د.ضرغام الدباغ
المراسلات :
Dr. Dergham Al Dabak : E-Mail: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
العدد : 421
التاريخ : ديسمبر/ 2024
حرب الثلاثين عام
Dreißigjähriger Krieg
كتابة: هورست باستينغ / Horst Basting
ترجمة: ضرغام الدباغ
صورة الغلاف: (حادثة قذف المندوبين من النافذة في براغ، لوحة من رسم فاكلاف بروزيك/1889)
Prager Fenstersturz am 23. Mai 1618 (Gemälde von Václav Brožík, 1889),
فقرات البحث:
1. توازن القوى في أوربا قبل الحرب
2. حادثة القذف من النافذة في براغ
3. اتساع رقعة الحرب.
4. استغلال السكان.
5. خسائر الحرب.
6. السلم في فيستفاليا.
في عام 1618، بعد الحادثة الشهيرة " قذف المندوبين من النافذة/ براغ " ، بدأت واحدة من أطول الحروب وأكثرها دموية في أوروبا. سطحياً، (ظاهرياً) كان الأمر يدور حول الصراع بين البروتستانت والكاثوليك. ولكن في الواقع الحقيقي، كان هذا هو الوجه الظاهري للأمر، فيما كانت هناك عناصر جوهرية كامنة، ,كان هناك اختلال في توازن القوى قاد إلى الصراعات الدموية.
(الصورة : سبعة ملوك ينتخبون الأمبراطور)
أولاً : توازن القوى في أوروبا قبل الحرب
في 23 مايو 1618، اقتحم النبلاء البروتستانت قلعة براغ ، مقر ملك بوهيميا، وقاموا بعد شجار قصير، بألقاء ممثلي الحكومة من النافذة في هجوم، هو تعبير عن الغضب المكبوت في نفوسهم بسبب التقييد الدائم للحرية الدينية والقمع من قبل الحكام الكاثوليك.
وكان لهذا العمل عواقبه البعيدة المدى. على الرغم من أن موظفي الملك المساكين لم يصابوا ، لأنهم سقطوا دون أذى بفضل كومة من الروث كانت تحت النافذة، إلا أن هذا العمل أطلق تفاصيل قادت لحرب دموية طويلة في أوروبا. ذلك على الرغم من أن السلام كان يسود بالفعل في أرجاء الإمبراطورية الرومانية المقدسة في ذلك الوقت، إلا أن هناك ما يكفي من الصراعات الصغيرة في أوروبا، والتي كانت تهدد السلام بشكل خطير في مجملها. ويظهر هذا من خلال إلقاء نظرة على ميزان القوى في أوروبا قبل عام 1618.
وكانت أوروبا المجزأة إلى العديد من الدول الصغيرة، ومملكة إسبانيا، على سبيل المثال، كانت مشغولة بإعادة غزو مقاطعة هولندا الانفصالية. ومن أجل للقيام بذلك، كان الإسبان بحاجة إلى طريق إمداد في غرب الإمبراطورية الرومانية المقدسة. وذلك ما كان يمثل بالنسبة لفرنسا، تهديدا كبيرا ، حيث كانت لا تزال الحكومة الفرنسية في صراع مع الحكام الإسبان من أجل إحراز التفوق في أوروبا. وفي مناطق بحر البلطيق، كان التفوق التقليدي للدنمارك يتعرض للتهديد بشكل متزايد لمساعي من قبل مملكة السويد.
وثمة نقطة مثلت مشكلة أخرى، هي النزاع الطائفي الذي لا يزال مشتعلا في الامبراطورية. منذ عمليات الإصلاح في عام 1517، إذ واجهت الطائفتان الرئيسيتان الكاثوليك والبروتستانت فجأة بعضهما البعض. في البدء، تولى سلام اوغسبورغ (Augsburger)عام 1555 تنظيم العلاقات بين الطوائف. كما أنه كان مقبولاً من قبل الجيل الأول من الأمراء. ولكن حوالي نهاية القرن 16، ومع حلول جيل ثان في السلطة، والذي يطرح طائفته بشكل ضيق للغاية، مع استعداد للصراع. وهنا أكتسب النزاع الطائفي، ديناميكية جديدة، وبذلك أصبح السلام وفق الأسس القديمة في موضع الخطر المتعاظم، ومع بدايو القرن السابع عشر، وفرت المناخ الملائم للصراعات العنيفة.
(قذف موظفي الحكومة من الشباك)
ثانياً : حادثة الشباك في براغ
في بوهيميا تصاعدت ربيع عام 1618 النزاعات بين البروتستانت، والحكام الكاثوليك، أنذاك كان 90% من الشعب ينتمي للبروتستانتية، بما فيهم النبلاء، وآنذاك قرر النبلاء التخلص من حكم الكاثوليك، الذي لم يكن يحضى بالشعبية.
وتفاقمت الهوة بين الحكام والشعب حين أقدم حكام الهبسبورغ، إلغاء الحرية الدينية التي كانت مكفولة بما يسمى " رسالة جلالته "، وهذه قادت لإشعال شرارة الحرب بين ملك بوهيميا "فرديناند الثاني، والذي كان في نفس الوقت الامبراطور الهابسبورغي، حين أقتحم النبلاء البروتستانت وأتباعهم، دار الحكومة في براغ، وألقى بممثلي الحكومة من النافذة.
وبالنسبة للإمبراطور، فإن خسارة بوهيميا سيكون درامياً. إذ كان قد تم انتخابه قبل فترة طويلة، من قبل الأمراء السبعة. هذا النظام قد تشتت، بعد عمليات الإصلاح، لم يعد معمولا به، إذ انقسمت البلاد على أسس طائفية، حيث تجولت ولايات براندنبورغ وساكسونيا وولايات الراين إلى البروتستانتية، أما إلى الجانب الكاثوليكي، بقي أمراء ثلاث ولايات وهي كولونيا، وترير، وماينز.
كان تصويت بوهيميا سيمثل العامل الحاسم في انتخابات الإمبراطورية، التي كانت تنتمي حتى ذلك الوقت إلى المذهب الكاثوليكي، والمؤشرات تشير، ان الأمور لو سارت على هواها، فستخسر بوهيميا في الانتخابات المقبلة، المذهب الرسمي، وستفوز الأغلبية البروتستانتية في الإمبراطورية، لذلك وجد الامبراطور فرديناند الثاني أن لا مفر من قمع الانتفاضة وإنهائها في بوهيميا. لذلك تقدمت اسبانيا، وملك بافاريا مكسيميليان، بمساعدة الامبراطور فرديناند في حربه ضد البروتستانت ودعمه في معركة الجبل الأبيض / بوهيميا عام 1620 واستعادة بوهيميا.
(صورة: معركة الجبل الأبيض)
ثالثاً : أتساع رقعة الحرب
قاد اعتماد الامبراطور فرديناند على الأمراء والملوك في النهاية، إلى أتساع الحرب في اوربا، ولكن بالطبع إلى جانب أن الملوك والامراء الذين قدموا المساعدة، كانت لهم طلباتهم:
كان الدوق مكسيمليان كاثوليكياً من بافاريا، راديكالياً، وموهوب اقتصادياً، وحاكماً يفكر انطلاقا من سياسة القوة. طالب الامبراطور فرديناند طالب بالتدخل في الانتخابات في مورافيا، لأن ذلك سيبقي الأغلبية للكاثوليك بين الملوك والامراء السبعة، مع أن ذلك كان يمثل تهديداً كبيرا للبروتستانت ولا يمكنهم القبول بهذا التحول في السلطة ضمن الامبراطورية. وهنا حلت الفرصة
للملك الاسباني فيليب الرابع، الذي طالب بدوره بجزء من المكاسب من أجل تقديم خدماته، ليسهل عليه تأمين الطريق البري لإمداداته لهولنده، ولكن بالمقابل فالفرنسيين سوف لن يقبلوا بأن يكون لاسبانيا وجود راسخ وقوي على حدودهم.
احتدم الموقف في أوربا، ولاسيما بعد نصرهم في معركة الجبل الأبيض، ولجأ البروتستانت إلى الملك كريستيان الرابع ملك الدنمرك طلب المساعدة في محنتهم، والذي بفضل موارده المالية الهائلة، يمكنه شن الحروب ضد المعسكر الكاثوليكي، ولكنه مع ذلك أضطر للانسحاب مهزوماً من الحرب عام 1629.
وهنا حلت الفرصة للملك السويدي غوستاف أدولف للتدخل في الأحداث عام 1630، فأراد السويديون منع نهوض معسكر كاثوليكي قوي، لكنهم لم يقاتلوا أبدا إلى جانب الدنمارك.
أما فرنسا الكاثوليكية، فقد وقفت إلى جانب البروتستانت لأسباب تتعلق بسياسة الدولة، ولكن الملك الفرنسي آثر أن يبقى بعيداً عن الاحداث، واكتفى يتقديم الدعم المالي للبروتستانت، ولكنها (فرنسا) ما لبثت أن تدخلت فعلياً في الحرب عام 1635.
رابعاً : استغلال السكان
هذه الحرب كلفت جميع الشعوب التي شاركت بها، الكثير من الاموال. وهو ما وضع الإمبراطور فرديناند الثاني في حالة من المعاناة في الحاجة للمال، فكان عليه أن يجد شكلا ملائما من التمويل. وهنا مثل ألبريشت فون فالنشتاين دور المساعد.
عندما دخل كريستيان الرابع ملك الدنمارك الحرب، عرض الملك فالنشتاين فكرة تأسيس جيش على نفقته الخاصة. وكان لفالنشتاين طريقته الخاصة في التمويل. وذلك عن طريق ما يسمى بنظام المساهمات. إذ أجبر الملك فالنشتاين جميع سكان المناطق التي يمر من خلالها جيشه على الدفع. سواء كان كاثوليكيا أو بروتستانتيا أو مؤيدا للإمبراطور أو مناهضا للإمبراطور: يجب على السكان الدفع وبالمال النقد.
في البدء، جرى تنفيذ هذه النظام (الوسيلة) لكن مع تواصل فترة الحرب، أصبحت هذه الضريبة عبئاً ثقيلاً، وكان الاستغلال يتم بالقوة، والناس ليسوا معتادين على مثل هذه الأعباء.، من المعتاد أن يتحمل أمراء الحرب أعباء الحرب. حتى الآن ، فيما ان على السكان تسليم البضائع العينية، مما يعني عبئا كبيرا والاستغلال أصبح الاستغلال أكثر وحشية، خاصة حين بادرت الأطراف المتحاربة الأخرى تنسخ هذا النظام. حيث كان يتم عصر السكان مثل الليمون. وحين لم يتبق شيء للوصول إليه في منطقة ما، ولهذا السبب كان الجنود يتنقلون باستمرار. فكانت القوافل الضخمة من الجيوش تتحرك عبر البلاد لرعب السكان.
خامساً : خسائر الحرب
كانت من نتائج هذه الجباية الوحشية للأموال، ونتيجة هذه الطريقة الوحشية للتمويل هي معاناة لا نهائية. انخفض عدد سكان الألمان بمقدار الثلث ولم تصل ألمانيا إلى مستوى السكان لعام 1618 مرة أخرى حتى القرن الثامن عشر.
ومع ذلك، لا تتأثر جميع المناطق على قدم المساواة. تتأثر بشكل خاص المناطق التي تمر بها الجيوش ، مثل شمال ألمانيا ، وساكسونيا السفلى ، ووسط ألمانيا ، ومنطقة هسن وبافاريا اليوم. ولكن هناك أيضا مناطق على الأطراف، مثل النمسا أو هامبورغ، تم تجنيبها.
(الصورة : مؤتمر ويستفاليا)
سادساً : السلام في فيستفاليا
وأخيرا ، في عام 1643 ، التقى مبعوثون من الدول المتحاربة في مونستر وأوسنابروك للتفاوض على السلام. لكن الأمر سيستغرق خمس سنوات طويلة بين الأطراف المتحاربة العديدة قبل أن يتم التفاهم أخيرا على السلام بين العديد من الأطراف المتحاربة المختلفة. في البداية، لم يكن أحداً يؤمن حقا بالنجاح. إذ لم تكن الظروف مواتية للغاية: المبعوثون من قوميات مختلفة جلسوا معا، وأستدعى الأمر إيجاد لغة مشتركة ويمكن القيام بذلك من خلال الوسطاء، الذين كانوا يترجمون كل شيء ثم ينقلونه إلى المتفاوضون.
في غضون ذلك، تواصلت الحرب. وكان هذا يعني أن ما يتم التفاوض عليه اليوم يمكن أن يتغير غدا لأن حالة الحرب والمواقف قد تغيرت تماما. ومع ذلك، وفي عمل لم يسبق له مثيل، يتحقق السلام. الحرب الكبرى يتبعها أعظم سلام، لأن الحكومات تعلمت لأول مرة كيفية تعقد مؤتمرات السلام. وتعلموا فن صناعة السلام ومعالجة وحل النزاعات الأوروبية. وأن عصراً جديداً من الدبلوماسية قد حل في اوربا
وكنتيجة لذلك، أنهى سلام ويستفاليا الحرب وخلق نظاما يمكن للطوائف في ألمانيا أن تعيش فيه معا مرة أخرى. وفي اوروبا، تم إنشاء نظام سلام على أساس دول متساوية.
• فحصلت هولندا وسويسرا على استقلالهما.
• من ناحية أخرى، ضعف موقف إمبراطور هابسبورغ ، لكنه لا يزال إمبراطورا. يتم تعزيز قوة الكيانات وحصلت ألمانيا على نظام ذا هيكل مختلفة مع ديمومة طويلة.
• فقدت إسبانيا تفقد موقعها القيادي، والرابحون في هذه الحرب كانوا : فرنسا والسويد، إذ حصلت السويد على أجزاء في الشمال ألحقت بها، في السلطة. الفائزون في هذه الحرب هما فرنسا والسويد. حصلت السويد على أجزاء من الإمبراطورية في الشمال فرنسا ضمت الورين. بالنسبة لفرنسا، السلام هو الأساس لصعودها لاحقا.
1045 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع