سمير عبد الحميد
الميل والهوى في دراسة التاريخ
قال الشاعر الكبير معروف الرصافي:اصبحت لااقيم للتاريخ وزنا، ولا احسب له حسابا،لاني رايته بيت الكذب، ومناخ الضلال، ومتشجم اهواء الناس....اذا نظرت فيه: كنت كأني منه في كثبان من رمل الاباطيل..قد تغلغلت في ذرات ضئيلة من شذور الحقيقة.
الزنجاني
ابو المناقب محمود بن احمد بن بختيار الزنجاني الشافعي ،من بلد كبير من نواحي الجبال القريبة من مدينة قزوين.وهو شافعي المذهب ،افتى ودرس بالمدرسة النظامية والمستنصرية ببغداد،وكان من العلماء الاعلام .ولي اقضى القضاة مدة، ثم عزل. يقول الذهبي عنه :(برع في المذهب والخلاف)وقال ابن النجار:(كان من بحور العلم ،له تصانيف، ومن كتبه القيمة: كتاب تهذيب الصحاح،وكان مولده سنة 573 هـ). وقال عنه السبكي في طبقات الشافعية بعد ان نقل كلام ابن النجار:((وحدث عن الامام الناصرلدين الله العباسي بالاجازة)).وقال تقي الدين بن شهبة:((الشافعي الامام، اشتغل في العلوم وصنف في تفسير القران ،استشهد بسيف التتار في المحرم سنة ست وخمسين وستمائة))،وقال صاحب المنهل الصافي:(( توفي شهيدا في نوبة التتار وله من العمر تسع وسبعون سنة))الا ان ابن الفوطي في كتابه تلخيص معجم الاداب قد نفى امر استشاهده؟اذ قال في ترجمة فخر الدين بن ابي بكر الطهراني :((وهو ممن كان يخرج العلماء الى مخيم السلطان-هولاكو-مع شهاب الدين الزنجاني ليقتلوا).وابن الفوطي هذا هو: كمال الدين ابي الفضل عبد الرزاق بن احمد المعروف بابن الفوطي المولود سنة 642هـ في خلافة الامام المستعصم ولما بلغ السنة الرابعة عشرة، اقتيد اسيرا لدى المغول، لكنه بطريقة ما استطاع الهرب ملتجأ الى النصير الطوسي مستشار الطاغية هولاكو، ومهندس فاجعة بغداد، والذي وجد فيه المفيد والمعين والمساعد والمساعف يقول الدكتور مصطفى جواد رحمه الله :((ثم انضوى الى الحكيم الفاضل العليم وزير الطاغية هولاكو نصير الدين ابي جعفر محمد الطوسي ولم نقف على الطريقة التي سلكها في الانضواء اليه ،غير أننا نعلم ان نصير الدين كان حكيما واسع الافق ،بعيدا عن التعصب الاعمى ،علمي النزعات ،ولولا انضمامه او ضمه الى بطانة هولاكو الطاغية الجبار ،لأجمعت الامة على تعظيمه وتبجيله واجلاله،وايا كان الامر ،فقد صار كمال الدين ابن الفوطي في عداد طلابه واتباعه )) .قال الشيخ محب الدين الخطيب عن الطوسي((عدو الله المسؤول بين يده عن الذبح العظيم الرهيب في امة محمد في عاصمة الاسلام)) .ويصف ابن الفوطي استاذه: بحضرة مولانا –طاب ثراه-و مولانا –السعيد- نصير الدين الطوسي ،والكثير الكثير من الاوصاف، منثورة في كتابه تلخيص معجم الاداب.وقد عاد ابن الفوطي الى بغداد، واقام في مشهد البرمة سنةـ679هـ مع شيخه: غياث الدين عبد الكريم بن طاووس العلوي الامامي. ويقول ان الذي اعاده هو علاء الدين الجويني حاكم بغداد من قبل هولاكووهو المتفضل عليه. وفي اثناء اقامته ببغداد ،كان يكثر الاختلاف الى الربط لكونها تحيا على الاوقاف، وفي اثناء مكوثه في بغداد ولي شيء من الاوقاف الا ان جمال الدين العاقولي قد عزله، كونه مقصرا من جهة الوقف قائلا :عزلني ابن العاقولي عما كان بيدي ...والله المستعان على جفاء الزمان..وسبه وشتمه وثلبه وذمه. وقد سافر في سنة 716 الى السلطانية شاكيا وكان يود عزل ابن العاقولي عن الاوقاف واستعان بغياث الدين محمد بن رشيد الدين الوزير، حيث قد استدعاه الى خدمته ليلة النصف من شعبان في سنة ست عشرة وسبعمائة بالمدرسة الرشدية المنسوبة الى والده في جماعة من الاعيان والعلماء والاكابر والفضلاء .يقول(( فصلينا في داره العامرة ولما انقضت الصلاة امر باحضار اهل الطرب، وما يتعلق باسباب الجمعيات من الفواكه وانواع المشروب، واحيينا تلك الليلة في خدمته)) وعاد ابن الفوطي الى بغداد سنة718 هـ وتوفي مفلوجا سنة 723هـ عن احدى وثمانين سنة. قال الذهبي عنه في تذكرة الحفاظ:(( بلغني انه كان يخل بالصلوات ويدخل في بلايا وان بعض الفضلاء تكلم في عدالته وكان ربما يشرب المسكر))وزاد ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة وقد تكلم في عقيدته وفي عدالته ((وسمعت من بعض شيوخنا ببغداد شيئا من ذلك)).وقال ابن حجر في لسان الميزان نقلا عن الذهبي(( كان في دينه رقة)وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ((كان يترخص في اثبات ما يرصعه ويبالغ في تقريظ المغول واعوانهم))وقال الذهبي في المعجم المختص(( ومع سعة معرفته لم يكن بالمتثبت فيما يترجمه ولايتورع في مديح الفجار، وفي دينه رقة، وياخذ جوائز التتار الله يسامحه))وعن عدم تثبته، وميل الدكتور مصطفى جواد محقق كتاب ابن الفوطي ج4 قسم 3 ص 195 قوله في ترجمة فخر الدين بن ابي بكر الطهراني القاضي المدرس المحتسب ((كان شديد الوطاة على اهل العناد والفساد،وكان عالما بالفقه وايام الناس - وهو ممن كان يخرج الفقهاء الى باب السور الى مخيم السلطان-هولاكو-مع شهاب الدين الزنجاني ليقتلوا-وعلق الدكتور مصطفى جواد في الهامش معلقا:((ذكره مؤلف الحوادث وذكر انه من القضاة الحنفية وانه ابتلي بالمرض في وجهه حتى تأكل انفه ولقي مشاق عظيمة حتى توفي، ولعله عذب ببعض ما فعل باولئك العلماء الذين اتهم مؤيد الدين العلقمي باخراجهم وتقديمهم للقتل؟ وهكذا ينزاح الغطاء عن حقائق التاريخ))انتهى تعليق الجواد . يقول ابن الساعي عن العلقمي وهو ممن كان يرتاد مجلسه،
واحد مقربيه ، في كتابه (( مختصر الخلفاء)) الصفحة136:((وفي اخرايام المستعصم، استولت التتار على بغداد، وقتلوا الخليفة، وبه انقضت الدولة العباسية من ارض العراق، وسببه ان وزير الخليفة مؤيد الدين بن العلقمي كان من اهل الكرخ فجرت فتنة بين السنية والشيعة ببغداد على العادة، فعظم ذلك على ابن العلقمي، وكاتب التتار، واطمعهم في البلاد ،))
860 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع