ضرغام الدباغ
23 / 3 / 2024
عملية داعش في موسكو
الروس ليسوا بسذج .... دولة قديمة عريقة ... لديهم فلاسفتهم ومفكريهم ومؤسساتهم، أجهزتهم، ومنظماتهم، وأساليبهم، وسوف يتوصلون إلى قرار من يقف مع وأمام وخلف داعش من بعيد أو من قريب، في عمليتها الأخيرة في موسكو، وسوف يقتصون منهم وسيسقطون المنظمة تسقيطاً سياسياً محكماً ... وهم يعلمون أفضل مني، أن داعش لا علاقة لها بالإسلام ... وهذه بعض المؤشرات ..
1. العناصر المؤسسة لداعش، كانت معتقلة لدى الأمريكان لفترة غير قصيرة (حيث يفترض تم تدريبها) .
2. سلمها الأمريكان للجهات العراقية التي أودعتها في سجن أبو غريب المحكم جداً.
3. تمكنت قيادات داعش الرئيسية وحتى قيادات الصف الثاني، من الخروج من السجن (المحكم جداً)بتمثيلة سيئة التخطيط والتنفيذ بمظاهرة / مسرحية، واختفت كالملح في الماء الساخن.
4. في زلة لسان لوزير العدل العراقي، أعترف أن تهريب عناصر إرهابية من سجن أبو غريب قضية مفبركة.
5. كان استيلاء داعش على مدينة الموصل، قضية مخططة 100% نفذت بطريقة أسوء من تهريب القيادة الداعشية من السجن، إذ تمكن ما لا يزيد عن 150 عنصر من الاستيلاء على مدينة الموصل، وهي مدينة مليونية ثاني أكبر مدينة بعد العاصمة بغداد، وكان يتمركز بها أكثر من فرقتين عسكرية، وألوية حدود وقوات أمن داخلي وطيران حربي، كل هؤلاء هزمتهم داعش خلال في غضون ساعات معدودة ..! وأجري تحقيق شكلي، تحت الضغط الشعبي، ولكن النتائج غابت والله يعلم متى ستظهر.
6. كل ما جرى بعد ذلك كان يدل على تنسيق عال المستوى بين ملالي طهران، والأمريكان، ونظام دمشق. فداعش منظمة لا علاقة لها بالإسلام والمسلمين، هي عبارة عن منظمة منتوج مختبرات أجهزة استخبارية، تعمل بأوامر مؤسسيها المباشرة. حين تأسست لم يكن همها إلا ضرب المقاومة العراقية واغتيال قادتها من العسكريين والمدنيين. وكافة فعالياتها تصب في هذا الاتجاه، كعمليات مباشرة ضد المقاومة الوطنية للأحتلالات، أو خدمة لها وتهيئة مسارح العمليات وخلق الفرص والمبررات.
7. بعد الهزيمة المرة للأمريكان، في أفغانستان، نفذت (داعش) عملية دموية في كابل. ضد نظام طالبان، السؤال التحقيقي الأول : من المستفيد ....؟
8. رغم أن الأمريكان والملالي ونظامهم في دمشق، الصهاينة في فلسطين، يمارسون دائماً التمثيليات، والأفلام كقنابل دخانية من أجل التمويه (Camouflag)على أهدافهم وهذه لا يعتبرونها عيبا ولا عاراً، فهذه جزء من طقوس وتقاليد تناسب الحرب السرية التي يخوضنها وهناك أسرار سيكشفها الزمن وسوء حظ من لعب فيها دوراً رئيسياً أم ثانوياً.
9. منذ أن صوت الروس والصينيون، على قرار الجمعية العامة (مارس / 2024)، وبما مجموعه 115 دولة لصالح قرار صدر بأكثرية مريحة يدعو لتدابير ضد كراهية الإسلام، وصوتت أوربا وأميركا ضد القرار (55 دولة) .. هكذا بوضوح تام أسفروا عن مرامي سياساتهم التي يسوقونها كقطع صغيرة مفككة، ولكن حين تجمعها تكون أمامك صورة واضحة، حرب سرية / علنية. ومن بشاهد قائمة التصويت، سيتوصل لمعطيات أخرى ..!
10. من الواضح حتى لمن له عين واحدة، أن يراقب المشهد ثم لنطرح السؤال، لماذا تهاجم داعش روسيا ....؟ ... ماذا لديها من مبررات ...؟، المجازر الدموية التي تدور هل هي بترتيب روسي، صيني ...؟ شخصياً علي أن أفسر الأمر هكذا ... العملية ومن خططها ووجه لها، والجهات المنفذة، هي ذاتها من أسست داعش، وتديرها حتى اليوم.
نصل إلى نتيجة منطقية واحدة ..شيئاً أساسياً يعلو فوق الأهداف الأخرى : معاقبة روسيا على قرارها وموقفها الدولي المعلن في الأمم المتحدة بالاصطفاف مع المسلمين وضد الكراهية والعنصرية، والهزائم الأوكرانية، وعملية داعش هي محاولة بائسة لخلط الأوراق، وخلق معطيات وظروف جديدة ...! وخطأ صغير جديد يقود لخطأ كبير آخر، تعميق جديد للأزمة، دفع الأمور لحافة الحرب الشاملة، مزيد من الحرائق، ومزيد من التدمير، الغول الرأسمالي في مأزق، ومأزق خطير، لا يعالج بدون تفجيرات .. وخلق الفوضى.
الموقف الدولي يحمل مؤشرات خطيرة، الولايات المتحدة فقدت سيطرتها، والتصويت في الجمعية العامة له مدلولات ومؤشرات كثيرة تدل على عمق التطورات الحالية، والمتوقعة على مسرح السياسة الدولية، بمؤشر واضح : مزيد من الافتضاح للاستراتيجية الامريكية الشاملة، الهادفة لخلق معسكر جديد، معسكر تنبأ له فرنسيس فوكوياما، وصامويل هينتغتون، حين أخترع أعداء جدد للمعسكر الرأسمالي المتمثل بالصين/ الكونفوشستية، والإسلام. وتحويل الصراع الاجتماعي / السياسي إلى صراع عرقي/ ديني، والبشرية ستقتني الأسلحة، وتستعد لحروب لا تنتهي.
السوفيت كانوا يدركون بعمق شديد، أن السلام العالمي فيه مقتل النظام الرأسمالي، لأن السلام يقود إلى تعزيز التعاون الدولي، وهم ضد هذا المبدأ، السلام سيعزز من فرص الشعوب للعمل المشترك من اجل الرخاء وهذا يخالف عقيدتهم، ... الحروب، الحروب فقط هي التي تبقي النظام الرأسمالي يمارس الصفقات السوداء واللعب وراء الكواليس والحروب السرية، وأن النظم الاقطاعية والرأسمالية هي من خاض أكثر من 12,000 حرباً في تاريخ العالم، حروب نهابة، في ختامها يجري توزيع الغنائم والمكاسب وإعادة ترسيم الخرائط الدولية .
ولكن مباراة اليوم ليست كزمن الحروب الغابرة، فأميركا تجازف، والمجازفة كبيرة، وأميركا التي لا يهمها كثيرا مصير اوربا التي لا تمثل أكثر من ميدان قتال أمامي، تجازف بالقتال براً على سواحلها الغربية، وفي ساحات المحيط الباسفيكي، والانتخابات الأمريكية الماضية أظهرت كم هو عميق الصراع بين القوى والكتل الرجعية والدينية داخل الحصن الأمريكي، فهم ينظرون للكاثوليكية نظرة إزدراء، ولا يثقون بها، فما بالك بالارثودوكس والكونفوشيون، شيئ لا يصدق أن دول كبيرة، ما تزال تفكر بالطائفيات الدينية والعرقيات، وإشعار حروب عالمية، وهذا هو الجذر الحقيقي لتحالف أوكوس (AUKUS) بين الولايات المتحدة وبريطانيا والتوابع كندا واستراليا ونيوزيلندة..
الأغلبية الدولية تعارض برامج الحروب، وتدلي بصوتها، 115 دولة أي أكثر من نصف الأمم المستقلة ترفض هذه السياسة المدمرة، وسيكون لها دور تلعبه، الفرصة التاريخية سانحة أمامها. الولايات المتحدة تجازف، ومستعدة للقيام بما هو أكبر، فهم غير قادرين على تصور عالم لا تقوده سفاراتهم وممثليهم السياسيين، والناتو عصا الغرب الطويلة.
2672 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع