أحمد العبداللّه
وصفي طاهر(مرافق عبد الكريم قاسم)..كما تدين تُدان!!
عبد الكريم قاسم ورفاقه, هم الذين جلبوا الويلات والنكبات على هذا البلد, بتآمرهم وانقلابهم على حكم دستوري شرعي, وحنثوا باليمين, وفتحوا باب الفوضى والذي لم ينغلق منذ ذلك الحين. الحكم الملكي فيه ما فيه, ولكنه أفضل من كل العهود الجمهورية التي تلته. و(الظلم)الذي قيل إنهم جاءوا ليُزيلوه, زاد أضعافًا مضاعفة بعد 14 تموز 1958. والحنث باليمين يودي بصاحبه الى التهلكة, وهو من الكبائر, ومصير الضباط الحانثين باليمين, دليل على ذلك. فقد تآمروا بعضهم على بعض, واقتتلوا فيما بينهم على السلطة, وأوصلوا البلاد إلى هذا الدرك, بشعارات؛(باسم الشعب ومقتضيات المصلحة العامة وتحرير فلسطين)!!. وكلُّ من شارك في ذلك الانقلاب من العسكريين, حنث باليمين الذي أقسم به يوم تخرجه في الكلية العسكرية.
والعميد وصفي طاهر؛(1918-1963),المرافق الأقدم لعبد الكريم قاسم, أحد هؤلاء الانقلابيين الحانثين بالعهد, بل من أبرزهم. وهو شيوعي متطرف, إذ يروي الدكتور علي حسين علي في تعقيبه على مقال(وصفي طاهر..رجل من العراق), والمنشور في مجلة الكاردينيا بتاريخ 24-5-2015, حدثًا كان شاهدًا عليه, فيقول؛إنه رأى بأمِّ عينيه وصفي طاهر, وقد أخذته الحميّة, يقوم بضرب شاب عشريني في منطقة المدائن جنوبي بغداد, كان ضمن عوائل خرجت للتنزّه في أحد أيام الجمعة, ضربًا مبرحا جعل الدماء تتدفق من وجهه, والسبب إن الشاب كان يركب حمارًا ويقول:(هذا لينين)!!.
ويروي الدكتور خالد القصاب في في كتابه(ذكريات فنية), فيقول؛إنه في أيار 1959, وخلال افتتاح عبد الكريم قاسم لمعرض فني في ساحة عنتر ببغداد, وضع منظمو المعرض تمثالا من الجيس عندما مدخل المعرض, يداه مكبلتان بالقيود, وكان مخططا أن يقوم عبد الكريم قاسم بضرب القيود بعصا ليكسرها, كناية عن(تحرّر البلاد). ولكن قاسم أخفق في كسر القيود رغم ضربها عدة مرات!!. فأخذ وصفي طاهر العصا منه, وضرب الأصفاد بقوة و(عنترية), وإذا بذراعي التمثال تتكسران, فقال له قاسم؛(نحن جئنا لنحرّر الإنسان العراقي-يا وصفي- لا أن نكسر يديه)!!.
وكانت جماهير الشيوعيين تهتف له؛(وصفي طاهر يا أمين.. دير بالك عالزعيم)!!. وكان قد شغل الموقع نفسه قبل ذلك مع رئيس الوزراء المغدور نوري السعيد, وهو من قاد الهجوم على بيته في كرادة مريم فجر يوم 14 تموز 1958. وبعد رحلة هروب متعثرة لمدة يوم وبعض يوم كانت محطتها الأخيرة في منطقة البتاوين, حيث كُشف أمره بوشاية من نجل صاحب البيت الذي كان فيه, وضع نوري السعيد نهاية لحياته بالانتحار.
وعندما حضرت مفرزة عسكرية من وزارة الدفاع يقودها المقدم وصفي طاهر نفسه, كان(الباشا)ينازع لحظات الموت الأخيرة, وسمع أحدهم يقول؛(به نَفَس) !!. فما كان من وصفي إلّا وأفرغ مخزن غدّارته كلّه بالجثة المسجّاة على قارعة الطريق, في مشهد اجتمع فيه الحقد والنفاق وانعدام المروءة.
وهذه اللقطة ستتكرّر بحذافيرها في يوم 9 شباط 1963, فعندما جيء بوصفي طاهر محمولا على بطانية, وألقي به في حديقة مبنى الإذاعة والتلفزيون في الصالحية, وهو في حالة موت سريري نتيجة طلقة من مسدسه أنهى بها حياته منتحرًا, ولكن بقي(فيه نَفَس)أيضًا!!. فتقدم نحوه أحد المسلحين من الثوار, وأفرغ في جثته مخزن غدّارته كاملا, وليقطع نَفَسه الأخير. وكما تدين تُدان, والجزاء من جنس العمل!!.
3233 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع