عائشة سلطان
الفكرة الإنسانية
كثير من المناسبات الاحتفائية والمؤتمرات والملتقيات التي تنعقد عندنا تنطلق في أساسها من فكرة إنسانية جامعة، هي فكرة تحقيق الخير وتبادله بين أكبر عدد ممكن.
فالمعرفة خير، والتفكير في المستقبل خير، والاستعداد لمواجهة التحديات، والبحث عن الحلول المستدامة، الحفاظ على الموارد والطاقة، وتطوير نمط الحياة وتحسينها.. كلها أفكار إنسانية عظيمة تهدف للصالح الإنساني المطلق، لذلك فلا يظن أحدنا أن هذه المؤتمرات والمنتديات مجرد لقاءات وعلاقات عامة بلا مفعول أو سريعة النسيان.
إن الإيمان بالفكرة الإنسانية يعمّق الوعي بالآخر ويخلق مساحة للتفاهم والتعاون، ويجعلنا نبحث عن ما يوحّدنا بدلاً من أن نركز على ما يفرقنا.
نحن عندما نؤمن بهذه الفكرة، نكتشف أنّ قيماً مثل العدالة، الحرية، المحبة، والكرامة، هي قيم إنسانية عالمية، لا ترتبط بحضارة واحدة أو عرق واحد.
وبدلاً من أن ننغلق على أنفسنا في دوائر ضيقة تقتصر على ما يميّزنا ويخصنا فقط، نسمح لأنفسنا بتوسيع الأفق، فنفكر ونعيش في عالم مفتوح على الآخر، وعلى الاحتمالات والفرص، بحيث تعم الفائدة على الجميع.
هذه الفكرة تجعلنا أكثر تسامحاً وانفتاحاً، فندرك أن المعتقدات المختلفة واللغات المتنوعة والعادات المتباينة ما هي إلا تعبيرات عن نفس الإنسان الذي يسعى إلى السعادة، ويحاول أن يجد معنى لحياته في عالم معقد ومتغير، بغض النظر عن المكان أو الزمان.
عندما نعيش هذه الأفكار الإنسانية، نصبح مثل البحر الذي يستوعب الجميع. البحر لا يميّز بين السفن القادمة من أماكن مختلفة، بل يفتح صدره للجميع. كذلك، فإن السماء تطل على جميع الثقافات والسياسات والتوجهات والبشر ترى وتستوعب كل ما تحتها دون تمييز.
نحن كبشر، إذا تبنينا هذا الفهم، نصبح قادرين على استيعاب تنوع الأفكار والتقاليد، ونتعامل مع اختلافاتنا ليس كمصدر للتفرقة، بل كفرصة للتعلم والنمو.
إن إيماننا بالفكرة الإنسانية يجعلنا أكثر تقبلاً للآخر. وهذه اللقاءات والمنتديات تتجاوز الفرد والدولة لتشمل الجميع، بجميع الانتماءات والتوجهات، وتنقلنا إلى عالم أوسع من التفاهم والتضامن.
فتعكس تجارب المشاركين وتعطي الجميع فرصة لرؤية مكانهم بالنسبة للآخر وللعالم أجمع. هذه الرؤية تتسع مع الوقت وتؤدي إلى أن يكبر الجميع معاً في ظل عالم بلا حواجز، وهذا هو الجوهر الحقيقي للفكرة الإنسانية.
1021 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع