش ألان في موسكو بعدما عشت فترة في جورجيا وان سفرنا هذا الى مدينة قازاغ المحاذية لدولة جورجيا وأمي هذه هي أستاذة اللغة الفرنسية في جامعة باكو فاعتذرت منهم وعندما عرفوا باني من العراق وغريب أحبوني فاندمجوا معي كثيرا فقالت المرأة هل لك معارف في بلدنا قلت اجل أنهم أصدقاء العمر قلت الأساتذة غضنفر باشاييف وصابر رستم خانلي وبكر نبييف فقالت نعرفهم  جميعا ولنا معهم علاقة علم وصداقة أدب وان الثاني معروف في اذربيجان لكونه شاعرا قديرا ووزيرا سابقا وبرلمانيا في الوقت الحاضر ثم اضفت قلت كذلك الأستاذ ولايت جعفر  فابتسم الجميع قالت انه جارنا وابنه خيال يقيم مع ولدي محمود هذا  في موسكو وأننا كعائلة واحدة معهم ففرحوا كثيرا حتى خابرت المرأة زوجها لتعلمه بوجودي معهم لكوني من أصدقاء جارهم...

              
وصل القطار الى  گنجه في الساعة الثامنة صباحا فاودعتهم بالسلامة ونزلت من القطار في المحطة التي تبعد عن مركز المدينة عشر كم  تقريبا وقفت فيها وحيدا لا اعرف أحدا ولا اعلم عن المدينة شيئا غير قبر الشاعر نظامي كنجوى فاقترب مني رجل في العقد الخامس من عمره فاستفسرت منه عن معالم المدينة  ومركزها طالبا منه إيصالي اليها فاصعد ني بسيارة أجرة إلى مركز المدينة فأخذت طريقي في شارع على غير هدى بعدما ذهب صاحبي إلى داره حتى وصلت إلى سوق الفواكه والخضر فرأيت هناك نساء يبعن الخبز ومشتقات الحليب وما أكثرها فأعجبني الجبن المصنوع في القربة فهناك تناولت فطور الصباح  في مقهى شعبي ثم مشيت على طول شارع لا اعرف اسمه والدكاكين لم تفتح أبوابها  بعد فوقفت عند تمثال الشاعر نظامي وبجانبه بعض اللوحات تصور آثاره الخمسة وهناك التقيت بامرأة مع ولد ظننت انه ابنها قلت يا امة الله أين هي معالم مدينتكم وانا من العراق فأجابت من الذي أتى بك إلى هذا المكان وهذا المكان هو نهاية المدينة ثم قدمت نفسها بأنها أستاذة في كلية الزراعة اسمها باهله خانم ثم رافقتنني إلى السوق فقالت نعمل في تجارة بيع وشراء الألبسة الجاهزة إضافة إلى الوظيفة التي لا تسمن ولله الحمد امتلك مائتين خلية نحل فان الله سبحانه وتعالى أهدى لي وجدتها على غصن شجرة فتكاثرت وعسلنا خالص ولا أطعمها السكر لكي نتبرك بها ثم تجولنا في السوق وكأن هذه المرأة أرسلت لي من قبل الله العلي القدير فاندمجت معي فكأني ضيفها وهي تخابر يمينا ويسارا قائلة أنا مشغول لنا ضيف من العراق ثم ذهبنا إلى سوق قد فتح توا أبوابه ..

          

وقد رأيت من بعيد تمثال شاعرنا العراقي فضولي البغدادي على بوابة حديقة جميلة تسمى حديقة فضولي((Fuzuli parkı فالتقطت هناك بعض الصور التذكارية فقلت في نفسي الله يا فضولي ولدت ونشأت في العراق ولم تغادر إلى أية دولة أخرى واليوم أنت شامخ بتمثالك في گنجه وباكو وعشق آباد ولا يعرفك أكثر أبناء مدينتك كربلاء ولم يسمع عنك أكثر العراقيين ثم ذهبنا إلى قبر الشاعر نظامي گنجوي وعندما أعطيت أجرة السيارة الى السائق أبى فلم يقبل فقالت باهله خانم هنا في كنجه  السواق لا يأخذون الاجره في زيارة المراقد والقبور تبركا بها ففتحت لنا متولية القبر الباب فنزلنا إلى محل القبر وقرانا سورة الفاتحة تيمنا على روحه فشرحت لنا المتولية شيئا عن حياة وآثار الشاعر من دون ان تأخذ أجرها وهنا وجدت العمل على قدم وساق لبناء قاعه للمؤتمرات وصرح عصري على قبر الشاعر..

   

رأيت هناك لوحات جميله تمثل آثار الشاعر الخمسة وهي مخزن الأسرار و ليلى ومجنون وخسرو وشيرين والعروش السبعة المسمى هفت بيكر وكتاب الاسكندر المقدوني المسمى اسكندر نامه وللعلم أن قبر الشاعر يبعد عن مركز المدينة حوالي عشر كيلومترات على تلة عالية بين أشجار وخضر وأثناء زيارتي للقبر استلمت مكالمات هاتفيه من دون أن اعرفهم (ممد بك أين انت الان اقول ازور قبر الشاعر نظامي) ثم استلم المكالمة الثانية وهكذا وبعد مدة رن هاتفي واذا هو صديق العراقيين جمعيا الأستاذ الدكتور غضنفر باشاييف يقول لي محمد كنت الآن في حديث تلفزيوني ومما قلت بان باحثا عراقيا يزور كنجه وهو الآن في قبر نظامي وهو الصديق محمد بيات وهذا رقم هاتفه فعلمت أنهم يهتمون بهذا كثيرا 

   

ثم ذهبت مع باهله هانم إلى متنزه (خان باغي) (KhanBağı ) الجميلة جدا وهي على تلة عالية ترى المدينة منها بأكملها وفيها محلات للراحة والجلوس فشربنا الشاي ثم أشارت صاحبتي ان اخذ قسطا من راحتي في كابنة مكشوفة فمددت رجلي ونمت قليلا ثم جاءت لتقول لي أنها استلمت مكالمة من كليتها وعليها الحضور فخيرتني بالبقاء أو المجيء معها فرافقتها بعدما دفعت هي كل المصاريف حاولت أن ادفعها فامتنعت وهي تقول لا يجوز لكوني ضيفها ثم خرجت هي من الكلية قائلة أستاذ محمد في الساعة السادسة عصرا هنا قرب متنزه گنجه وأمام المحكمة الجنائية الكبرى  يقام معرض كبير يعرض فيه آثار الشاعر نظامي وربما يكون كذلك عرض مسرحي فعلي أن اذهب إلى الدار لأتحضر فخيرتني بالمجي معها او اللقاء هناك في الموعد قلت اذهبي أنت وأنا اريد ان أتجول في المدينة  وفي الموعد رن هاتفي فإذا هي باهله تقول أين أنت الآن ونحن في انتظارك فمشيت إليها وهناك  الآثار المعروضة للشاعر من كتب وسجاجيد عليها صورة نظامي وأولاد يمثلون ملحمة ليلى ومجنون والآخر يمثل ملحمة خسرو وشيرين وهناك تعرف بي كثير من الناس ثم ذهبت الى مسجد قريب هناك المسمى مسجد شاه عباس فجلست مع إمام المسجد وبعض رواد المسجد حتى قرأ احدهم القران بصوته الشجي ثم غادرتهم الى حديقة جميلة أمام الجامع وهناك جلست مع الناس وشاركت احاديثهم ثم رجعت الى باهله هانم مودعا وشاكرا على حسن ضيافتها وهناك تعرفت على زوجة الفنان عاكف عازف الكمان المعروف وهو صديق صديقي الحميم الاذري مونس شريف ولم يلبث ان جاء زوجها فدعوني إلى دارهم لكي يسمعني بعض ألحانه الموسيقية فاعتذرت لان الوقت أدركني والشمس على وشك المغيب .

  

عندما يحين المساء تقفل المحلات جميعا أبوابها في كنجه ويعود الناس إلى دارهم امنين مطمئنين لينعموا بهوائها الجميل في حر الصيف ونحن لا نستنشقها في جو الشتاء فأهل كنجه كرماء مضياف ولا تحس الغربة فيهم ثم عدت الى محطة القطار ثانية لكي أعود إلى باكو في كابينة قطار وحدي  وفي باكو عرف صديقي الشاعر الأديب صابر رستم خانلي بسفري الى گنحه عاتبني بعدم تبليغه فقال لقد مثلت إحدى رواياتي في فيلم سينمائي في گنجه لو كنت  اعلم مسبقا بسفرك إلى  گنجه لبلغتهم لكي يستقبلوك هناك قلت أنهم قوم مضياف ولم يقصروا رغم عدم معرفتهم بي فدخلت إليها من دون أن اعرف أحدا وخرجت منها وفي مخيلتي عشرون صديقا مع عناوينهم وأرقام هواتفهم
نظامي گنجوي
 شاعر اذري ولد عام570 للهجرة في مدينة كنجه عاش خلال فترة حكم السلاجقة تزوج نظامي ثلاث مرات وأعقب ولداً واحداً اسمه محمد. كتب جميع مؤلفاته باللغة الفارسية لغة ثقافة عصره توفي عام 614للهجره.
 من أشهر مؤلفاته المسمى الكنوز الخمسة والتي تتألف من خمسة منظومات قصصية وهي
1.مخزن الأسرار: منظومة صوفية تشتمل علي كثير من القصص علي أسلوب حديقة الحقيقة التي ألفها سنائي أو علي أسلوب المثنوي المعنوي التي كتبه فيما بعد جلال الدين الرومي. وهي تشتمل علي كثير من المقدمات في المناجاة الإلهية ، يعقبها عشرون مقالة كل واحدة منها تتعلق بموضوع فقهي أو أخلاقي يتناوله الشاعر أولاً من الناحية‌النظرية والمعنوية، ثم يصوره بعد ذلك بحكاية من الحكايات.
2.خسرو وشيرين في هذه القصة يجري نظامي علي نسق الفردوسي من ناحية الموضوع والصياغه. وموضوع قصته يشتمل علي مخاطرات الملك الساساني كسرى الثاني وغرامه مع معشوقته الجميلة شيرين، ونهاية‌منافسه التعيس فرهاد، وقد اعتمد نظامي في هذه القصة علي المصادر التي اعتمد عليها الفردوسي من قبل أو علي مصادر أخرى شبيهة بها، ولكنه تناولها بطريقة أخرى، ابتعد فيها عن الدراسة الموضوعية، فاستطاع أن يخرجها قصة غرامية بعكس الفردوسي فإنه أخرجها قصة حماسية. وهذه المنظومة تشتمل علي ما يقرب 7000 بيت.
3.ليلى ومجنون:يعتبر نظامي اول من كتب هذا الموضوع في الادب الشرقي باللغة الفارسية  وكما يعتبر رديفه علي شير نوائي اول من كتب باللغة التركية و هذه القصة وقعت حوادثها في بني عامرمن بلاد العرب وهي لا تمثل شخصية ملكية، بل تمثل شخصين عاديين من عرب الصحراء أحدهما هو البطل قيس بن الملوح والآخر هو الفتاة المعشوقة ليلى العامريه.   وقد أختار لها وزن الهزج المسدس الاخرب المقبوض المحذوف. وتشتمل علي أكثر من 4000 بيت.  
4.هفت پيكر (العروش السبعة): آخر المثنويات التي أنشدها نظامي ويشتمل علي أكثر من 50000 بيت من الشعر. وموضوع هذه المثنوية مشابه لموضوع خسرو وشيرين في كونه متعلقا بقصة خاصة بأحد الملوك الساسانيين وهو بهرام جور.
5.إسكندرنامه (كتاب الإسكندر المقدوني): هذه هي المثنوية الخامسة من مثنويات نظامي وهي مكتوبة في وزن المتقارب وهو الوزن الذي كتب فيه أكثر الشعر القصصي الفارسي. وهذه المثنوية مقسمة إلي قسمين. الأول منهما يسمي اقبال نامه والثاني يسمي خردنامه.
6.الديوان: للشاعر ديوان من الغزليات والموشحات والقصائد يبلغ عشرين ألف بيت  

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

900 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع