الاحتلال في الذاكرة: محنة رجب أفندي الكركوكلي مع الألوان والطفرات

د.علي عبدالرحمن الزعاك


الاحتلال في الذاكرة:محنة رجب أفندي الكركوكلي مع الألوان والطفرات

وصف رجب أفندي ارض بلاده بأنها خصبة بكل شيء بما في ذلك العنف، فقد وفرت تربة صالحة لميليشيات المقاومة الشعبية بأشرطتها الحمراء والحرس القومي بأشرطته الخضراء ليتداولا الاقتتال لكن لم يتخيل أن السكان سوف يفتقدون تلك الأيام وهم يرون استيلاد عشرات الميليشيات ذات العلامات السود والخضر بعد الاحتلال الأمريكي للبلاد عام 2003.

وعندما كتب عن تأسيس ذينك الحزبين التقدميين في دفتر ملاحظاته، لم يكن مجرد ورق بين غلافين فربما عن قصد، كتب عن أحدهما بقلم رصاص وعن الأخر بقلم الحبر الجاف آملا أن الكتابة بالقلم الرصاص تدوم لفترة أطول في الذاكرة الخالية من الممحاة.
لقد حاول رجب أفندي العمل في الأحزاب السياسية وانجذب أول مرة إلى (حزب النهضة)، وهو أول حزب تأسس في العراق في 10 آب 1922 حيث ذكر في منهاج الحزب أن أهدافه هي توحيد ركائز الاستقلال التام للشعب العراقي عن الاحتلال البريطاني، وتحقيق رغبته في ملكية دستورية ديمقراطية، وحكومة عربية، وما إلى ذلك، لكنه ابتعد عندما أدرك أنها مجرد كلمات على أوراق.
ثم انضم إلى (جماعة الأهالي)، وهي جمعية سياسية تأسست عام 1932 ويعتبرها المؤرخون نواة العمل السياسي الديمقراطي في العراق الحديث إذ ضمت مجموعة متعلمة من الخريجين والعناصر الوطنية التي تطالب بالاستقلال السياسي انطلقت مع صحيفة الأهالي، التي بدأت النشر في ذلك العام، لكن رجب أفندي لم يستطع الحفاظ على التواصل وانسحب منها.
كذلك انضم لفتره قصيرة الى حركة (الإخوان المسلمين) حين بدأت بالانتشار في بداية الخمسينات من
القرن الماضي ويعتبر الشيخ (محمد محمود الصواف) مؤسس الحركة في العراق بعد أن انتمى اليها في مصر علي يد مؤسسها (حسن البنا). وبعد عودته تعاون مع الشيخ (أمجد الزهاوي) على نشر دعوتهم وفكرهم في مواجهة المد الشيوعي الذي تغلغل في أركان المؤسسات خاصة الطلابية بينما أسس فرع الإخوان في كركوك (نور الدين الواعظ) عام 1947.
ولقد شهد رجب أفندي لاحقا الألوان المقدرة للألم مدركا أن الأمر ليس جديدا فقد كان للمغول والغزاة اللاحقين تأثيرات لونية معتمة حين صبغوا نهري دجلة والفرات (احمرا) بدماء ضحاياهم و (اسودا) بحبر كتب ومكتبات بغداد التي دمروها وأغرقوها.
وبقي رجب أفندي يتساءل أن كان مقدر للامة أن ترى ألوانا أخرى مجتمعة مثل حزمة قوس قزح يوما ما وان لا تقتصر على لون واحد بخيرها.. أو بشرّها.. معا.
في ذلك الوقت، وبما أن المشكلة في المبصرين، قد سيكون السبيل الأفضل للخروج من اللون العنصري هو أن تكون ضعيف البصر حتى لا تراه بوضوح وربما من الأفضل أن تكون مصابا بعمى الألوان كي لا تميز الشارات الحمراء ولا الخضراء أو السوداء، رغم إن 8% من الرجال وفقط 0.5% من النساء في العالم لديهم طفرات وراثية تسبب نوع ما من عمى الألوان. فمن المعروف إن عمى الألوان، وخاصة عمى اللونين (الأحمر والأخضر) هو الأكثر شيوعا بسبب الطفرات في جينات OPN1LW و OPN1MW، الموجودة على الكروموسوم (اكس - X) المسؤولة عن إنتاج بروتينات (الاوبسن- opsin) الحمراء والخضراء.
ومن المناسب الذكر إن عمى الألوان عموما لا يعني أن شخصا ما لا يستطيع رؤية اللون على الإطلاق. إنه ببساطة يمنع الشخص من رؤية الألوان بطريقة تقليدية. ومع ذلك، في بعض الحالات النادرة، هناك نوع معين من عمى الألوان يمكن أن يلغي القدرة على رؤية أي لون.
في عصر الإسلام، كانت الراية الخضراء هي الراية التي رفعها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في غزواته، وهي التي اعتمدها خلفاؤه الراشدون والأمويون والعباسيون. وكانت الراية الخضراء ترمز إلى الإسلام والجهاد والنصر. وفي المقابل، كانت الراية السوداء هي التي رفعها المخالفون للخلافة، مثل الخوارج والفاطميين. وترمز إلى التغيير والثورة والثأر. وفي ذاك التداول لم يتسع الزمان لظهور الرايات الزرقاء رغم إن اللون الأزرق هو لون السماء..وسلامة الوانكم وطفراتكم.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

756 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع